توتر العلاقة بين إيران وروسيا في سوريا

في الأخبار السورية أن اشتباكات وقعت مرة بين قوات إيرانية وقوات روسية _ سورية ، ومرة ثانية بين الفرقة السورية الرابعة الموالية لإيران وقوات سهيل  النمر الموالية لروسيا . اشتباكات المرة الثانية تلقي تساؤلا حول سيطرة  قيادة الجيش العربي السوري  على فرق جيشها ، والاشتباكات كلها تلقي تساؤلا حول العلاقة الروسية الإيرانية في سوريا وفي المنطقة . المقدر أن إيران وروسيا تدخلتا عسكريا في سوريا لإنقاذها دولة ووطنا ، ولا ينفي هذا أن لكل دولة منهما مصالحها الخاصة ، وهو أمر مشروع ، فلا أحد بلا مصالح خاصة فردا أو جماعة أو دولة . وتدخل البلدين في سوريا كان من الطبيعي أن يفرض عليهما حدا عاليا من التنسيق والتعاون عسكريا وسياسيا ما داما يحاربان من أجل قضية واحدة . وسارت الأمور هكذا طوال سني تدخلهما التي سبقت فيها إيران روسيا التي بدأ تدخلها العسكري المباشر في سبتمبر 2015 ، وشابت علاقتهما إشكالات بدت معقولة مقبولة ، وإيران بطبعها ذات حكمة ونفس طويل يجنحان بها إلى الصبر والتروي في المواقف ، وروسيا قريبة منها في هذا الطبع . فما مسوغ وصول العلاقة بينهما الآن إلى هذا الحد من السوء ؟! للسوء الحالي خلفية هي استياء إيران من التنسيق العسكري في سوريا بين روسيا وإسرائيل لما أدى إليه من إطلاق يد الأخيرة في العدوان على سوريا وعلى القوات الإيرانية فيها ، وهو تنسيق ينافي فعلا الهدف المشترك لإيران وروسيا في سوريا الذي هو إنقاذها دولة ووطنا . وانتابت إيران رِيَب في أن روسيا توفر لإسرائيل معلومات حول تواجد القوات الإيرانية وتحركاتها وتسليحها في سوريا ، ومن المشروع أن نتوقف هنا عند ما نقله الإعلام العبري عن المخابرا ت الإسرائيلية بأنها كانت تعلم بنية إيران إطلاق صاروخ جو _ أرض على إسرائيل أسقطته القبة الحديدية شمال الجولان في الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على سوريا . كيف علمت المخابرات الإسرائيلية باتخاذ إيران الفوري لقرار إطلاق الصاروخ ؟! الريب تحوم حول روسيا . وهناك أسباب أخرى للخلاف بين الطرفين ، أبينها : أن إيران تشعر بأن روسيا تريد حرمانها من كعكة إعادة الإعمار في سوريا ، وأن روسيا شعرت بعد قرار الانسحاب الأميركي ، وهو على كل حال يشوبه حتى الآن الكثير من شوائب الترد ، بأنها يمكن أن تنفرد بالشأن السوري . وأخطر أسباب الخلاف الإيراني الروسي هو المؤثر الإسرائيلي . فإسرائيل بعد تيقنها من أن إيران أصلب وأعند من أن تترك سوريا عسكريا وسياسيا رغم ما تعرضت له قواتها فيها من ضربات إسرائيلية ؛ رأت أنه ليس أمامها سوى اللجوء إلى روسيا للاستعانة بها في إنجاز  هذا الهدف ، ولها وسائلها في التأثير عليها. وروسيا قبل هذه الوسائل ليست معادية لإسرائيل ولا منافسة لها ، وترى أن حسن علاقتها بها مفيد لها في تجنب التشدد الأميركي والأوروبي الغربي نحوها ،وليهود أميركا وأوروبا الغربية دورمهم في هذا ،  وهي ، روسيا ، مهتمة بوضعية أكثر من مليون إسرائيلي هاجروا إلى إسرائيل من الاتحاد السوفيتي السابق ، ونستعيد قول بوتين لشارون : " ساعدني على تكوين لوبي روسي عندكم ! " ، والأسبوع المنصرم قال سيرجي ريافكوف نائب وزير الخارجية الروسي : " أمن إسرائيل أولوية لروسيا " ، كلام حازم جازم لا يختلف عن قول أي مسئول أميركي ، وأردف في نفس السياق : " روسيا ليست حليفا لإيران في سوريا " . تفعيل المؤثر الإسرائيلي على روسيا لدفعها إلى إبعاد إيران عن سوريا مهما كان شدته لا نحسبه سينجح كثيرا ، وسيحرك قوى في سوريا وفي المنطقة للدفاع عن الوجود الإيراني في الساحة السورية ، وحزب الله في صدارة هذه القوى ، والدولة السورية ذاتها لا يمكن أن تتنكر لدور إيران الكبير في إنقاذها ، ولدور حزب الله حليف الطرفين ، وعلى كل قوى المقاومة في المنطقة أن تضعف فاعلية المؤثر الإسرائيلي على روسيا  ، وقد أفشلت هذه القوى حتى الآن كل مشاريع إسرائيل الإجرامية في سوريا ، وبقي عليها أن توصل الأمور إلى منتهاها المستهدف  الذي ضحت بالدماء الغزيرة الغالية من أجله ، وهو تحرير الأرض السورية من كل الأعداء ، وإنقاذ الدولة السورية والوطن السوري .

وسوم: العدد 810