حقيقة المؤامرة وليس نظرية المؤامرة

قبل سنوات أصاب الغرب رعب شديد من عودة سطوة الإسلام ، عندما نبَّههم بعض الباحثين الغربيين ، بأن الإسلام سيكون خلال أقل من نصف قرن متمكناً من بلادهم ، فأسرعوا لمواجهة انتشاره قبل أن يستفحل أمره ويشتد ، فيستحيل عليهم إيقاف مده ، فقامت مؤسسة *راند RAND* الأمريكية ووضعت خطةً لنشر صورة إسلام بديل ، يحقق مصالحهم الاستراتيجية ، فأسسوا *مركز ابن خلدون* بالقاهرة ، تحت إدارة *سعد الدين إبراهيم* ، أستاذ علم الاجتماع السياسي في الجامعة الأمريكية ، فنظم مؤتمراً بعنوان *الإسلام والإصلاح* ، بالتعاون مع *مركز دراسات الشرق الأوسط* التابع لمعهد *بروكنجز* ، ومركز *دراسات الإسلام والديمقراطية* ، *ومنبر الحوار الإسلامي* ، وقد انتهى المؤتمر إلى توصيات أبرزها :

1 - الاستغناء عن السنة النبوية .

2 – إعداد تفسير للقرآن تفسيراً عصرياً .

وبعدها تم تنظيم مؤتمرات لمنح جوائز لمن يقومون بهذه المهمات فحصل الكاتب *يوسف زيدان* على عدد من الجوائز لقاء تشكيكه بحقيقة *القدس ومكانتها في الإسلام* ، وتشكيكه بحادثة *الإسراء والمعراج* ، ومُنح *محمد شحرور* جائزة عن كتبه التي أحل فيها كثيراً من المحرمات .

وبدأت تظهر ملامح خططهم تحت مسمى *تجديد الخطاب الديني* والذي هدفه ضرب الإسلام .

كنا نلاحظ في الماضي أن الشبهات التي كانت توجه للإسلام تتعلق بأحكام عامة *كتعدد الزوجات والجزية* ، لكنها الآن انتقلت إلى التشكيك *بما هو معلوم من الدين بالضرورة* أي *الثوابت* ، وانتقلت خططهم لأساسيات الدين الإسلامي ، عن طريق توظيف أشخاص ليقوموا بهدمه من الداخل ، واستهداف *القرآن ، والسنة النبوية ، وأصول الأحكام ، والتلاعب بالحلال والحرام ، والحرب على الدعاة ومؤسساتهم* ، وللأسف فقد سقط بعض المفكرين بالمشاركة معهم *أملاً إما في الشهرة ، أو الأموال* .

*ومن خطتهم احتواء وتهميش الافتاءات الشرعية التي تصدر عن أهل العلم المعتبرين ، وتوصيفهم بأنهم أدوات في أيدي السلطات والأنظمة الحاكمة ، مما خلق فراغاً أُعِد ليملأه أدعياء التجديد لتدمير الإسلام* .

لكن أعداء الإسلام بعدها أدركوا أن الخصوم التقليديين للإسلام أمثال *إبراهيم عيسى ، يوسف زيدان ، ايناس الدغيدي ، نوال السعداوي وآخرون* ، ينتقدون الاسلام بلا وعي أو منهجية ، فأدركوا أنهم ساقطون فراحوا وغيّروا من استراتيجيتهم ، *فدعموا أشخاصاً آخرين لهم حضور وكاريزما ومسميات دينية براقة مثل : ( عدنان إبراهيم ، وإسلام البحيري والمزيف *ميزو* *المدعي أنه شيخ ، وجمال البنا ، ومحمد شحرور* ، فهؤلاء اليوم يجدون كل التأييد والدعم ، للتشكيك بالسنة النبوية ، والعبث بتفسيرات كتاب الله .

وليقطع الغرب الطريق على من يحاول أن يكشف ، ويحذر ، ويفضح حقيقة مخططاتهم الخبيثة فقاموا وأطلقوا عبارة *نظرية المؤامرة* ، لتكون هذه العبارة الخبيثة ، والاستهزائية حاجزاً يمنع أيّ شخص من محاولة التفكير بفضح مخططاتهم ، لأنه عندها سيكون محل استهزاء واستخفاف ، ولأنه سيُوصَف بأنه ذو عقلية ساذجة وتفكير سطحي .

فصارت هذه العبارة أسلوب السُخرية والانتقاص ممن يتكلم حول هذه الخطط الخبيثة ، فإذا هُزِمَ أحدهم من مُحاور وما استطاع أن يجاريه بالمناقشة ، عندها أسهل طريقة للفوز عليه هو أن يقول له أنت تفكر بمبدأ : *نظرية المؤامرة* ، فينكفئ هذا المتكلم ، وينتصر عليه خصمه ، عندها تكون خططهم وللأسف قد حُصِنت تحصيناً قوياً أمام تفكير المفكرين الواعين .

وسوم: العدد 835