يتعين على الغرب تجريم ما يسميه الإسلامفوبيا وإلا فمن حق المسلمين استعمال اليهودفوبيا والصليبفوبيا

بالرغم من أن عداء  المتعصبين من اليهود والصليبيين للمسلمين حقيقة تاريخية  لا ينكرها إلا جاحد أو معاند ، وقد أكدها القرآن الكريم في قوله تعالى : (( لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا)) وهذه الآية تصرح باسم اليهود مباشرة ، وتشير بطريقة غير مباشرة إلى فريق من النصارى الصليبيين  الذين يشركون مع الله عز وجل في ألوهيته  المسيح عليه السلام  ويزعمون أنه صلب ، وهو شرك لا يختلف عن أنواع الشرك الأخرى إن لم نقل بأنه أقبحها  على الإطلاق ، فإن كثيرا من المسلمين  إما يغفلون أو يتغافلون عن هذه العداوة الجلية التي كانت ولا زالت، وستبقى ما بقي من عمر الحياة فوق هذا المعمور ، ولن تزول أبدا كما شهد القرآن الكريم بذلك ، وإن ادعى البعض زوالها ، وفي هذا الادعاء ما يكذب الوحي الذي شهد بها واستثنى منها  بعض النصارى غير الصليبيين والأقرب مودة للمسلمين، وذكر بعض صفاتهم التي تشهد لهم بتلك المودة في قوله تعالى : (( ولتجدن  أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك أن منهم قسيسين ورهبانا  وأنهم لا يستكبرون وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين )) . فمن صفات النصارى الأقرب مودة للذين آمنوا أنهم لا يستكبرون وإذا سمعوا القرآن الكريم بكوا معترفين بما فيه من حق ، ويصدقونه ، ويسألون الله عز وجل أن يكتبهم مع المؤمنين. وقد جاء في كتب التفسير  أنهم من بقايا المؤمنين بالمسيح عليه السلام رسولا وعبدا لله عز وجل دون تأليهه أوهم نفر من نصارى الحبشة  وقيل المقصود هو النجاشي . ولما كانت العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فكل نصراني ولا نقول صليبي  إلى قيام الساعة  أقر بأن ما جاء في القرآن حق ، ومما جاء فيه أن المسيح عليه السلام عبد الله ورسوله ، وأنه لم يصلب، شمله وصف الأقرب مودة من الذين آمنوا ، وما دون ذلك لا يمكن إلا أن يكون عدوا لهم .

 ولا بد من الإشارة إلى أن الله تعالى لم يستثن من اليهود ما استثنى من النصارى لأن اليهود مستكبرون ، وينكرون ما جاء في القرآن الكريم  من حق  ولا يصدقونه ، ومما جاء فيه ذكر تحريفهم للتوراة، وهي حقيقة ينكرونها ، ولا يؤمنون بما يؤمن به المسلمون ،ولا يتمنون أن يكونوا مثلهم لأنهم يكرهونهم ، ولأنهم لاستكبارهم يعتبرون أنفسهم خيرا منهم ، وأن الحق ما هم عليه ، وأن المسلمين على باطل ، ومن شدة كراهيتهم لهم يستبيحون أرواحهم ودماءهم وأعراضهم وأموالهم وأرضهم كما كان الحال في الماضي ، وكما هو الحال  البوم في أرض  فلسطين التي احتلوها وطردوا منها أهلها ، وقتلوا منهم من قتلوا وسجنوا من سجنوا ، وحاصروا من حاصروا  وصادروا ما صادروا ، ودنسوا من المقدسات الإسلامية ما دنسوا ،وكل ذلك شاهد على شدة عداوتهم للذين آمنوا كما جاء في كتاب الله عز وجل ، وهو كتاب لا يأتيه باطل من بين يديه ولا من خلفه .

ومن شدة عداوة اليهود والصليبيين للذين آمنوا نشأت لدى المسلمين عقدة الخوف من عداوتهم ، وهو ما يبرر اسنعمالهم  إن شاءوا لليهوفوبيا والصليبفوبيا على غرار استعمال اليهود والصليبيين لكلمة إسلامفوبيا .

ومعلوم أن الفوبيا هي عقدة خوف تنشأ لدى مجموعة بشرية ، فإذا ما نسبت إلى دين أو عقيدة أو إيديولوجيا، فإن من يستعملها يستهدف المنسوب إليها سواء كان محقا في ذلك أم كان مفتريا وكاذبا  كما هو الشأن بالنسبة للإسلام دين السلام.

ونسبة الفوبيا للإسلام محض افتراء وبهتان لا أساس له من الصحة ، وإنما هو من كيد ومكر اليهود الذين احتلوا بمساعدة الصليبيين أرض فلسطين وغيرها من الأراضي العربية المجاورة في حروب عدوانية ، وذلك للطعن  في المقاومة  الفلسطينية بكل فصائلها خصوصا الإسلامية  منا ، والتي تقاتل من أجل تحرير فلسطين ووصفها بالإرهاب والإجرام لخلق فوبيا لدى المستوطنين اليهود  من الإسلام ، ولتضليل الرأي العام خصوصا الغربي وإقناعه بأن الإسلام هو بالفعل دين إرهاب وعنف وسفك للدماء وكراهية  مستغلين بعض الجرائم التي ترتكبها بعض العصابات الإجرامية باسمه ، وهي عصابات قد تأكد أن المخابرات الغربية ذات المصالح في منطقة الشرق الوسط قد صنعتها لتبرر تدخلها السافر والعدواني في المنطقة  بذريعة محاربة تلك العصابات ،وفي نفس الوقت لتشويه دين الإسلام  عن طريق نسبة ما ترتكبه تلك العصابات المأجورة  من قبلها من جرائم له زورا وبهتانا، وهو منها براء براءة الذئب من دم نبي الله يوسف عليه السلام . و لقد كانت تلك الجرائم هي السبب في ترويج ما يسميه الغرب إسلامفوبيا .

وإذا كانت جرائم العصابات الإجرامية التي تدعي الانتساب إلى الإسلام  ذريعة لغزو دول غربية لدول عربية وإسلامية ، فإن ما يسمى بالإسلامفوبيا أصبح ذريعة لليهود والصليبيين الحاقدين لقتل المسلمين . ومعلوم أن  الترويج الإعلامي الغربي  للإسلامفوبيا يقف وراء كل ما يتعرض له المسلمون خصوصا في المجتمعات الغربية من اعتداء ومضايقات بشتى الطرق والأساليب ، وآخر شاهد على ذلك مجزرة مسجدي نيوزيلاندا التي ارتكبها صليبي حاقد  لم يخف صليبيته بل أعلنها كتابة ومشافهة  ، ولا زال مصرا  على ذلك حتى وهو رهن الاعتقال.  ومع ثبوت صليبيته بما لا يدع مجالا للشك ، فإن المجتمعات الغربية لا تستعمل لفظة صليبفوبيا كما تستعمل لفظة إسلامفوبيا  بل يستعملون عبارة يمين متطرف ، وما اليمين المتطرف  في حقيقته سوى الصليبية الحاقدة على الإسلام والمسلمين والموجودة في كل المجتمعات الغربية دون استثناء ، والتي يخرج أنصارها بين الحين والآخر يعبرون عن عنصريتهم الصليبية وليس العرقية فقط ،علما بأن الصليبية تجمع أعراقا مختلفة .

ويرتكب اليهود  مستوطنون ،وجيش ،وشرطة ،ومخابرات يوميا  أبشع الجرائم في حق المسلمين بأرض فلسطين ، ولا يستعمل الغرب لفظة يهوفوبيا مع أن ضحايا إرهاب اليهود في فلسطين يعانون من فوبيا حقيقية كما يعاني المسلمون في بلاد الغرب من صليبفوبيا حقيقية  .

 ومقابل السكوت الشيطاني للغرب عن جرائم اليهود اليومية في فلسطين ، فإنهم  يجرمون ما يسمونه معاداة السامية ، وقد ألحقوا مؤخرا بتجريمها تجريم  معاداة الصهيونية أيضا ، وكأن اليهود من حقهم معاداة المسلمين دون أن يدانوا بسبب ذلك أو يجرموا .

وأخيرا نقول يتعين على الغرب أن يدين ويجرم استعمال لفظة إسلامفوبيا ، وقد افتضحت باستعمالها ذريعة للاعتداء على المسلمين ، وإلا فمن حق المسلمين استعمال لفظتي يهوفوبيا وصليبفوبيا ، وهما حقيقة وواقعا معيشا تشهد عليهما  وقائع  ، بينما لفظة إسلامفوبيا  محض فرية لا أساس لها من الصحة ، ومكر مكره اليهود والصليبيون  لتبرير عدوانهم على المسلمين .

 فهل سيجرم الغرب استعمال إسلامفوبيا أم أنه سيصر على الإساءة إلى الإسلام والمسلمين مع أنهم هم الضحايا وأن الجلادين يهود وصليبيون ؟  

وسوم: العدد 818