مدارس قرآنية مهددة بالإغلاق من طرف الوزارة الوصية على الشأن الديني بعد أن ظلت تحفظ كتاب الله عز وجل لسنوات

أبلغت الوزارة الوصية على الشأن الديني  بعض الساهرين على مدارس لتحفيظ كتاب الله عز وجل بتصفية ملفاتها العالقة من خلال تقديم وثائق عينتها لهم إلا أن بعض تلك المدارس خصوصا التي توجد في البوادي لا تتوفر على المطلوب منها، الشيء الذي جعلها مهددة بالإغلاق بعد أن ظلت تقوم بدورها الديني والتربوي لسنوات ، وبات نزلاؤها مهددون بالضياع والحرمان من حقهم في حفظ كتاب الله عز وجل ، ومواصلة تحصيلهم علوم الدين .

ولقد أخبرني بعض الساهرين على إحدى تلك المدارس بإحدى القرى أنهم همّوا بالحصول على ما طلب منهم من وثائق إلا أن الأبواب سدت في وجوههم، ذلك أن الجهات التي تسلم بعض تلك الوثائق  أبت أن تلبي طلبهم ، ووجد هؤلاء أنفسهم أمام مشكل لم يكن منتظرا ، ولا في الحسبان .وظلوا يطرقوا كل الأبواب عسى أن يجدوا حلا حتى لا تغلق أبواب تلك المدرسة القرآنية التي تمد المجتمع بحفظة كتاب الله عز وجل ، والين يغطون حاجياته من الأئمة والوعاظ والخطباء بعد خضوعهم لامتحانات تتولاها المجالس العلمية التي تسلمهم شواهد تشهد بحفظهم وبأهليتهم للإمامة والوعظ والخطابة .

والمشكل الذي يحاصر هذه المدرسة أنها شيدت منذ مدة ، وربما فات من شيدوها من المحسنين أنه يلزمهم الحصول على بعض تلك الوثائق خصوصا وأن الأمر يتعلق بقرية صغيرة كانت تلك المدرسة المجاورة لبيت الله عز وجل نعمة منه سبحانه وتعالى، وقد مضى عهد طويل عليها لا وجود فيها لقراء وحفظة ، وكان الشخص الوحيد الذي يتلو كتاب الله عز وجل فيها هو إمام المسجد .

وإذا كان الساهرون على هذه المدرسة قد فاتهم ما تطالب به اليوم الوزارة الوصية ليس عن عمد وقصد ، وإنما عن غفلة حتى لا نقول عن جهل ، فإن الوزارة مطالبة بإيجاد حل لهذه المدرسة حتى لا يتم إغلاق أبوابها بسبب وثائق غير متوفرة . ومن الحلول المتاحة أن تكون الوزارة لجانا خاصة تقف في عين المكان على وجود ما يمكن تداركه مما يتعلق بالبنية التحتية  حتى لو تعلق الأمر بإعادة بنائها من جديد وفق معايير معينة أومما يتعلق بالتجهيزات أو بأمور تنظيمية ... إلى غير ذلك  مما تشترطه ، ومطالبة الساهرين عليها بإجراء ما تقترحه عليهم قبل أن تلوح بتعطيل دورها الديني والتربوي بالإغلاق .

 ومعلوم أن مثل هذه المدارس القرآنية تعتبر روافد التعليم العتيق ببلادنا والذي يمدها بأطر مختصة في المجال الديني ، وحتى في غير المجال الديني ، ولا يمكن بحال من الأحوال أو بذريعة من الذرائع أن تجفف منابع التعليم العتيق لأن ذلك يعني استهدافه بنية غير معلنة  ، وهو ما تريده جهات مشبوهة ترى أن هذا التعليم يخرج المتطرفين والمتشددين الذي ينعتون بالتكفيريين وبالظلاميين والأصوليين ...وإليهم ينسب العنف والإرهاب ،ويرون ذلك تجفيفا لمنابعه على حد قولهم .

ويتعين على علماء الأمة التدخل لدى الوزارة الوصية لحماية المدارس القرآنية في البوادي والحواضر والحيلولة دون إغلاقها لمجرد عدم توفر وثائق  إدارية تنقصها ، وبالإمكان تدارك نقصها بشكل أو بآخر كما يحصل في أمور أخرى تعوزها مثل تلك الوثائق ، والتي نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر وثيقة إثبات الزوجية للذين لم يوثقوا زواجهم من قبل ، فلماذا لا تعطى تلك المدارس القرآنية مثل هذه الفرصة لتدارك ما ينقصها من وثائق لضمان استمرارها في أداء دورها الرائد في خدمة كتاب الله عز وجل الذي هو صمام أمان يحمي المجتمع من كل ما يمكن أن يتهدده من انحرافات عن سبل الاستقامة .

ولا شك أن الوزارة الوصية عن الشأن الديني على علم دقيق بكل تلك المدارس ، وأنها تتابع ما يجري فيها  عن كثب ، وعلى علم بروادها ، وبمن يمولونها من المحسنين ، وعليه لا يمكن أن يكون نقص بعض الوثائق سواء المتعلقة ببنياتها التحتية أو بوثائق إدارية لم يتنبه إليها من قبل سببا وجيها ومقنعا  لإغلاق أبوابها وتعطيل دورها.

وفي الأخير نأمل أن تغلّب الوزارة الوصية الحكمة في هذا الأمر ، وتجد حلا ومخرجا لهذه المدارس عوض الاقتصار على التهديد بإغلاقها ، وهو أمر لا يمكن أن يحصل إلا إذا حادت تلك المدارس عن ثوابت هذا الوطن، وهي المذهب الفقهي المالكي ، وقراءة الإمام نافع برواية ورش ، والعقيدة السنية الأشعرية ، والطريقة الجنيدية في التصوف .

وإلى أن يجد جديد في القضية سنعود إليها من جديد بما جد .

وسوم: العدد 853