على وقع تفجير عفرين الدمويّ

يبدو أنّ الجهة التي قامت بتفجير عفرين، الذي أودى بـ ( 42 ) ضحية، و إصابة ما يزيد على ( 50 )، قبيل مدفع إفطار يوم الثلاثاء: 28/ 4 ـ الخامس من شهر رمضان، أرادت أن توصل رسالة واضحة إلى الضامن التركي، بأن ما بريده من الأمن و الرخاء في الشمال السوريّ، أمرٌ متبادَل بين الأطراف المتحركة في الملف السوريّ جميعها.

و بانتظار أن تكشف التحقيقات التي تولّت تركيا أمرها، ولاسيّما بعد نبأ اعتقالها مشتبهًا به في التفجير، فإنّ هناك اتهامات سياسية يمكن أن توجّه إلى أكثر من طرف، يعنيه أن يزعج الأتراك و يجعلهم في موضع الدفاع عن أنفسهم.

فيمكن أن تشير أصابع الاتهام إلى الأطراف الكردية، المتضررة من وجود تركيا في منطقة غصن الزيتون، و ذلك كرد فعل على أحدث مواجهة بينهما، حيث استطاعت المخابرات التركية بالتعاون مع السويد، في: 22/ 4، إلقاء القبض على رسول أوزدمير ( مسؤول الفرع الشبابي للتنظيم PKK )، و ذلك في منطقة ( جيزره ) التركية الحدودية مع العراق، ولاسيّما أنّ صور تتبع الشاحنة تشير إلى أنها قادمة من طريق إعزازـ عفرين؛ حيث يمكن لها أن تكون قد قدمت من مناطق تل رفعت و القرى العربية، التي تتمركز فيها الوحدات الكردية.

و يمكن أن تشير إلى الجماعات الجهادية، التي تسعى لعرقلة اتفاق موسكو، الموقّع بين تركيا و روسيا، في: 5/ 3، بخصوص تطبيع الأوضاع في منطقة إدلب، و سبق لها أن قامت بعدد من العمليات ضد القوات التركية، في محيط طريق M4، و وصل الأمر بينهما إلى حدّ الصدام المفتوح، ولاسيما بعد وصفها بالمنظمات الظلامية، من الرئيس أردوغان.

و أيضًا قد توجّه إلى المليشيات الموالية لإيران، و هي قريبة جدًا جغرافيا من منطقة عفرين، ولاسيّما بعد الفشل الذريع لجولة الوزير ظريف الأخيرة إلى دمشق، و كان واضحًا في أثنائها نوعية الرسالة التي أرسلها الرئيس أردوغان، إلى إيران و إلى الرئيس الأسد، في حال فكرا بإحداث اختراق لاتفاق إدلب.

و بإزاء ذلك، و بانتظار ما ستسفر عنه التحقيقات، مع الشخص المُلقى عليه القبض، سواء أكان سائق ( الشاحنة )، أو ( الفان) الذي انفجر هو أولاً، و أدى انفجاره إلى انفجارها، و إحداث معظم الضرر ممّا كانت تحمله من براميل الوقود.

فإنّ هناك عدة تساؤلات ينبغي أن يُجاب عليها من الضامن التركي، قبل شركائه المحليين من الفصائل، التي تشرف عليها المخابرات التركية في مناطق: درع الفرات، و غصن الزيتون، و نبع السلام، و لاحقًا درع الربيع.

أولى هذه التساؤلات، هو ملف الفساد المستشري بين نسبة لا بأس بها من عناصر تلك الفصائل، و هو الأمر الذي يجعلها في موضع اتهام عن كثير من الخروقات الأمنية، التي تشهدها تلك المناطق، لدرجة أن يتمكّن ( 8 ) من عناصر وقيادات داعش من الهروب من سجن الزراعة التابع لفرقة الحمزة في مدينة الباب، يوم الاثنين: 27/ 4، أي قبل يوم واحد فقط من وقوع هذا الانفجار الدمويّ.

و ثانيها تسلط عناصر حواجز هذه الفصائل على أقوات الناس، و تركهم بسط الأمن و الأمان للقَدَر.

و ثالثها، و ربما الأخطر للجانب التركي، هو انخراط نسبة من مخابراتها، و عساكرها في منظومة الفساد، التي تأسست في تلك المناطق، بشكل غير خافٍ، و أخذت تمارس فسادها حتى في إدخال من يرغب إلى الداخل التركي، من تحت سقف المعابر، بما يصل إلى ( 2000 $ ) للشخص الواحد.

و حتى لا يكون الغرض من الحديث هو تعداد المثالب التي تشهدها تلك المناطق، لصرف الأنظار بعيدًا عن هذا التفجير الدمويّ، نرى أن يُترك المجال الآن لفرق التحقيق فيه؛ عساها أن تصل إلى رأس خيط يقودها إلى الجهة، التي أقدمت عليه، مستهينة بحرمة الدم، و من قبله بحرمة شهر رمضان.

وسوم: العدد 875