دار الافتاء السيسية : "فتح القسطنطينية كان غزوا استعماريا" " وإذا خاصم فجر "

ما صدر عن دار الإفتاء المصرية " السيسية " أولا باعتبار الفتح العظيم " فتح القسطنطينية " غزوا استعماريا ، هو الإفك ، والبهتان ، والكذب وشهادة الزور ، وتقمصٌ لموقف الكفرة والفجرة من أعداء هذه الأمة على مر التاريخ .

وما أردفه بعضهم من الحديث عن مسجد أياصوفيا " العظيم " واعتباره كنيسة مغتصبة ، يؤكد لكم حقيقة الحقيقة في وحدة مشروع أهل الكفر والردة والفسق والفجور بين ظهرانينا ، وإن اختلفت منابرهم ، وتعددت ألوان فتنهم ..

ولا تظنوا أن ما صدر عن دار الفتوى السيسية وليست المصرية ، فلتة لسان يتم تسويتها باعتذار ، بل هي في الحقيقة تعبير عن استراتيجية كفرية متأصلة في عقول وقلوب أعداء الله ، وأعداء رسوله ، وأعداء الإسلام ، وأعداء المسلمين .. أي أعدائنا جميعا ، شئنا أو أبينا . وما الاعتذار الرقيع الذي تقدم به أحفاد " أبي عامر الفاسق " صاحب مسجد الضرار بين ظهرانينا في دار الفتوى السيسية ، إلا لأنهم شعروا أن جرعة الإفك السيسية الصهيونية كانت متعجلة متسرعة فأحدثت من ردود الفعل أكثر مما كانوا يتوقعون فلاذوا باعتذارهم الرقيع .

ما صدر عن دار الفتوى السيسية بحق فتح القسطنطينية " شنشنة نعرفها من أخزم " وقولهم في فتح القسطنطينية ، هو قولهم في فتح مصر والشام والعراق وكل أرض ساح فيها نور الإسلام !!

ولقد قامت هذه الاستراتيجية الكفرية ، والتي ما زلنا نعامل على أساسها في كل ديارنا، على قاعدة أن المسلمين في عقر ديارهم " الشام والعراق ومصر والمغرب والأناضول " غزاة مستعمرون . تذكرون وأنا أظل أذكركم ، بدعوات الفرعونية والفينيقية والآشورية التي كنسها الوعي الإسلامي منذ قرن ، وما يزال هناك من يعمل عليها ، فيتمسك العدو الأكبر بكل صغير عدو للإسلام ، وكل حقير منشق على الإسلام والمسلمين ، وكل غرير متربص بالإسلام والمسلمين ، وكل حاقد خارج على الثقافة والحضارة والتاريخ ..

تزعم دار الفتوى السيسية أن وجود المسلمين في ديارهم وعلى أرضهم في مصر والشام والعراق والأناضول غزو واستعمار .. أما الوجود الروماني الذي كان يحيط بالبحر المتوسط إحاطة سوار بمعصم ، فهو الوجود الشرعي الرشيد .. ألا قاتلهم الله أنى يؤفكون ..

وعلى هذا الأساس تظلون تسمعون إفكهم ينادون علينا جميعا أيها المسلمون .. " عودوا إلى جزيرة العرب " وعلى هذا الأساس تظلون ترون أنفسكم محارَبين مطارَدين ، مضيقا عليكم في الرزق إن عشتم ، ملاحقين بالقيد والسجن والقتل والتهجير..

وتنسى دار الفتوى " السيسية " (إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) ..

ينسى المتواطئون مع السيسي ودار فتواه ، ومع بشار الأسد وزمرته ، ومع الولي الفقيه وأذنابه ، ومع حفتر وداعميه ؛ أن شعوب هذه البلاد قد استبدلت الذي هو خير بالذي هو أدنى ، فتقمص قميص الإسلام ... الرومي والفارسي والآرامي والسرياني والآشوري والمصري والتركي والكردي وشكلوا جميعا مع إخوانهم من أحفاد الفاتحين لُحمة الحضارة وسداتها ، وكان هذا النسيج الإسلامي الجميل ..

ويقول أحد الكهنة الجدد : مسجد أياصوفيا كنيسة مغتصبة !!

وأقول : بل إن العبّاد الصادقين في كنيسة أياصوفيا أسلموا فحولوها إلى مسجد .

وأسأل : كهنة دار الفتوى السيسية : أين هم سكان القسطنطينية الحقيقيون اليوم ؟! وإن يكن قد هاجر من القسطنطينية أناس ، فقد هاجر من القوم أئمتهم وكبراؤهم ثم بقي سواد الناس في ديارهم ، ولم تقم بحقهم محاكم تفتيش لا نصرانية ولا أسدية ولا سيسية، رأوا من نصاعة عقيدة المسلمين ، ومن عدلهم ورحمتهم وبرهم وقسطهم ما رغبهم في الدين الجديد فأسلموا .. فهم هم اليوم أصحاب الأرض ، وورثة الدين والحضارة والثقافة والكنيسة وإن رغمت أنوف ...

ومثله نقول في سكان مصر وسكان الشام والعراق والمغارب العربية كلها .. وحبذا قوم يقول كبيرهم : شعب الجزائر مسلم .. وإلى العروبة ينتسب

لماذا المصري الذي أسلم يسقط سهمه في وطنه ؟! لماذا السوري الذي أسلم يسقط سهمه في وطنه ؟! لماذا الرومي الذي أسلم يسقط سهمه في وطنه؟! ، لماذا الفارسي الذي أسلم يسقط سهمه في وطنه ، إلا أن يتشيع فيكون على ملة ابن سبأ ؟!

أليست هذه عقلية الكهنة من كتبة العهدين القديم والجديد ، حين يضعون على لسان المسيح سيدنا ، جوابا للمرأة الكنعانية ، ترجو أن يدعو لابنتها المريضة المدنفة : كيف ألقي خبز البنين للكلاب ؟!!!!!!

أسئلة كثيرة عقلية وموضوعية دينية وجغرافية وديمغرافية وثقافية وحضارية تفرض نفسها على أئمة الكفر ، ورؤوس الجهل ، ومرتزقة الكلمات الضالة المضلة من الدعاة على أبواب جهنم ، وعلى كل المتصدرين باسم الفتنة ...

أما اعتذار دار الفتوى السيسية بأن محمدا الفاتح رحمه الله تعالى كان صوفيا ... فليتكم ملكتم من أخلاق المتصوفة أرباب الصدق والذوق أدنى نصيب ..

و "مما حفظ الناس من كلام النبوة الأولى إن لم تستح فاصنع ما شئت "

وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم " وإذا خاصم فجر " وما جئتم به هو الفجور العريان ... لا ينقص من فجور الفجار شيئا بل يزيد..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 880