رد الفروع على الأصول في قضية مخلوف

ليس بشار .. ولا ماهر .. ولا أسماء .. إنهم الروس أيها السوريون

وبالدور واحد .. واحد يا شباب ..

وهذا المقال ليس دفاعا عن أي واحد من المذكورين أعلاه ..وأنا لست من أصحاب مدرسة " فخار يكسر بعضه " ولست مهتما بمخلوف ولا الذي يليه والذي يليه ، ولكنني أعلم أن جزازة بوتين إن استطالت ستستنفد آخر قطعة جبن ، أو حبة زيتون في مطربان مؤنة السوريين ..وإليكم الحكاية ..

كنا في أواخر عام 2019 ، ربما في الشهر العاشر ، أنا ليس لدي أرشيف إلا ذاكرة رجل سبعيني واهنة ، تذكروا عندما أحضر بشار الأسد إلى موسكو ، وطالبه بوتين ببعض المستحقات ؛ مستحقات قتلنا وذبحنا وتدمير بلادنا : مساجدنا ومدارسنا ومستشفياتنا ..وربما يومها ، اعتذر بشار أو تلكأ أو على عادة كل مدين مفلس طلب الإمهال ؛ لا ندري يومها ماذا حدث بالضبط ، ولكن الذي سمعناه بكل تأكيد : أن بشار وهو ما يزال قيد الإحضار ، التفت إلى ابن خاله العزيز يستغيثه ببضعة مليارات ، واعتذر الآخر بقلة السيولة ..!! تذكرون ..

كل المتابعين للشأن السياسي السوري سمعوا هذا ، وتابعوه وربما تأملوه وحللوه وهذا كان نقطة البداية فيما سمعناه من خلاف بين وبين ..

وكما يفعل علماء الأصول فيما يسمونه رد الفروع على الأصول ؛ يجب أن نرد كل فروع هذه القضية إلى أصلها الأول هذا ..

وصورة القضية أن بوتين بعد أن أحكم القيد على الدولة السورية بكل ما فيها ومن فيها ربما غدا أكثر قسوة من شايلوك الذي يريد أن يقتطع رطلا من لحم غريمه المدين المرتبط معه باتفاقيات وعقود .

خزينة الدولة السورية تئن ، وبشار الأسد لا يزال يحتاج إلى المال ليقتل من تبقى من السوريين ، والدولة الروسية ليست جمعية خيرية ، وهكذا يقرر بوتين أن يمد يده من خزانة الدولة إلى جيوب الأفراد ..ليقتضي من موقع القوة والاقتدار كل قرش أنفقه على مشروع السيطرة والنفوذ

ومهما قلنا عن رامي مخلوف - وهو مستحق لكل ما يقال فيه - فإنه يبقى بحكم الذمة المالية القانونية فرد . لا علاقة له بمديونية الدولة والتزاماتها ؛ ولكن بوتين قرر أن يستفرغ ما في خزانة هذا الفرد ..الثري الأول ، ولا يهمه من حل جمع المال أو من حرام . كل الأسماء الواردة في طريق الصراع العلوي - العلوي بين أقطاب بيت الحكم ، هي بعض طريقة بوتين لإرباك المشهد ، وسحر أعين السوريين . ومخلوف ثور بوتين الأبيض اليوم موضوع تحت العقوبات الأمريكية والعقوبات الأوربية ، وهو يدرك اليوم أن معركته الحقيقية ليست مع ماهر ولا مع بشار ..وعلينا أن ندرك أن قوانين العقوبات الدوليةى تحاصر بقية المجرمين على قاعدة : العقوبات من ورائكم وبوتين من أمامكم ، وادفعوا كل ما تملكون ..

لسنا مهتمين أبدا بما سيجري على مخلوف ولا على كل أعضاء زمرته الأشرار ..فإلى حيث ألقت رحلها أم قشعم ..ولكن يجب أن لا ننسى أن مال أي فرد هو في الوقت نفسه جزء من المال العام . حتى لو كان مخلوف مستثمرا أجنبيا فإن مصادرة أمواله ، لمصلحة الروسي بأي طريقة من الطرق هي نوع من أنواع التأميم البعثي يوم تحولت ثروات الجادين السوريين إلى جيوب الرفاق ..لعلكم تذكرون

وربما من حق أن نتساءل ، من سيكون التالي الذي سيطلب بوتين رأسه أو رأس ماله ونمضي في تصور التسلسل إلى الرقم السبعين ..وسنجد أن المستهدف كل من يملك بلغة من السوريين

وماذا بعد ..

عندما سمعت منذ يومين جيمس جيفري يقول يجب على جميع القوات الأجنبية أن تخرج من سورية بما فيها الإيرانية والتركية والأمريكية !! ما عدا الروسية ..تساءلت هل القرار الدولي أن تصبح سورية مزرعة روسية وأن يصبح كل سكانها مجرد أقنان؟ والقنانة صيغة من العبودية انتشرت ظل الإقطاع .

مزرعة روسية تجيد حماية أمن إسرائيل بنفس المستوى التي كانت تؤمنه عصابة الأسد ، وربما بكلفة أقل !!

هل القادم أن بوتين سيطالب كل السوريين الأفراد بما له من ديون على حليفه بشار الأسد بعد أن يجيرها على الدولة السورية بذريعة أنه حمى السوريين من الإرهاب ..؟!

قال لافروف مرات وشويغو أخرى : إنما جئنا إلى سورية لحماية المسيحيين ، ومنذ يومين نطالع على موقع كلنا شركاء : أن ضابطا كبيرا من حميميم يلتقي بمسيحيي بعض القرى السورية يسألهم عن حجم الامتيازات التي يريدون ..وقانون الامتيازات ما يزال حيا في العقول والقلوب ..

عندما نرد الفرع على أصله ، ونخرجه عليه كما يفعل علماء الأصول ؛ ندرك أن أمثال رامي وماهر وبشار في معركتنا القادمة مجرد " خراطيش " !!

إنه الاحتلال يا قومنا ، والاحتلال في القرن الحادي والعشرين أكثر توحشا مما عرف العالم على مر السنيين. يقول الإمام الغزالي : إن أول الفعل معرفة ...وما أكثر ما قالوا : ويل للذين يعلمون من الذين لا يعلمون ..

اللهم عليك بهم لفيفا . عليك ببشار وماهر ورامي وسابقيهم في الظلم والفساد بوتين والولي الفقيه

( فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ )

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 875