هل اصبح رأس ابو مازن مطلوباً ..؟

لم يكن يتصور ترامب   انه سيجد رجلا صلبا قاسيا عنيدا شامخا  لا يأبه التهديد والوعيد ولا يكترث لتصريحات مجنونه متطرفة , لا يخشي قطع الراس او القصف بالطائرات ,  لا يخاف الحصار والقتل البطيئ , لا يستجيب للوساطات المنحازة  ولا يستمع لكلام العرابين ووكلاء الامريكان  سواء كانوا من الاصدقاء او غير الاصدقاء , لم يكن ترمب يتصور  ان يقف  الرئيس ابو مازن في وجهه بهذه الحدة والشجاعة  التي باتت حديث كل  الاحرار والثوار بالعالم وجعلت من ترامب صعلوكا سياسيا احمق , لم يكن ترامب يتصور ان يقف هذا الرجل في وجه صفقته  ويتحداه في اكبر مواجهة سياسية علي مستوي العصرالحديث حساباتها حساسة ومعقده . مازال يعتقد ترمب ان بامكانه التاثير علي ابومازن وارغامه علي الموافقة علي الصفقة والتعاطي معه والقبول بالجلوس علي طاولة المفاوضات  امام اسرائيل علي اساسها ,ومازال يعتقد ان صفقته سوف تنجح حتي ولو بعد حين . رهان ترامب الاول علي ان يغير الرئيس ابو مازن رأيه بعد سيل التهديدات التي وصلت الرئيس ابو مازن منذ ان رفض الرد علي مكالمته او حتي تسلم رسالته واغلب هذه التهديدات لومه بحدة  علي معاداة هذا المأفون ترمب والتي غالبا ما كان محتواها ان ابو مازن سيدفع ثمنا غاليا لموقفه هذا وخاصة علي اهانته لترمب الذي يعتبر نفسه ملك الملوك ,امبراطور الدنيا كلها , باشارة منه تتغير خرائط بلدان باكملها تسقط حكومات وتاتي حكومات , تدب الفوضي في عواصم , تسقط عواصم وتتقسم بلدان ويقتتل الجيران وتعم الفوضي اكثر المدن رخاءاً وثراءاً وامناً .

 برغم ادراك ترامب  صعوبة تحقيق صفقته واستحالة قبولها فلسطينيا الا انه  خرج هو ونتنياهو "صبيه الصغير"  في مؤتمر صحفي اقرب الي مهرجان انتخابي وليس مؤتمر لاطلاق خطة سلام تنهي صراع استمر لاكثر من ثمانية عقود حتي  الان ,ولا يمكن باي شكل من الاشكال ان يقتنع احد من دعاة السلام بالعالم انه مؤتمر لصناعة السلام بل لصناعة مجد ترمب من جديد ودعم نتنياهو في الانتخابات القادمة وخاصة ان الاثنين نجاتهم تتوقف علي الفوز بالانتخابات كل منهم يينتظر لوائح اتهام بالفساد واستغلال السلطة .  بالرغم من ذلك  اعلن ترمب في هذا المؤتمر عن صفقته المشؤمة التي يعتقد انها سوف تنهي الصراع وتعيد الامن والاستقرار للمنطقة بمجملها دون ان يدرك انه اوجد في المشهد اكثر عوامل التوتر جنونا ليتعقد الصراع ويصعب تحقيق الامن بالمنطقة  ما قد يربك كافة الجبهات بالعالم العربي ,  ترمب ضرب عرض الحائط بكل توجهات الرفض الفلسطينية وبعض الدول الاوربية والعربية التي اكدت علي رفضها المطلق اي خطط تقفز عن حل الدولتين  ونفذ ما في راسه .

منح ترمب نتنياهو وبيني غانتس ستة اسابيع ليبدأوا  في تطبيق الصفقة وكأن الصفقة لم يشرع هو في تطبيقها عندما اعلن القدس عاصمة للكيان واعترفه بالسيادة الاسرائيلية علي الجولان علي اعتقاد ان شيئاً جديداً سوف يستطع اي منهم فعله غير البرنامج الذي يتحدث فيه منذ فترة وهو اعلان ضم الكتل الاستيطانية الكبري للسيادة الاسرائيلية واولها كبري مستوطنات القدس خاصة  معالية ادوميم  بهدف حسم موضوع القدس الشرقية وفصلها تماما عن اي ارتباط بالضفة الغربية وقد اعطي الفلسطينين مهلة اربع سنوات لتجهيز انفسهم لقبول الصفقة والتعاطي معها ملمح  الي ان الادارة الامريكية تتطلع لمرحلة ما بعد الرئيس ابو مازن الرجل العنيد والحجر الصلب في وجه تطبيق الصفقة , نعم قد يلجأ الاسرائيلين لتنفيذ بعض بنودها من طرف واحد لكن دون ان يتاح لهم كامل الحرية في الحركة باتجاة تثبيت هذا الامر لان الامور ليست بالسهلة امامهم فلن يصمت الفلسطينين ولن يكونوا مكتوفي الايدي وهم يشاهدوا قضيتهم تصفي امام اعينهم  وثوابتهم تهشم علي قارعة الصمت .

كل الاوساط السياسية بواشنطن ودولة الاحتلال والدول العربية والاقليم تتطلع للحالة الفلسطينية وكل الانظار تتجة للقيادة الفلسطينية التي وقفت في وجه ترمب  وبات هناك في عقول العديد من المراقبين والقاده والسياسين سؤال كبير , هل بات راس الرئيس ابو مازن مطلوباً ..؟  وبات الكل يوجه نظره لطبيعة رد ادارة البيت الابيض علي اهانة ابو مازن لترمب  التي لم يهان بمثلها اي من الرؤساء الامريكين من قبل , وباتت كثير من مراكز البحوث والدراسات الاستراتيجية منشغلة في دراسة طبيعة رد ادارة ترامب علي ابو مازن واعتقد ان الامر اصبح تحد شخصي بين الرجلين فاما ان يقبل ابو مازن الصفقة دون نقاش او ان رأسه يكون المقابل . لا يستبعد ان تكون واشنطن قد اعطت اسرائيل الضوء الاخضر لازاحة من ابو مازن باعتباره المسؤول  الاكبر عن افشال هذه الصفقة وباعتباره السد المنيع امام قيام دولة اليهود الكبري , وهنا لا اعتقد ان رأس ابو مازن قد تم تكيليف احد بالمجيء به غير اسرائيل التي اعتبرت ان ترمب من اكثر الاصدقاء وفاءاً لاسرائيل في تاريخ العلاقة بين البلدين . الي حين ذلك اعتقد ان اسرائيل ستعمد الي سياسة العزل اي انها ستحاول عزل ابو مازن عن المحيط الدولي بطرق هي تعرفها جيدا في اشارة تحضيرية لازاحة هذا الرجل عن المشهد السياسي تماما ً لتاتي بشكل طبيعي وشرعي بمن هو علي قدرة بقبول صفقة ترامب بل وتنفيذ ما تابقي منها لم ينفذ  .

وسوم: العدد 862