بناء المجتمع المتجانس كما يفهمه الشعب وليس كما يفهمه الحاكم الفاسد

أعزائي القراء ..

أنا من الاشخاص الذين لايؤمنون بالقول الشائع "كما تكونوا يولى عليكم" فهو قول ابتدعه الحاكم الفاسد ليرمي بفساده على شعبنا صاحب الجذور العريقة والذي أبتلي بحكم هذه العصابة الفاسدة.

فكل اخطاء الحاكم  وجرائمه ينسبها للشعب ليتخلص من مسؤوليته ومسؤولية عصابته الحاكمة.

فقبل ان يستولي حافظ اسد على حكم سوريا ، كان  حزب البعث الحاكم يجرب نفسه في حرف المجتمع عن قيمه وإفساده على خطوات. فزرع الفتن بين افراده ما بين اشتراكي وطني ورأسمالي عميل .. وما بين تقدمي ورجعي.. الى آخر هذه المصطلحات الفارغة التي شقت صفوف مجتمعنا المتماسك تم تدعيمها بمحاضرات وكتب ومقالات ومسيرات  لغسل الادمغة والتشجيع على انحراف افراد المجتمع ،في الوقت الذي كانت  تركيبة هذا المجتمع  من المثقفين و رجال الاعمال ورجال الدين و التجار في ارقى مراتب التماسك الاجتماعي والأخلاقي ، 

واذكر ان أهم عملية لجس  نبض الشارع  قام بها وبتخطيط مسبق من قبل نظام البعث وقبل الحرب الخيانية الكارثية عام 1967 بأيام قليلة حيث نشر ابراهيم خلاص وهو شخص طائفي وأحد عناصر (الجيش العقائدي حيث بدأ النظام ينشر هذا التعريف بين افراد الشعب ) مقالاً في مجلة جيش الشعب قال فيه (إن الله والأديان والأنبياء هم دمى محنطة في متاحف التاريخ)

وعندما غضب الناس واضرب طلاب المدارس  والجامعات واغلق التجار ابواب  متاجرهم احتجاجاً على هذا الاستهزاء و الاستفزاز والذي لم يحصل مثيله حتى في الاتحاد السوفيتي الشيوعي ، بدأ النظام البعثي على الفور بملاحقة الناس فكسر اقفال المتاجر وإستباح موجوداتها واعتقل اصحابها و اكمل على اعتقال العلماء والطلاب ورمى بهم في السجون ثم قام باجراء تكتيكي لامتصاص غضب الشارع فكف قلم هذا الطائفي عن الكتابة.

ثم إستمر هذا النظام بخطواته التخريبية  

وعندما أصبح رفعت الأسد مسؤولاً رفيعاً في تركيبة هذا النظام وفي كلمة له أمام عسكريين قال: (كان في سوريا ثلاثة : الله،والإسلام،وحزب البعث،قضينا على اثنين ولم يبق إلا حزب البعث).وبعد مقولته هذه بث العيون في كل البيوت والمكاتب والمدارس  ليرى من المعترض على فكره الإجرامي المنحرف فاعتقل من اعتقل وسرح من سرح ، ولكن كانت  ردة الفعل أقل من سابقتها .

ثم استمرت خطوات  تدمير المجتمع  بمسيرة أسرع ، فإستورد نظام الاب تنظيمات فاسدة من كوريا الشمالية فكانت طلائع البعث انتزعوا  الاطفال من احضان آبائهم وأمهاتهم ليطبعوهم بالفساد من نعومة اظفارهم ، وكانت شبيبة الثورة وأعطيت لها صلاحيات حتى السيطرة على اساتذتهم ومدرسيهم ، ثم تم فرز الشارع باختيار افسد الناس للتعاون  مالياً مع مخابراتهم والتي دخلت أعداد أفرعتها موسوعة جينيس للارقام القياسية .

 ولكي يجروا ارجل بقية افراد المجتمع اليهم فقد اعطوا الامتيازات للمنحرفين منهم ليصبحوا من اصحاب الاملاك فيشجعوا غيرهم للدخول معهم داخل اقنية الفساد. فيملأوا المجتمع بهم ويسهل حكمهم .

أعزائي القراء ..

عندما نضع تفاحة فاسدة بين تفاحات نضرة في صحن واحد ولايام معدودة وفي صيف قائظ  فان باقي التفاحات ستفسد وينخر فيها الدود من حيث لانعلم الا عندما نقسمها فنرى دودها رؤي العين ، وهذه طبيعة الاشياء .فخلال خمسين عاما  من إستيلاء الاسد وعصابته على الحكم ، علينا ان نتصور الى أين وصل هذا الفساد في المجتمع السوري ؟ لقد اوصلوه الى  حالة تم فيها تغيير ماسمي بدستور البعث خلال ثلاث دقائق لتسليم الوريث الحكم دون ان يفتح انسان واحد فمه، بل كان التصفيق والوقوف إحتراما للمالك الصغير هو  السلوك المرافق لهذا التغيير ، بينما كان قبل وصول هذه الفئة الضالة للحكم لا يجرؤ  أحد من اعضاء المجالس النيابية ان يحابي رئيس الجمهورية ناهيك عن الوزراء والمسؤولين في ادارة الحكم.

فعندما نجد اليوم وفي طبقات مجتمعنا ومن عوائل معروفة  مع الاسف  نسبة منهم مازالت تنبح بشعارات الاسد  وكيل المديح له فاعلموا الى اي مستوى متدني خلقياً  قادت هذه العصابة افراد المجتمع وغمسته في مستنقع الفساد ، فالتفاح الطازج  اخواني تم خلطه مع تفاحات النظام ولسنين عديدة لينتج لنا تفاحات ينخر فيها الدود وهي التي مازالت تحوم اليوم حول مكتسباتها الفاسدة والتي حققتها عبر هذا النظام الفاسد .

ومع ذلك اقول ان المجتمع والحمد لله لم يصل الى الحالة الميؤوس منها ، بل اتضح ان اكثرية هذا الشعب  مازالت تتمتع برصانة العقل وبوطنية الاحساس وبسمو الاخلاق ،والا لما استطاع هذا الشعب ان يستمر بثورته لعشر سنين عجاف لم يذق شعب اخر مثل مرارتها وقسوتها واجرامها.

وختاماً اقول: 

ان الانتصار على هذه العصابة المجرمة والفاسدة ليس انتصارا عسكريا او سياسياً فحسب ، بل سيلحق به انتصار آخر اهم واخطر هو الانتصار الإجتماعي لاعادة  صياغة مجتمعنا وفق قيمنا وتراثنا وعقيدتنا ووطنيتنا عندها نبني مجتمعاً متكاملاً ، وهذا هو المجتمع المتجانس ( ياسيادة الفاسد الاول)  .

وسوم: العدد 899