"حزب التجمع الوطني" السعودي .. خطوة ستكبر مع الأيام

أعلنت  قوى المعارضة للنظام السعودي  تأسيس حزب باسم " التجمع الوطني "  في لندن بقيادة يحيى عسيري وعضوية عدد من المعارضين الآخرين في بريطانيا وأميركا وكندا ، منهم الأكاديمية والكاتبة المعروفة مضاوي الرشيد التي تعينت ناطقة باسم الحزب ،  ولا ريب في أن تأسيس الحزب ، سبقه في التأسيس حزب " التجديد الإسلامي" بقيادة المعارض الدكتور محمد المسعري ،   حدث هام من مواطني بلاد تعادي الحزبية عداء ضاريا ، وتسوغ  عداءها لها بمسوغات دينية ، وأبعد من هذا ، ترفض أي شكل من أشكال التنظيم النقابي المهني العادي ، وترى أن أحسن وسيلة لإدارة البلاد هي وسيلة ولي الأمر والرعية . ولي الأمر يفعل ما يشاء بالبلاد وعلى الرعية قبول ما يفعله والخضوع له والثناء عليه ولو أورد البلاد والعباد موارد الإفلاس والبوار . وهذا ما حدث لبلاد الحرمين . إنها الآن في أردأ مراحل تاريخها الحديث الذي احتفلت قبل أيام بانقضاء 90 عاما على بدئه . حدد بيان تأسيس الحزب هدفه في : " ترسيخ الديمقراطية في نظام الحكم في المملكة العربية السعودية ... " ، وفي " المملكة العربية السعودية " إشارة جلية  إلى أن مؤسسي الحزب لا يفكرون في تحويل البلاد إلى جمهورية ، والتخلص من آل سعود ، وأنهم يريدون ملكية دستورية . وهذا انضباط وتحفظ  ورغبة في اجتناب  استعداء النظام عليهم ، ولكنه  سيتصدى لهم  بقسوة وقوة وشراسة . ومن شواهد تحفظهم الأخرى  في البيان ، بل حسن نيتهم تجاه آل سعود ، أنهم نسبوا  " العنف والقمع باستمرار مع تزايد الاعتقالات السياسية والاغتيالات والسياسات العدوانية ضد دول المنطقة والاختفاء القسري ودفع الناس إلى الفرار " إلى الحكومة لا إلى آل سعود متجاهلين عمدا تولي أمراء آل سعود للمناصب السيادية فيها ، وأنها ،الحكومة ، تتصرف وفق خطوط محددة ترسمها الأسرة الحاكمة . وكل هذا التحفظ مفهوم من أناس لم يألفوا معارضة النظام الصارم في البلاد الأمر الذي أنتج طموحات محدودة لا تراكم لها ، ولم يستطيعوا البوح بها إلا بعد أن فروا  إلى الغرب ، ووجدوا فيه الأمان الشخصي وحرية الرأي  التي تكفل لهم هذا البوح . ولا مشكلة في أن يكون طموحهم في هذه المرحلة  متحفظا محدودا .إنه الخطوة الأولى التي ستكبر وتتسع مع الأيام  .مؤسسو الحزب ألقوا حجرا في مياه بلاد الحرمين الراكدة المتأسنة ، وسيحرك هذا الحجر موجات صغيرة لا  تلبث أن تصير عُبابا لن يهدأ حتى يصلح أحول هذه البلاد التي تردت ترديا لا موجب لعُشره بأي مبرر من مبررات التردي التي يمكن تفهمها ، ومن شواهد ترديها انغمارها ما يقرب من ست سنوات في حرب عدوانية مجنونة على الشعب اليمني الشقيق تكلفها يوميا 200 مليون دولار ، ولا نتكلم عن التكاليف الأخرى الرهيبة التي لا تحسب بالأرقام ، وتُعقب آثارا  كبرى تاريخية الأبعاد على مصير بلاد الحرمين وعلى مصير كل العرب والمسلمين . وما أكثر ما سيكتب ويقال عن هذا الحزب في الإعلام العربي والإعلام العالمي بين مؤيد ومعارض ، ومتفائل مشجع ، ومتشائم مستيئس  ، وسيهاجمه إعلام النظام السعودي وبعض الإعلام الخليجي بعنف ، وسيطارد النظام السعودي أعضاءه ويهدد حياتهم ، والأهداف بكل ألوانها لا تنال بلا عناء وتضحيات .  

ونرى أن يستهدف الحزب إضافة إلى هدفه المعلن في بيانه :  

أولا : تحرير اسم البلاد من الصفة " السعودية " التي اختزلتها في قبيلة ، واختزلت شعبا كاملا في هذه القبيلة، ورسخت في وعي ولا وعي آل سعود أنها ملكهم الخاص الذي يحق لهم أن يفعلوا به ما يشاؤون . 

ثانيا : توحيد جهوده مع جهود قوى المعارضة في بقية الدول الخليجية خاصة البحرين والإمارات ، ورسم ملامح رؤية سياسية واحدة لمواطني جزيرة العرب انطلاقا من كونهم  

شعبا واحدا تؤثر فيه سلبيات أنظمته القائمة تأثيرا متقاربا ، ولْتضع هذه الرؤية في طموحها توحيد هذا الشعب مستقبلا في دولة واحدة يحكمها  نظام ديمقراطي تعددي قوامه أن الأولوية  في إدارتها   للكفاءة والنزاهة والإخلاص ، واعتماد المحاسبة للفاسد والمقصر أيا كان نسبه أو منصبه ، والمساواة في انتفاع مواطنيها بثرواتها ، ووقف استئثار أبناء الأسر الحاكمة بأكثر هذه الثروات . مؤسسو الحزب يعيشون في الغرب ، ويعرفون الكثيرعن تاريخ التطورات الاجتماعية والسياسية التي أوصلته إلى نظمه الحالية في إدارة المجتمع والدولة إدارة قوامها المساواة في الحقوق المدنية والسياسية ، هذه المساواة التي أوصلت تاتشر ابنة البقال البسيط ، وتوني بلير النادل في مقهى باريسي إلى رئاسة وزراء بريطانيا . 

ثالثا : تفعيل قوى المعارضة في بلاد الحرمين التي لا تستطيع الانتقال إلى الخارج والتحرك الحر الآمن  فيه . وعلى مؤسسي الحزب أن يحذروا امتداد يد إسرائيل وأميركا إليهم بطرق خفية ، فالدولتان تريان أي إضرار  بالنظام السعودي إضرارا  بمصالحهما الكبيرة التي يحافظ هذا النظام عليها .  

الحزب خطوة ستكبر مع الأيام إذا أحسن القائمون عليه إدارة نشاطه وتعزيزه تعزيزا متتابعا بقوى جديدة . والشجرة الكبيرة أصلها بذرة صغيرة .  

وسوم: العدد 905