الاختيار الصحيح للقيادات الوطنية

يتداول الكثير من النشطاء والحقوقيون الحاجة الملحة لاختيار قيادات للثورة تقوم بتمثيل الثورة من المخلصين الذين لم تلوثهم الإغراءات المادية ولم يتخلو عن خط الثورة وثوابتها وإرادة الشعب  في نيل حريته واستعادة كرامته 

وطبعا اعتقد ان هذا مطلب شرعي قد تأخرنا كثيرا في المطالبة به أو الدعوة اليه 

واني واذ اشد على يد من يطالب بقيادة موحدة للثورة اتمنى ان يكون المرشح وطنيا صرفا بعيدا عن الأيديولوجيات والأحزاب والجماعات ودعاة العرقيات والطائفية حتى يكون ولاءه لوطنه و شعبه 

لا أريد أن أطيل الشرح ولكن اعرض اليكم تجربة ديمقراطية عاشتها سوريا في أربعينيات وخمسينات القرن الماضي  حيث تولى على سوريا ذات الغالبية المسلمة فارس الخولي المسيحي البروتستانتي وباجماع كل الكتل والأحزاب الوطنية و الاسلامية 

تعالو نستعرض نبذة من تاريخنا المجيد واشكر اخي اسامة عفش الذي سمح لي أن انسخها من صفحته 

شخصية اليوم :

الأستاذ الجامعي الذي قبّل يدَ تلميذه المُلَوّثة بالفحم

هو رئيس مجلس الأمن الدولي عام1947 وأول ممثل دائم لسوريا في الأمم المتحدة ، كان وزير اً للمالية والداخلية والمعارف وترأس المجلس النيابي ومجلس الوزراء ،وهو المدافع الشرس في الأمم المتحدة عن إستقلال سوريا عن فرنسا وحادثة جلوسه الشهيرة مكان المندوب الفرنسي الذي استشاط غيظا منه حتى رد عليه ذالك الرد التاريخي : إنك لم تتحمل ان اجلس على طاولتك لنصف ساعة كيف تقبل ان تجلس جيوشك في بلدنا مايزيد عن خمس وعشرون عاماً ... ونال اثرها على قرار استقلال سوريا وخروج الانتداب الفرنسي

و يوم أبلغه الجنرال غورو أن فرنسا جاءت إلى سورية لحماية مسيحيي الشرق، فما كان منه إلا أن قصد الجامع الأموي في يوم جمعة وصعد إلى منبره, وقال:

"إذا كانت فرنسا تدعي أنها احتلت سورية لحمايتنا نحن المسيحيين من المسلمين، فأنا كمسيحي من هذا المنبر أشهد أن لا إله إلا الله"

فأقبل عليه مصلو الجامع الأموي وحملوه على الأكتاف وخرجوا به إلى أحياء دمشق القديمة في مشهد وطني تذكرته دمشق طويلا وخرج أهالي دمشق المسيحيين يومها في مظاهرات حاشدة ملأت دمشق وهم يهتفون لا إله إلا الله ….

لم يكونوا مسلمين ولا مسيحيين ولكن كل أبناء الوطن, ان موقفه الرافض للاحتلال الفرنسي واتخاذ حماية اقلية او طائفه ذريعة للتدخلات الخارجية

وهو مؤسس معهد الحقوق العربي ،وساهم في تأسيس المجمع العلمي العربي ،ولكن الأغرب في مسيرته أنه أستلم مهمة وزير الأوقاف الإسلامية ،حيث دافع عنه النائب عبد الحميد الطبّاع آنذاك قائلاً :

"إننا نؤمن بك على أوقافنا ،أكثر مما نؤمن أنفسنا "

وفي إحدى محاضراته التي كان يلقيها في جامعة دمشق ،دخل طالبٌ متأخراً عن المحاضرة ،فسأله عن سبب تأخره ، ولكن الطالب ارتبك وتقدّم من المنصّة ليشرح للأستاذ بأن سبب تأخره ،هو أنه يشتغل فحّاما في الليل ليحضر المحاضرات في النهار ..عندها أمسك الأستاذ بيد الطالب وقبلها أمام الطلبة !

إنه الرمز السوري المضيئ ، إنه انموذج للانسان المسؤول والساعي الى خدمة المجتمع الانساني بمعزل عن دينه :

انه المرحوم ... فـــارس الــخــوري

نموذج يحتذى به و نحن نتفق مع مبادئه و سلوكه الوطني الهادف لبناء مجتمع سليم واحد .

وسوم: العدد 830