موقع هسبريس وموقع المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة أية علاقة ؟

نشر يومه فاتح نوفمبر موقع هسبريس مقالا تحت عنوان : "  هذه تحديات ضاغطة أمام أحزاب الإخوان في دول المنطقة العربية " وهو مقال  منقول  حرفيا عن موقع المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة في التاسع والعشرين من شهر أكتوبر 2020 تحت عنوان : " مشكلات أحزاب الإخوان المسلمين في المنطقة العربية " .

وكل ما فعل موقع هسبريس  في نقله الحرفي  للمقال هو التصرف في العنوان ، وفي الصورة المرفقة به حيث نشر صورة لتجمع في تونس يظهر فيه شخص يحمل ما يشبه لافتة تحاكي العلم التونسي مكتوب عليها اسم تونس باللغتين العربية والفرنسية ، بينما أرفق بالمقال الأصل صورة تجمع آخر يظهر فيه شعار جماعة الإخوان المسلمين المصرية .

وقبل استعراض ما جاء في المقال الأصلي والمنقول وكلاهما غير موقع باسم كاتبه لا بد من التعريف بموقع المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة كما قدم نفسه ، وهو كالآتي :

(مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة مركز تفكير مستقل أنشأ عام 2013 في أبو ظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة للمساهمة في تعميق الحوار العام ومساندة عملية صنع القرار ودعم البحث العلمي فيما يتعلق باتجاهات المستقبل التي أصبحت تمثل مشكلة حقيقية بالمنطقة في ظل حالة عدم الاستقرار وعدم القدرة على التنبؤ خلال المرحلة الحالية بهدف المساهمة في تجنب صدمات المستقبل قدر الإمكان ) .

والملاحظ في هذا التعريف أنه  جمع  بين ما لا يجتمع وهو من جهة  التفكير المستقل، ومن جهة أخرى مساندة عملية صنع القرار .

أما المقال فله مقدمة خلاصتها أن الأحزاب المنتمية لفروع جماعة الإخوان المسلمين في المنطقة العربية تواجه خلال عام 2020 أزمات متصاعدة تؤثر على تماسكها أو ربما تهدد بقاءها .

وبعد هذه المقدمة تضمن المقال عناوين جانبية بخط أحمر هي كالآتي :

ـ دعم أجنبي : وتحته إشارة إلى دعم الرئيس الأمريكي السابق للإخوان المسلمين في مصر .

ـ وكلاء الفوضى : وتحته إشارة إلى ارتباط الإخوان بجماعات التطرف والإرهاب .

ـ مراجعات غائبة: وتحته إشارة إلى خلافات بين الميلشيات الليبية .

ـ استقالات متزايدة : وتحته إشارة إلى خلافات داخل حركة النهضة التونسية .

ـ شق قانوني : وتحته إشارة إلى حل جماعة الإخوان المسلمين في الأردن .

ـ إعاقة الانتقال : وتحته إشارة إلى ما سمي عرقلة الإخوان المسلمين في السودان سير مؤسسات الحكم الانتقالي .

ـ تحديات ضاغطة : وتحته خلاصة مفادها أن أحزاب الإخوان في العديد من الحالات العربية تواجه تحديات ضاغطة بدرجات متفاوتة وأشكال مختلفة ، وأن موجة الانحدار المتزايدة ستستمر عام 2021  في تونس والسودان وليبيا والجزائر والأردن .

والمثير للانتباه  في هذا المقال أنه حشر كل الأحزاب السياسية المعلنة عن توجهها أو مرجعيتها الإسلامية تحت جماعة الإخوان المسلمين مع ما بين تلك الأحزاب من اختلاف حسب وضعيتها في بلدانها ، ولم يستثن منها حتى حزب العدالة والتنمية المغربي حيث وردت إشارة إليه في المقال حين الحديث عمّا سمي لقاءات بين الإدارة الأمريكية السابقة وتلك الأحزاب، وهي كالآتي : ( جرت قبيل الانتخابات الرئاسية في مصرعام 2012 فضلا عن لقاءات مع عناصر إخوانية من تونس والمغرب ) .

ووصف المقال هذه الأحزاب بفصائل سياسية هي أقرب إلى فاشية دينية .

ومع أن موقع مركز المستقل للأبحاث والدراسات المتقدمة يدعي البحث العلمي ، فإنه قد ضربه عرض الحائط حين حشر كل تلك الأحزاب والجماعات تحت فصيل واحد هو فصيل الإخوان المسلمين تماما كما يفعل الموطن العربي البسيط الذي يسمي كل مسلم إخوانيا وكأن تنظيم الإخوان المسلمين سابق على الإسلام أو أنه لا يكون المسلم مسلما إلا وهو إخواني .ويكفي هذا دليلا على غياب الموضوعية  والدراسة والبحث الجادين لدى أصحاب هذا الموقع، ولا شك أن هذا دأبه ما دام يخدم أجندة بلد له تصفية حساب مع الأحزاب ذات التوجه الإسلامي في الوطن العربي  ، وكذلك الشأن بالنسبة لموقع هسبريس الناقل عنه هذا المقال نقلا حرفيا .

والسؤال المطروح هو : أية علاقة تربط  هذين الموقعين أحدهما في الخليج والآخر في المحيط ؟ إنها الانتصار للتوجه العلماني في الوطن العربي لمواجهة كل توجه إسلامي ، وهو أمر اضطلعت به أنظمة خليجية إبان وصول أحزاب سياسية  في أكثر من قطر عربي  إلى السلطة ، وقد أعلنت عن توجهها الإسلامي ، وهو ما أقلق تلك الأنظمة وحملها على بذل كل ما في وسعها بما في ذلك صرف الأموال للحيلولة دون وصول حمّى التوجه الإسلامي إليها . ولقد ساندت  بشكل علني الانقلاب العسكري الدموي على الشرعية والديمقراطية في مصر بعد انتخابات رئاسية شهد لها  كل العالم بالنزاهة لأول مرة في مصر بعدما ظل الحكم فيها يحصل عبر الانقلابات العسكرية منذ سقوط الملكية . ولم يقتصر تدخل تلك الدول الخليجية في مصر بل تعدى ذلك إلى أقطار عربية أخرى كان آخرها السودان ، وقد اختلفت أشكال ذلك التدخل من قطر إلى آخر، ولكن كان الهدف واحدا.

ومقابل ذكر هذا المقال تدخل الإدارة الأمريكية السابقة لمساندة تلك الأحزاب ذات التوجه الإسلامي إلى جانب ذكر تدخل تركيا ودولة قطر  لنفس الغرض على حد قوله ، سكت عن تدخل الإدارة الأمريكية الحالية، وعن تدخل تلك الدول الخليجية لتقويضها بشكل أو بآخر ، وهذا دليل آخر على غياب الموضوعية و غياب التجرد في التحليل  كما يدعيه موقع المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة.

ومن المعلوم أن نقل موقع هسبريس لهذا المقال يدخل ضمن الفسحة الواسعة التي يوفرها  للكتابات  التي تصب في اتجاه تسويق كل ما يتعلق بالتوجه العلماني في بلادنا وفي باقي البلاد العربية على حساب كل التوجهات المخالفة له خصوصا التوجه الإسلامي ،في ظرف نحن مقبلون  فيه على انتخابات مقبلة تثير فيه تلك الكتابات العلمانية  حملات انتخابية قبل الأوان في شكل انتقادات متكررة وأحاديث عن قرب  أفول نجم حزب العدالة والتنمية إيذانا بطلوع نجوم أحزاب أخرى يتمنى العلمانيون عندنا أن يكون  من ضمنها نجم حزب ذي توجه علماني صرف ليتم في فترة حكمه تمرير ما لم يمرر من  أهداف العلمانية المحلية التابعة  لتوجه العلمانية الغربية والتي يعتبر دعاتها  عندنا طوابيرها الخامسة وقد خرجوا من طور السر إلى طور العلن بسبب ما يمر به العالم اليوم من أحداث لا تدخرون جميعا التابع والمتبوع جهدا لاستغلالها لتحقيق ما سطروه من أهداف لم تعد خافية على أحد ، وعلى رأسها هدف التمكين للتطبيع مع الكيان الصهيوني والتمكين  الواسع له في الوطن العربي على حساب قضية الشعب الفلسطيني العادلة والمرتبطة بمقدسات إسلامية يريد هذا الكيان المحتل تغيير وطمس معالمها ، لهذا لا يستغرب تسويق الأخبار عن قرب نهاية أحزاب سياسية ذات توجه إسلامي  تعارض التطبيع بشدة وتساند القضية الفلسطينية التي هي قضية إسلامية بالدرجة الأولى قبل أن تكون قضية عربية .

ومع شديد الأسف نلاحظ أنه مقابل الكتابات العلمانية  المتعددة التي تعج بها مواقع إعلامية  شتى في الوطن العربي وخارجه  ، لا نجد إلا القليل من المواقع التي تناهضها وتفضح أهدافها المبيتة ، وأهداف الجهات التي تقف وراءها دوليا وإقليميا.

وسوم: العدد 901