يوم عاشوراء بالنسبة إلينا نحن المسلمين يوم نصر وفرح

احثوا في وجوه الرافضة الجدد التراب

نصر الله فيه القليل المستضعفين بمعية رسول الله موسى عليه السلام ، على الطاغية الجبار الفاسد المفسد فرعون الذي قال أنا ربكم الأعلى ، فرعون الذي علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم بتقتيل الأبناء واسترقاق البنات ..

يوم عاشوراء بالنسبة إلينا نحن المسلمين ..

يوم صيام شكرا لله على ما أولى من نعم ، وجبر من كسر ، ولنتذكر أن معركة أهل الحق مع الطغاة والجبارين والفراعين ماضية إلى قيام الساعة ، وإن كان لها في كل عصر مظهر ولبوس . ندبنا فيه إلى الصيام سيدنا رسول الله ، وشرع لنا أن نقرن مع صيامه صيام يوم آخر لمخالفة من بدل وحرف فيه من يهود ؛ فنطيع فيه أمر الرسول ..

وندبنا فيه رسول الله إلى التوسعة على أهلينا ، فنوسع ما وسعنا الجهد على مقتضى الحكمة ...ولا نعدو فيه شرع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نتعداه في شيء . فكل من أحدث في دين الله ما ليس منه رددناه عليه ولا نبالي كائنا من كان ..

ونرد على الذين يدعوننا فيه إلى الاحتفاء بذكرى مصرع سيدنا الحسين رضي الله عنه ، ولا نبالي ، فإن الاحتفاء بمثل هذه المناسبات لم يكن يوما من أمر هذا الدين ولا من أمر أهل الإسلام في شيء .

فقد استشهد قبل الحسين رضي الله عنه فاروق الأمة ، وأمير مؤمنيها ، وسيد العدل فيها عمر ، استشهد في محرابه ، قائما بين يدي ربه ، يؤم أصحاب رسول الله ، على بعد أمتار من ضريح الرسول الكريم ، استشهد غيلة وغدرا بطعنات لئيمة من المجوسي أبي لؤلؤ...فما حفظت الأمة تاريخ اغتياله وأصحاب رسول الله حوله متوافرون ، ولا اتخذوا ذكرى استشهاده محطة ، ولا جعلوا منه ذكرى للإثارة واللطم والندب والدعوة إلى الكراهية والثأر ..فإن أمر هذه الأمة من قبل ومن بعد أمر دين ، وهي الأعلم عمن تأخذ دينها وتتوقف فيه عنده ..

لم ترتفع عند المسلمين يوما راية يا لثارات عمر ..والأمة أعلم من قتله ، وفيم قتله ، وكيف قتله !!

واستشهد بعد أمير المؤمنين عمر من قادة هذه الأمة أمير المؤمنين ذو النورين عثمان . استشهد صابرا محتسبا محاصرا في بيته على بعد أمتار من مسجد الرسول ، قُتل رضي الله عنه محاصرا محروما حتى من شربة ماء من بئر قد وقفه من ماله لسقيا عامة المسلمين ..قتل رضي الله عنه غيلة وغدرا يوم عدا عليه همج رعاع قادهم ابن سبأ اليهودي من مصر ومن العراق ..ومضى إلى ربه ..ولم يحفظ المسلمون ذكرى يوم وفاته ، ولم يتخذوه عيدا ولا مأتما ولا ذكرى ولا محطة لبث العداوة والكراهية بين الناس ، وإنما احتسبوه عند الله شهيدا فقد علم المسلمون أن أمرهم في فعلهم هذا دين ، وكانوا هم الأعلم عمن يأخذون دينهم ..

واستشهد بعد أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه ، أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وهو أبو الحسن وأبو الحسين ، وهو خير من الحسن والحسين ، استشهد رضي الله عنه على يد الخارجي ابن ملجم ، وهو في طريقه لصلاة الفجر ..فما حفظت الأمة تاريخ وفاته ، ولا جعلت ذكراها محطة أو عيدا ، وقد عاش الحسن والحسين رضي الله عنهما بعد أبيهما عقدين وأكثر ، فما توقفا أحدهما أو كلاهما عند ذكرى استشهاد أبيهما ، وهو من خيرة رجال هذه الأمة بعد نبيها ، ولا رفعا أحدهما أو كلاهما راية يالثارات علي .. وحتى سيدنا الحسين لم يخرج يوم خرج مطالبا بثأر أبيه ، وإنما خرج مطالبا بحق المستضعفين من المسلمين في العدل وفي الشورى ، ولم تتخذ الأمة ولا الحسن ولا الحسين ولا شيعة علي وشيعة الحسن والحسين يومها من يوم استشهاد أمير المؤمنين أبي الحسن والحسين يوما للعزاء ولا للنواح ولا للطم ، لأن هذه الأمة كانت أعلم أن أمرها في مثل هذا دين ، وكانت أعلم عمن تأخذ دينها ..

وإن لمما يريب المسلم ، ويحرك في قلبه الغيرة على دين الله وسنة نبيه ، وحقيقة هذا الدين أن يسمع اليوم إلى دعوات من بعض الرافضة الجدد " يُسرون حسوا في ارتغاء " يزينون فيها للأمة مشاركة أهل الضلالة ضلالتهم ، وأهل البدعة بدعتهم ، وأهل الإثم إثمهم ، وحسبنا أن نقول لهم : من كثّر سواد قوم فهو منهم . وقلنا يوما لعالم رشيد حكيم بعيد الغور من علماء حلب : فإذا استوت الأدلة في الحكم على قضية فأجاب رحمه الله : مخالفة أهل البدع أصل . وما ظني إلا أن حلب كانت وستظل بإذن الله عاصمة من عواصم الفقه الدين . مخالفة أهل الأهواء والبدع أصل لا موافقتهم والاستجابة لأهوائهم .

 إن الدعوة إلى الاحتفاء بمصرع سيدنا الحسين في يوم عاشوراء ، الذي يطل علينا هذه الأيام . وإلى تحويل هذا اليوم إلى يوم عزاء ، ويوم لطم ، ويوم غوغائية في ترداد أخبار حشاها الكذابون بما شاؤوا من افتراء وكذب وتضليل ..هي دعوة إلى الفتنة والبدعة والريبة والضلال ..

لا يوجد مسلم صادق الإيمان لم يوجعه مصرع سيدنا الحسين . ولكن التوجع لمقتل الحسين كما نتوجع لمقتل سادتنا عمر وعثمان وعلي شيء ، والابتداع في أمر هذا الدين شيء آخر .

احثوا في وجوه الرافضة الجدد التراب كلما سمعتموهم التراب ...

ليبقى لنا عاشوراء كما وسمه سيدنا رسول الله عليه وسلم

 هو اليوم الذي نجى الله فيه موسى وقومه من فرعون وملئه وفيه نفرح بانتصار الإيمان على الكفران ، والإنسان على الطغيان ..

وندبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لصيامه ، وأن نجمع معه يوما قبله أو يوما بعده ، مخالفة للمحرفين والمخالفين واحتسب على الله سبحانه أن يغفر لنا ذنوب عام مضى .

ولا نعدو قول نبينا في يوم عاشوراء كلمة ولا حرفا ..

ونقول لكل الفراعين : فأخذه الله نكال الآخرة والأولى ..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 892