مساومات

عصام الدين محمد أحمد

مشرف على مدخلى البيانات،لا أدرى إن كانت مهمتى حقيقية أم زائفة،تنبئ بتطبيقات إلكترونية تسمى برامج المحاكم،إدخال البيانات ينقسم إلى شعبتين،المكتب الأمامى والخلفى للمحكمة،يقتصر عمل الأول على الإيداع؛إيداع الدعاوى بالجدول العام،وينصب عمل الثانى على حركات الجلسات ابتداء من التأجيل وانتهاء بإصدارحكم،والمفترض أن أتابع دقة إدخال البيانات،وتقييم الإداء،ولكن لمدير الإدارة رؤية مغايرة،خميس يتولى الإدارة منذ عشر سنوات تقريبا،يأبى الاعتراف بالتفويض والاختصاص،وحبذا لو كان صراعه مع موظفيين مدنيين مثله،يؤمن الرجل بالقبض على جميع السلطات،لا صوت يعلو فوق صوته ولا يحق لأحد أن يبدى رأيا مغايرا له،واللافت للنظر إنه يتشدق بمعسول الأفكار عن الإدارة الحديثة،يسهب فى حديثه عن تفويض الاختصاصات،مجرد كلام وحروف يتمنطق بها،وقبل الاختبار الجدى يقوض كل ما تم الأتفاق حوله،وهذه التركيبة الإدارية والفكرية المستبدة تنهار فجأة أذا ورد اسم مستشار فى الموضوع،ولذلك أحتال عليه حينما أخطط لتمرير موضوع ما بإدعائى أن المستشار فلان الفلانى قد أمر بكذا،تلمحه منتفخ الأوداج عنيفا،تماما كالبالون المحتل فراغ مكتبه،وبإبرة المستشار يفش البالون،وتجده متأرجحا ما بين انسجام وامتعاض،أى أن إدارته مؤسسة على السطو،سرعان ما تذهب ريحه بإيماءة مستشار،هذا الجو الكارثى يدفعنى لدوام التمرد،ينهى إلى قراره،الذى يتضمن منح العاملين يوم راحة فى الأسبوع وفق الجدول المرفق،وفى اليوم التالى يقرر إلغاء الراحات،أقول له:

- ما مصير الموظفين الغائبين؟

- اكتب مذكرة بانقطاعهم.

- لم ينقطعوا؛أنت من أوعزت لهم بالانقطاع.

- لا أحد يستحق.

- قل لنفسك،ولا تغرر بإحد.

ودائما ما ينتهى الحوار بعدم الأتفاق على شئ،ففى مضمار الحجج رأيه هش تبنيه الانفعالات والعواطف،لا أسعى للصدام معه،وكذلك هو،أثبتت الاحداث على مدار السنوات العشر المنقضية أن رأيى صائب،يحظى بإحترام الجميع وصراحتى المتناهية هى نبراس الحقيقة،وانظر دوما للموظف لكونه الحلقة الضعيفة فى سلسلة الإدارة،فحينما تغضب من موظف ما،تحيل حياته إلى جحيم،فأخذت على عاتقى تبرير اخطائهم،حتى لا ينالهم العقاب الرزيل،كما أننى – يعتقد الآخرون- أمتلك أسلوب مقنع فى كتابة المذكرات،يمكننى ترجمة الأفكار بسهولة،والحقيقة التى يجهلها الكثيرون تتمحور حول درايتى التامة بدقائق أمور الإدارة،وبالتالى صياغة هذه المنمنمات تدهش منعدمى الفكر،وهذه الخصيصة أستغلها فى تمرير ما اعتنقه من مفاهيم،وبالتراكم أضحى المسار الإدارى وفق قناعاتى،ولهذه الأسباب وغيرها الكثيرليس أمام المدير إلا القليل من المساحة للتحرك فيا،ولكنه –أحيانا- يستصدر قرارات عجائبية،لا تلبث يوما أو بعض يوم،ثم يحيق بها الوهن والاندثار،أضحى تسمية موظفين للمكتب الأمامى صراعا على السلطة،أتعبنى الأمر فتركت له الجمل بما حمل،ابتعدت عن تحديد المجموعات،لمست تغليبه المصالح الشخصية الضيقة،فانزويت مبتعدا،فمن يلحق بالمكتب الأمامى ينال ثلاث أيام راحة فى الأسبوع،تزايدت المطامع،فلجأ البعض إلى الاستاذ خميس،ووافق على نقلهم للمكتب الأمامى،وبتراكم اللجوء تشكلت مجموعتان من عناصر مستوى إدخالها ضعيف وتربطهم علاقات شللية خارج نطاق الإدارة،،فأضحى وجودهم مغلف بمفهوم الزعامة،ولم يستقم التوزيع،فصار التبديل شبه يومى،أتفرج على المشهد دون تعقيب أو نصح،وكنتيجة للتخبط رشح عشر موظفين لنقلهم من الإدارة،وفوجئت بإعدار مشروع قرار بالاسماء،هرولت إلى الأمين العام لشئون العاملين،أقنعته أن الموضوعية غائبة فى تحديد الاسماء،المفترض أن ينحصر النقل على أفضل عشر مدخلين،لم تلتزم الإدارة بالمعايير،وجنحت للتخلص من أفراد لا يرغبهم المدير،وجودهم يسبب له قلقا،يهابهم لأنهم يتشبثون بإختصاصتهم ولا يتنازلون عنها،أى أنهم خارج نطاق السيطرة،وبالتالى تخلص منهم فى أقرب فرصة،أضفت أن البرنامج يقيس كفاءة كل مستخدم بصورة آلية بحتة،أعجب الأمين العام برأيي ،سنحت لى فرصة عظيمة للإنتقام من المدير؛رد الصاع صاعين،نقلت لمدير الإدارة أوامر الأمين العام ومفادها:

إعداد مذكرة عن المرشحين وفق الكفاءة؛الأعلى ثم الأقل.

برلأت ذمتى منه،نقلت له المطلوب بدقة،لم أجاريه للتملص،وكان من اليسير على إعداد مذكرة تنفيذا للتعليمات،ولكننى تكاسلت وتراجعت لإنه سيرتكب جريرة،لم يعتن كثيرا بما نقلته له،ولم يطلب منى خط المذكرة،مر يوم،يومان،لم أسئله ولم يسألنى،وفى اليوم الثالث جاء عامل الأمين العام طالبا المذكرة،خميس كتب ذات المذكرة القديمة والتى يتخلص فيها ممن لا يرغبهم،عشر دقائق ويستدعينى الأمين العام؛الاستاذ خميس متربع على المقعد،فأشار لى الأمين العام بالجلوس مستهلا بالقول:

- لماذا لم تعد المذكرة حتى الآن؟

- أنهيت إلى المدير أوامرك؛فلا يحق لى التجاوز على اختصاصات المدير.

- أنا الذى أمرتك،فلماذا لم تنفذ الأمر؟

- حذرت الاستاذ خميس من مغبة التقاعس ،وهذا هو دورى.

سأل خميس:

- أين المذكرة؟

فأعطاه ملف،قلبه،قرأ المذكرة،لم يجد أدنى تغيير طرأ عليها،فصاح:

- ألم أطلب ترتيب الاسماء طبقا للكفاءة؟!

كعادته يستهل كلامه بعبارات تشى بالمعرفة العميقة:

- قواعد العمل الإدارى تتطلب..

فقاطعه زاعقا:

- أين المذكرة يا استاذ؟،ثوانى واحضرها لك،ساكتب جميع الاسماء والانجاز الذى حققوه طوال العام الماضى.

يسخر بصوت جهورى:

- ما أنت شاطر يا استاذ؛لماذا لم تكتب المذكرة حتى الآن؟    الظاهر أن الدنيا عندك بايظة وتحتاج إلى متابعة وحساب.

أستأذنت مغادرا،فرفض قائلا:

- ربع ساعة وتأتينى بالمذكرة يا خميس.

خرج من الغرفة لا يدرى ماذا يفعل سألنى :

- لماذا يصر على هذه الاسماء؟

- هناك خصومة بينهم ومصالح متباينة.

- أيعنى هذا المسلك إنه يدير الإدارة بالهوىأو يتقاضى من الموظفين شيئا مقابل الحضور والغياب؟

- لم أجرب عليه انحرافا فى ذمته المالية والأقرب إلى الصواب قولى بإنه مستبد بالموظفين،ربما يسقط معاناته مع المستشارين؛بمعنى الانتقام من معاملة المستشارين الجافة له.

- على فكرة لا يليق بمثل هذا الرجل أن يظل مديرا.

حتى لا يندم على استرساله فى الحديث اعترف:

- أنا من جملة الموظفين الذين صدر بحقهم قرار الإيقاف عن العمل للمظاهرات،رغبت قول هذه المعلومة حتى لا تشعر بالندم بعد الحديث.

لا ألمح أمارات عجب على سحنته،وكأننى لم أبح له بشئ،استرسل:

- شعرت بالالم تجاه الإيقاف،الوخزات تلاحقت ،ولكننى لم أفعل شيئايسئ إلى أو يسئ للعدلية،واعتقد إن إيقافى أسس على حوارى بقناة النيل للأخبار حيث قلت حرفيا:صرح بعض السادة المستشارين على صفحات التواصل الاجتماعى أننا فاسدون ومرتشون وكلاب،وهذا لا يستساغ حينما يتفوه به مستشار سيكون يوما ما قاضيا يحكم بين الناس بالعدل،وحينما أتفوه به كفرد من العامة قد يستساغ.

أجاب معقبا:

- هذا الكلام لا شيئ فيه خطأ.

دخل الاستاذ خميس برفقة مستشار،رحب الأمين العام بالمستشار،بادله عبارات المجاملة،وفى النهاية سأله:

- أهناك خدمة يمكننى تأديتها لك؟

رد المستشار مبتسما:

- أشكر معاليك،ودت أن أقول لمعاليك أن الموظفين المراد نقلهم من إدارة الحاسب الآلى للمحكمة سيؤثرون سلبا على العمل.

استشاط غضبا:

- أنت لم تطلب منى شيئا،ورئيسك فى العمل هو من طلب،وأنا كأمين عام سأنفذ الطلب،ووجودك الآن وبهذه الهيئة غير مرغوب فيه.

أنسحب المستشار نادما على تدخله،انفجر بركان الغضب فى وجه خميس:

- أين المذكرة يا خميس بيه؟

لم يجبه،لم يدعه يفلت قبل أن يكيل له قنطارا من التوبيخ،وقبل المغادرة كلفنى بإعداد المذكرة،فرصة ذهبية لإظهار بلاغة اللغة وعبقرية الإدارة،ومن الحكمة عدم الاطالة والتركيز الشديد المضفر فى نسق لا تشوبه شائبة،سبحت فى بحور الخيال وردية اللون،وكأننى مشرف على بلوغ قمة(ايفرست)،وحينما انفردت بنفسى أستصغرت عقلى،فضحت هيامى بالسلطة الموتورة؛أعيب على المديرين تهافتهم طلبا لرضا المستشارينأأسخر من هرولتهم وانتظارهم كالسعاة أمام المكاتب الفخيمة،وعند الاختبار تسجل فشلا شنيعا،يسطو عليك جبروت الأمارة المنتحرة،لتقلقل عرش مديرك،من الآن فصاعدا حرمت عليك إدعاءات النبل؛الحقيقة أنك هيكل مغلول اليد،مشلول العقل،كسيح القدمين،تتلاعب بك الاهواء،أتدعى أنه الطموح؟    الطموح يعنى الإرتقاء فأين الإرتقاء؟    هكذا الموظفون يدعون ما لا يفعلون،ويفعلون ما يؤمرون،وكل آمر مأمور؛درجات من الرق متفاوتة.

صرعتنى الهواجس والتحليلات،أدركت أننا جميعا غرقى فى بحر الأكاذيب،سطرت المذكرة فى عشر دقائق،أودعتها سكرتارية الأمانة العامة،قبل أن أتخطى عتبة الباب صاح على،أمامه موظفة تشكو إليه عنت المدير ونائبه ،يقول لها:

-  عاوزة إيه من ناس خليتى سيرتهم على كل لسان؟

تندفع كالصاروخ:

- لم أكذب،وما نقلته عنهم حقيقى.

نظر إليها مليا ،قال:

 نصرتك عليهم وأمرتهم بعدم التعرض لك.

ترد مسترسلة:

- ولكنهم يطاردونى،سحبوا العامل الذى كان ينزل الملفات من فوق الأرفف العالية،فأصعد فوق السلم ،مما يجعلنى فرجة للجمهور.

 يعاجلها بالتوضيح:

-الشكاوى متبادلة بينكما،وأنت تقيمين ببنها،فلماذا لا تطلبين نقلك إلى إلى هناك؟    ما يتناقه زملاؤك من سيرتك سئ،    فلماذا لا تعودين إلى مدينتك؟    ربما تريحين وترتاحين!

- أليس لى الحق فى نقد ادارتى؟

- بلى،ولكنك نثرت العداوة بين الجميع،ها هو طلب للنقل املئيه.

- أأخطأـ حين الشكوى؟

-  ما غلطتيش،ولكنك افهمت الجميع أنك على علاقة مع الأمين العام،وفى كلامك تتعمدين ذكر الاسماء مجردة من الالقاب،مما يعنى بوجود علاقات حميمية،وهذا الوضع لا يجوز فى إطار العلاقات الوظيفية،ومن السهل أغلاق الأبواب فى وجهك.

- كلامهم مرسل لا دليل ،يشخبطون صورتى،يشوهون ملا محى ،ولو أننى كنت أعلم ما سيصبح عليه حالى ما شكوت.

- ماذا تطلبين؟

- اعتماد أذن تأخير.

- سأعتمده لك وللمرة الأخيرة.

- إلى من أذهب بعد الآن؟

- لا تتأخرين ثانية.

تغادر الغرفة،يشرح لى ما خفى:

- تقاضت أجرها عاما كاملا،لم تأت للعمل خلاله دقيقة واحدة،وحينما أفتضح أمرها لطخت زملاءها بالطين والبربيت،وهذا نموذج صارخ لبعض الموظفين.

أجبته مستحلبا عباراتى:

- ربما تكون شكوتها صائبة! من تستر على غيابها طوال سنة كاملة هو المسئول عن الجريمة،فسادها رقعة فى بساط الفساد المتدثرة به الأرض،نقطة فى المحيط؛فالجميع مدان.

- ألاحظ أنك تتحدث بلسان أقرب إلى الفصحى.

- أقرأ الأدب كثيرا.

- ألم نلتق من قبل؟

- ألتقيتكم منذ باكورة تعيينكم.

- فى أى إدارة كنت؟

- شئون العاملين.

- ذكرنى أكثر.

- قسم التسويات.

- ألم تنشر فى الصحف من قبل؟

- بلى بعض القصص القصيرة.

- يمكننا القول الآن أنك أديب.

- لم ارتق لمستوى الادباء؛فالكلمة مسئولية،وكاهلى ينوء بثقلى.

- أعتقد أن الفكر يعانى التأزم والتشرذم.

- تقصد على المستوى المحلى أم الإنسانى.

- أقصد العربى؛انداح الفكر فى متاهة السياسة والسلطة،اطلع على السلاسل الثقافية تجدها لا تخرج عن نطاق التكرار الممجوج،ولذلك لا أشترى كتبا إلا من دور نشر لها توجه فكرى عالمى.

- الفكر الإنسانى لا تحده تخوم،ينطلق ،يخترق الحجب والغلالات،والكتابات العربية متخمة بالأسرجة،ولكن الحكومات لا تشجع ولا تستثمر إلا الضحالة،فالجهل بمثابة تخطيط استراتيجى لهذه العصابات،فهناك من سواد الشعب من تفوق رؤيته كتابات الفلاسفة:البير كامى،سارتر،برتراند رسل،ريخته،هيجل،نيتشه،وغير هؤلاء الكثير لا يعدون بإكثر من تلامذة لمدرس، طبيب،عامل،فلاح من طينة هذه الأرض،عجنها وعجنته ففاق بحكمته موروث الإنسانية؛ولماذا نذهب بعيدا؟     ألم يخلف لنا القدماء عبقريات الفلاح الفصيح.

- اشتغلت فى قطر عشر سنوات،أجسادهم عبلة وارفة اللحم،كانوا ينظرون إلى جسدى الهزيل باستخفاف،وفى كل أجتماع أكرر لهم أن المعنى بالفكر لا يبنى لحما أو دهنا.

- الذهن المتوقد والجسد الخامل لا يجتمعان.

- ما هى آخر قراءتك؟

- فى السنوات الأخيرة لم أقرأ سوى الروايات.

- وماذا فى الحكايات إلا السمر؟

- كبد الفلسفة الحقيقية على أفواه بسطاء الروايات.

- والنساء والجنس والعلاقات المحرمة بين الأسطر.

- الرؤى العبقرية لم تفرزها إلا القصص والحكايات؛الغريب،الذباب،مئة عام من العزلة،البؤساء،السلام والحرب،العقاب والجريمة،آنا كارنينا،العجوز والبحر،الساقطون،الجوع،مئات بل آلاف من آيات الإنسان الرائعة.

- البرتو مورافيا وسيمون دى بيفوارواشباههم ألم يعلوا من شأن الجنس؟

- ومن يروج التجافى بين الجنس والفكر الإنسانى يلتاث عقله.

- الحكمة ضالة القارئ ؛ومن الحكمة التخلى عن الاسفاف،والرواية لم تعهد دروب الأدب العربى إلا حديثا.

- العربى يعانى الانفصام؛البون شاسع ما بين المظهر والجوهر،ينوح على الإطلال والحبيبة،ويسفك الدماء أربعين سنة عراكا على شربة ماء،يقارع الخمر ويضاجع النساءمساء ،وفى البكور كد وتعب،ما بين الفاعل والمفعول شطرة شعر منزوعة الحميمية،بينما الغربى يبحث عن الفضفضة،يستحث الفهم،يتقيأ الحواديت دون رقيب،فالشعر لا يترجم الحيوات كما الرواية.

- أهتم بالتاريخ والفلسفة والدين،لا يحول هذا العشق دون قراءة بنك القلق،عودة الروح،عودة الوعى،الأيدى الناعمة،التعادلية أعنى مؤلفات توفيق الحكيم،وكذلك روايات نجيب محفوظ التى تجسد حكم الفتوات ،بالبلدى البلطجية الآن،ومناكفات طه حسين مع الأزهريين،زكى نجيب محمود،سيد قطب،جمال حمدان،تفاسير القرآن،كتب السيرة النبوية،تاريخ اللغات،وصف مصر،تاريخ الحضارة،كتب كثيرة من هذه النوعيات.

- اسعدتنى هذه المقابلة.

- هناك من المستشارين القارئ النهم والشاعر الفذ والإديب الجميل،فالعدل الآن أدواته القراءة ثم القراءة ثم القراءة.

- العدل الآن معدم يا مولانا.

- الأحكام الحالية لا تخرج عن نطاق المكايدات السياسية.

- أيتحمل برئ هزار قاضى رفعه فوق مقصلة؟   أنحرام الفراخ من الحبوب؟    ماذا تسمى هذه السياسات؟

- سياسات إقصاء وتجويع،وهى من إبجديات الاستبداد،وليس جميع القضاة شاركوا فى تنفيذها،بل قلة قليلة،لا أنكر أن خلايا سرطانية هاجمت الجسد ولكن الأمل مازال معقودا على مهارة مشرط الجراح،وأنا لم أشارك فى هذه اللعبة الموجعة.

- أتكتفى بعدم اللعب؟

- هذا ما أملكه ،والتكليف على قدر الطاقة.

- الهروب الكبير.

- منجاة من عذاب الضمير.

- لماذا نتشدق بالعدالة وكأنها فاقت عدالة أكثر الدول حضارة؟

- الدعاية.

- بل مسح جوخ ومتاجرة.

- هذا الوصف يضعك تحت طائلة القانون.

- أأنتم القانون؟

- أى نعم.

- الحديث معكم قد يمتد لساعات،وأرى أنكم مشغولون.

- عموما أنا فى أنتظار موافاتى ببعض ما كتبته.

أستأذنت وفى حلقى غصة،تضيع الأرواح بين دهاليزالكلام،يقولون أن ميزان العدل معصوب العينين،أظن أن العصابة التى على عينيه لمسح القذى واللمص.

تمت بحمد الله

وسوم: العدد 719