أكذوبة الهدن الروسية

أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن بدء ما أسمته “نظام لوقف إطــلاق الــنار” في شمال غرب سورية – أي في محافظة إدلب ومحيطها – وذلك بموجب الاتفاق الذي جرى التوصل إليه مع تركيا، ويأتي الإعلان عن وقف إطــلاق الــنار في منطقة إدلب بعد أن أكد الكذاب الأشر بوتين والرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” في بيان مشترك، ضرورة تطبيق الاتفاقات بين الطرفين حول سورية وسعيهما إلى مكافحة “الإرهـاب” والتصدي للانفصاليين والحفاظ على سيادة البلاد ووحدة أراضيها.

ورغم ذلك استمرت قوات نظام الأسد بالتصــعيد ولم تلتزم بالهدنة التي أعلن عنها الروس، حيث قــصفت بالمدفـعية الثقيلة مدينة معرة النعمان وبلدات معرشمشة وتلمنس ومعرشمارين، بالتزامن مع اشتــباكات على محوري التح وجرجناز بريف إدلب الشرقي، بتغطية من الطيران الحربي الروسي الذي لم يلتزم بما أعلن عن هدنة متفقاً على تثبيتها مع تركيا.

ويشكك السوريون بالهدنة الروسية المعلنة من جانب واحد، وقد خبروا وعود الثعلب المراوغ بوتين، فكثيراً ما أعلن عن هدن كاذبة استغلتها ضد فصائل الثورة في جبهات أخرى أو بغية الحصول على تنازلات، جراء سياسة الأرض المحروقة التي يتبعها مجرم الحرب بوتين وميليشيات ذنب الكلب بشار.

وبات من المؤكد أن الهدنة ستكون بمثابة مهلة من روسيا مقدمة إلى تركيا، لإقناع الفصائل الثورية بقبول تنفيذ اتفاق “سوتشي” الذي ينص في أحد بنوده على انسحاب الفصائل من الطرق الدولية وتسليمها إلى الشرطة العسكرية الروسية، وأهم هذه الطرق الطريق m4 الذي يربط حلب بدمشق.

وقد تكون الهدنة بشكلها الحالي – أي مع استمرار القـصف المــدفعي والصـاروخي والطيران الحربي الروسي – تكتيكاً عسكرياً للحفاظ على الوضع القائم ضمن هذه المنطقة، ريثما يتم السيطرة على منطقة أخرى، وهي مناطق ريفيّ حلب الجنوبي والغربي الخاضعة لسيطرة الفصائل الثورية، ويبدو بأن ملامح هذه المـعركة باتت واضحة مع استمرار ميليشيات النظام بحــشد قواتها هناك.

إذ أفادت مصادر ميدانية بأن مئات العناصر من قوات النظام والميليشيات الداعمة لها قد وصلت إلى منطقتي الحاضر وعبطين في ريف حلب الجنوبي، مشيرة إلى أن قوات النظام وبعد فشلها في التقدم باتجاه مدينة معرة النعمان في ريف إدلب الجنوبي الشرقي، وسيطرتها على الطريق الدولي الرابط بين دمشق وحلب، تسعى الآن للتقدم على محور ريف حلب الجنوبي.

ومع كل ذلك، هناك من يرى بأن الهدنة الروسية هي استجابة للضــغوط الأمريكية التي أعلنت مساندة الموقف التركي في إدلب، مطالبة بتنفيذ وقف التصـعيد هناك، وضرورة التزام روسيا بالقرارات الدولية المتعلقة بالشأن السوري، ويدللون على ذلك باستخدام الفصائل لصـواريخ “التاو” المضـادة للـدروع مؤخراً على الجـبهات ضـد قـوات النظام، وهي صـواريخ أمريكية بالمناسبة.

وربما يكون هذا الضـغط الأمريكي هو الذي أجـبر الروس على الرضوخ للضـغوط التركية، والتي تربطها بها علاقات جيدة على المستوى الاقتصادي إضافة إلى عدة ملفات في المنطقة تربطهما معاً، بينها الملف الليبي الذي يحتل مكانة مهمة بالنسبة لكلا الجانبين.

أمام كل هذه المستجدات على الساحة السورية لابد من أن يتنبه الثوار إلى ألاعيب وحيل وأكاذيب مجرم الحرب بوتين، وما يبيته النظام السوري المجرم من مكر وخداع وغدر للتقدم نحو المناطق المحررة في الشمال السوري، وأن يبادروا إلى إفشال هذه المخططات والنوايا المبيتة ويشنوا هجوماً على بقايا النظام والميليشيات الرافضية التي تدعمه، فمن أهم وسائل الدفاع الهجوم وجر العدو إلى معركة لم يقررها هو ولم يبادر إلى تنفيذها، وعند ذلك يقع النظام وحلفائه في حيص بيص، وقد تداخلت القوى وتشابكت الأسلحة وَحُيّد الطيران وغدى بلا أي فاعلية؛ والأرض أرضنا والبلاد بلادنا، عندها لن يجد مرتزقة بوتين وذنب الكلب أمامهم إلا الموت أو الفرار.  

وسوم: العدد 860