خلط القيَم المعنوية : أخطرُ من خلط الموادّ الحسّية ، وأشدّ تدميراً !

خلطُ الكَسل بالتوكّل ، وخلطُ الجُبن بالحِكمة .. ثمّ خلطُ التهوّر بالشجاعة ، وخلطُ التبذير بالكرَم ، وخلطُ البُخل بحسن التدبير ، وخلطُ التكبّر بالأنفَة ، أو بعزّة النفس ، أو بالإباء ..

ثمّ خلطُ الغرور بالثقة بالنفس ، وخلطُ الضعف النفسي بالتواضع .. ثمّ خلطُ الغيبة بالتعريف الواجب بالأشخاص .. ثمّ خلطُ النميمة بنقل الكلام الواجب ، للتحذير من أشخاص ..

ثمّ خلطُ الإعجاب ، ببعض ماعند الآخرين ، من منجزات حضارية .. بعقائد هؤلاء الآخرين، وعاداتهم المنافية للإسلام ..

ثمّ خلطّ مُوادّة مَن يُحادّون الله ورسوله .. بواجب التعامل الحَسن معهم ، ضمن الوطن الواحد، والمجتمع الواحد .. ثمّ خلطُ النفاق بالمسايرة ، أوالمجاملة ..

ثمّ خلطُ الإعجاب بالفكرة الجيّدة ، بالإعجاب بصاحبها السيّء .. وخلطُ النفور من الفكرة السيّئة ، بالنفور من صاحبها الجيّد..

ثمّ خلطُ العدل مع الأعداء ، بالمسامحة المؤدّية إلى هدر حقوق غيرهم ..

ثمّ خلطُ كراهية شخص ما ، بهضم حقّه : قال عمربن الخطاب ، لقاتل أخيه زيد ، وقد أسلم: إنّي لاأحبّك ! فقال الرجل : أيمنعني هذا حقّي ؟ قال عمر: لا ! فقال الرجل : إذن، لاضيرَ؛ إنّما يبكي على الحبّ النساء ! وهكذا ..!

إن هذه الأنواع ، من الخلط مدمّرة للأفراد : نفسياً ، واجتماعياً ، وخُلقياً ..! وانتشارُها ، في مجتمع ما ، يؤدّي إلى تدميره ؛ لالتباس الخطأ بالصواب ، فيها ، والحقّ بالباطل ، والجميل بالقبيح !

وقد نرى بعض أنواع الخلط ، يؤدّي إلى الاستدراج ، إلى أمور خطيرة ، أو محظورة شرعاً!

وكثيرٌ من الأمور المعنوية ، التي يحصل فيها الخلط ، يحتاج إلى بصيرة وحصافة ! وكثيرٌ منها يحتاج ، إلى علم شرعي ، يمكّن صاحبه ، من معرفة الحلال والحرام ، والواجب ، والمكروه ، والمندوب !

وقد شبّه الكفّار، ذات يوم ، الربا بالبيع ، لِما فيهما ، من عامل مشترك ، هو: الكسب المادّي! فوضّح القرآن الكريم ، الفرقَ بينهما :(وقالوا إنّما البيعُ مثلُ الرِبا وأحلّ الله البيعَ وحرّم الربا).

وسبحان القائل : ومَن يؤتَ الحكمةَ فقد أوتيَ خيراً كثيراً .

وسوم: العدد 793