إحراق محاصيل السوريين، أي شيطان رجيم !؟

موقفنا:

لا شيء تم في هذا العالم بالصدفة . ولا شيء يجري على الأرض السورية بالصدفة . فلم يقصف المدنيون بالصدفة ، ولم تدمر المساجد والمدارس والمستشفيات والأسواق الشعبية بالصدفة . وكذا لم تحترق محاصيل القمح في منطقة بعد منطقة في هذه الأيام بالصدفة . كما أن شجر الزيتون لا يقطع ويقلع ويقصف على يد الحليفين ( الصهيوني - الأسدي ) بالصدفة ..

هي الحرب ، بل هي الجريمة المنظمة تفعل كل شيء بمكر وخبث وتخطيط وتدبير . وإن جريمة إحراق محصول القمح - في سلة الغذاء السوري - في الجزيرة السورية الدنيا والعليا ما هي إلا حلقة في مخطط تركيع ( السوريين السوريين ) بسلاح إضافي للحرب القذرة ؛ بالقضاء على حبة القمح التي كانت للسوريين أما وعمة وخالة ، كما كانت شجرة التخيل عمة لعرب الجزيرة العربية من أهل الحجاز ، كما سماها رسول الله صلى الله عليه وسلم .

تتم الجريمة بسلاح إضافي ينضم إلى أكثر من مائتي سلاح استراتيجي جربها الروسي في سورية وشعبها ، في أطفالها ونسائها وشيبها وشبابها بترخيص أسدي قذر ، وتحت غطاء صمت دولي أشد قذارة !!

وإذا كان استخدام هذا السلاح يشكل نوعا من جريمة الحرب في القانون الدولي ، فإن من الحق أيضا أن نتساءل كسوريين : وماذا يعني القانون الدولي ؟!! وماذا يفيدنا وماذا أفادنا أن يدين القانون الدولي أو يجرّم أو يحظر ؟! بل من حقنا أن نتساءل : وأي جريمة من جرائم الحرب الموصوفة المرصوفة في مواد هذا القانون لم ترتكب حتى الآن ضد هذا الشعب الأعزل المتطلع إلى العدل والحرية ، غير ربما جريمة تجربة الأسلحة النووية على بنيه ؟!

وسبق جريمة إحراق محاصيل القمح في شمال وشمال -شرق سورية حيث يتشارك في السيطرة الروسي والأمريكي والأسدي والقسدي ، جريمة افتعال المعارك في كروم الزيتون المباركة لحرمان السوريين من ثمراتها وجناها .

والجريمة التي تشكل ابتداء كارثة شخصية لأصحاب هذه المحاصيل ، والذين سيجدون جهدهم خلال عام يضيع ، وأملهم يتبخر ، هي كارثة قومية بكل معاني الكلمة حيث سيفقد الشعب السوري سلة غذائه الحقيقية على مدى عام قادم . وبالتالي سيكون رغيف الخبز وحفنة البرغل التي طالما سدت الرمق بعيدة المنال ..

إن جريمة إحراق محاصيل القمح في سورية والتي تمت في الجنوب كما في الشمال هي جزء مكمل للمخطط الروسي - الأمريكي التي مكنت قوات تنظيم الدولة أولا من آبار النفط السورية ، لتجعلها قادرة على الصمود أكثر ، ثم نقلت السيطرة عليها إلى قوات قسد الأشد إرهابية . لن ننسى أن نؤكد أن أولئك وهؤلاء ظلوا يتقاسمون مخرجات آبار النفط مع شريكهم الاستراتيجي بشار الأسد الخائن والعميل .

إن المطلوب أولا أن يدرك كل السوريين السوريين الذين يشتركون اليوم في الجوع والفقر والحاجة أن عملية إحراق المحاصيل هي جزء من جريمة حرب منظمة يقوم عليها مثلث الجريمة في سورية ( الروسي والأمريكي الإيراني ) و ينفذها أدواتهم من المثلث المتناظر : الأسدي - الداعشي - والقسدي .

والمطلوب أيضا أن نعترف جميعا ولاسيما صناع القرار منا ، أن تكرار عبارات ندين ونستنكر ونشجب أصبحت من اللغو الباطل الذي لا جدوى منه . وأن التلطي خلف مؤسسات الأمم المتحدة والقانون الدولي أصبح جزء من الجريمة نفسها . وأنه قد أصبح لواقع الحال في سورية ألف لسان ، ينطق كل لسان بألف لغة يخاطب هؤلاء الممسكين بعقدة القرار ، ومفاصل الموقف : إما اعتدلتم وإما اعتزلتم .

الثورة السورية : قدرنا ولم تعد خيارنا . نثور أو نموت . نثور فننتصر أو نمضي على درب الشهادة . أو نسترسل مع الدولي والإقليمي والأسدي فنموت ذلة ومهانة أو ندفن تحت أنقاض قصف الروس ونفايات الأمريكيين في مغارات الجوع التي أصبحت تترصدنا ..

الثورة ثقافة . والثورة موقف . والثورة استراتيجية . والاستراتيجية علم . والعلم تحمله الإرادة . وعنوان الإرادة :

وإمساكي على المكروه نفسي .. وضربي هامة البطل المشيح

وقولي كلما جشأت وجاشت .. مكانك تحمدي أو تستريحي

تقدموا بنا فنحن من ورائكم أو افسحوا الطريق لمن يريد أن يتقدم واحذروا أن تكونوا العثرة في طريق الصادقين ..

وإن سوريا لم يغضب لحبة القمح تحرق عاق لا يغضب لأمه أن تهان ..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 829