تصاعد الدعوات لمساعدة إيران في مواجهة جائحة كورونا

تصاعدت دعوات عبر وسائل التواصل الاجتماعي إلى مد يد العون لإيران، والضغط على واشنطن كي ترفع العقوبات التي فرضتها عليها؛ لتتمكن من مواجهة جائحة كورونا، التي ضربتها وحصدت وتحصد الآلاف من أهلها، أو التوسل إلى الله كي يرفع عنها هذا الوباء الذي اجتاحها، وهذه الدعوات جاءت من منطلق إنساني، ولا أعتقد أن هناك إنسان يرفض مثل هذه الدعوات الإنسانية، وقد تشارك كل سكان الكرة الأرضية في التعرض لهذه الجائحة المهلكة، ووجب على الجميع التعاون للتصدي لهذه الجائحة.

إيران وجائحة "كورونا"

بداية نحن نتعاطف مع الشعب الإيراني في محنته ونتمنى له السلامة من هذا الوباء، الذي يتشارك الجميع في التعرض لمصائبه وكوارثه، ولكن كان من الأجدر أن يكون لحكومة طهران وقادة ما يسمى بجمهورية إيران الإسلامية؛ موقفاً إيجابياً تجاه ما يتعرض له شعب إيران من محنة كورونا المميتة، الذي جعل من إيران بؤرة رئيسية له، نتيجة التعامل غير الجدي للسلطات مع هذه الجائحة.

فالوضع الصعب الذي تعيشه إيران بفعل انشغال الحكومة الإيرانية بمتابعة أجندتها المدمرة في دول الجوار العربية "العراق وسورية واليمن ولبنان" دون إعطاء أي أهمية لسلامة الشعب الإيراني وحياته، بتوفير الإمكانيات الطبية والأجهزة الصحية الضرورية لمواجهة مثل هذه الجائحة، مما جعل تفشي فيروس كورونا أن ينتشر بشكل كبير في البلاد، جاعلا من إيران بؤرة رئيسة للفيروس على مستوى العالم.

الولي الفقيه يسوّق عواطفه للإيرانيين وروحاني يتمسك بنظرية المؤامرة

الولي الفقيه خامنئي حاول أن يتعامل مع شعبه بأسلوب عاطفي بالتسويق للتضحيات التي وصفها بـ"المبهرة"، التي قدمها الإيرانيون في التصدي لـ"كورونا" في الدولة الأكثر تضررا من الفيروس في الشرق الأوسط، حيث قال: "إن العام الماضي كان صعبا على الإيرانيين الذين واجهوا العقوبات الأمريكية والسيول وتفشي "كورونا"، الذي أودى بحياة أكثر من 1200 شخص وأصاب نحو 20 ألفا"، مضيفا إن "هذه التضحيات قدمتها أطقم الأطباء والتمريض والمعالجون والمساعدون والعاملون في المستشفيات".

وأضاف خامنئي قائلاً: لقد "استفادت إيران من العقوبات الأمريكية، وجعلتها مكتفية ذاتياً في المجالات كافة"، وبالتزامن مع تلك الكلمات فعلت واشنطن بالتعاون مع سويسرا قناة لنقل سلع إنسانية تشمل أغذية وأدوية لإيران، بهدف تخفيف أعباء الوباء، لكن الرد الإيراني تلخص في رفض طهران عرض الولايات المتحدة تقديم مساعدات لمكافحة الفيروس، حيث إن الرئيس الإيراني حسن روحاني المتمسك بنظرية المؤامرة اتهم واشنطن بالتسبب في معاناة الإيرانيين بسبب العقوبات.

الأرقام المرعبة التي تعلن يوميا عن إصابتها بجائحة كورونا

وعلى الرغم من هذه البطولات والمزاعم التي يتحدث عنها مرشد ثورتهم ورئيس جمهوريتهم، إلا أن هنالك أكثر من 1556 وفاة، و20610 إصابات، منها حالات حرجة، في حين تذكر وسائل إعلام تابعة للمعارضة الإيرانية أن الأرقام تفوق ذلك بكثير، وأن السلطات تمارس تضليلاً إعلاميا، وبالتالي فإن النشرة اليومية الصادرة عن وزارة الصحة الإيرانية تعكس الصورة المقلقة، مع الإعلان عن أكثر من ألف إصابة جديدة كل 24 ساعة، وعشرات الوفيات يوميا، فمن الواضح أن الجائحة تنتشر بسرعة في إيران.

القيادة الإيرانية تنفق المليارات في دول الجوار وتحرم منها الشعب الإيراني

لقد استغلت إيران كل قدراتها المالية والعسكرية للانخراط في الاستيلاء على بعض دول الجوار العربية، وخاصة انخراطها في المستنقع السوري لحماية نمرود الشام بشار الأسد ووأد الثورة السورية، ولتنفيذ الاتفاقيات التي تضمن مصالحها في سورية لعقود قادمة، وتوسع نطاق الدعم الإيراني من الدعم الاستشاري إلى المالي والعسكري.

وفي الوقت الذي يموت فيه الشعب الإيراني من الجوع والفقر، وهذا ما أكدته مؤخرًا موجة الاحتجاجات في طهران والعديد من المدن الأخرى، تسعى الحكومة الإيرانية إلى مد يد العون، للنظام السوري لضمان بقائه.

حجم الانفاق الإيراني في سورية

وأظهرت دراسة أجراها "المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية" تحت عنوان "شبكات التسلل الإيرانية في الشرق الأوسط"، أن إيران تولي أهمية عسكرية واستراتيجية لميليشياتها المنتشرة في المنطقة أكثر من اهتمامها ببرامج الصواريخ والنووية.

وقدرت الدراسة إجمالي إنفاق إيران على أنشطة ميليشياتها في سورية والعراق واليمن بحوالي 16 مليار دولار سنويا، بينما ينفق النظام الإيراني حوالي 700 مليون دولار سنويًا على ميليشيات حزب الله في لبنان.

ووفقاً لمسؤولين إيرانيين، فقد أنفقت طهران مبالغ هائلة في سورية، تصل إلى أكثر من 30 مليار دولار، وفقاً لموقع ومجلة السياسة الخارجية.

موقع "iranwire​" أكد أن أحد أهم نفقات إيران في سورية هو تسليم النفط والمنتجات النفطية إلى قوات الأسد، ويتم ذلك في إطار "حد ائتماني" فتحته إيران لسورية، والذي يتراوح حسب وسائل الإعلام الإيرانية من 2-3 مليار دولار في السنة، مع منح حد ائتماني إجمالي يصل إلى 6 مليارات دولار في السنة، بما في ذلك الإمدادات الغذائية والطبية، التي حددها وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بنحو 2.5 مليار دولار في السنة.

ماذا يقول الخبراء الاقتصاديون عن حجم الإنفاق الإيراني في سورية؟

يقول الكثيرون من الخبراء الاقتصاديون: "إن حجم الإنفاق الإيراني في سورية يصل إلى أكثر من 80 مليار دولار، ومن المؤكد أنه في عام 2015، دعمت إيران نظام الأسد بمبلغ 900 مليون بالإضافة إلى حد الائتمان بين طهران ودمشق والذي يقدر بنحو 12 مليار دولار".

كما كشفت "جيسي شاهين"، المتحدثة باسم المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، "ستافان دي ميستورا"، أن تقديرات الأمم المتحدة بشأن متوسط ​​الإنفاق الإيراني في سورية تبلغ 6 مليارات دولار سنويًا.

وعلى سبيل المقارنة، هذا يعني أن إيران ساعدت النظام السوري بمبلغ يعادل نصف ميزانية دعم الأسعار الداخلية سنويًا، إذا أنفقت إيران هذا المبلغ سنويًا على مدار 8 سنوات من الحرب السورية، فإن هذا يعني أنها أنفقت 48 مليار دولار، أي 4 أضعاف ميزانية الدفاع الإيرانية السنوية.

الفاتورة التي تحول بيننا وبين أي موقف إنساني تجاه إيران

فاتورة هذه الأرقام من الأموال المهولة التي قدمتها طهران دعماً لنمرود الشام ومنع سقوطه، ولتشكيل ميليشيات القتل الرافضية التي جندتها ودربتها ومولتها بالمال والسلاح من العديد من دول العالم، لذبح السوريين وتهجيرهم من مدنهم وبلداتهم وقراهم إلى آفاق الأرض، وفرض نزوح الملايين من ديارهم بلا ماء ولا دواء ولا طعام ولا مأوى يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، فمن منا يجرؤ أن يكون في موقف إنساني تجاه هذه الدولة الإرهابية المارقة الضالة المضللة، التي تريد انتزاع عقيدتنا من صدورنا، وانتزاع هويتنا الوطنية، وتغيير الديمغرافية السورية التي عشناها لقرون طويلة؟!

المصادر:

جريدة العرب الاقتصادية - الاثنين 23 مارس/آذار 2020

قناة الحرة- 23  شباط 2020

وسوم: العدد 871