ندعو إلى سوق مجرم الحرب بوتين إلى محكمة جرائم الحرب في لاهاي

بعد الاطلاع على كتاب "القائمة السوداء" والتعرف على أسماء مجرمي الحرب المئة فإننا ندعو إلى ضم اسم مجرم الحرب "فلاديمير بوتين" إلى هذه القائمة السوداء، بل وندعو إلى وضع اسمه في مقدمة هؤلاء المجرمين، كون بوتين هو من أنقذ مجرم الحرب بشار الأسد وحال دون سقوطه، في مغامرة عسكرية حوّلت حلم أبناء الشعب السوري المنتفض من أجل تحقيق الحرية والفوز بالكرامة والعدالة إلى بحر من الدماء، وأكوام من الخرائب، ولهيب أشعل الأخضر واليابس في طول سورية وعرضها.

 ففي عام 2015 أطلق مجرم الحرب فلاديمير بوتين العنان لجيش بلاده للبدء بالعمليات العسكرية في سورية دعمًا لنمرود الشام بشار الأسد، الذي كاد أن يهلك بعد ثلاث سنوات ونيف من الاحتجاجات الشعبية التي قامت في البلاد ضدّه منتصف آذار 2011، لكنه استطاع البقاء في السلطة حتى الآن بسبب دعم حلفائه الروس والإيرانيين وميليشياتهم الإرهابية، الذين ارتكبوا مجازر وجرائم حرب بحق المدنيين السوريين العزل، بحسب الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية دولية.

ومع انتهاء السنة الرابعة لهذا التدخل العسكري، الذي أصبح مع مرور الوقت احتلالًا مباشرًا للمناطق الخاضعة لسلطة نظام الأسد، سلطت سلسلة من التقارير والإحصائيات الصادرة عن هيئات ومؤسسات إعلامية وحقوقية سورية معارضة وعربية وغربية، الضوء على حجم الخسائر البشرية التي أوقعتها آلة القتل الروسية في صفوف السوريين المنتفضين ضدّ نظام الاستبداد والطغيان الطائفي المتغوّل في الجسد السوري منذ نصف قرن، فضلًا عن الأضرار التي خلّفتها هذه الآلة الوحشية في البنى التحتية، بالإضافة إلى الخسائر والمكاسب التي حققتها موسكو لنفسها ولرأس النظام وأركانه في دمشق.

وحتى يُكسب مجرم الحرب بوتين عدوانه على سورية والشعب السوري الشرعية أمام شعبه، دعا في 30 أيلول 2015 مجلس الدوما الروسي للانعقاد لبضع دقائق، لتتم الموافقة بالإجماع 158 عضوًا من أصل 170 على نشر القوات الجوية الفضائية الروسية على أراضي سورية لأجل غير مسمى، بناء على طلب النظام السوري المعترف به دولياً، ليبدأ سلاح الجو الروسي منذ ذلك التاريخ بتوجيه ضربات جوية في الأراضي السورية، في خطوة غيرت بشكل جذري مسار الحدث السوري المشتعل ميدانيًا وسياسيًا. وكان الأمر آنذاك، وفقًا لمجرم الحرب بوتين، مقتصرًا على الغارات الجوية ضدّ من وصفهم بـ”الإرهابيين”، قبل أن يتم زج القوات الروسية البرية في المعارك، بالإضافة إلى قوات خاصة من الشرطة العسكرية الروسية للمشاركة في إدارة المدن التي كان جيش النظام والحلفاء يعيدون السيطرة عليها بالحديد والنار.

لقد كانت بشاعة جرائم بوتين لخّصها وزير دفاعه "سيرغي شويغو" بقوله: إنّ بلاده اختبرت “أكثر من 300 نوع من الأسلحة الروسية في سوريا”.

وكان رئيس اللجنة العسكرية في الجيش الروسي "إيغور ماكوشيف" صرح في وقتٍ سابق، أنّ اختبار أسلحة جيش بلاده في سورية أتاح لهم “إمكانية تحليل قدراتها وتعديل خطط تصميمها وتحديثها".

وذكرت مجلة "ناشونال إنترست" الأميركية بالخصوص، أنّ روسيا استغلت تواجدها في سورية لاختبار العديد من الطائرات بما في ذلك المقاتلة(Su-35)  والمهاجمة الاستراتيجية (160-tu)، والمقاتلة الشبح (Su-57)  بالإضافة إلى العديد من الصواريخ والقنابل الذكية.

وأكدت مصادر رسمية في موسكو، في هذا الصدد، أنّ وزارة الدفاع قررت وقف إنتاج 12 نموذجًا من الأسلحة بعد تجربتها في سورية وثبوت إخفاقها بالتعامل مع أهدافها.

وقال رئيس مؤسسة الصواريخ التكتيكية الروسية "بوريس أوبسونوف": “لن أخفي الأمر، تم العثور على عيوب مختلفة في ظروف قتال حقيقية”، وأضاف “بالنسبة لنا، أصبحت الحملة السورية اختبارًا جادًا".

كما أشارت التقارير الصحفية، إلى أنّ “موسكو لم تكن قد جربت، في العهد السوفياتي ولا في تاريخ روسيا المعاصرة، حاملة الطائرات لديها في ظروف ميدانية، فضلًا عن تجربة صواريخ من نوع “كاليبرا” المهمة، التي يمكن إطلاقها من البر والبحر، ومن عمق البحار في الغواصات، وهي تجربة قامت بها موسكو مرارًا في سورية".

وسبق لمجرم الحرب بوتين أن قال، في وقتٍ سابق: إنّ “الحرب السورية وفرت مجالًا لا يقدر بثمن لتجربة السلاح الروسي في ظروف ميدانية حقيقية لم تكن ساحات التدريب لتوفرها أبدًا".

ومما يندى له جبين الإنسانية أنّ المؤسسات الروسية المختصة بالترويج للسلاح الروسي باتت تضع "علامة مسجلة" لكل طرازات الأسلحة التي جُربت في سورية، فهي في إطار حملاتها الترويجية ونقاشاتها مع الأطراف حول توقيع صفقات سلاح جديدة تستخدم عبارة “جُرب في سورية” لتكون بمثابة (علامة الجودة) لهذا السلاح أو ذاك.

أما عن الخسائر المالية لروسيا في الحرب السورية، فقد ذكر تقرير نشرته صحيفة (الشرق الأوسط)، أنها “تكاد تقترب من الصفر”، ذلك أنّ الإنفاق على الحملة العسكرية السورية وُضع تحت بند في موازنة وزارة الدفاع التي تبلغ وفقًا لأرقام رسمية نحو 80 مليار دولار، يتعلق بإجراء التدريبات وتطوير طرازات الأسلحة الروسية، وهو بند يلتهم نحو نصف الموازنة العسكرية الروسية.

التقرير بيّن، أنّ كل النشاط العسكري الروسي في سورية يندرج في إطار التدريبات العسكرية، وتطوير قدرات روسيا العسكرية. وهذا يفسر حرص الكرملين على إبراز حجم “الإنجازات” على هذا الصعيد.

وتقول مصادر: إن موسكو تنفق سنويًا نحو 10 مليارات دولار في حملتها العسكرية في سورية، ويُعدّ هذا الرقم محدودًا بالمقارنة مع حجم الإنفاق العسكري الأميركي في العراق مثلًا.

والأهم من ذلك، بحسب التقرير، أنّ "الإنفاق العسكري الروسي" ذهب، وفقًا للتأكيدات الرسمية الروسية، على تطوير قدرات روسيا العسكرية، من خلال تحويل سورية إلى ساحة تجارب للسلاح الجديد، ولاختبار قدرات التقنيات العسكرية التي لم تكن قد جُربت في ساحات قتال حقيقية في السابق.

لقد كان عدد الضحايا المدنيين الذين قضوا بفعل الهجمات الروسية التي استهدفت 1300 مرة مناطق المدنيين في سورية، بلغ بحسب (الشبكة السورية لحقوق الإنسان) المعارضة لنظام الأسد، نحو 6 آلاف و686 مدنيًا، بينهم 808 امرأة، وألف و928 طفلًا.

الشبكة السورية الحقوقية أشارت، إلى أنّ العام الأول للتدخل الروسي في سورية، أسفر عن مقتل 3 آلاف و734، والعام الثاني عن ألف و547، والعام الثالث عن 958، والعام الرابع عن 447 قتيلًا من المدنيين.

وقال (المرصد السوري لحقوق الإنسان) "إنّ أكثر من 13 ألف مدني، بينهم أكثر من 3 آلاف طفل، قتلوا خلال 59 شهرًا، فيما تعرض الآلاف لإعاقات دائمة وفقدان أطراف بسبب تصعيد طيران النظام السوري ضرباته الجوية ضمن الأراضي السورية. كاشفًا أنّ أكثر من 19 ألف شخص، بينهم أكثر من 8 آلاف مدني، قتلتهم الطائرات الروسية منذ بدء مشاركتها العسكرية على الأراضي السورية في أيلول 2015.

وكانت منظمة (هيومن رايتس ووتش) الحقوقية الدولية، نشرت تقريرًا في تموز الماضي، أكدت فيه استخدام القوات الروسية ونظام الأسد أسلحة محظورة دوليًا، منها القنابل “العنقودية والحارقة”.

ووثق ناشطون إعلاميون في أكثر من قرية ومدينة سورية، وفي أوقات مختلفة من السنوات الأربع الماضية، استهداف المناطق الآهلة بالمدنيين العزل، بقنابل الفوسفور الأبيض والقنابل الانشطارية والفراغية والمسمارية والارتجاجية، والأخيرة شديدة الانفجار وذات قدرة على اختراق طبقات أسمنتية تتراوح بين 3 إلى 20 مترًا.

وذكرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها أيضًا أنّ "البنى التحتية والمشافي والمدارس في العديد من المدن لم تسلم من قصف الطيران الحربي الروسي، حيث تم استهداف 201 مدرسة، و190 مركزًا صحيًا، و56 سوقًا شعبيًا.

وقال محققون تابعون للأمم المتحدة، "إنّ طائرات الحكومة السورية وحلفائها الروس تشن حملة دموية تستهدف على نحو ممنهج المنشآت الطبية والمدارس والأسواق والمزارع ما قد يصل إلى حد ارتكاب جرائم الحرب".

وفي السياق، بيّن تقرير أصدره (مكتب التنسيق والدعم التابع لمنسقي الاستجابة)، أنّ العدوان الروسي-الأسدي أسفر عن تهجير ونزوح الملايين من السكان من مناطق دمشق وريفها ودرعا وحمص وحلب نحو الشمال السوري (إدلب وأرياف حماة وحلب). وقدّر التقرير أعدادهم بين مهجر ونازح قرابة 3 ملايين نسمة.

ووثقت الأمم المتحدة الشهر المنصرم، مقتل أكثر من ألف مدني في سورية خلال الأشهر الأربعة الماضية، نتيجة الغارات الجوية والهجمات البرية، التي شنّتها قوات الأسد وروسيا والميليشيات الموالية للأسد، والتي جندتها إيران وأمدتها بالسلاح والعتاد والمال.

بالمقابل، لم تتمكن منظمات وهيئات روسية ودولية من بيان حجم الخسائر البشرية الروسية، لغياب الشفافية في المؤسسة الرسمية الروسية، وإخفاء وزارة الدفاع في موسكو آخر إحصائية لقتلى القوات الروسية في سورية في السنوات الأربع الأخيرة، ليبقى عدد القتلى من الجنود والضباط الروس طي الكتمان.

ولم يكتف مجرم الحرب بوتين ما أرسله من قوات جيشه النظامي، فقد أكد بلا حياء أو خجل، "أنّ شركات أمن روسية خاصة موجودة داخل الأراضي السورية".

وينتشر المرتزقة الروس التابعون لهذه الشركات في ريف دير الزور غربي نهر الفرات، الخاضع لسيطرة النظام والميليشيات الحليفة للنظام، حيث تُعدّ تلك المنطقة غنية بالنفط.

وتؤكد تقارير صحفية قتال هؤلاء المرتزقة إلى جانب قوات الأسد، وكشف جهاز الأمن الأوكراني (SBU) في تشرين الأول/ أكتوبر 2018، معلومات عن 206 أشخاص معظمهم مِن روسيا، قال عنهم: إنهم عناصر قوة مسلّحة خاصة تقاتل في سورية تحت مسمّى “فاغنر".

لهذه الوقائع المؤلمة والموثقة والمنشورة في مجمل وسائل الإعلام ومنظمات حقوق الإنسان الدولية، والتي تؤكد دون أي مجال للشك في انخراط مجرم الحرب بوتين في عمليات القتل الممنهج عن سبق إصرار وترصد، وبمشاركة مجرم الحرب بشار الأسد في كل عمليات القتل والتخريب والتدمير، الذي تعرضت له سورية منذ العام 2011، عقب انتفاضة الشعب السوري ضد الاستبداد والديكتاتورية، مطالباً بالحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، نؤكد على وجوب سوق مجرم الحرب بوتين إلى محكمة جرائم الحرب في لاهاي ليقف تحت قوس العدالة لينال جزاء ما ارتكبت يداه من جرائم ضد الإنسانية في سورية.

وسوم: العدد 849