اعتصام هيئة العلماء المسلمين تضامنا مع السوريين في لبنان

لنعد إلى أصل الموضوع؛ سوريون في الخيام كانت لهم أرزاق وأموال، يعانون من البرد في الشتاء والحر في الصيف وهم يسكنون خياما؛ بعضها لا يصلح لسكن البشر؛ يضطهدونهم أحيانا، يمتهنون كرامتهم أحيانا، يطردونهم أحيانا، يحرقون خيامهم أحيانا؛ لماذا لا يعودون إلى بلادهم؟!؛ ما الذي يجعلهم متمسكين ببلد يطردهم؛ أنه المر الذي إذا عادوا وجدوا ما هو أمرَّ منه.  

هم فروا من بلادهم بحثا عن الأمن، وهم يريدون العودة -ونحن معهم عندما يتوفر-. الأمن ليس مساحة خالية من القتال. الأمن حياة خالية من الانتقام والتنكيل والإذلال. يفر الإنسان من وطنه عندما لا يأمن على حياته وأمواله وأعراضه. ألم تكن حال كثيرين في لبنان لجؤوا إلى خارجه لأن الأمن انعدم في بلادهم، أيام الوصاية السورية، يوم كانت المدافع كانت ساكتة؟!

السوريون في لبنان قدرهم أن يعودوا إلى بلادهم، ولا يجوز لنا نضطهدهم في فترة لجوئهم المؤقت؛ لا للتخويف الديمغرافي منهم؛ الأرقام أداة للمعرفة وليست وسيلة للتهويل؛ يزداد إلى الرقم أصفارا فتنتفخ؛ والأعداد تتناقص في كل حال.  

لا للتخويف الأمني؛ فمخيمات النازحين خالية من أية ممنوعات قد نجدها في بيوت اللبنانيين؛ وفوق ذلك فإن المداهمات "الاحترازية" لا تتوقف. 

لا للتخويف الاقتصادي؛ فكما أن للنزوح سلبياتٍ لا ننكرها؛ له إيجابيات كبيرة يجب أن نذكرها، 

المشكلة أن الموضوع يثار ديماغوجيا لا علميا في لبنان.  

أيها الأخوة؛ نحن إغاثيون نعم، لكننا قبل ذلك نحن لبنانيون؛ لا نرضى أن يكون بلدنا عنصريا؟ تجاه من؟ تجاه الشعب الذي نحن منه وهو منا، تجاه من لا يجوز ان نزرع أحقادا بيننا وبينهم لكي لا يأكل أولادنا من بعدنا علقمها... 

أيها الأخوة؛ 

إن العنصرية وحش إذا غذيناه أكلنا. اليوم نطرد السوريين، وغدا نرفض معايشة اللبنانيين من طائفة أخرى -كما هو جار في بلدات تعرفونها اليوم-، وغدا نأنف من لبنانيين من مناطق أخرى.. وهكذا.. العنصرية تدمر الأوطان، في التاريخ شواهد. 

نحن كجهات إغاثية؛ نؤيد كل ما من شأنه حماية اقتصاد البلد وأمنه، وحماية نسيجه الاجتماعي وسنعمل على ذلك.. لكننا ضد العنصرية والاضطهاد والكراهية وسنعمل على ذلك. وإذا كان الذين نستضيفهم بين ظهرانينا خائفين وصامتين؛ فنحن صوتهم لأجل الإنسانية .. لأجل لبنان. 

في اليوم العالمي للاجئين؛ جئنا لنمسح العار عن جبين وطن لا نريده عنصريا أبدا؛ رغم وجود سياسيين وأحزاب وشرائح مجتمعية جعلت من الطائفية والعنصرية نهجا لها.

وسوم: العدد 836