"الفتنةُ".. سلاح حزب الله الجاهز!

-  ميشال نصر

السبت الذي سبق 6/6 فتحَ صفحة جديدة في الصراع الدائر على الساحة اللبنانية، مع إدخاله ملفاً طالما بقي محرماً تناوله ألا وهو سلاح حزب الله، وان مواربة من خلال المطالبة بتطبيق القرارات الدولية ولا سيما الـ 1559 والـ 1701 والتي  تغير بالتأكيد الواقع اللبناني بالكامل.

فكُرة الثلجِ التي بدأت من أمام قصر العدل مع 30 شخصاً، شهدت تحركاً مشابهاً في اليوم الثاني في طرابلس وفقاً لنفس السيناريو، قبل أن "تهيمن" على حركة الشارع السبت، وتنقل بتداعياتها الامور الى مكان اخر، ظنّ البعض انه الطريق لاجهاض وفرط هذا المسعى.

وجرس الإنذار الذي بيّن هشاشة الساحة الداخلية، وبأن ثمة ما يحضر للبلاد من دخول في الفوضى، وفقاً لرئيس الحكومة، طرحَ علامات استفهام عديدة حول الاجراءات والخطوات التي قامت بها لرد المخاطر وتحصين الساحة لمواجهتها ،بعدما تركت الساحة ليل السبت - الاحد، لقوى الأمر الواقع و"لجانها الامنية"، التي تكفلت بتثبيت ما نتج عن الاشتباكات المسلحة وعمليات الاستفزاز المتنقلة

بعيداً عن صبّ الزيت على النار، وفي الكلام السياسي بات واضحاً ان تكتيك حزب الله في صد اي محاولات للحديث عن تحرير البلد من سطوته، يواجَهه بسحبِ سيف الفتنة التي ترعب خصومه، فيرتدون "مرعوبين" خائفين، وهو ما استعمله أكثر من مرة ونجح.

فحارة حريك التي تعتبر المسّ بموضوع السلاح من الخطوط الحمر، اتخذ قرار الرد منذ ما قبل السبت، بعدما قرأت في تظاهرة قصر العدل وما تبعها، شرارة يجب دفنها في مهدها قبل ان "يفلت الملق"، فرضت ايقاعها على الاحداث، ساعدها في ذلك المحسوبون عليها في ادارات الدولة المعنية على كل المستويات، حيث استنفروا ليخوضوا معها معركة وجودهم بادئ ذي بدء.

صحيحٌ أن أي لبناني لا يريد العودة الى زمن الحرب والانقسامات، إلّا أن الصحيح أيضاً أن ثمّة من بين الثوار من تجرأ على قول ما في نفوس الغالبية بأن علّة الاوضاع الاقتصادية والمالية والسياسية هي في وجود الدويلة داخل الدولة، تحمي وتغطي المرتكبين والفاسدين. من هنا حق تلك الجماعة وفقاً للدستور، بالاعلان عن موقفها والمطالبة بتطبيق القرارات الدولية، التي اشارت جميع البيانات الوزارية الى ضرورة الالتزام بها.

نتيجة كل ذلك يمكن استنتاج التالي، من محور المزرعة الى عين الرمانة الشياح،حيث ربط حبل غليظ اطراف تلك المناطق:

- نجاح حزب الله في استعادة عطف الشارع الشيعي الثائر في صور، النبطية وبعلبك، فضرب بذلك الثورة واضعفها.

- لعبَ الحزب على الغرائز الطائفية في "ميني حرب أهلية مذهبية الطابع"، فهرولَ وليد بيك الى عين التينة ومنها الى بيت الوسط، فيما كانت خطوطه الامنية مفتوحة مع الحاج وفيق، وتراجع الشيخ سعد خوفاً من "سحسوح" جديد على غرار السابع من أيار، وانكفأ كل من القوات واللبنانية وحزب الكتائب متنكرين للمطالب السياسية والخطابات اليومية.

- مدّ الحزب طوق النجاة لحلفائه السابقين على طاولة الحكومة، معطياً أياهم "باس" لاثبات قدرتهم على التحكم بالبلاد وسلمها الاهلي، هي التي يجمعها سراً القلق على مصيرها من الثورة الداعية الى المحاسبة ووقف السرقة والفساد.

- خوضه هجوم استباقي ضد الكتائب والقوات لاعادتهم الى "بيت الطاعة"، من منطلق الخوف من مواقفهم السياسية لاحقاً في حال تدحرج كرة ثلج المطالبة بتطبيق القرارات الدولية، فكان قرار الحزب بدخول عين الرمانة دون سبب وخلق بؤرة توتر فرضت على الطرف المسيحي التراجع خطوات الى الوراء.

الأسئلةُ كثيرةٌ والأجوبةُ قليلةٌ، في ظلّ القراءات المختلفة لما حدث، وغموض الرسائل التي أرادت الاطراف إيصالها.

فكيف سيتعاطى "حزب الله" مع سقوط محرمة تناول سلاحه؟ هل سيغير ما حصل من خطاب الثورة ككل؟ هل يمكن أن نمنع استخدامنا كأدوات لحسابات اقليمية - دولية؟ الى متى ستبقي القيادات السياسية على جُبنها في مواجهة حزب يصر على خوض معاركه وفقاً لمصالحه حتى آخر لبناني، تحت شعار المقاومة؟

فإذا كنتم لا تعرفون أنه "ما في شي ماشي" ،فتلك مصيبة، أما إذا كنتم تدرون فالكارثة أكبر...

فالخشية من لجوئكم الى هذه الورقة كلما "انحشرتوا" باتت واقعاً... إلا أن الرهان على وعي ومسؤولية الناس لتحرير أنفسهم يبقى الأمل الوحيد...

وسوم: العدد 880