روحاني يطالب بمزيد من الصلاحيات استعداداً للحرب، والشعب يقول: كفاكم كذباً

دعا الرئيس الإيراني "حسن روحاني" إلى تطبيق المادة 59 من الدستور لإجراء استفتاء، بغية التمكن _في ظل الظروف الحالية_ من أن يحلّ الجمود ويفتح الطريق المسدود في إيران، فتصريحات "روحاني" جاءت في أثناء لقائه مع وسائل الإعلام المحلية داعياً مرة أخرى للحصول على مزيد من السلطة والصلاحيات بصفته رئيس الجمهورية، ومطالباً بصلاحيات قيادية في حال نشوب الحرب، وأضاف "روحاني" مرة أخرى: إن المرشد الأعلى قبل بأن يكون قائداً للحرب، يفتقد للصلاحيات القيادية، ولا يتمتع بسلطة القيادة. ولم يذكر "روحاني" تفاصيل الصلاحيات التي يريدها.

المادة 134 من الدستور في جهاز الدولة تمنح الرئيس حق وضع البرامج والخطط؛ فالرئيس هو الذي يضع جدول الأعمال والبرامج وذلك باستشارة الوزراء الذين عُينوا لهذا الهدف في الأصل، فمشكلة الدولة حسب تعبير روحاني تكمن في الصلاحيات الممنوحة لرئيس الحكومة، وذلك إذا تمّ تنفيذ الدستور، فإن الحكومة لديها صلاحيات دستورية كافية. لكن يبدو أن لهجته هذه المرة تطغى عليها الحدة، ويُستنتج من نبرة كلامه أنّ الضغوط عليه أصبحت أكبر، هذا إلى جانب مطالبته بإجراء استفتاء على البرنامج النووي، والذي وصفه بأنه مفتاح حلٍ للقضية، داعياً إلى تطبيق المادة 59 من الدستور لإجراء استفتاء، ولإخراج إيران من الطريق المسدود.

روحاني أفصح عن فحوى اللقاء الذي جمعه مع المرشد خامنئي، فاستعراض خلاله أهمية منح صلاحيات موسعة للحكومة، وأضاف بأنه قال للمرشد: " في ثماني سنوات من الحرب، جمعنا جميع سلطات البلاد في مجلس واحد. وكانت جميع الصلاحيات بيد المجلس الأعلى الذي كان يدعم الحرب. وكان بإمكان المجلس الأعلى إصلاح الدستور وتعديله، وإنفاذ القوانين، وكان بإمكانه إصدار الأوامر. وكانت الصلاحيات كلها بيد هذا المجلس، ونحن في الظروف الحالية نحتاج إلى آلية أكثر مرونة للتعامل مع الوضع الحالي، ولهذا السبب قلت بوضوح للقيادة ومنذ اليوم الأول لإقرار العقوبات: إن البلاد اليوم تحتاج إلى القيادة، اليوم نحن في حالة حرب وهذا الأمر يحتاج إلى القيادة، وقلت لقائد الثورة أن أفضل قائد لنا هو أنت، ونحن جميعًا مطيعون لك، فعليكم تولي القيادة. ولكنه لم يقبل بذلك وقال لا.

يمكننا تصنيف كلام "روحاني" كردة فعل ناشئة على تصريحات عدد من الشخصيات التي هاجمت "روحاني"، ومحاولة توصيفه بالرئيس الإيراني الأسبق "بني الصدر"، وإن أولئك الذين يريدون المزيد من الصلاحيات يريدون الهروب من البلاد كما فعل "الصدر" ولبس لباس امرأة وزين نفسه. ويمكن أن يكون كلام "روحاني" ردّ فعل على كلام المرشد "خامنئي" الذي صرّح به أمام جمعٍ من الطلاب وتنصّل فيه من تدخله في توقيع الاتفاق النووي، وحمّل المسؤولية كلها للحكومة.

المؤكد أن أهم دافع لحديث "روحاني" هذا؛ هو أنه المسؤول في نهاية المطاف عن تنفيذ قوانين البلاد، وهو يعلم جيدًا وأكثر من أي شخص آخر أن إيران وصلت إلى طريق مسدود، وأن الدولة برمتها معرّضة للإنهيار إذا لم يكن هناك وسيلة للخروج من هذه الأزمة.

إن ما قاله "روحاني" يعكس حالة الانقسام العميق، فهو مجرّد من الصلاحيات، لأن المؤسسات في إيران تنقسم إلى جزأين محدّدين: تعيين وانتخاب، فالمؤسسات المعينة مثل المرشد لديه كل القدرة وهو يمتلك كلّ السلطة، كما أنه عند الضرورة لا يلتزم بالقانون، ويتجاوز القانون ولا يخضع للمساءلة بأي شكل من الأشكال. أما الجزء الانتخابي الذي يمثله "روحاني" فصلاحياته محدودة، وقدرته محدودة، في النهاية ما يقوله "روحاني" هو صحيح، لأن صلاحيات السلطة التنفيذية ليست بيده، بل هو الشخص الثاني في هذه السلطة، مع أنّه أحرز 24 مليون صوتا، لكننا لسنا متأكدين  من أن "روحاني" يريد القيام ببعض الأعمال الإصلاحية وإجراء بعض التغييرات ويتحجج بأنه ليس لديه الصلاحيات للقيام بذلك. فالحقيقة المرّة هي أن "روحاني" لم يحقق المطالب الرئيسة لـ 24 مليون ناخب من الذين صوتوا لصالحه قبل عامين وتجاهل مطالبهم. لذا لن نعرف بالضبط ما الذي يريد أن يفعله حتى يطلب تلك الصلاحيات؟! وما هي القرارات التي يريد أن يتخذها في حالة منحه للصلاحيات؟! وما هي السياسات التي سيتبعها؟

لقد كان حديثه مبهما عندما قال أنا لا أملك السلطة ولا أملك الصلاحيات ولا أعتقد أن أحدًا قد فهم ما يريده "روحاني".

أما عن موضوع مطالبة روحاني بالاستفتاء على الإتفاق النووي، فقد أثار هذا التصريح زوبعة؛ حيث ضجت به وسائل الإعلام، ووسائل التواصل الاجتماعي، وتساءلوا هل الهدف منه إجراء استفتاء حول المفاوضات الأمريكية، أم أن روحاني يريد بطريقة ما وضع الكرة في ملعب الشعب؟ وأضافوا أن طلاب الصف الأول الابتدائي سيقول لك أيضًا أن 24 مليون شخص صوتوا لصالح "روحاني" وأنه ليس لديهم عداء مع الولايات المتحدة، وأنهم ضدّ وجود إيران في سوريا، ويعارضون العديد من السياسات التي يتم تنفيذها في إيران. ولا يحتاج الأمر إلى إجراء استفتاء، نحن لا نحتاج إلى إجراء استفتاء. إذا أراد الـ 24 مليونًا استمرار العداء للولايات المتحدة، واستمرار تصدير الثورة الإسلامية واستمرار إطلاق شعارات الموت لأميركا وبريطانيا وإسرائيل لصوتوا للمرشح المناوئ لروحاني "إبراهيم رئيسي"، إذن لماذا منحوا أصواتهم "لروحاني"، "روحاني" ليس بحاجة إلى إجراء استفتاء، بل يجب عليك إجراء مسح بسيط للشعب الإيراني، ومعرفة ما إذا كان 80٪ من الشعب الإيراني سيخبرك بأنه لا يريد العداء مع الأمريكيين، نحن منذ أربعين عاما نعادي الولايات المتحدة لقد تعبنا من ذلك. وكم يجب أن ندفع ثمن عدائنا للولايات المتحدة وللغرب، والشعب الإيراني يموت جوعاً وقياداته تتنعم بخيرات البلاد والعباد...

فكفاكم كذباً...

وسوم: العدد 826