لا يحتاج المغرب إلى اعتراف بسيادته الكاملة على صحرائه من الإدارة الأمريكية أو غيرها

من المعلوم أن حديث الساعة بالنسبة لوسائل الإعلام الدولية عموما والعربية على وجه الخصوص هو موضوع تداعيات ما سمي بصفقة القرن في الوطن العربي ، ومن هذه التداعيات  هرولة بعض الأنظمة العربية لمباركة هذه الصفقة التي لا تقل شؤما عن الصفقات السابقة منذ  صفقة وعد بلفور المشئوم . ولم يقف الأمر عند حد هرولة  تلك الأنظمة المنبطحة للولايات المتحدة والكيان الصهيوني وضغطها بشكل أو بآخرعلى القيادة الفلسطينية لتقبل بهذه الصفقة التي بموجبها تقلصت خريطة فلسطين من وطن كامل إلى ما يشيه كانتونين واحد في الضفة والآخر في القطاع يصل بينهما جحر تحت الأرض  بل صار الكيان الصهيوني المحتل يحاول سوق باقي الأنظمة العربية  التي لم تهرول بعد لمباركة الصفقة لتباركها مستعملا أسلوب الوعيد المموه عليه بالوعود ، فبالأمس كشف  الإعلام الصهيوني النقاب عن لقاء سري بين القائد العسكري السوداني  المدعو البرهان مع  نتنياهو رئيس وزراء الكيان الصهيوني  في العاصمة الأوغندية قيل عنه أن صفقة  القرن قد بدأت تنشطر إلى صفقات تابعة لها منها صفقة السودان التي بموجبها تمت مقايضة تطبيع السودان مع الكيان الصهيوني بتدخل هذا الأخير لدى الإدارة الأمريكية لتكافئه بحذف اسمه من لائحة الدول الراعية للإرهاب  وبمساعدات مالية  ، وهي صفيقة ذكرت الصحف الأمريكية أن دولة خليجية مهرولة لعبت فيها دور الوسيط . وبعد فترة قصيرة من صمت  القائد العسكري السوداني الذي قدم نفسه  للشعب السوداني  حين انتفض على نظام البشير أنه هو مسيحه المخلص لم يجد بدا من الاعتراف بلقائه  مع  رئيس وزراء الكيان الصهيوني وبرر ذلك بأنه من أجل مصلحة السودان وشعبه . و لا ندري أية مصلحة ستبقى للسودان ولشعبه ولكل البلدان العربية وشعوبها حين تتخلى عن أرض فلسطين الوقف الإسلامي وعن شعبها  المجاهد والمرابط فيها والذي قدمت تضحيات لا تقدر بثمن نيابة عن  كل العرب والمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها من أجل أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين .

وإلى جانب صفيقة السودان تحدثت وسائل الإعلام عن مؤامرة  صهيونية تستهدف بلدنا المغرب لاستدراجه من أجل مباركة صفقة القرن المشئومة ، وذلك عن طريق مساومة الكيان الصهيوني له  بالتدخل لدى الإدارة الأمريكية  لتعترف له بكامل سيادته على صحرائه مقابل مباركة  الصفقة والتطبيع . وقد بلغ الأمر حد إثارة  هذه القضية في البرلمان حيث طرح أحد البرلمانيين سؤالا على الحكومة بخصوص هذه القضية ، وذكرت وسائل الإعلام أن الوزير المعني بالرد على السؤال كان في مهمة ، ولم يتسن له حضور الجلسة البرلمانية .

ومعلوم أن سيادة المغرب على صحرائه هي أولا  وقبل كل شيء إرادة إلهية ، ويشهد عليها التاريخ الذي لا يمكن أن يطمس  أو يدلس ، وهي ثانيا إرادة شعب وقيادته، وهي من إرادة الله عز وجل ، وقد أبدعت  تلك القيادة المسيرة الخضراء المظفرة التي أنهت الاحتلال الإسباني  لصحرائنا  فأراد تكريس استمرار استغلاله لخيراتها  بطريقة ماكرة وخبيثة، فحاول هو وخصوم وحدتنا الترابية تضليل بعض المغرر بهم لخلق كيان انفصالي من أجل تحقيق  مصالحهم المكشوفة .

والمغرب ليس بحاجة لمن يضفي الشرعية على سيادته في صحرائه مهما كان الطرف الذي يعتقد أن في اعترافه بذلك قيمة مضافة . ولقد كانت الولايات المتحدة في حاجة إلى اعتراف المغرب بوجودها يوم أسست ،لأنه بلد التاريخ الضارب في القدم ، وكان من المفروض أن تكون الولايات المتحدة أول من يقر بسيادة المغرب  الكاملة على صحرائه ردا على جميله السابق عوض أن يثير اليوم الكيان الصهيوني الذي لم يكن له وجود قبل سبعين عاما  قضية مقايضة الاعتراف بصفقة القرن بتدخله لدى الإدارة الأمريكية لتعترف بسيادة المغرب  الكاملة على صحرائه .

ولقد اختارت إرادة الله عز وجل أن تكون قيادة المغرب على رأس لجنة القدس  الموكول لها مهمة حماية بيت المقدس من خطر التهويد ، وهذا الشرف العظيم يأبى  الله عز وجل وشعب المغرب المسلم وقيادته أن يساوم  فيه باعتراف من الولايات المتحدة أو غيرها  بسيادته الكاملة على صحرائه أو بشيء آخر مهما كان .

وفضلا عن ذلك لا يمكن إثارة الشكوك حول التزام المغرب قيادة وشعبا للشعب الفلسطيني الشقيق بالوقوف إلى جانبه حتى ينال جميع حقوقه كاملة غير منقوصة، وهو يقدر هذه المسؤولية الجسيمة ، ولهذا لا مجال لنشر الدعايات الكاذبة للنيل منه بالتشكيك في التزاماته تجاه القضية الفلسطينية التي هي قضيته  الأولى

أيضا ، ولن يتخلى عنها أبدا خصوصا وهي قضية ذات صلة بعقيدته الإسلامية التي تنص على قدسية أرض فلسطين ، وتعتبرها وقفا إسلاميا غير قابل للمساومة أو المقايضة أو الصفقات مهما كانت . 

وسوم: العدد 862