حتى تنقذ بلاد الحرمين نفسها من الانهيار

لا أحد في العالم على يقين أو شبه يقين مما قد يحدث ردا على ضرب منشأتي بقيق وخريص النفطيتين السعوديتين ، ولا أحد جزم بيقين قاطع من أين جاءت الضربة : من اليمن أم من العراق أم من إيران . والحديث عن مصدر الضربة تعلق حتى الآن بالموقف السياسي لصاحب الحديث أكثر من تعلقه بالجانب الفني في المسألة . ولهذا اُتهمت إيران بها حتى لو جاءت من العراق مكانيا ، ولو تأكد أنها جاءت من اليمن لقال أعداء إيران ، النظام السعودي وأميركا ومن وافقهما من الدول ، إن إيران وراءها لتزويدها جماعة أنصار الله بالمسيرات . إيران متهمة مستهدفة في كل حال . ولاشك أن لدى دول مثل أميركا وروسيا وإسرائيل والنظام السعودي الخبر اليقين عن مصدر الضربة . لماذا لا تعلنه واحدة من هذه الدول بالأدلة القاطعة المقنعة ؟! الجواب أنها باستثناء روسيا تستهدف إيران في كل حال بريئة أو مذنبة ، وباعث الاستهداف أن إيران ذات سياسة وطنية ترفض الهيمنة الأميركية  ، وهي هنا على خلاف الدول العربية المستسلمة لهيمنة أميركا التي تحمي حكام هذه الدول وتبقيهم في السلطة . ومصدر آخر لاستهداف إيران هو وقوفها مع محور المقاومة العربية والإسلامية  الذي يتصدى للمشروع الصهيوني في المنطقة . الضربة في أرامكو كشفت ضعف النظام السعودي العميق أكثر مما كشفته أي ضربة سبقتها ، وربما أكثر مما كشفه إخفاقه المتواصل منذ أربع سنوات ونصف في  عدوانه على اليمن الذي غطاه دون نجاح بلافتة " التحالف العربي " . 88 منظومة باتريوت منصوبة في بلاد الحرمين أخفقت في اعتراض المسيرات التي ضربت منشأتي أرامكو ، ويصح التساؤل هنا عن العمى الراداري الذي أصابها . وقد يقال ، وقيل فعلا ، إن هذا إخفاق للتكنولوجيا الأميركية حتى بادر الرئيس بوتين إلى عرض صاروخي  إس 300 وإس  400 على النظام السعودي لحماية البلاد من المسيرات ، ولكن الإخفاق يظل أولا وآخرا إخفاقا لهذا النظام الذي ، ومنذ تولي السلمانيين للقيادة  ، اقترف كبائر الأخطاء ، وأولها العدوان على اليمن الذي فتح عليه بوابة كبرى للمشكلات السياسية والدبلوماسية والإنسانية والإدانات الدولية ، وفضح رداءة أداء جيشه صاحب ثالث أكبر إنفاق عسكري في العالم بعد الجيش الأميركي والجيش الصيني ، وتقدر تكلفة العدوان  اليومية ب200  مليون دولار . وبعد خطأ العدوان على اليمن ، عدوان الخسران المبين ، غاص النظام في لجة خطأ قاتل بتولية محمد بن سلمان للعهد ، وإطلاق يده في كل شئون البلاد حربا واقتصادا وتحولا اجتماعيا وثقافيا متسارعا  يتعسر على مجتمع بلاد الحرمين المحافظ أن يتكيف معه . وفوق كشف ضربة أرامكو لضعف الدفاعات السعودية ، كشفت أن أميركا ليست خاتما في إصبع النظام السعودي يحركه وفق مراده ولو بثمن باهظ ماليا . حرن ترامب ، وقال إنه يريد تريليون دولار لفعل شيء من الضرب لإيران ، ولكن ليس حربا . وهنا يُقترح ضرب القواعد التي يدعى أن المسيرات انطلقت منها في إيران أو العراق ، أو ضرب قوات إيرانية في سوريا مثلما تفعل إسرائيل بتقدير أن هذه الضربات لن تدفع إلى حرب شاملة بين أميركا وإيران . وفي كل الأحوال ، ستظل إيران هي إيران القوية المصرة على كرامتها الوطنية وإرادتها المستقلة وعلى أداء دورها في المنطقة التي تنتمي إليها جغرافيا وتاريخيا ودينيا وثقافيا وبشريا ، وسيظل النظام السعودي  منهمكا في عدوان على اليمن لا خير فيه ولا أمل  ، وتعريض منشآته الاقتصادية لانتقامات متنامية الفعالية والسوء ممن يعتدي عليهم ، وسيتواصل اهتراء هيبته داخليا وخارجيا حتى ينتهي إلى انهياره النهائي ، وإنقاذ بلاد الحرمين في رأينا يستوجب :

أولا : تنحية ابن سلمان عن ولاية العهد ، وعن منصب وزير الدفاع ، وعدم توليته أي منصب سيادي لطيشه وانعدام كفاءته .

ثانيا : الوقف الفوري للعدوان على اليمن ، وهنا يحسن الاستجابة للمبادرة التي أطلقها ، الجمعة ، مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي لجماعة أنصار الله ، وأعلن فيها " وقف استهداف أراضي السعودية بالطيران المسير والصواريخ الباليستية والمجنحة وكافة أشكال الاستهداف " .

ثالثا : اتباع سياسية ودية مع إيران التي لا تكف عن  دعوة  بلاد الحرمين إلى التفاهم حول مشكلات المنطقة خاصة الخليج .

رابعا : التوقف عن التدخل الضار في سوريا ولبيا .

خامسا : نبذ سياسة التقارب من إسرائيل التي مسخت صورة النظام في عيون وقلوب العرب والمسلمين .

قد تبدو هذه الاقتراحات أحلاما رومانسية وسرحات خيالية ، لكنها في الحق هي الصواب ، وهي بعض وسائل إنقاذ بلاد الحرمين التي تندفع بها  تصرفاتها الحالية نحو الانهيار النهائي نظاما ودولة .

وسوم: العدد 843