مآسي الشعوب ، تكمن : فيها ، أم في حكّامها، أم في نُخَبها؟

إذا جمع حاكم ما، التفاهة والحماقة ؛ فإلى أين يقود شعبَه؟ وما موقف النخب، من تفاهته ، وحماقته ، إزاء المصير الأسود ، الذي ينتظرها وشعبَها؟

إنها مشكلة الأمّة الإسلامية ، في سائر الأزمنة والأمكنة ، بل هي مشكلة كلّ أمّة ، على وجه الأرض  !

إنها أزمة القيادة :

عانت منها الأمم ، جميعاً ، من أقدم العصور ، في : البوادي والغابات ، والمدن وأرياف.. على مستوى : زعامات القبائل والأحياء ، والأحزاب والدول !

زعيم القبيلة الصالح : يبحث لها ، عن الخير ، في : طلب الرزق ، وطلب الأمن ، وطلب الصحّة.. وفي سائر مجالات الحياة !

والفاسد ، أو الأحمق ، أو الأناني : يجرّها إلى المهالك ؛ بفساده ، أو حماقته ، أو أنانيته ..!

وكذلك قائد الحزب ، وقائد الدولة !

وما أكثر ماقرأنا ، في تاريخ الأمم ، عن قادة ، أو زعماء ، أو أباطرة ، أو أكاسرة .. جرّوا شعوبهم ودولهم ، إلى حروب كارثية ، عبثية ؛ لتوسيع دائرة حكمهم ، أو زعامتهم ..  أو: لأحقاد شخصية ، ضدّ حكّام آخرين .. أو لأجل أمرأة ، أعجبت الحاكم ، فغزا دولتها ؛ ليحصل عليها.. أو: اختطفها ، فأثار، بسببها ، حرباً ، هلك فيها الألوف ، من أبناء شعبه ، دون أن يكون لأيّ منهم ، ناقة أو جَمل !  يستوي ، في ذلك ، زعماء القبائل المتخلفة ، في الغابات والبوادي ، وزعماء الدول ، التي نالت حظوظا كبيرة ، من التحضّر، أو التمدّن !

وفي العصور الحديثة ؛ عصور التحضّر والتمدّن ، نرى العالم ، ابتُلي ، بحروب طاحنة ، هي أسوأ ماشهده التاريخ ، في مراحله ، كلها ، وأبرزها الحربان العالميتان : الأولى والثانية !

ولدى التدقيق ، في أسباب أيّ من الحربين ، يكتشف المرء ، أن الأسبابَ لأيّ منهما ، هي أقرب إلى العبث والتفاهة ، قياساً ، إلى الدماء ، التي أريقت فيها ، والدمار، الذي حصل فيها !

والناظر، في واقع الأمّة الإسلامية ، اليوم ، يرى : كيف تُهدَر أموالها ، عبثاً ، وكيف تراق دماء شعوبها ، هدراً ؛ بجشع الحكّام ، أو أنانيتهم ، أو حماقتهم ، أو خضوعهم لقرارات أعداء الأمّة !

فما الخيارات ، المتاحة للشعوب ، في هذه الحال ؟ وما البدائل المتاحة لنُخبها ، الواعية المخلصة، التي تقودها ، وتوجّهها ؟

إنها أسئلة : كانت مطروحة ، على الشعوب ونخَبها ، بالأمس ، وهي مطروحة ، على هذي وتلك، اليوم ، وغداً ؛ فهي تخصّ الشعوب عامّة ، وتخصّ نخبَها ، بالدرجة الأولى !

وسوم: العدد 787