الزعيم التاريخي وحيد حامد!

يقف كاتب الأفلام والمسلسلات وحيد حامد على يسار الانقلاب العسكري الفاشي، فيطالب بالمزيد من القمع والاستئصال للإسلام والمسلمين، ويرفض الفنكوش الذي تروج له بعض الجهات عن مبادرات للصلح بين العسكر والشعب، وهو كما تقدمه جريدة المصري اليوم الانقلابية في حوارها معه (0 3/4/2018م) "حامد لا تنطفئ له نار، كمرجل يغلى"، ويتجاوز رفض الفنكوش إلى الهجوم على رفيقه في التنظيم الطليعي "أحمد فتحي سرور"، فيقول له: «مكتبك معروف عنه أنه يدافع عن تجار المخدرات والقتلة، وكنت تدافع عن الإخوان، ونعلم علاقتك بهم وقت أن كنت وزيرا للتعليم، من حقك أن تدافع عنهم، ولكن يجب ألا تقول إنهم مظلومون».

تصف الجريدة المذكورة فنكوش المصالحة بحملة الإفك والزور والبهتان التي يواجهها الزعيم التاريخي وحيد حامد بقسوة المخدوعين بالكلام المعسول، بحقيقة راسخة في وجدانه وعقله وقلبه «مفيش إخوانى بيسيب الإخوان»، ويصف القيادى الإخوانى المنشق الدكتور كمال الهلباوى، صاحب فكرة المصالحة بأنه «يلعب دورا، وهذه أدوار.. الجماعة لا تترك أحدا ينشق عليها، وإذا قرر ذلك ما بيسيبهوش في حاله». لم تذكر الجريدة كفاحه المدنس في تشويه الشخصية الإسلامية وشيطنتها!

وحين تسأله الجريدة عن رأيه في دعوات بعض الشخصيات للمصالحة عبر «منابر إعلامية»؟ يجيب الزعيم التاريخي: دعنا نتحدث عن هذه المنابر الإعلامية أولاً. فغالبية هذه المنابر «مُطرزة» بالإخوان. وهناك من يحتلون مناصب قيادية ساندوا الجماعة في مواقف كثيرة، وكانوا مع مرسى علناً وتحدثوا لقادة الجماعة في الخفاء، ورغم ذلك مازالوا في مواقعهم! كما يصف في سؤال آخر الذين يرفضون الديمقراطية بأنهم المنافقون وهم متواجدون(كذا!) على الساحة الآن.. وربما يراهم البعض «أسياد هذا البلد» وأنا مسئول عن كلامي هذا.

هذا أهم ما قاله الزعيم التاريخي، وهذا الوصف من جانبي نتيجة للغة التي يتحدث بها المذكور في حواره الصحفي، فهو لا يبدي آراءه بوصفه ذا فكر وصاحب رأي يملك فضيلة التواضع، ويعلم طبيعة السياسة في الأوطان الحرة، ويدرك أن هناك قوى متعددة تتفاعل من أجل خدمة الوطن والمواطنين، وتتنافس فيما بينها عبر صندوق الانتخاب الذي يمثل توافقا بين عناصر المجتمع لصالح أبنائه. لكنه يتكلم بوصفه  زعيما تاريخيا أو أسطوريا يشهر سيفه فوق حصانه، فهو يملك الأرض وما عليها، وهو يملك القول الفصل أو الحقيقة المطلقة كما يقولون؛ فيحكم بخيرية هذا وشرّية ذاك.. وهو السيد المستعلي الذي يزدري الرعية ويستخف بها. نسي المذكور أن هناك من يقودون البلد ويتسلطون عليه وعلى مواطنيه بما فيهم هو، وأنهم لا يسمحون له ولا لغيره أن يتجاوزهم ولو كان من أتباعهم المقربين، وأنصارهم المفضلين.

الرد على ما قاله المذكور يحتاج إلى صفحات طوال، ولكني سأحاول الإيجاز الشديد، مع العلم أن العالم كله يعرف- عدا الزعيم التاريخي وأمثاله-  أن المسألة ليست بين الإخوان والعسكر. إنها بين الشعب والانقلاب.

أولا- لا أدافع عن الإخوان، فهم أقدر على الدفاع عن أنفسهم حين تتاح لهم الفرصة، ولكني أدافع عن قضية تهم عموم الشعب بل الأمة، وهي قضية الحرية التي سلبت، ويدعو وحيد حامد إلى وأدها تماما ليبقى هو وقبيله ينعمون بالامتيازات والثمرات، وعلى العبيد أو بقية الشعب- أن تسمع وتطيع ما يقرره هو وأمثاله في ظل الرضا بالعبودية والمذلة والعنصرية وقبل ذلك وبعده الخروج من دائرة الإسلام ، وإلا فهم إرهابيون وظلاميون- وفق أفلامه ومسلسلاته- يجب استئصالهم معنويا ودمويا.

ثانيا- يتجاهل المذكور أن الانقلاب يداه ملوثتان بدماء الآلاف من الأبرياء الذين قتلهم في الحرس والمنصة ورابعة والنهضة ورمسيس والفتح وسيدي جابر والقائد إبراهيم وغيرها من الأماكن والميادين والشوارع والبيوت، وتصفية الأبرياء الأسرى لديه بحجة تبادل إطلاق النار! ويصمت المذكور عن حشر قرابة مائة ألف من أشرف الناس وأنبلهم في السجون والمعتقلات، مع مصادرة أموالهم ومطاردة الملايين في الداخل والخارج بالمداهمات الليلية ولقمة العيش والإقصاء والتشهير الذي يقوم به أحط من أفرزتهم الوضاعة وتربوا على الخسة والنذالة وأشياء أخرى لداعي لذكرها.

ثالثا- ما يقوم به فتحي سرور وغيره من المحامين ولو كانوا من أقطاب التنظيم الطليعي دفاعا عن المظلومين، هو واجب خلقي تفرضه طبيعة المحامي، ويمليه الضمير الحر، حتى لو كان المتهم قاتلا أو يبيع المخدرات، وقد ترافع محامون عمن قتلوا المتظاهرين في ثورة يناير الموءودة، وحصلوا لهم على البراءة، وعادوا إلى أماكنهم لقصور في الإجراءات. المحامي يستطيع أن يطلب الرأفة للمتهم ولو اعترف بجريمته من أجل أولاده أو مرضه أو أي سبب آخر يراه إنسانيا، وهذه أولية في قانون المحاماة يعرفها الزعيم التاريخي.

رابعا- يزعم المذكور في وشاية رخيصة؛ أن الإعلام مطرز بكثير ممن يسميهم قيادات الإخوان، دون أن يذكر لنا اسم واحد منهم، ويتجاهل أن الانقلاب لم يبق على أحد به شبهة "إسلام" في أي موقع من مواقع المسئولية، وصار المخبرون والبصّاصون يؤذون عباد الله الأبرياء بتهمة الانتماء إلى الإخوان. ولا أتمنى للمذكور أن يُلقى ذات يوم في قعر مظلمة بتهمة الانتماء إلى جماعة محظورة، وتكوين كيان إرهابي، وقطع الطريق، وتكدير السلم العام، والتظاهر بدون ترخيص، مع بقية التهم السبعة عشر المعروفة التي توجه إلى الأبرياء بدءا من الرئيس الشرعي المنتخب إلى أصغر تلميذ في إعدادية كفر البلاص!

خامسا- الذين يرفضون الديمقراطية ليسوا المنافقين كما يعتقد المذكور، لأن المنافق يتلون باللون المناسب للحالة القائمة، ولكن من يرفضون الديمقراطية هم من يملكون صندوق الذخيرة، لأنهم لا يعترفون بصندوق الاقتراع، وهؤلاء يؤمنون إيمانا قاطعا أنهم أسياد البلد حقا وصدقا، وبقية الشعب بما فيهم وحيد باشا من العبيد! ومن هنا تبدأ التراجيديا الإغريقية في مصر، التي تحول الضحية إلى جان، والجاني إلى ضحية بفضل البروباجندا التي تعمل على مدار الساعة. هل يصدق أحد أن أبا تريكة إرهابي؟ إن الذين تربوا في الوضاعة يطالبون كل المطارات في العالم بالقبض عليه وتسليمه للسلطة لأنه إرهابي! ثم تأمل ما يقوله آخر عن أحد المشغولين بفنكوش المصالحة: لا تأخذكم رأفة بشيخوخته! ما هذه الإنسانية التي تفيض من أفواه عصر الدبابة! 

سادسا- لماذا يصف المذكور فنكوش المصالحة بحملة الإفك والزور والبهتان، فالمصالحة ولو كانت فنكوشا تذكير بأنها أول الطريق نحو الديمقراطية، التي يتشارك فيها أبناء الوطن جميعا، أبناء البطة البيضاء والبطة السوداء. أما أن تقتصر على أبناء البطة البيضاء، وأتباعهم من بط البرك الآسنة والمستنقعات الملوثة، فهذه ليست ديمقراطية.

الله مولانا. اللهم فرّج كرب المظلومين. اللهم عليك بالظالمين وأتباعهم!

وسوم: العدد 778