العقوبات دخلت... وواشنطن جاهزة للحوار... وطهران تهرول نحو الهاوية

 يقول وزير الخارجية الإيراني "بومبيو" أن "دونالد ترامب" مستعد للتفاوض مع إيران، لكن قبل ذلك، يجب على إيران أن تغير سلوكها كأكبر داعم للإرهاب في العالم.

 يوم واحد على بدء سريان العقوبات الجديدة وإيران تشن هجوماً لاذعاً على واشنطن، وتقول إنّ العقوبات الجديدة ستحرم مليون مواطن إيراني من فرصة الحصول على عمل.

 وبموازاة ذلك تتوارد الأخبار تباعاً من طهران، حيث طالعتنا وسائل الإعلام الإيراني صبيحة هذا اليوم برسالة من رئيس الجمهورية "حسن روحاني" إلى رئيس مجلس الشورى الإيراني "علي لاريجاني" مفادها أن الأسئلة الأخيرة التي وجّهها نواب المجلس لا تتوافق والدستور الإيراني، وأكد "روحاني" في هذه الرسالة على أنّه سيأتي إلى المجلس في الوقت المناسب درء لحدوث أي نوع من الخلاف بين السلطات في إيران، ومن باب حرصه واحترامه لمجلس الشورى قد أكد "روحاني" في هذه الرسالة على أن الظروف التي طرحت فيها هذه الأسئلة لم تكن مناسبة، وركّز على نقطة جوهرية بأنه سيستغل الظروف لتوضيح البعض من الحقائق للشعب. والجدير ذكره هنا أن هذه الأسئلة التي طرحها النواب على رئيس الجمهورية برسم الإجابة كانت قد طرحت في تاريخ الأول من آب من الشهر الجاري، حيث أمهل النواب آنذاك مهلة شهر بأكمله للرد عليها.

 الرئيس الإيراني الأسبق ق "محمد خاتمي"، بدوره دخل على خط الأحداث، ففي لقاء له مع بعض البرلمانين السابقين والحاليين، قدّم اعتذاره للشعب الإيراني بسبب ما يعاني منه _من مشكلات وشحّ في الموارد_ وقال: كان بإمكاننا أن نخدم إيران بشكل أفضل، وذكر بأنّ المشاكل الاقتصادية لإيران لها جذور تاريخية، ولكن أضيفت لها الإخفاقات الهيكلية والوظيفية، وجلبت البلاء لحياة الناس.

 أما عجلة التطورات الاقتصادية فهي في تسارع مستمر ، حيث تمّ إقالة "محمد عراقجي" مساعد رئيس البنك المركزي للعملة الأجنبية، واعتقاله على الفور، هذا الاعتقال يأتي استمرارا لعملية التحقيق في ملفّ المخالفين في النظام النقدي ونظام النقد الأجنبي لإيران، وقد تعرّض "عراقجي" لانتقادات بسبب أدائه منذ تعيينه، وأنه لا يملك الخبرة الكافية لهذا المنصب الهام، لكن أداء شخص في موقع حكومي في إيران بأي حال من الأحوال أن يكون سببًا للاعتقال، ما لم يتهم ذلك الشخص بالرشوة او التواطؤ، كما أعلن القضاء الإيراني عن اعتقال أحد موظفي مكتب نائب الرئيس الإيراني بتهم متعلقة بالفساد .

 الحكومة الإيرانية تلهث وراء فرض حزمة جديدة من الإجراءات، لتلافي خطر الانهيار، حيث أعلنت أنه سيتم إيقاف دفع العملة الأجنبية لتسهيل السفر من قبل البنوك العاملة. ووضعت القيود التي أقرها مجلس الشورى والمكونة من 12 نقطة للحكومة لتنفيذ حزمة حول سياسة التعامل مع العملة الأجنبية، في الوقت الذي لا يمكن معه للحكومة من تحقيق الاستقرار والتحكم في السوق، من خلال تحرير سعر الصرف.

 ما تعانيه الأسواق الإيرانية هو عدم استقرار سوق العملة، وارتباط ذلك بالفساد والتحايل من جانب أذرع الحرس الثوري ومؤسساته التي تخترق سوق الصرف، حيث تسعى حكومة روحاني

إلى تنظيم سوق الصرف الأجنبي، والقضايا المتعلقة به. ومن ضمان القرارات المتخذة، أن يتم تأمين جميع السلع الأساسية والادوية بسعر الصرف الرسمي.

 المتعلقة بسوق الصرف الأجنبي للبلاد. بشكل عام يبدو أن الهدف كان التعويض عن الخطأ القاتل الذي حدث في أبريل الماضي عندما تم الإعلان عن تثبيت سعر الصرف في إيران عند 4200 تومان لكل دولار والحالة التي خلقها، حيث نعرف أن جزءًا كبيرًا من موارد العملة الاجنبية في إيران ذهبت أدراج الرياح، وأخيراً اتضح ان سعر الصرف ذلك كان اعتباطيا ولن يصل الى نتيجة. ولا يتعلق الأمر بأن نقول إن جميع السلع التي تحتاجها إيران يجب أن تستورد بسعر السوق.هذا مستحيل، لأنه في هذه الحالة، وفي ظل هذا الوضع الذي يريدون خلقه، وهدفهم هو تخصيص السعر الرسمي يعني ال 4200، أو أكثر بقليل لمستوردي السلع الرئيسية من المواد الغذائية والادوية، وتحويل البقية الى السوق المحلي، سيؤدي إلى انتعاش السوق السوداء، وسيواجه الناس سوقًا بثلاثة أضعاف سعر الصرف المختلفة، مما سيؤزم الوضع ويؤدي إلى الانفجار الشعبي، وهو الأمر المتوقع.

 من المؤكد أن النظام السياسي في إيران لا يملك العملة اللازمة لضخها في الأسواق، لا شك بأن هذه الحزمة يتم إصدارها قبل يوم واحد من بدء العقوبات الأمريكية الجديدة. لكن في الحقيقة فإن البنية الاقتصادية، وخاصة البنية المصرفية لإيران، غير قادرة، بل وعاجزة تماماً على التنسيق في إظهار ردة الفعل الصحيحة على هذه العقوبات بل هي عبارة عن حقن السوق بالدولار والعملة الصعبة لفترة مؤقتة، في الوقت الذي يستمر فيه البنك المركزي بشكل محموم محاولاته البائسة في طباعة العملة الوطنية " التومان " لتخفيض الأسعار بشكل ما، لكن ذلك سيؤدي إلى مزيد من التضخم غير المسبوق الذي وصل إلى أكثر من 300% لغاية اللحظة.

 في الوقت الذي باتت معه العملات الصعبة واحتياطيات البلاد من النقد الأجنبي بالنضوب بفعل مجموعة من العوامل الداخلية والخارجية، لا سيما غرق طهران في وحل الأزمات الإقليمية، والإنفاق على وكلائها وعملائها، اللذين يعيثون خراباً وفوضى في الإقليم.

 وبالمحصلة فإن تزايد حجم الضغط الاقتصادي، والإعلان عن المزيد من الإجراءات، وعن حزمة السياسات التي تمثل هروباً نحو الهاوية، هذا إلى جانب زيادة وتيرة الشحن السياسي لاستهداف روحاني بالاستجواب، إلى جانب اعتقال الشخصيات القريبة منه، ودخول الرئيس السابق خاتمي على الخط للدفاع عن الإصلاحيين في هذه المرحلة يشير باختصار إلى أن أيام دولة الولي الفقيه اقتربت من السقوط البهلواني الحر...

 فدعونا نراقب عن بعد.

وسوم: العدد 784