إيران دولة مارقة ومجتمع دولي منافق

إيران الدولة الأولى الخارجة على القانون الدولي في العالم؛ باستثناء الكيان الصهيوني الذي تتكفل الدول العظمى برعايته وحمايته، بدءا من أمريكا وانتهاء بروسيا ومروراً بالدول الأوروبية، وبعض دول التطبيع من المحسوبين على العرب.

نعود إلى الدولة المارقة إيران التي استباحت ولسنوات العراق ولبنان وسورية واليمن، استباحتها أرضاً وشعباً ومعتقداً وتراثاً وحضارة وقيما، ولا تزال تفعل في هذه البلدان ما لم يفعله نيرون في روما وهولاكو في بغداد وهتلر في لندن وباريس وبطرس بورغ، وقد صك العالم أذنيه حتى لا يسمع بكاء ملايين اليتامى وأنين الأرامل ودعاء الشيوخ، وصياح ملايين الجوعى والعراة والمحرومين والمهجرين والنازحين من أبسط متطلبات الحياة، والذين كانوا ضحية فعل هذه الدولة المارقة التي سكت ويسكت العالم على ما ترتكبه من جرائم في هذه البلدان، ستبقى وصمة عار في جبين هذا المجتمع الدولي المنافق.

يوم الثلاثاء 9/2/2021 لم يتمكن مجلس الأمن استصدار قرار يدين النظام السوري المجرم ويحمله مسؤولية عدم الوصول إلى اتفاق مع المعارضة السورية للتوافق على دستور لا يعرف الشعب السوري عنه شيئاً، ولم يؤخذ رأيه في سنه، وكل هذا بفضل الدعم الغير محدود من هذه الدولة المارقة والفيتو الروسي والفيتو الصيني.

هذه الدولة المارقة التي تتوجه أنظار العالم إليها لتعود إلى اتفاق (1+5) النووي بكل تزلف ورجاء واستجداء وتملق، هذا المجتمع المنافق يدعو أمريكا للعودة إلى الاتفاق النووي مع إيران دون شروط مسبقة، غير متخوفاً من ‏حرمان مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية من الدخول لمواقع إيران النووية وهذا يؤكد نواياها السيئة ‏وما تخفيه، وهي من ابتدع التقية ويعمل بها.

وزير الخارجية الأميركي الأسبق مايك بومبيو اتهم هذه الدولة المارقة بقوله: إن "النظام الإيراني يواصل إثارة العنف بشكل مباشر وعبر وكلائه في العراق ولبنان والبحرين واليمن وسورية".

ومن جهته قال منسق مكافحة الإرهاب في الخارجية الأميركية ناثان سيلز إن "إيران تبقى أسوأ دولة راعية للإرهاب في العالم".

لقد دأبت أمريكا والعالم الغربي على نعت إيران بالدولة المارقة من ثمانينيات القرن الماضي، وتُسمع العالم جعجعة فارغة من الأوصاف السيئة لأصحاب العمائم حكام إيران، دون أن تقدم على أي عمل يحد من أنشطتها الهدامة مع الدول المجاورة لها، والمحسوبة على أمريكا والغرب أنها حليفة لها، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن هناك لعبة من تحت الطاولة، تجمع هذه القوى وتلك الدولة المارقة، فإذا كانت هذه الدول المنافقة تعلن حمايتها ودعمها للكيان الصهيوني جهاراً نهاراً، إلا أنها تراعي الظروف الخاصة بإيران الدولة المارقة التي تدعي العداء لأمريكا وتقول في أبواقها: (الموت لأمريكا .. الموت لإسرائيل .. اللعنة على اليهود)، وتدعي نصرة المقاومة وتشكل الميليشيات لمحاربة الاستكبار العالمي الذي تقوده أمريكا، وتدعي تحرير فلسطين ودعم المقاومة، وعلى الأرض تدير ظهرها إلى القدس وبيت لحم ونابلس ورام الله وتتوجه إلى بغداد والفلوجة والموصل والرمادي ودمشق وحمص وحلب ودير الزور وبيروت وطرابلس وصنعاء وعدن وتعز، لتذبح وتقتل في هذه المدن مئات الألوف من أهلها المدنيين، وتدمر آلاف البيوت فيها على رؤوسهم تحت راية طائفية عنصرية (لبيك يا حسين.. لبيك يا زينب).

أمريكا هذه ومعها أوروبا وروسيا والصين هي من أبرمت الاتفاق النووي مع هذه الدولة المارقة، وكان هذا الاتفاق منذ البداية مصدر قلق لدول الجوار التي تخشى من أن يكون الاتفاق باعتبار النووي الذي حصلت عليه هذه الدولة المارقة بمثابة "توقيع على بياض؛ بمعنى إطلاق يديها للاستمرار في سياسة ينظر إليها جيرانها على أنها "توسعية". فالاتفاق سيكسر عزلتها السياسية والديبلوماسية، وسيوفر لها استعادة اصولها المالية المجمدة في الخارج {حوالي 150 مليار دولار} وسيفتح أمامها باب تصدير النفط والغاز بلا عوائق، واجتذاب الاستثمارات الأجنبية وتحديث بناها التحتية وتقوية آلتها العسكرية ... باختصار، فالتخوف الكبير هو أن تضع طهران مواردها "الجديدة" في خدمة مخططاتها القديمة؛ أي لمزيد من التدخل في المحيط العربي من العراق الى سورية ولبنان واليمن، ومحاولة فرض الهيمنة على مياه الخليج والتمدد الى مداخل باب المندب. وباختصار، ربما تفهم إيران أن "جائزة الترضية" المترتبة على الاتفاق منحتها "صكا دوليا" يخولها أن تصول وتجول من غير رادع أو وازع وأن تستعيد دور "شرطي الخليج" أو أكثر من ذلك، لو أخذنا على محمل الجد من يتحدث عن استعادة أمجاد الامبراطورية الفارسية الغابرة، وهذا ما سيحدث إن أعيدت الحياة لهذا الاتفاق النووي.

المصدر

*الحرة-24/6/2020  

*عربي نيوز-19/9/2017

*الشرق الأوسط-7/4/2015  

وسوم: العدد 916