أين سلاح حماس؟ تقدير موقف لمسيرة العودة الكبرى

تحليل أكثر من رائع ويرد على سؤال ..

أين سلاح حماس؟ تقدير موقف لمسيرة العودة الكبرى 

هو سؤال مشروع؛ لو كان بغير تهمة أو سوء ظن، لو لم يكن ترديدا لترهات المتحدث باسم الجيش الصهيوني، ولكن قبل الإجابة على السؤال، لابد وأن نعرف أين كانت تقف حماس قبل الانتفاضة؟

كانت حماس قبيل حدوث الإنتفاضة الحالية -مسيرة العودة الكبرى- في مأزق كبير، فالسلطة الفلسطينية العميلة تنهشها وتقطع عن غزة الموارد والغاز والكهرباء، والدول العربية تحاصر القطاع وتمنع عنه الطعام والدواء، ووكلاء الإحتلال كدحلان وغيره؛ يلوحون لأهل غزة بالأموال، حتى بدأ ضعاف النفوس في ترديد مقولات انهزامية على غرار : لو يحكمنا الصهاينة أحسن ما نموت من الجوع على إيد حماس.

كانت حماس في موقف لا تحسد عليه، فهي المسؤولة عن توفير الإحتياجات الأساسية لأكثر من ٣ مليون غزاوي، في نفس الوقت؛ هي مسؤولة عن استكمال مشروع المقاومة ورفع كفاءة التسليح والتكنولوجيا والتدريب لمقاتلي القسام، ثم الاستعداد لجولة قادمة لا محالة من جولات الصراع، ربما هي الأشرس في تاريخ المقاومة، حيث يستعد الكيان الصهيوني وحليفه الأمريكي وداعميه من خونة العرب؛ لتمرير صفقة مشبوهة أسموها صفقة القرن، بتصفية القضية الفلسطينية والتفريط في القدس الشريف.

كان ولابد لحماس أن تفكر خارج الصندوق، وأن تصنع فارقا استراتيجيا بينها وبين خطوات الأعداء، ووجدت ذلك في مسيرة العزة والكرامة" *مسيرة العودة الكبرى"*، حيث مكنتها على مدى ٦ أسابيع من إحباط مخططات العدو، التي كانت ترمي لتفتيت القاعدة الشعبية للمقاومة في غزة، وأصبحت مسيرة العودة الكبرى هي حلم كل غزاوي وكل فلسطيني وكل عربي ومسلم، لقد صنعت حماس من تلك المسيرة خطة تيكتيكية غير مسبوقة؛ لحشد وتعبئة الداخل الفلسطيني والخارج العربي والإسلامي، وبثت الرعب في قلوب الصهاينة، بأن ضغطت على نقطة ضعفهم العسكرية القاتلة وهي قلة وضعف الموارد البشرية عند الكيان الصهيوني، تغلبت حماس على مأزق القاعدة الشعبية ووضعت وكلاء الإحتلال في موقف لا يحسدوا عليه.

الآن عرفنا أين كانت تقف حماس، فلنبدأ في الإجابة على السؤال الرئيس، *لماذا لم تستخدم السلاح حتى الأن؟*

الدارس للعلوم الاستراتيجية يعلم جيدا أن قوة ردع السلاح أكثر من قوة استخدامه، فالدول النووية تتخاصم لأكثر من ٧٠ عاما- منذ هيروشيما وناجازاكي- وتتشابك فيما بينها بجميع أنواع الأسلحة، تخسر حروبا، وتفوز في أخرى، لكن أحدهم لم يستخدم سلاحا نوويا، الجميع يعلم أن الدولة التي ستبادر باستخدام السلاح النووي ستكون أول الخاسرين، فقوة السلاح النووي هنا في ردعه وليس في استخدامه.

*نفس الفكرة في استخدام حماس لسلاحها المحدود، فالقوة هنا في امتلاكها للسلاح القادر على الرد وليس في استخدامه، الكيان الصهيوني يمتلك ترسانة أسلحة أقوى وأحدث، بالإضافة لمخزون لا ينضب متصل بمخازن حلفائه، ومن السذاجة أن تفرط حماس في مخزون أسلحتها المحدود قبل أن يصل الصراع لنقطة الصفر، النقطة التي يصبح عندها استخدام السلاح كعمليات القلب المفتوح ليس له بديل.*

حماس مدركة لأبعاد الصراع جيدا، وتلعب باحترافية عالية، وتستخدم مواردها وظروفها المحيطة بأعلى جودة ممكنة، لكن بعض بني جلدتنا لا يعون ذلك.

اللهم كن لأهلنا في غزة، اللهم اجعلهم نارا مستعرة على أعدائك، إنك نعم المولى ونعم النصير.

مصطفى خضري

رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام " تكامل مصر"

وسوم: العدد 772