ما هكذا يكون الانتقاد أيها المنتقدون

ما هكذا يكون الانتقاد أيها المنتقدون

محمد فريد الرياحي

[email protected]

ما أكثر الانتقادات الموجهة إلى جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وما أغزر الاتهامات التي تحاول رد ما جرى في هذا البلد الأمين من أحداث وتجاوزات إلى الرئيس محمد مرسي، وما أقل عطاء هذه الاتهامات وتلك الانتقادات عند التحليل والتعليل والتأويل،فهي تصدر من فريقين اثنين، فريق هواه مع العسكر، وفريق ظاهره التعاطف مع الجماعة، وباطنه تأييد ما حدث من الانقلاب على الشرعية الانتخابية. ويبدو أن هذا الفريق يسير في اتجاهين متوازيين، أولهما اتجاه من يعاضد الانقلاب مع محاولة إخفاء هذا الموقف بإظهار الميل إلى إسداء النصح للجماعة، وثانيهما اتجاه من يسير في ركاب الإخوان روحا وجسدا، وينتقدهم بالطريقة التي تخدم الانقلابيين،وهو في هذا يمارس هذا الفعل بحسن نية من غير أن يفطن إلى ما هو فاعله من الإساءة إلى أصحاب الحق الذي يعلو على ما يحيط به من التآمر في الليل والنهار.والقصية، بعد هذا وذاك، ليست قضية ما ارتكبه الإخوان من الخطأ في التدبير والتسيير، ولكنها قضية ما اجترمه الانقلابيون من التضليل والتهويل. فلقد فعلوا فعلتهم في جو من الإفك الذي أظهر الجماعة في مظهر من أراد سوءا بمصر، وأجمعوا أمرهم على تنحيتها في مجال هو مجال الفاعلية، يقينا منهم بأنها إن مُكِّنت من الحكم، كانت خطرا عليهم وعلى من أوحى إليهم بما هم فيه من الطغيان، وعليه من الاستبداد.ولولا الحبل الذي مد إليهم من الجهات المعروفة بعدائها للإسلام، لكانوا من المغرقين. هي هذه القضية التي ينبغي بل يجب الوقوف عندها بالإشارة والعبارة. إنها قضية انقلاب على الرئاسة الحق التي كانت بالإرادة الشعبية في انتخابات شهد لها المنصفون بالنزاهة، فكيف إذن بعد هذه النزاهة يكون ما كان وما هو كائن من الانحراف عن الطريق والخروج عن الجادة؟ هي هذه القضية يا من تنتقدون الجماعة والرئيس محمد مرسي بالطريقة التي اخترتموها بحسن نية أوسوء نية، وأنتم تخربون بيوتكم بأيديكم. وأروني بعد هذا وذاك أيها المنتقدون حزبا ورئيسا لم يرتكبا خطأ في الممارسة الفعلية للحكم.ولقد أخطأ رؤساء في العالم أخطاء لا تغتفر ومع ذلك لم يقع الانقلاب عليهم، فلما أتموا الرئاسة كانت الانتخابات التي أزاحتهم عن مكانتهم بالطريقة التي يرضى بها الجميع وعنها الجميع.أما أن ينتخب رئيس بدمقراطية وينحى عن الحكم ولما تنته مدة حكمه بحجة أنه ارتكب أخطاء فهذا هو الانقلاب عينه، والطغيان نفسه. وفي هذا الذي أسوقه من الموقف يسأل السائل لماذا لا توجه الانتقادات لمن تعدى الحدود واعتدى على الشعب الذي اختار رئيسه وطريقه،بالتقتيل والتنكيل؟ لماذا لا يتهم من هم أحق بأن يتهموا فيقال لهم أسأتم ، ولا سبيل إلى إنقاذ مصر مما هي فيه من الخلط والخبط إلا بالعودة إلى الحق الذي هو أحق أن يتبع؟ لقد أجرم الانقلابيون بأن أفسدوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد، فقتلوا الأبرياء، ونكلوا بالأتقياء، ونهبوا وسلبوا، وغصبوا وكذبوا، والغاية عندهم تسوغ الوسيلة على الطريقة المكيافلية المقيتة، فعلوا المنكرات، واقترفوا المحرمات،ونشروا الأباطيل والأضاليل،وتآمروا بالليل والنهار حرصا منهم على السلطة التي يسخرونها لأنفسهم الأمارة بالسوء. هي هذه الحقيقة يا أيها الذين انتقدتم الجماعة والرئيس، فوجهوا إذن انتقاداتكم لمن انقلب على عقبيه، وكان أمره فرطا.قولوا له إن الانتخابات هي التي جاءت بالرئيس إلى الحكم، وهي انتخابات شعبية، فكيف ترفضها وتنتقم ممن قال رأيه، وأبان عن موقفه باليقين؟ كيف تخرق ما انعقدت عليه الإرادة الشعبية، وتدعي أنك مع هذه الإرادة ؟؟؟؟ قولوا قولكم هذا وكونوا مع الصادقين. فإن أصررتم على ما أنتم فيه من التخاذل والخذلان، فانتظروا عذابا من الله واقعا. وبئست الخاتمة، وساء المصير.