إنذار من العتبة العسكرية لأبناء سامراء

أصدرت ما تسمى بالعتبة العسكرية المقدسة في سامراء إنذارا لأبناء المدينة وإن جاء بصيغة بيان، حاولت فيه التستر على جريمة ظلت ترتكبها على مدار سنوات الاحتلالين الإيراني- الأمريكي في مدينة سامراء بقطع الأرزاق وتقطيع أوصال المدينة وتحويلها إلى جزر لا يمكن التنقل بينها إلا بجوازات سفر وتأشيرات دخول وبذلت جهدها لإذلال سكانها، وحاولت في بيانها التحذيري غسل يديها الملوثتين بقطع أرزاق الآلاف بل ربما مئات الآلاف من أبناء المدينة العربية السنيّة، لا لشيء إلا لأنها مدينة سنيّة تأبى الخنوع أو الخضوع لغرباء لهم سحنات غير عربية ولكنة أعجمية حاقدة.

سامراء مدينة احتضنت المرقدين منذ مئات السنين فعاشت التسامح بكل تفاصيله ولم تعرف الفتن المذهبية التي تسعى العتبة لزرعها وإثارتها من أجل السيطرة عليها وتفريغها من أهلها بعد تنفيذ خطة تغيير ديموغرافي بغيض، فراحت هذه الهيئة المستحدثة بعد الاحتلال، لتزعم أنها تلقي بحبل نجاة ناعم للمدينة، لكن رأسه بان كرأس أفعى يحمل السم الزعاف، وبعد حديث حمله بيان العتبة وحمل وعودا غامضة من تلك السلطة الجائرة التي ما كان لها أن تُنّصب على رقاب عرب أباة لهم كرامتهم إلا بعد 2003، بعد أن ظل المعمّمون في أزقة وسراديب مظلمة لا يعرف لهم أحد صوتا ولا دورا، وبعد حديث جُبَلَ السم فيه بالسمن قدمته في بيانها التحذيري المذكور، ما كان لها أن تتقمص مثل هذا الدور إلا بعد أن منحهم بول بريمر تلك الوجاهة الفارغة، فاستطالوا وظنوا أنفسهم عمالقة وما دروَا أنهم يبقون كما يعرفون حقيقة أنفسهم، مهما ارتقوا من سلالم كارتونية أو وضعت السلطة الشيعية الحاكمة في بغداد بأمر إيران تحت يدهم من أدوات للتحكم برقاب الناس، بعد كل ذلك كشفت هذه العتبة عن وجهها الحقيقي، فراحت تهدد أبناء سامراء تحت عناوين الحرص عليهم، فقالت في بيانها الاستفزازي لكل من يقرأ ما وراء السطور وما بين الكلمات وبالحرف الواحد (وأما التصريحات الإعلامية المتشنجة لبعض المسؤولين في المحافظة فهي لا تصب في مصلحة المدينة سيما في الظرف الراهن، وأن تقدير حراجة الوضع الأمني وما يستلزمه من إجراءات إنما هو وظيفة الجهات الأمنية المتخصصة لكي لا نكون في معرض تكرار الأحداث السابقة).

ومن أجل وضع الأمور في نصابها لا بد من توجيه عدد من الأسئلة إلى ما تسمى بالعتبة:-

1 – لا أدري هل أن العتبة أدرى بمصالح سامراء أكثر من أبنائها أو من المسؤولين الإداريين فيها مع عدم التوافق معهم من قبلنا، ومتى وصلت الجرأة بمثل هؤلاء إلى مواجهة السلطات الإدارية، حتى ولو على مستوى الناحية لتصاب بغرور قوة مستوردة لن تستمر لها لأن الله سبحانه وتعالى قال “وتلك الأيام نداولها بين الناس” فهل ظن أولئك أن طغيانهم لن يزول، فكروا بغدٍ قبل أن لا ينفعكم ندم.

2 – هل تريد ما تسمى بالعتبة عودة الظرف الناشئ عن أحداث شباط 2006 المؤسفة والتي تأكد أن إيران هي التي فجرت القبة الذهبية في سامراء؟ وإلا ماذا تعني بقولها (لا تصب في مصلحة المدينة سيما في الظرف الراهن)؟ هل تقتبس الدور الإيراني وتنوب عنها عبر المليشيات المرتبطة بها لإدخال سامراء في نفق مظلم جديد؟

3 – لم أكن أعرف أن هذه اللجنة هي مجلس أمن قومي له من الدراية والمعرفة والمقدرة بمثل هذه الموضوعات بحيث تتمكن من رسم السياسات الأمنية لغيرها على هذا النحو الناجح؟ حتى قرأت بيانها الانذاري أو التحذيري لأبناء سامراء.

4 – أبناء سامراء لا يستجدون من أحد حقا فحقوقهم ثابتة ولن تسقط بالتقادم مهما تعسفت الحكومة الشيعية أو العتبة، فأولئك المتسلطون على سامراء الآن هم سقط المتاع أشحة على الخير من أتباع الفرس، لسامراء حق لا ينازعها فيه غريب متجنس أو مستوطن لئيم جاء إليها لينتقم لنفسه من ذل طويل نهش عقله وقلبه وبدنه فلم يجد غير جبل شامخ فراح يناطحه ولكن الجبل جبل وأوهى قرنه الوعل.

إن أبناء سامراء يطالبون بحق ثابت دينيا وقانونيا وسينتزعونه من غاصبيه مهما طال الزمن حتى يأخذوه عن يد غاصبه وهي صاغرة، وسيطهرون مدينتهم من كل الطارئين عليها.

لهذا كله فالعتبة مدعوة أن تعرف حجمها الحقيقي ولا تتمدد على غير فراشها وأن تحترم عقول الناس الأذكياء ولا تفكر بأنهم قاصرون فكريا مثلها لأنها قاصرة حقا وتعتقد أن الوسط الذي تعمل فيه هم بنفس مستواها من الإدراك، ولا يغرّها أن بعض ضعاف النفوس الذين يجرون وراءها ويصفقون لها أنهم ضمير سامراء، هم لا يمثلون سامراء حقا، لأن من يمثل سامراء هم من يشعر أنه امتداد لغضبة المعتصم عندما استجاب لعربية ندبته في عمورية فقال لها لبيك لآتينهم بجيش بدايته في عمورية وآخره في سرّ من رأى.

وحتى من شعر أن السيف قد سقط من يده في غفلة من الزمن فإنها كبوة جواد لا بد أن ينهض بعدها وحينها سيعرف المعممون أي منقلب ينقلبون.

وسوم: العدد 806