كوهين الذي عرفتم وكوهين الذي لم تعرفوا !!

صفحات من تاريخ غير مكتوب

الصفحتان : الثانية والثالثةً

الصفحة الثانية من تاريخ غير مكتوب :

كوهين الذي عرفتم ..

كامل أمين ثابت

المغترب الوطني الذي أراد أن ينعش الاقتصاد الوطني السوري بثروته .

وللحقيقة التاريخية فقد تعاون كل من قادة الموساد وقادة البعث على طي ملف المذكور بطريقة في غاية من الأناقة والدبلوماسية . وكانت عملية الإعدام التي بادر إليها عملاء الموساد في قمة الهرم في الدولة السورية هي الطريقة الأكثر أناقة لطي مثل هذا الملف المثخن بالخيانة والعمالة والعهر والفجور والإثم ..

والذي ذكرني بهذه الصفحة وسط زحمة الأحداث ، هو ما سبقت إليه قناة الجزيرة القطرية عشية الثاني عشر من آذار ٢٠٢٠ من إعادة فتح الملف ، ولأمر ما جدع قصير أنفه ، كما تقول العرب ؛ أعادت قناة الجزيرة فتح الملف في توقيت غريب ، وعلى الطريقة التي يريدها الموساد الصهيوني ، بفرعيه الإسرائيلي والأسدي .

وعلى العكس مما ترفعه قناة الجزيرة شديدة الوقار، من شعار الرأي والرأي الآخر ، فقد كان شهود الملف الذين استشهدت بهم كلهم يعزفون اللحن ذاته .

ويؤكدون على الحقائق التالية :

لم تكن شخصية إيلي كوهين أو كامل أمين ثابت شخصية مهمة ولا خطيرة ، ولم يكن جاسوسا مهما عند الموساد الصهيوني .

يقول شاهد الموساد إن المهام التي كلف بها كوهين هي رصد الشائعات فقط ، ويقول شاهد البعث : إن إسرائيل كانت تعلم كل شيء عن تسليح وتمركز العسكرية السورية ، وكوهين لم يخترق ولم يصل إلى شيء .

ويحاول الشهود المؤتلفون أن يقللوا من حجم الاختراق لبنية الشلة البعثية الانقلابية ؛ يقول الشاهد البعثي أن كوهين كان يتردد على مطعم يرتاده الأجانب في دمشق فقط !! هذه الدائرة التي كان يسبح فيها كوهين ويضطر لتجاوز الوقت المسموح له فيه بالبث لينقل إلى قيادته أخبار المطعم الذي يرتاده الأجانب فربما كان فيه ما فيه !! كلام له خبيء .

يجمع كل شهود الزُّور الذين استضافتهم قناة الجزيرة فكانت شريكتهم في الآثم أن جاسوسا بحجم إيلي كوهين ما كان له دور في الإعداد لهزيمة الخامس من حزيران . ولا في اختراق أسرار الأمن العسكري السوري.

تغافلت قناة الجزيرة عن عمد عن الرواية الحقيقية لكشف سر كامل أمين ثابت فأعطت شرف ذلك للروس !! وأغفلت أن المخابرات المصرية هي التي التقطت صورة المذكور ، وأرسلت رغم الخلاف الحاد بين عبد الناصر والبعث تسأل أو تحذر...

وحتى لا يزيف التاريخ وتضيع الحقيقة أروي ما عايشت وسمعت وقرأت

فقد وصل كامل أمين ثابت المغترب السوري من الأرجنتين بدعوى انه يريد تقديم خدمة للوطن.

وخلاف ما يقوله أمين الحافظ الذي كان ملحقا عسكريا للدولة السورية فقد عايش وجوده وجود كامل أمين ثابت خلال فترة التدريب والتأقلم على البيئة السورية وتكوين حزمة من المعارف السوريين في الأرجنتين حيث كان محضن الإعداد . ولماذا الأرجنتين ؟! لأن الأرجنتين فيها جالية كبيرة من المهاجرين السوريين من القرن التاسع عشر ،يقول أمين الحافظ وسألته من تعرف فذكر أسماء حقيقية .. ولكنه لم يذكره بالطبع فقط هو يريد أن يدفع عن نفسه بوصفه المتهم الأول .

وصل كامل أمين ثابت يحمل روحا قومية وثابة فتلقفه قادة البعث . ونسي المغترب السوري حكاية المشروعات الاقتصادية وافتتح ماخورا لنخبة النخبة من الرفاق ...

وتهافت الذباب على قصعة الدبس . وكان كوهين أقصد المغترب السوري يستضيف زبائنه فرادى ومجتمعين . يخلو بهم وبصورهم في الليل ويرافقهم إلى قطعاتهم العسكرية في النهار .

ويقول أمين الحافظ إنه قال له اقرأ سورة الفاتحة فلم يستطع ؛ فهل يرد بذلك على رجل الموساد الذي قال إنه علمه كل شيء يمكن أن يلزمه . هل ينسى الموساد أن يعلم رجلا يريد أن يقمصه قميص الإسلام سورة الفاتحة ؟!

في نهارات كوهين كانت تسلخ أسرار الدولة السورية من موقع إلى موقع وكوهين نهم وشره لا يفوت شيئا

وفِي لياليه الحمراء في شقته في شارع (أبو رمانة) كان يستنسخ نفوس الطاقم العسكري . وعدوا كل القيادات ولا تستثنوا أحدا ، أحد شهود قناة الجزيرة يحاول أن يلقي المسئولية الأخطر على كاهل مساعد يقول إنه كان ابن أخت زهر الدين وأنا لا أدافع عن جاسوس ...

صلاح الضلي القاضي العسكري الذي نطق بحكم الإعدام كان أحد زبائن كوهين في الوكر البعثي ... والذي لم يغب عنه من نخبة الانقلاب البعثي أحد .

لقد تكاثرت الظباء على كوهين فلم يعد يدري ما يصيد . فاضطر أن يخالف التعليمات الأمنية بالبث أكثر من دقيقتين أولا لضغط العمل وثانياً لأنه كان يشعر بالأمان فهو في سورية البعث المتمكن الأمكن فلا حاجة للخوف ولا للريبة .

أعدموا كوهين بسرعة لتموت معه أسرارهم وصورهم وهم في شقته يمارسون كل الذي تحدث عنه السوريون بتفصيل شعبوي مشوق ...

وصمت الموساد عن تلك الأسرار لأنه ما زال يستثمر في أولئك الخونة الفجرة من طاقم القتل والغدر .

انتهت الصفحة الثانية

الصفحة الثالثة من تاريخ غير مكتوب عن جميل يونس النسخة الحلبية عن كوهين الذي لم يعدم ولم يسمع به أحد والذي تستر على أخباره كل الرفاق الصفاق .

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 872