الانسحاب الأميركي من سوريا سيدعم الوصفة السحرية الإيرانية لتدمير المنطقة

تتسارع الخطوات، وتتكاتف الظروف، والمحددات ربما لتعزيز الوجود الإيراني في المنطقة، حيث علت الصيحات صباح اليوم في وسائل الإعلام الإيراني على اختلاف أطيافها بالنصر "الإلهي" لإيران بعد هزيمة الولايات المتحدة الأميركية الماحقة- على حد تعبير العميد محمد حسين باقري- نتيجة انسحاب واشنطن العسكري المفاجئ من سوريا، وهم يجرون أذيال الخيبة، فقد عبروا عن فرحتهم الكبيرة بهذا الخروج مما اعتبره البعض نصرا فقال: إن النصر في سوريا لا يقل عن فرار أميركا من العراق في العام 2003، وقال غيره: إن هذا النصر المؤزر جاء نتيجة تضحيات الدولة الإيرانية وشعبها، والكلام طبعاً على عهدة المسئولين الإيرانيين.

 فما حدث سابقاً من تعزيز وتيرة المواجهة ضد إيران، جاء على مقياس متعدد الدرجات، مما فتح التحرّك الإقليمي والدولي مع سريان الوجبة الأولى والثانية من العقوبات الأميركية لإيران لتفتح الأبواب على مصراعيها وتطلق صفارة الإنذار لترهب طهران ومن شايعها وبشكل علني لا لبس فيه ولا تأويل معه، حيث تأتي الخطوات المتسارعة من خلال الهجوم الدبلوماسي بشكل مباشر بعد توجيه العديد من الإنذارات لدولة ولي الفقيه حتى توقف تدخلها الدموي في الشأن العربي، وبثها للفوضى مستهدفة تمزيق الوحدة الجغرافية والديموغرافية لسوريا والعراق واليمن ولبنان... والقائمة تطول. 

إيران وسياسة الأرض المحروقة

 نحن لسنا بحاجة للبحث والتنقيب لاستخراج الحجج والدلائل حتى نتمكن من إثبات مخططات طهران تجاه العالم العربي وكيف تنفث سمومها وأحقادها؟! وبالتالي فهي ليست بريئة من الدماء التي تسفك على جميع الأراضي العربية، ومن البلبلة والفتنة التي تثار في المنطقة بأكملها والعابرة للحدود، في محاولة مستمرة للنيل من استقرارها ووحدتها، وبالتالي هزيمة أي أمل لبناء مشروع عربي مقاوم لإيران وإسرائيل معاً.

 بكل تأكيد تتقاطع مصالح إيران مع المخطط الإسرائيلي الساعي لتدمير المنطقة شاء من شاء وأبى من أبى.

 نعم لدى طهران الاستعداد الكامل والجهازية التامّة لتدمير كل من يقف ضد المشروع الإيراني... فدولة ولي الفقيه تحارب الهوية العربية، وهي امتداد لتاريخ هذه الدولة منذ الدولة الصفوية، ولغاية كتابة هذه السطور، وهي سيرة حافلة بالقتل والإجرام، وارتكاب المجازر والتعدي على أصول الدين وتعاليمه الصحيحة.

نعم فحزب ولاية الفقيه هو الخنجر المسموم الذي يُعمل طعناً وتقطيعياً في ظهر الأمة وجسدها، لتشل حركتها وتثبط من عزيمتها، بحيث بات ينافس المشروع الإسرائيلي، لبناء مشروع إيران القادم ، وعنوانه " نحو دولة إقليمية عظمى بحلول 2030" والذي لا مكان فيه سوى للمشروع الإيراني والإسرائيلي، ولا وجود فيه لجغرافية موحّدة ومتماسكة لأي دولة عربية تنافسها، ولا تسمح بأي اتصال جغرافي وديموغرافي يجمع الدول العربية بعضها ببعض إلا الحروب المذهبية والطائفية، ولا صلة البتة تربط شعب البلد والكيان الواحد إلا الصراع والاقتتال والتناحر بفتح جبهات عديدة تحت مسميات مختلفة أبرزها مذهبية وطائفية وعرقية؛ وهو ما نجحت إيران في تحقيقه لغاية الآن في العراق ولبنان، وتجاهد في سبيل تطبيقه في سوريا واليمن والحبل على الجرار.

 القاعدة السياسية التي اشتهرت بها إيران والتي تسعى من خلالها لإسقاط الدول العربية الفاعلة التي تمثل مشاريع لقيادة الأمة صارت حقيقة بعد تدمير العراق وسوريا ...

 واليوم أوكلت هذه المهمة للحرس الثوري بقيادة قاسم سليماني قائد فيلق القدس لاستكمال المسيرة، وليطالب علانية بإسقاط نظام الحكم ... كيف لا وهي تطبّق أخطر نظرية سياسية عرفها التاريخ الحديث؟!، لتصبح إيران قائدة العالم الإسلامي بلا منازع.

 والحقيقة المرة أن نجم إيران قد علا وتألق شئنا أم أبينا، وباتت دولة ولي الفقيه تعيش ذروة علوها وقرصنتها، بعد أن نصّبت نفسها اليوم كشرطي على المنطقة لتنظيم القتل وتعهد الدمار من الألف إلى الياء، ولهدم أمن الدول العربية واستقرارها، بحجة أنها تدعم محور الممانعة، والشعوب المستضعفة.

 فطهران متهمة بالإصرار على التدخل في شؤون دول الجوار، وتأسيس منظمات طائفية، وكذلك متهمة بانتهاك سيادة الدول بحجة دعم الضعفاء في العراق ولبنان وسورية واليمن ودعم الجماعات الطائفية المسلحة، وأنه من الأجدر لها الانتباه لمشاكلها في الداخل، فالمعارضة الإيرانية في نهاية المطاف ستحقق مبتغاها في الإطاحة بالنظام الإيراني، كنتيجة طبيعة للحقيقة التاريخية القائلة: بأن جزاء إيران من جنس عملها.

 لا شك بأن صورة ولي الفقيه اليوم عند العالم العربي وشعوبه وحكوماته، أشبه بصورة هتلر الذي أمضى حياته في شن الحروب، وبث القتل والدمار، بحيث لا توجد دولة عربية إلا وعانت من ويلات إجرامه ومجازر وكلائه ومليشياته، بحجة الترويج للمذهبية والطائفية تحت غطاء ديني غيبي مبتذل ورخيص وأساليب مشوهة تخدم أعداء الإسلام بالدرجة الأولى، وكل ما ازدادت الفتاوى من جانب آيات الله العظام المنغمسين بالملذات والشهوات، كل ما ازداد وقود هذه الفتنة من المتطوعين في صفوف المرتزقة التي تعبئهم إيران بثقافة الثأر وقدسية الانتقام خدمة لطهران. ..

الممانعة على الطريقة الإيرانية

 تحتل إيران اليوم عن جدارة المرتبة الأولى بارتكاب أبشع المجازر بحق شعوب المنطقة كلها؛ ولا سيما في العراق وسوريا؛ وتعتبر الممول الأول لماكينة النظام السوري الإرهابية، الذي يعمل قتلاً وذبحاً بالمكون السني من شعبه، وهي المحرض الأساسي والساعي لنشر الإرهاب والتطرف في كل شبر من الأراضي السورية، وهي أكثر دولة مسؤولة عن الجرائم التي ترتكب ضد الشعب السوري ...

 كذلك فإن إيران تحتل العراق بشكل مباشر، وتأمر حكومته وجيشه ومليشياته ورجال دينه، وتموّل العمليات الإرهابية، وتشرف على تنفيذها لتعزيز مخطط تفتيت هذه الدولة، كيف لا؟!، وهي التي أسهمت في بناء الحرس الثوري العراقي القادم وكذلك مليشيا الحشد الشعبي الذي يقوم بذبح وتقتيل سنة العراق، والذي يعد أخطر تنظيم إرهابي أنشأته إيران في العراق.

 تسعى طهران جاهدة دون كلل أو ملل لتحويل ما يجري إلى تمرّد في عموم المنطقة، وإلى حراك مسلح عبر التصريحات النارية المتتالية التي يطلقها قادة إيران تباعاً بتوجيه من المرشد خامنئي، بهدف العبث في أمن واستقرار المنطقة، وزعزعة الأمن العربي برمته.

 وكذلك تسعى لزرع خلاياها النائمة في كل العالم العربي لتكون ذراعها الضارب الذي تتوسل به عندما تنتقل للخطة ب حسب تعبيرها للانتقام من الجميع.

 فإيران تدعم حزب الله، وتسعى لاستنساخ نماذج منه في العراق، البحرين، الكويت، اليمن... والهدف طبعاً ليس إرعاب وتهديد "العدو" «الإسرائيلي»، بل الشعوب والحكومات العربية.

 إيران تدعم المقاومة الفلسطينية والقضية الفلسطينية، كيف لا؟ وهي التي تدعم النظام السوري في ذبح فلسطيني مخيم اليرموك وحصارهم، وتهدد حماس بالويل والثبور، في حال خرجت عن الخط الذي افترضته طهران وأعلنت أن عليها أن تدفع الثمن أجلاً أم عاجلاً.

 من هذه المقارنات البسيطة نستنتج؛ أن كلمة إيران وممانعتها هي اختصار لمعان عديدة معبرة هي: الإرهاب، الهتلرية، هندسة الفوضى والخراب، الشريك الأساسي للتأمر على الأمة العربية والإسلامية... ونقول نعم لمواجهة الوصفة السحرية الإيرانية لتدمير المنطقة، ونعم لدعم لأطياف المعارضة الإيرانية؛ وخصوصاً الفاعلة على الأرض لخلخلة النظام الإيراني.

وسوم: العدد 804