"ابن تيميــة" ليس سلفياً

 ما زلتُ أكرر القول: بأنَّ الشيخ (ابن تيمية) ظُلِمَ ظلماً بيِّناً؛ لأنه فُهِمَ فهماً خاطئاً سواء من أنصاره وأتباعه، أوْ من شانئيه وخصومه!

 وسوف نتوقف في هذه المقالة عند مفهوم (السلف والسلفية) حتى يتبيَّن لنا الخيطُ الأبيض من الأسود في مسيرة الرجل ومنهجه العلمي ... فقد اكتظَّتْ كُتُب"ابنُ تيمية"، ورسائله، وفتاواه بمصطلحات، مثل: السلف والسلفية، مذهب السلف، منهج السلف، علماء السلف، رأي السلف، اعتقاد السلف، طريقة السلف، سلف الأمة، السلف الصالح، السلف الثقاة، السلف المرضيُّون ... وما شابه ذلك من المصطلحات التي تأتي كلمة (السلف) لصيقةً بها، ورديفاً لها!

 لكننا لوْ توقفنا قليلاً أمام آرائه وفتاواه؛ سنجده أبعد ما يكون عن "السلفية" التي صدَّعنا بها، وجعلها سيفاً على رقاب معارضيه، ورصاصةً في وجه مخالفيه!

 نعم، "ابن تيمية" لم يكن على مذهب السلف، بلْ تجنَّى على مذهب السلف، ونسب إليهم ما هم منه براء، بلْ فعل كل ما حذَّروا منه ... فهو ليس سلفياً –كما يظن المغفَّلون- إنما كان يجرّ مذهب السلف إلى مذهبهِ هو!

 فالسلف –رضوان اللهِ عليهم- لمْ ينسبوا الجهة إلى الله سبحانه، ولم يدَّعوا التشبيه والتجسيم في الأسماء والصفات، ولم يقولوا بفناء النار وزوالها، ولم يثبتوا قصة الغرانيق، ولم يقولوا بعدم عصمة الأنبياء، ولم يقولوا بقِدَم العالم، ولم يقولوا بتسلسل الحوادث، ولم ينفوا وقوع المجاز في القرآن، ولم يقولوا بحدوث القرآن، ولم يزعموا أنَّ ترتيب سُوَر القرآن اجتهادياً، وليس توقيفياً، ولم يقولوا بأزلية الكون، ولم يقولوا بحرمة السفر لزيارة النبيّe، ولم يزعموا أنَّ التوسل بهِ شرك، ولم يتطاولوا على أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب، ولمْ يتجرأوا على حُرمة آل بيت النبيّ، ولمْ يُنكِروا الأحاديث النبوية الصحيحة، ولم يُقحِموا الأُمةَ في سراديب الجدل والسفسطة، ولم يرموا العلماءَ بالزندقة والإلحاد، ولم يُكفِّروا مخالفيهم في الرأي أوْ الفتوى ....إلخ؟!

 وفيما يلي سوف نثبت بالبراهين الساطعة والأدلَّة القاطعة؛ أنَّ "ابن تيمية" خارج على مذهب السلف، ومناقض لمنهجهم، "فقد خالف السلف في كثيرٍ من الأمور، ولم يبالِ أبداً إلاَّ بما اقتنع هو به -كما يقول محمد خليل هراس -وهو من دعاة السلفية في العصر الحاضر- وإنَّ أيَّ قاريء لكتب ابن تيمية، خاصة ما كتبه في العقيدة يجد أنها قائمة على طريقة المتكلِّمين، وهي الطريقة التي حذَّر منها علماءُ السلف خاصة الإمام الشافعي -رحمه الله- الذي رفض أن يستخدم طريقة المتكلمين في الردّ على المعتزلة، واكتفى بترديد نصوص القرآن والسنَّة، في حين استخدم ابن تيمية نفس طُرُق المتكلِّمين لإثبات عقيدة السلف ... فهل كان يعجز الشافعي عما قام به ابن تيمية؟"[1]

* * *

 إنَّ الأساس الفكري لـ"ابن تيمية"، يكشف عن بُعد معتقدهِ عن معتقد السلف الصالح، ومخالفته للسلف في الموقف من صفات الله عز وجل، فالسلف لا علاقة لهم بكثير من أفكاره، خاصة فيما يتعلق بالعقيدة، وخصوصًا آيات الصفات الإلهية وأحاديثها.

 فمثلاً: فى مسائل العقيدة؛ تعامل ابن تيمية بمنهج "التنظير والاستدلال العقلي" لآراء الغلاة الذين وقعوا فى الحشو والتجسيم وإجراءه على قواعد النظر والاستدلال العقلى، بعد أن كانوا يقتصرون على المنهج النقلى، ومثال دوره فى ذلك مثال ما ذكره كثير من العلماء المتقدمين والمتأخرين فى دور الإمام "أبى الحسن الأشعري"، والإمام "أبى منصور الماتريدى" أنه يتمثل فى التنظير العقلى لمذهب السلف.

 ومن مخالفات ابن تيمية لمذهب السلف: قوله بالتشبيه والتجسيم، وأنه لايوجد شرعاً أو عقلاً ما يمنع من أن يكون الله جسماً! فقد قال ابن تيمية في (الموافقة: 1/ 62) مانصه: قوله (لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ وهو السَّمِيعُ البَصِيرُ) (الشورى/11)، ‏وقوله (هَل تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا) (مريم/65)، ونحو ذلك فإنه لا يدل على نفي الصفات بوجه من الوجوه بل ولا ‏على نفي ما يسميه أهل الاصطلاح جسماً بوجه من الوجوه! وقال في كتابه (بيان تلبيس الجهمية: 1/101) مانصه: "وليس في كتاب الله ولا سنَّة رسوله ولا قول أحد من سلف ‏الأمة وأئمتها أنه ليس بجسم، وأن صفاته ليست أجسامًا وأعراضًا، فنفي المعاني الثابتة بالشرع والعقل بنفي ألفاظ لم ‏ينفِ معناها شرع ولا عقل؛ جهل وضلال"!

 إذاً؛ فابن تيمية لايرى في كتاب الله ولا سنَّة رسوله ولا في قول أحد من السلف ما يمنع أن يكون الله جسماً، بل معنى الجسمية ثابتة بالعقل والشرع، ولذلك فإنَّ نفيها عنده جهل وضلال! بينما حقيقة الأمر أن أئمة السلف نفوا كل مايوهم مشابهة الحق تعالى لخلقه والإمام أحمد الذي يدعي ابن تيمية أنه سائر على مذهبه واعتقاده ينفي إطلاق الجسم على الله تعالى نفياً باتاً، فقد نقل أبو الفضل التميمي -رئيس الحنابلة ببغداد وابن رئيسها- عن الإمام أحمد قال : وأنكر أحمد على من يقول بالجسم، وقال: إن الأسماء مأخوذة من الشريعة واللغة، وأهل اللغة وضعوا هذا ‏الاسم على ذي طولٍ وعرضٍ وسمكٍ وتركيبٍ وصورةٍ وتأليف والله تعالى خارج عن ذلك كله، فلم يجز أن يسمى ‏جسمًا لخروجه عن معنى الجسمية، ولم يجىء في الشريعة ذلك فبطل. انظر اعتقاد الإمام أحمد، ونقله الحافظ البيهقي عنه في "مناقب ‏أحمد" وغيرُه.

 وهنا يفتضح أمر ابن تيمية الذي يدَّعي أنه من أتباع مذهب الإمام أحمد، وهو يخالفه في أكبر قضية عقيدية وهي التشبيه والتجسيم فيقع فيها.

 إذن؛ فمذهب ابن تيمية يختلف عن مذهب السلف –كما يقول الشيخ/ منصور محمد عويس- لاسيما فى الآيات المتعلقة بصفات الله، مثل: ﴿الرحمنُ على العرش استوى﴾. فيقول مذهب السلف، الذي يسمى مذهب "المفوِّضة" "بتفويض معانى هذه المتشابهات إلى الله وحده، بعد تنزيهه تعالى عن ظواهرها المستحيلة"، ويقول الفخر الرازى فى كتابه "أساس التقديس": إن "حاصل هذا المذهب أن هذه المتشابهات يجب القطع فيها، بأنَّ مراد الله تعالى منها شىء غير ظواهرها، ثمَّ يجب تفويض معناها إلى الله، ولا يجوز الخوض فى تفسيرها".

 لكن ابن تيمية له رأي آخَر فى الآيات المتعلقة بصفات الله، "فالذي اتفق عليه سلف الأمة وأئمتها أن يوصف الله بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله من غير تحريف ولا تعطيل".

 إذاً؛ فرأي السلفيين: أن يفوِّضوا تعيين معنى الاستواء إلى الله، أمَّا رأى ابن تيمية فنجده يقول: "أنْ يوصَف الله بما وصف به نفسه"، أيْ: أن الله يجلس على عرشه كمثل أن يجلس الإنسان على كرسيه".

 وبعد أن رأينا كيف صوَّر ابن تميمة مذهب السلف، وكيف اختلف عنهم، يمكننا القول بأنه ليس سلفياً. أمَّا كيف انتسب للسلفية فهو أمر آخَر، يعود إلى أنه بعد وفاة الإمام "أحمد ابن حنبل" بمائة وخمسين عامًا ظهرت فرقة أو مدرسة أخرى نسبت نفسها إلى أحمد بن حنبل، وسُميت بعد ذلك باسم "الحنابلة المُجسِّمين" وقالوا إن الله يجسم، وحتى يصبغوا أفكارهم بطابع الإيمان نسبوه إلى الإمام "أحمد" وهو برىء منهم، حتى قال لهم أبو الفرج ابن الجوزى: بأنهم لوثوا الإمام ابن حنبل"، ثم جاء بعد ذلك ابن تيمية، وسار على نهج هؤلاء الحنابلة المجسِّمين! [2]

* * *

 ولعلَّ من أشمل الكتب التي ناقشت أفكار ابن تيمية" وأبعدته تماماً عن منهج السلف؛ كتاب "فتاوى ابن تيمية" للعلاَّمة/ محمد بن أحمد مسكة بن العتيق اليعقوبي-[3] الذي انتقد فيه فتاوى ابن تيمية وأفكاره في العقيدة كقوله: بحرمة السفر لزيارة قبر النبيّe، وبأنَّ التوسل بالنبيّ شِرك بالله، وقوله بحدوث القرآن وجواز أن يقال إنه مخلوق، وتصريحه بقيام الحوادث بذات الله تعالى، وقوله بأقوال الفلاسفة وتأثره بهم في القول بأزلية الكون، وقوله بالصلاح والعدل من مبادىء المعتزلة، وقوله بعدم عصمة الأنبياء، وقوله بفناء عذاب النار، وخرقه للإجماع في الكثير من المسائل، وقوله بنسبة الجهة والمكان لله، وما إلى ذلك من التشبيه والتجسيم، بالإضافة إلى تكفيره لبعض العلماء والمشايخ ووصفهم بأسوأ الصفات.

 وقد أبان "المؤلف" في مقدمة كتابه عن سبب تأليفه للكتاب، فقال: «لم يكن في عزيمتي أن أفرد مقالاً للحديث عن ابن تيمية؛ لأنَّ الرجل أفضى إلى ما قدم، ولا يعنينا اليوم أمره ولا معتقده، وإنما تعنينا هذه الكتب الضخام التي بين أيدينا مملوءة من البدع وأنواع الضلالات، وقد يكون الرجل تاب في آخر حياته فتقبل اللهُ توبته، وقد يكون فيها ما هو مدسوس عليه، وقد... وقد... ولكني أجدني مضطراً لأنْ أُبيّن للقراء طرفاً من حقيقة أمره، وأن أنقل لهم طرفاً مما قاله العلماء في شأنه، ليعلموا أن الدعاية الصارخة القائمة حوله الآن على تقديسه وجعله الإمام الأوحد في الإسلام لم تكن قط موضع إجماع المسلمين ولا قول أكثرهم. فقد كان أهل السنَّة منذ برز ابن تيمية إلى الميدان يُحذِّرون الناسَ من أقاويله، ويردّون عليه بالكتب والمقالات، سواء منهم من كان على مذهب أحمد بن حنبل، الذي يدعي هو الاقتداء به، ومن كان على غيره من أهل السنَّة، ولم يقتدي به سوى طائفة قليلة من بقايا أهل نحلته من المشبِّهة...».

 يقول المؤلف في المقدِّمة: «لقد تدفقتْ كُتبُ ابن تيمية على البلاد وكان لها من يوزعها بالمجان في أفخر الطبعات وأنصع الحروف. وقد افتتن بها كثير من الناس من العامة ومن المثقفين ثقافة دينية غير متينة، وأصغى لها بعض العلماء. وكنت كُلما سألت عنها من يصغي لها من العلماء يقول لي: "لم أقرأها أو قرأت منها البعض. وابن تيمية عالم كبير زكّاه العلماء، وقد نسبت إليه أمور كثيرة لم تثبت عليه".

 فرأيتُ أن أنظر في فتاويه وفي غيرها من مؤلفاته، مما وقع تحت يدي، فوجدتها موسوعة بدع لم تكد بدعة إلا أتت بها ونصرتها، وقد كنت أظن أن بدع ابن تيمية منحصرة في قوله بالجهة في جانب الله تعالى وما إلى ذلك من التشبيه، مع أن البعض كان ينفيها عنه، وفي قوله بأن التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم شرك، أو وسيلة إلى الشرك، وبحرمة السفر لزيارته -صلى الله عليه وسلم- ولكني رأيت أنه يصرح بهذه الأشياء المتهم بها بلا مواربة ولا التواء، ثم يزيد عليها أموراً كثيرة لم تكن تقع لي في حسبان. فهو يقول بقِدَم العالم، ويقول بحدوث القرآن، ويجيز أن يقال إنه مخلوق، ويصرح بقيام الحوادث بالله تعالى ويصفه بها أيضاً، ويقول بفعل أسباب بطبعها، ويقول بالصلاح والعدل من مبادىء المعتزلة، ويقول بعدم عصمة الأنبياء، ويقول بفناء عذاب النار، ويخرق الإجماع في كثير من الفروع، وهو إلى ذلك يسلط لسانه على علماء الأمة والمشايخ الصالحين منها ويصفهم بكل سوء ومكروه من التبديع والتضليل والتكفير أحياناً وإن فرعون وهامان وجهماً خير منهم وأعلم بربهم. هذا إلى لسان ذلق، وحفظ واسع، وأسلوب جذاب، وتظاهر باتباع السنة وادعاء الإجماع في كل شيء، والتزين بإيراد القرآن والحديث، مورد وغير مورد بما يحير الحليم، ويشبه على العالم، ويستهوي العامي.

 وقد رأيتُ أن على مَن عَلِمَ من المسلمين أن ينبِّه مَن لم يَعلَم على هذه المزالق التي يجب عليها توقيها. وتحرجت من إثارة الجدل في هذه المواضيع التي ليس المسلمون في حاجة إلى إثارتها، وأحجمت مدة واستشرت، وقدمت رجلاً وأخرت أخرى، ثم أزال إحجامي وتلجلجي ما رأيت من شدة إعجاب مبتدعة هذا العصر بابن تيمية وجعلهم له إماماً في كل المجالات واقتصارهم على ذكره والإشادة به وتطاولهم به على سائر علماء الملة الإسلامية، حتى أن أحدهم ليقول في الحديث عن محنة ابن تيمية: "ودارت المعركة بين شيخ الإسلام ومعه ربه، وبين حزب الشيطان ومعه الجماهير ورجال الدولة". يعني بحزب الشيطان علماء الأمة الإسلامية، ويقول آخَر: "إنه يرى أن تكون الفتاوى هي وحدها مرجع العلماء الآن"، إلى غير ذلك.

 فرأيتُ أن أُقدِّمَ إلى علماء هذا العصر ما اطلعتُ عليه من بِدع ابن تيمية وضلالاته وأثبتُ ذلك من نصوصه المطبوعة التي هي بين يدي الخاص والعام، لئلاَّ يقولوا: هذا لم يثبت، أو هذا يجب أن لا يثار أمام عوام المسلمين لئلا يشوش عقائدهم، فإن الأمر مثار الآن على أوسع نطاق بين عوام المسلمين، وطلاب الإعداديات يتناقشون في معنى الاستواء. وأمَّا الرد عليه في هذه الضلالات فليس هو الغرض الأساسي عندي في هذا الكتاب، وإن كنت تعرضت له أحياناً ونبهت على بدعه دون التعرض للرد عليها رداً مفصلاً أحياناً أخرى. ولعمري إن الرد عليه غير صعب خلاف ما قد يخيّل إلى البعض ولكن تَتبُّع كلامه بدعة بدعة فيه طول وإسهاب، فهو في الكتابة بحر يتدفق، ولكن كلامه في أغلب الأحيان معاد مكرر لا يمل من إخراجه في ثوب قشيب والمحتوى هو هو بدون تغيير.

 وقد ردَّ العلماءُ على كثير من بدعهِ في كُتبٍ مختلفة ومواضع متفرقة، وقبل أن أدخل في التفاصيل فإني أعطي القارىء رداً مُجملاً على ابن تيمية وأتباعه الذي أحيوا بدَعه وأذاعوها، وذلك أنهم إن كانوا صادقين في ادعاءاتهم ومصيبين في عقيدتهم، فإنَّ الأمة المحمَّدية منذ نحو ألف سنة ومئة سنة كلها على ضلال، إمَّا كافرة مُشرِكة، وإمَّا مبتدِعة ضالة، فجميع العلماء المشهورين من أئمة المذاهب الأربعة وجميع مفسري القرآن منذ ذلك العهد، وجميع مشايخ التصوف إلى عصرنا الحاضر، وجميع الأمة المحمَّدية من أهل السنَّة الذين يمثلون الغالبية الكبرى والسواد الأعظم من المسلمين كل هؤلاء ضالون مبتدعون أوْ كفَّار مارقون.

 فأبو الحسن الأشعري، والغزالي، وإمام الحرمين، والباقلاني، والسبكي، والفخر الرازي، وأمثالهم من العلماء، وابن جرير الطبري، والقرطبي، وابن العربي، والنسفي، والسيوطي، وأمثالهم من علماء التفسير. والبيهقي، والنووي، والحافظ ابن حجر، والحافظ العراقي، وابن حجر الهيتمي، والحافظ العلائي، والزرقاني، وأمثالهم من علماء الحديث. والقشيري، ومحيي الدين بن العربي، وأبو الحسن الشاذلي، وعبد العزيز الدباغ، وأبو العباس التجاني، والشيخ سيد المختار الكنتي، والشيخ محمد إلمام، ومحمد فال بن متال، والشيخ أحمد بنب، والشيخ سيديا، والشيخ محمد الأغطف، والشيخ محمد فاضل، والشيخ ماء العينين، والشيخ سعد أبيه، وأحمد بن العاقل، وسيد عبد الله بن الأفضل، والمختار بن بون، ومحنض بابه بن اعبيد، والشيخ محمد الحافظ، وحرمة بن عبد الجليل، والفقيه عمر الخطاط، ومحمد بن محمد سالم وأبناؤه، والمجيدري، وسعيد بن محمد اليدالي، وعبد الله بن الحاج إبراهيم، والإمام ناصر الدين.

 ولم أذكر أهل القرون الثلاثة الأولى هنا؛ لأنَّ ابن تيمية وأتباعه يزعمون أنهم على طريقهم، وإنما ذكرتُ من يُصرِّحون بأنه على ضلال مبين، والواقع أن سلف الأمة وخلفها جميعاً براءٌ منهم. كل هؤلاء وغيرهم إمَّا أن يكونوا على ضلال مبين، ويكون السند قد انقطع بين أول الأمة وآخرها منذ أكثر من ألف سنة حتى جاء ابن تيمية فصحح المسيرة ثمَّ بقيَ الحالُ مع ذلك على حاله حتى جاء أتباعه وجاهدوا البدعة والضلال، ويبقى علينا بعد هذا الافتراض أن نعرف أن أُمة سيدنا مُحمَّدe ليست صالحة لأن يُكاثر بها الرسولُe الأممَ يوم القيامة، لأنها ليست سوى شرذمة قليلة من الناس. وإما أن يكون ابن تيمية وأتباعه على ضلال مبين، وشذوذ عن جماعة المسلمين، فعلينا أن نعترف بالحق الأبلج الذي لا محيد عن الاعتراف به، وهو أن جمهور الأمة بقى متمسكاً بسنَّة نبيِّهe، وأن ابن تيمية وأتباعه القدماء والمحدثين على ضلال مبين، وأن علماء الأمة ومشايخها وأولياءها هم أهل الحق، وأن اتباعهم هو المنجي عند الله تعالى يوم القيامة.

 وإني لم أقل على الرجل في هذا الكتاب سوى ما قال، ولم أحمل كلامه مالا يحتمله، وسيرى القارىءُ أن كل ما أضفتُ إليه فإنه هو نفسه مُصرَّح به بلا غموض، ولقد وجدتُ فيه أموراً استعظمتُ أن أخطَّها بقلمي أو أحملها إلى عِلْم أحدٍ من المسلمين. والله ولي التوفيق، والهادي إلى سواء الطريق».

 مِن هنا نعلم: أنَّ الشيخ "ابن تيمية" ليس سلفياً، ولم يكن على مذهب السلف مِن قريبٍ أوْ بعيد، بلْ تجنَّى على مذهب السلف، وحاول جر مذهب السلف القويم إلى مذهبهِ المنحرِف "مذهب المجسِّمة" الذي يبرأ منه السلف، ويتعوَّذونَ منه إلى يوم الدِّين!

------------------------

[1] "ابن تيمية الشيخ السلفي"، لمحمد خليل هراس.

[2] "ابن تيمية ليس سلفيًا"، الشيخ/ منصور محمد عويس، دار النهضة العربية،1970م.

[3] "فتاوى ابن تيمية" للعلاَّمة/ محمد بن أحمد مسكة بن العتيق اليعقوبي.

وسوم: العدد 802