إذا كان ما نراه هو الحل السياسي، فكيف يكون الحل العسكري إذن !!؟

منذ انطلاقة الثورة المباركة في سورية في شهر 3 / 2011 ، والنداء بالحل السياسي على كل لسان ، يتوافق عليه الأمريكي مع الروسي ، والأوربي مع الصيني ، والعربي مع العجمي .

سبع سنوات خلت والحل العسكري في سورية ماض في طريقه ، ومع كل خطوة على طريق الحل العسكري المعتمد ؛يتنادى شركاء الجريمة ليرشوا على الموت بعض السكر بالحديث عن الحل السياسي المنشود. في كل مرة عودا على بدأ .

وللذين يحبون دائما جلد ( الضحية ) ، ولومها وتأثيمها ، يجب أن لا نمل نحن أيضا من القول : إن الثورة السورية انطلقت سلمية ، وحافظت على سلميتها ما يقرب من العام . وما كان حمل السلاح ، حين حُمل ، إلا في إطار الدفاع عن النفس بل العرض، والعرض عند السوري أغلى من النفس للذين لا يعلمون . والدفاع عن النفس والعرض قانون غريزي أولي تقره قوانين الأرض وفوقها شرائع السماء .

ما من مظاهرة سلمية خرجت في سورية دون ضحية . وكل إطلاق نار من قبل الطاغية المجرم كان خطوة على طريق ألقمع العسكري أو الحل العسكري المرفوض كما يزعمون .

مضت الأيام ، وتطورت وسائل القمع العسكري في يد المجرم الطاغية من البارودة إلى الرشاش إلى الدبابة إلى المدفع إلى الصاروخ إلى الطائرات المروحية ، فالطائرات الحربية والقنابل العنقودية والفراغية والنابلم والكيماوي بأنواعه ، واتسع هامش القوات الرديفة للمجرم الأول بشار الطاغية : صفوية وروسية وأمريكية ..

كل هؤلاء في سورية يحاربون ، وكلهم يحاربون على محور واحد ، توهين الثورة ، وكسر إرادة الثوار ، والكل في الوقت نفسه يتحدث عن ( الحل السياسي ) مزعوم أو موهوم.

" حلٌ السياسي "

ويريدون تحقيقه بأكثر من مائة ألف مقاتل طائفي متعددي الجنسيات ( لبناني - عراقي - إيراني - أفغاني - باكستاني ) كلهم تجمعهم عقيدة واحدة : الولاء للولي الفقيه ، والحقد على سورية وشعبها العربي المسلم الأصيل ، وصلوا إلى سورية موفورين مدربين منظمين تحت ألوية قياداتهم ، وصلوا تحت سمع وبصر الأمريكي قبل الروسي ، ولو أرادوا الحل السياسي ، لما جرأ قاسم سليماني أن يخطو على أرض لبنان أو الشام أو العراق !!

" حلٌ السياسي "

يُريدون تحقيقه بأسراب الطائرات ، والبوارج الروسية ، وبأكثر من مائة ألف غارة جوية روسية على شعب أعزل ، وعشرات الصواريخ بعيدة المدى ، وتتحول سورية من أجل تحقيق الحل السياسي إلى حقل تجارب للأسلحة الروسية .

وتتحول الدبلوماسة الروسية إلى خادمة لمصلحة الطاغية الذي باع الروس من سورية كل ما أرادوه . حل سياسي مع انحياز مطلق في مجلس الأمن دفاعا عن المجرم والجريمة . سياسة اقتضت دعما " للحل السياسي " أكثر من عشر قرارات فيتو حتى ضد إطعام الجائعين ، ومداواة الجرحى !!

" حلٌ السياسي "

كانت الولايات المتحدة أول من بشّرت به ، ورفعت شعاره ، ونادت به ، وأكد دبلوماسيوها مرارا أنهم لن يتدخلوا في سورية ... ثم ما أسرع ما وجدناهم ، يشكلون تحالفهم الدولي لحرب الإرهابيين كما زعموا ، ثم لم نجد ضحاياهم إلا من الأطفال والنساء والمدنيين الأبرياء !!

" حل سياسي " والأمريكيون اليوم يحتلون ثلث الأرض السورية ، متحالفين مع بعض زعانف بشار . وقد كشفت عملية غصن الزيتون اليوم مبتداهم ومنتهاهم .

كل التقارير ذات المصداقية : تسأل السياسيين الأمريكيين عن مصير الإرهابيين الذين تزعم الولايات المتحدة أنها جاءت لتحاربهم ، أين أشلاؤهم ؟ أين أسراهم ؟ وننظر حولنا فلا نرى إلا أشلاء المستضعفين من الرجال والنساء والولدان على كل صعيد من الرقة إلى دير الزور ..

" حلٌ سياسي " ومُكّن الطاغية المجرم من الاستعانة بكل من يريد ، وأن يستخدم من الأسلحة الغبية والذكية والهمجية ما يريد ، في الوقت الذي يريد ، على المدى الذي يريد ، وبالمقابل كُبلت أيدي المستضعفين ، كما كانت روما تكبل أيدي العبيد في معركتهم مع الوحوش . كُبلت أيدي المستضعفين ، وأخرجت الأرض السورية من غطاءات القانون الدولي ، والقانون الإنساني ، اعتبرت سورية كلها ( غوانتنامو ) ، فكانت سورية كلها سجن ، وكان أسوأ ما في السجن سجونه الذي وثقت شهادة القيصر بعض ما يجري فيه من جريمة وإثم . توثيق القيصر الذي وضع كل الصامتين على الجريمة في قفصها على السواء .

" حلٌ سياسي " ولا نشك للحظة أن الصمت على ما يجري في سجون بشار الأسد من انتهاك وقتل وتعذيب ، بعد أن ثبت بالدليل القاطع ، هو جزء من السعي الدولي إلى الحل السياسي المنشود . قالها لهم الجعفري بالأمس : وبعد غوطة دمشق إدلب . وقال قبله بشار الأسد في حديث مشهور مشهود : (وبعد حاملي السلاح حاضنتهم من جار وابن عم وابن خال من المقدرين بالملاييييييييييين ) ومدُّ ياء الملايين من لفظه لأمانة النقل .

" حلُ سياسي "

ولا نلوم كل من سبق فهم أعداء ، وإنما اللوم على قوم رزقهم الله سمعا وأبصارا وأفئدة ما يزالون يتمسكون من هذا الحل السياسي بذيل ، ويتحدثون عنه : بإن ..وإذا ..ولو ..وحتى ..وليت ..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 761