تركيا العلمانية في قفص الاتهام عند أحد العلمانيين عندنا بسبب رئيسها المسلم

كعادة شرذمة العلمانيين عندنا والذين يتناوبون بانتظام على استهداف كل من أو ما له علاقة بالإسلام على صفحات موقع لم يعد خافيا على الرأي العام الوطني مصدر تمويله الخارجي ، طلع علينا المدعو سعيد لكحل بصورة وجهه المتجهم الذي يخفي ما يخفي مما لا يحتاج إلى تعليق فوق مقال  بعنوان : "  التوغل التركي في إفريقيا " نقتطف منه بعض الفقرات مع التعقيب عليها .

يقول صاحب المقال في مقدمته :

تمثل منطقة الساحل والصحراء مجالا لصراع المصالح بين الدول الطامعة في الاستفادة من الموارد الطبيعية الغنية التي تتمتع بها المنطقة. وإذا كانت الدول الغربية توظف علاقاتها التاريخية المرتبطة بفترة الاستعمار لتأمين مصالحها، فإن تركيا، باعتبارها اللاعب الجديد في المنطقة، تعمل على ترسيخ وجودها وتأمين تغلغلهاباعتماد وسيلتين أساسيتين هما: المال والإرهاب.

هذه المقدمة وحدها كافية للكشف عن خلفية صاحب المقال، لأنه مقابل ما يشبه تبرير طمع الدول الغربية في خيرات الدول الإفريقية باعتبارها محتلة الأمس ، واصفا احتلالها بعلاقات تاريخية ، أنكر على تركيا ما سماه ترسيخ الوجود والتغلغل في دول إفريقية دون تبرير ذلك بعلاقات تاريخية بين بعض تلك الدول والأمبراطورية العثمانية .

وفي الفقرة الأولى من المقال جاء ما يلي :

1ــ الاستثمار والغزو الاقتصادي: تحاول تركيا الأردوغانية جادة إحياء أمجاد الإمبراطورية العثمانية، عبر توسيع نفوذها ليشمل الدول التي كانت خاضعة لحكمها قبل انهيار الخلافة ويتجاوزها إلى دول أخرى. لهذه الغاية، تركز تركيا على استغلال الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها عدد من الدول الإفريقية، خاصة تلك التي أنهكتها الحرب على الإرهاب، من أجل تمويل مشاريع استثمارية وتوقيع اتفاقيات تجارية تضمن لتركيا أسواقا لتصريف منتجاتها واستيراد المواد الأولية؛ فمنذ عام 2018، عرف التمدد التركي في إفريقيا تصاعدا دعمته زيارات متبادلة لمسؤولين أتراك وأفارقة.

وهنا يكشف صاحب المقال عن  خلفيته مرة أخرى مستهدفا الرئيس التركي الحاكم لدولة علمانية لا زالت صور زعيمها العلماني أتاتورك ترفع وتعلق على جدران الإدارات الرسمية بما فيها مقر الرئاسة . ونسبة صاحب المقال تركيا إلى أردوغان بقوله "تركيا الأدروغانية "يكشف عن حساسيته العلمانية تجاه دين الرئيس التركي الذي ضمنت له علمانية بلاده حرية الاعتقاد ككل أفراد الشعب التركي، وقد وصل إلى سدة الحكم عبر انتخابات  بصناديق زجاجية لم تطعن في مصداقيتها العلمانية الغربية.

ومع أنه لا مجال لمقارنة حكم الأمبراطوية العثمانية لدول إسلامية  باحتلال الدول الغربية لها ، فإن صاحب المقال يجعل هذه كتلك ، وهو ينتشي باستعمال عبارة " انهيار الخلافة " ،علما بأن الذي أطمع الدول الغربية في بلاد الإسلام هو انهيار تلك الخلافة الإسلامية التي صانت حمى تلك البلاد لقرون حتى صارت رجلا مريضا، فانقض حينئذ الغرب الصليبي على ذلك الحمى واحتله أبشع احتلال عرفه التاريخ الحديث، ومزقه تمزيقا ، وكان من آثار ذلك الاحتلال أن سلمت أرض فلسطين هدية للصهاينة وهم الورم الخبيث الذي لا زال يمتد في كل أطراف ذلك الحمى وينخره .

وبعد حديث صاحب المقال عما سماه الاستثمار والغزو الاقتصادي الأردوغاني وقد سرد نماذج منه في بعض الدول الإفريقية جاء  في مقاله ما يلي :

   2ــ تمويل الإرهاب ودعم تنظيماته: حين فتحت تركيا حدودها أمام العناصر الإرهابية لتدمير سوريا والعراق ونهب ثرواتهما لم يكن الأمر إلا حلقة ضمن إستراتيجية متكاملة الغاية؛ منها تفكيك دول المنطقة للسيطرة على ثرواتها وإخضاعها للهيمنة التركية. لهذه الغاية، وحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، نقلت تركيا نحو 17.300 إرهابي من الجنسية السورية؛ من بينهم 350 طفلا دون سن الـ18 إلى ليبيا من ضمن 100 ألف إرهابي يشكلون الميليشيات والتنظيمات الإرهابية في سوريا.

إن تركيا لا تقتصر على توظيف إرهابيي سوريا والعراق لضمان تغلغلها في إفريقيا، وإنما تستعين بإرهابيي دول شمال إفريقيا ومنطقة الساحل والصحراء. في هذا الإطار، ذكر موقع "صومالي جارديان" أن مئات الشباب الصوماليين أرسلوا إلى ليبيا، وأن أكثر من 2000 صومالي ضمن قوات جديدة تقاتل بالوكالة عن تركيا وقطر، نشروا في الخطوط الأمامية لليبيا. وبهذا، تبلغ تقديرات الإرهابيين الذين يخدمون أهداف تركيا في إفريقيا بأكثر من 10 آلاف عنصر إرهابي.

هكذا يغرد صاحب المقال خلافا لما تشهد به الدول الغربية  العلمانية وعلى رأسها الإدارة الأمريكية بأن تركيا شريكة للغرب في محاربة الإرهاب ، وهي عضو في الحلف الأطلسي . فإذا سلمنا جدلا لصاحب المقال بتورط تركيا في دعم الإرهاب على حد زعمه ، فإن الحلف الأطلسي أيضا متورط في دعمه له إذا ما بقي للمنطق للمنطق وجود ومصداقية .

وقد غض صاحب المقال الطرف عن تدخل أنظمة خليجية  أعلنت مؤخرا التطبيع مع الكيان الصهيوني في دول الربيع العربي لإفشال ثورات شعوبها على الفساد والاستبداد خدمة للأجندة الصهيونية التي كشف عنها النقاب مؤخرا التطبيع المخزي مع الكيان الصهيوني. وهنا تنكشف خلفية صاحب المقال المتورط بانحيازه الإعلامي المكشوف مع دول خليجية تخوض تنافسا وصراعا مع تركيا في الساحة العربية ، وسبب ذلك معروف وهو تأييد تركيا لثورات الربيع العربي التي أجهز عليها الغرب بتمويل من العرّاب الخليجي تحضيرا لتمرير صفقة القرن المخزية .

وينهي العرّاب الإعلامي العلماني مقاله بالخاتمة الآتية :

 نحن، إذن، أمام إستراتيجية تركية خطيرة تقوم على الغزو الاقتصادي للدول الإفريقية وفي الوقت نفسه دعم التنظيمات الإرهابية لزعزعة أمن واستقرار الدول قصد الهيمنة عليها.

إنها خاتمة  غض صاحبها الطرف عن الغزو الاقتصادي لدول غربية علمانية وعلى رأسها فرنسا التي نهبت خلال احتلالها للعديد من الدول الإفريقية والعربية خيراتها ولا زالت تنهب ،والتي تقف وراء توظيف مرتزقة تستأجرهم لتسويق الإرهاب كي تركبه لتبرير تدخلها السافر في القارة السمراء والوطن العربي من أجل المزيد من نهب الخيرات لتوفير الرفاهية لشعبها على حساب معاناة شعوب بائسة  تطحنها الحروب التي تستعمل فيها أسلحة الدول الغربية العلمانية الفتاكة ، وتأتي على البقية  الباقية منها الأوبة المهلكة . وتكفي الإشارة إلى تدخلها في ليبيا وفي مالي ومؤخرا في لبنان، وهو ما لم ير فيه صاحب المقال بأسا ولم يوظف قلمه المأجور لفضحه كما فعل مع تركيا التي تستقبل على أراضيها مئات الآلاف من النازحين السوريين الذين شردهم نظام مستبد قايض كرسي الحكم بخراب سوريا وتهجير أهلها منها.

وأخيرا وددت لو اتسع مقالي هذا لنشر بعض  تعليقات على مقال العلماني  تمثل الرأي العام الوطني وفيها ما يعكس وعيا وطنيا وإسلاميا مشرفا يقض مضاجع العلمانيين المستأجرين للنيل من الإسلام وهو الصرح الشامخ العصي عليهم في بلد أعز ما يعتز به أهله أنهم مسلمون أبا عن جد إلى أن يرث الله عز وجل الأرض ومن عليها وما عليها . 

وسوم: العدد 897