وظّف اسمَه ، ليكسب منهم مالاً ، فوظّفوه ، ليكون لهم عبداً ، فمَن مثلُه ، اليوم ؟

هذه قصّة حقيقية ، جرت في بدايات الاحتلال الفرنسي ، لسورية  !

كَركور: اسم حقيقي ، محرّف عن ، قرقور! والقرقور هو : الخروف ، الذي بلغ سنة من عمره ، فلا هو خروف ، ولا كبش ! وهو معروف ، جدّاً ، لدى العرب ، في بادية الشام وأريافها ، وجمعُه : قراقير! لكنه ، في الأرياف ، يدعى : كَركور، بالكاف المخفّفة ، المنقلبة عن قاف ، كما يلفظ المصريون الجيم !

أحَبّ كركور، أن يوظّف اسمَه ، لدى الفرنسيين ،  في بداية احتلالهم سورية ، عام /1920 / ، بعد نهاية الحرب العالمية الأولى ، واتفاقية سايكس بيكو ، بين الفرنسيين والإنجليز، فقدّم قرقور، نفسَه ، للضابط الفرنسي،على أنه :كركور، وأنه نصراني، يعاني من الاضطهاد، بين المسلمين! وأبرز للضابط هويّته ، التي تثبت أن اسمه كركور، وهو اسم نصراني ،لايسمّي به المسلمون أبناءهم ! فرحّب الضابط بكركور، وعدّه صيداً ثميناً ، في منطقة ، ليس لهم فيها أنصار، من ملّتهم !

وتمّت الإجراءات ، سريعاً ، لضمّ كركور، إلى الملّة النصرانية ، من ناحية ، وإلى الخدمة ، لدى الجيش الفرنسي ، من ناحية ثانية !

لقد نُصح كركور، بهذا السلوك ، لكسب بعض المال ، من الفرنسيين المحتلين ،  موظّفاً اسمَه، في هذا الأمر! ورحّب الضابط الفرنسي، بهذا الأمر، ليوظّف كركوراً، خادماً ، يحقّق أهداف المحتلّ ، بين بني قومه ! فهي عملية توظيف متبادَلة ، لكن ، مَن الرابح فيها ، ومَن الخاسر؟  

من الواضح ، أن الفرنسيين لايخسرون شيئاً، سوى بعض المال ، مقابل كسبهم عوناً، من أبناء المطقة التي يحتلّونها !

أمّا كركور، فكسب بعض المال ، من ناحية ، وكسب ، من ناحية ثانية ، غطاء قويّاً، من المحتلّ الفرنسي ، ليصبح ، بين أبناء قومه ، ذا شأن وقيمة !

ومرّت الأيّام ، وخرجت فرنسا من سورية ، بعد ستّ وعشرين سنة من الاحتلال ! فما ذا كان شأن كركور، حينذاك ؟ يُنقل ، عن الذين عايشوا قصّته ، من معاصريه، من أهل وأقارب ، وأصدقاء ومعارف .. أنه أحسّ بندم شديد ، على مافعل ؛ لأنه خرج من ملّته ، وباع دينه ، بثمن بخس.. لكن ، لاتَ ساعةَ مَندم !

والسؤال ، هنا: هل لكركور(قرقور) نظراء ، في أمّتنا ، اليوم ؟ ربّما، لكن قد لايكون أيٌّ منهم: بالاسم ذاته ، وبالصفات ذاتها ، أويفعل فعله ، للأهداف ذاتها !

وسوم: العدد 873