وحدتنا الترابية خط أحمر لا يسمح لا لأشقاء ولا لأصدقاء ولا لخصوم ولا لأعداء يتخطيه

تحدثت مؤخرا أنباء عن محاولة إساءة إلى وطننا من طرف بلد أو بلدين  كنا نعدهما من البلدان الشقيقة في الخليج العربي من خلال مساس إعلامي  متهور بوحدتنا الترابية المقدسة . ومعلوم أن المغرب يعتبر قضية وحدته الترابية خطا أحمر لا يسمح بتخطيه مهما كانت الجهة التي تحاول ذلك ، ولا يتساهل في ذلك لا مع أشقاء، ولا مع أصدقاء، ولا مع خصوم، ولا مع أعداء .

ومعلوم أن أرضنا بكل شبر فيها قد سقتها دماء الشهداء عبر التاريخ حيث سالت تلك الدماء من أجل نشر دعوة الإسلام في ربوع هذا الوطن ، وظلت تسيل كلما فكر الغزاة الطامعون في احتلال  تلك الربوع  قديما وحديثا . وما استكمل المغرب وحدته الترابية بعد احتلال بغيض غربي فرنسي وإسباني إلا بتضحيات جسام ودماء سالت جداول بل وديانا . وما كاد المغرب يسترد سيادته المسلوبة على ربوعه في الجنوب حتى كان ضحية الصراع الإيديولوجي والحرب الباردة بين المعسكرين الغربي والشرقي حيث كان التنافس على أشده بينهما من أجل بسط نفوذهما على المعمور لتسويق إيديولوجيتهما واستغلال خيرات الشعوب لصنع رفاهيتهما على حسابها . وفي غمرة هذا الصراع المحتد ركب المعسكر الشرقي ظهر النظام الجزائري الذي كان مستلبا بإيديولوجيته للنيل من وحدتنا الترابية عن طريق احتجاز مواطنينا في أكبر معتقل رهيب في العالم  بمنطقة تندوف ، وجيّش بعض المغرر بهم من أبنائنا بعد إطماعهم في تكوين كيان وهمي  عاق منفصل عن وطنهم الأم ، واستعان على ذلك بفلول المرتزقة من  بعض البلدان التي كانت تدور في فلك المعسكر الشرقي لجر المغرب إلى حرب استنزاف .

وبالرغم من انهيار المعسكر الشرقي وتفكك أوصال ما كان يسمى الاتحاد السوفياتي ، فقد ظل النظام الجزائري يرتزق بقضية وحدتنا الترابية ، ويتسول بها بين دول العالم كما يتسول القرّاد بقرده طامعا في واجهة بحرية على المحيط الأطلسي . ولم يفوت هذا النظام فرصة في محفل من المحافل الدولية إلا وأثار موضوع قضية المساس بوحدتنا الترابية، مستعملا كل طرق وأساليب الكيد والمكر والتضليل بما فيها إهدار ثروات الشعب الجزائري الشقيق  وتجويعه لشراء ذمم دول وضمها إلى صفه للنيل من وحدتنا الترابية .

وكان المغرب على الدوام لا ينتظر من خصوم وحدته الترابية تراجعا عن مواقفهم ،ولكنه لم يخطر أبدا  بباله أن أنظمة  يعتبرها شقيقة  ستغير من موقفها تجاه وحدته الترابية ، وتسمح بالمساس بها عن طريق برامج إعلامية متهورة .

 ولا شك أن تريث المغرب لحد الساعة قبل الإعلان عن ردة فعله الصارمة  تجاه هذه الإساءة إلى وحدتنا الترابية إنما هو  الحرص على علاقة الأخوة مع الجهات التي صدرت عنها تلك الإساءة . وإذا ما تبينت جدية تلك الإساءة، واتضح الإصرار عليها ، فلن يتوانى بلدنا في الرد على ذلك بكل حزم ، وستندم تلك الجهات الندم الشديد كما ندم كل خصوم وحدتنا الترابية ولات حين مندم .

ولا شك أن المنحى السياسي الخطير الذي باتت تنهجه بعض دول الخليج، وهو ما فكك مجلس تعاونها، وبث بين أعضائه الفرقة هو السر وراء سلوكات شاذة وماسة بسمعة تلك الدول سواء تعلق الأمر بملف حقوق الإنسان فيها  أو بتسعير الحروب في بعض دول الوطن العربي أو بالهرولة للتطبيع مع الكيان الصهيوني المحتل على حساب القضية الفلسطينية ،وهي قضية  الأمة العربية والإسلامية المحورية.

ولقد نأى المغرب بنفسه عن الصراع الداخلي لدول مجلس التعاون الخليجي ملتزما  في ذلك الحياد التام مراعيا التزامته الأخوية معها جميعها دون تمييز بينها  ، وسعى سعيا حثيثا لرأب الصدع بينها ، ولم يدخر في ذلك جهدا إلا أن حرص  وتصميم بعض تلك الدول على فصم عروة الأخوة العربية جعلها تصر على نهج سياسة تصدير خلافاتها إلى الدول الشقيقة وفرضها عليها بشكل أو بىخر ليتسع رتق فتق تلك الخلافات بتوريطها فيها مع التلويح بالمساس بمن يرفض الانسياق نحو تلك السياسة  الخاطئة .

ولا شك أن موقف الحياد الذي نهجه وينهجه المغرب  بخصوص الخلاف الدائر بين دول الخليج هو الذي جعل بعضها يتجرأ على المساس بوحدتنا الترابية مسيئا إلى علاقة الأخوة عمدا وعن سبق إصرار على ما يبدو .

ولقد كان المغرب يتوقع من الأشقاء في الخليج أن يساندوا ترشحه لاستضافة المونديال إلا أنهم خيبوا ظنه فيهم ، ومع ذلك تجاوز موضوع الترشح للمونديال بالرغم مما فيه من إساءة إلى علاقة الأخوية ، ولكنه لن يسمح أبدا بتخطي الخط الأحمر حين يتعلق الأمر بوحدته الترابية المقدسة .

وعلى الذين أرادوا استهداف وحدتنا الترابية في الخليج أن يعودوا إلى صوابهم ورشدهم قبل فوات الأوان واستحكام الخصام وإلا فلن يقف المغرب مكتوف اليدين ، ولا يغرن من يستهدف وحدته الترابية تريثه في اتخاذ القرار الصارم حفاظا على أواصر الأخوة .

وفي الأخير نختم بمرارة وحسرة  ببيت الشاعر الجاهلي طرف بن العبد :

وتكفينا  مضاضة ظلم الأشقاء الجيران القرابى عن مضاضة ظلم الأشقاء البعدان.

وسوم: العدد 811