إدلب / تحليل

العلاقة بين روسيا وتركيا وصلت الى مرحلة التحدي على ملف ادلب، فالاتراك لم يعجبهم تقدم مليشيات الاسد وخرق الروس لاتفاق خفض التصعيد، كما ان الروس لايعجبهم الوضع في ادلب، وهذه كانت نتيجة متوقعة لملفي ادلب وريف حلب الشمالي، فهذه المناطق ليست كشرق الفرات حيث قامت امريكا بقتل 200 عسكري روسي ومرتزق وايراني حاولوا التقدم لجس النبض الامريكي. فالامريكان قدموا الدعم الكامل لحماية مليشياتهم ، وهذا جعل روسيا تفكر مليا وتتراجع عن محاولة الدخول عسكريا في الوقت الراهن، واختيار ملف التفاوض مع قسد، فبوجود امريكا لاتستطيع روسيا الدخول وستبقى مليشيات الاسد محرومة من النفط، بل وتشتريه، فروسيا لا تفهم الا بمنطق القوة. 

اما ادلب وعفرين فمن الواضح من التصريحات والتحركات الروسية انها تريد من تركيا اعادة هذه المناطق لمليشيات الاسد عاجلا ام اجلا، بل وتريد من تركيا اعادة العلاقات مع مليشيات الاسد، فروسيا تريد تحويل اتفاق سوتشي الى اتفاق اضنة، ليكون الوجود التركي في الشمال السوري محكوما بتلك الاتفاقية التي وقعت بين مليشيات الاسد وتركيا في التسعينيات. 

وتركيا امام خيارات متعددة وهي، اما الدعم الكامل للمعارضة الان، كجزء مما تفعل روسيا مع مليشيات الاسد، واما دعم المعارضة الكامل ان تقدمت القوات الروسية لما بعد خطوط حمراء (خارج المنطقة منزوعة السلاح)، وبالتالي الدعم في حال وجود خطر حقيقي على امن تركيا القومي من موجات النازحين للسوريين، واما الرضوخ للمطالب الروسية بتسليم المناطق التي تريدها روسيا، لكن تعلم تركيا ان هذه المطالب الروسية لن تتوقف، لانها تمشي باتجاه هدف وهو اعتراف الاتراك بالاسد، ولهدف اخر وهو تشويه صورة تركيا لدى السوريين. فالروس يحركون خلاياهم هنا وهناك، وبمساعدة من دول خليجية لهذه الغاية. 

نحن الان في وقت لايستبعد فيه ان تسوء العلاقات اكثر بين روسيا وتركيا، فنحن نشاهد على الارض ان روسيا تضغط على مليشيات الاسد لاستخدام اقصى قوة ممكنة، فكفرنبودة تحولت الى مسرحا لاستعراض القوة، وتحب روسيا هذا النوع من المعارك والذي يمكنها من جذب الثوار الى منطقة سهلية مكشوفة عوضا عن البحث عنهم. 

ايضا، نستطيع القول ان استخدام السلاح الكيماوي من قبل مليشيات الاسد للسيطرة على كبينة، وارسال المقاتلين في مهام شبه انتحارية، خاصة من عبيد المصالحات، ليعودوا كل يوم بعشرات التوابيت من كبانة، يظهر ان أمر السيطرة على كبانة لم يصدر في دمشق ولا في طهران وانما في حميميم، فروسيا من تريد كبانة وليس مليشيات الاسد، لأنها بوابة جسر الشغور والتي تريدها روسيا على مايبدو. ورصدنا مؤخرا ازدياد معدلات مشاركة قوات روسية ومرتزقة روس في محاور كبانة والغاب.

بالنسبة للثوار، فهناك عدة امور مهمة، يتوجب عليهم التفكير بها "الآن": 

اولا: المنطقة التي تقدمت اليها مليشيات الاسد هي منطقة ليست ذات اهمية جغرافية، وبالتالي لايتوجب ان يقع الثوار في هذا الفخ وهو الذهاب لمكان مكشوف لقتال العدو. ناهيك عن ادخال سلاح ثقيل الى تلك الجبهة، هذا اسلوب مكلف جدا وتم تجريبه وفشل سابقا في اماكن عديدة لايسعنا ذكرها الان.

ثانيا: القصف الجوي يقابله السرعة ثم السرعة ثم السرعة، وعدم السيطرة على الارض بل الاغارات، فالبقاء في نفس المكان، هو دعوة مجانية للطيران للضرب. 

ثالثا: البحث عاجلا عن حلول للتعامل مع طيران الاستطلاع والطيران الحربي.

الوضع هنا في الشمال، ولو مكثنا شهورا وسنوات، سيتبدل، والناس ستتبدل، وهذه ليست ارادة ومكر بشري كما يتوقع البعض، بل ارادة ومكر إلهي، والله اعلم، لأننا لم نجد في علوم الاسباب مايفسر الكثير من الاشياء والظواهر. 

وسوم: العدد 826