الأبواق النشاز والأقلام المأجورة تريد حرفنا عن قضايانا

إيران الخمينية والكيان الصهيوني وجهان لعملة واحدة

بداية يجب أن لا يغيب عن أذهان إخواننا في المقاومة الفلسطينية في لحظة من اللحظات أن إيران والكيان الصهيوني وجهان لعملة واحدة، ولم تكن "الدولة العبرية" و"إيران الخمينية" معزولتين عن بعضهم البعض بسبب البعد الجغرافي، أو نبرة العداء المخادعة التي يطلقها من حين لآخر أتباع نظام العمائم السود في قم، فمن التاريخ شواهد عديدة تثبت شيئاً واحداً ألا وهو أن "الدولة العبرية" كيان عنصري متطرف ينظر للبشرية بدونية ويتعايش مع أمثاله بسهولة، وما يظهر حالياً من تناقضات في المواقف بين الطرفين "إيران والكيان الصهيوني"؛ ما هو إلا ستار لعلاقات وطيدة امتدت وتطورت على مدار تاريخ طويل، فلما لا يكون تحالفا غادرا يهيمن ويسيطر على كل ما يحيط به، ويتبادل رواده الأدوار في المنطقة العربية لكي يتمكنوا من تسهيل مهمات بعضهم البعض..

فبداية التعارف بين الإيرانيين واليهود تعود إلى ألفين وسبعمائة وخمسين عامًا، وما يؤكد قدم هذه الرابطة هو وجود بعض الشواهد التاريخية واللغوية والدينية الموجودة في أسفار عزرا، ونحميا، واستر، ودانيال وتواريخ الأيام. كذلك ما ورد حول المخلص أو المنقذ لليهود والتصريح باسمه على لسان الرب في كتاب النبي عزرا (الباب الأول والثاني) بأنه كورش ملك إيران العادل، ومع فتح بابل على يديه وتحريره بني إسرائيل من قبضة ملوكها ودخول اليهود أرض إيران، تأثر اليهود بالإيرانيين، وقبلوا بعض معتقداتهم، كالاعتقاد باليوم الآخر وظهور المهدي في آخر الزمان.

وعلينا أن نعمل بما جاء في الأثر: "احبب حبيبك هوناً ما عسى أن يكون بغيضك يوماً ما، وأبغض بغيضك هوناً ما عسى أن يكون حبيبك يوماً ما".

الأبواق النشاز والأقلام المأجورة تريد حرفنا عن قضايانا

بعد الهزيمة المذلة التي ألحقتها المقاومة الفلسطينية بالكيان الصهيوني في معركة "سيف القدس"، وسقوط ورقة التوت عن عورات الجيش الصهيوني الذي لا يقهر، وقد بان على حقيقته التي تكشف حاله، والتي كم أطنب الكيان الصهيوني في إعلامه عن قوته، ليصدم محبي الكيان والمتملقين والمطبعين معه حقيقة واقعه الذي لا يزيد على كونه نمر من ورق، وقد راحت بعض الأصوات النشاز تعلو من هنا وهناك، وأقلام رخيصة تشوه نتائج هذه المعركة للتقليل من نتائجها التي أثارت حفيظة حلفاء الدولة العبرية تجاه القوة الرادعة للمقاومة، من حيث التكتيك والإعداد والفاعلية والنتائج، وقد حاولت هذه الأبواق وهذه الأقلام الرخيصة أن تقلل من نتائج هذه المعركة على ضوء ما ألحق الكيان الصهيوني من دمار وخراب ببيوت الفلسطينيين المدنيين، وما تسبب من سقوط الشهداء والجرحى بفعل الغارات الجوية الصهيونية على غزة الباسلة، والتي كان صمودها الأسطوري الذي هز الضمير العالمي، قد دفع شعوب العالم تهب نصرة لغزة وللفلسطينيين.

هذه الأبواق والأقلام الرخيصة تتدافع لتحويل الاهتمام بما يجري في سورية والعراق واليمن ولبنان، إلى جعل قضية بعض قادة المقاومة الذين قدموا الشكر لدولة إيران المارقة التي قدمت لهم العون وأمدتهم بالمال والسلاح، في الوقت الذي كانت فيه معظم الدول العربية تحاصرها وتوقف أي مساعدة يمكن أن تقدم لها، وقد تمادى بعض دويلات العرب في الهرولة إلى التطبيع مع الكيان الصهيوني، هذه المواقف المخجلة لبعض الأبواق والأقلام النشاز التي تريد حرفنا عن قضيتنا، التي هي جزء من قضية فلسطين ومكملة لها، والمقاومة والشعوب العربية قاطبة تعلم علم اليقين أن لا تحرير لفلسطين إلا بتحرر سورية والعراق واليمن ولبنان من الطغاة والمنحرفين والغلاة، والانعتاق من الاستعمار الإيراني والاستعمار الروسي الذي يجثم على صدر العواصم العربية الأربع "بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء".

المراحل التي مرت بها العلاقات بين المقاومة الفلسطينية وإيران الرافضية

لقد كانت بداية العلاقات صبغتها الأساسية التعاون والدعم، ولكنها دخلت عقب الثورة السورية، مرحلة جديدة، كما أنها أخذت بُعدًا آخر عقب تطور المواجهة في اليمن، لتصبح العلاقة محكومة بالنفوذ والحضور الإقليمي لإيران، وهو ما فرض محددات جديدة؛ تبدو مرتبطة بصورة أو بأخرى بتغيير الأولويات في السياسة الخارجية الإيرانية، حيث تصدَّر الملف النووي الإيراني والسعي لإنهاء العقوبات المفروضة على إيران سُلَّم الأولويات الإيرانية. وعلى الرغم من تغيير الأولويات الذي أشرنا إليه، إلا أن إيران ستبقى حريصة على حضورها في الساحة الفلسطينية، وهذا الحضور له أسبابه ودوافعه في وقت تسعى فيه إيران لانتزاع إقرار عالمي وإقليمي بشرعية دورها في المنطقة. وفي المقابل، فإن حركات المقاومة الفلسطينية لا تبدو هي الأخرى راغبة في قطع العلاقة مع إيران، لكنها بالتأكيد تريد إعادة تعريفها، وهو ما يجري فعليًّا اليوم، وهو ما تكشفه التجاذبات التي تتمثل في تبادل التصريحات حول أهمية العلاقة، لكنها تصريحات تحمل في الوقت ذاته نقدًا مبطنًا أحيانًا، وعلنيًّا أحيانًا أخرى، يمارسه كل طرف بحق الآخر.

"الهوية السنِّية" وإيران الإسلامية

ترى حركة حماس وكذلك حركة الجهاد الإسلامي أن علاقتهما بإيران لا يشوبها أي غموض فهما "حركتان سنِّيتان من الناحية المذهبية، والكل يعرف ذلك وإيران تعرف ذلك"، وما يربطهما بإيران من الناحية الفكرية وحتى السياسية هو الإسلام وفلسطين فإيران دولة تسمي نفسها إسلامية وترفع شعار الإسلام وشعار الدفاع عن القضية الفلسطينية.

وتتحدث الحركتان عن كونهما حركتي تحرر إسلاميتين فلسطينيتين مستقلتين، هدفهما تحرير فلسطين من الاحتلال الصهيوني، وليس لهما أجندة خارج هذا الهدف المركزي، وهما إذ "تطلبان الدعم والتأييد للقضية وهي المركزية لعموم العرب والمسلمين ببرهان القرآن والتاريخ والواقع، إنما تطلبانه لقضية لها في كل عنق مسلم واجب وعهد، فالجهاد لأجل تحريرها واجب على كل مسلم ما دامت الكفاية غير متحققة في أهل فلسطين ومَن جاورها". وتتفق الحركتان مع قادة النظام في إيران على أن المسائل التي يجب الاهتمام بها في هذا الوقت، ليس بحث الخلافات التاريخية، والبقاء في أَسْر الخلافات المذهبية والسياسية "نحن مسؤولون عن الواقع "تِلْكَ أُمَّة قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ"؛ فالله سوف يسألنا عن القدس يسألنا عن المستضعفين في الأرض يسألنا عن أمتنا الممزقة.. وليس التاريخ". والاتفاق الموجود من الناحية الفكرية فيما يتعلق بفلسطين موجود أيضًا من الناحية السياسية حيث يرى الجانبان أن الطريقة الأمثل لمواجهة المحتل هي المقاومة بكافة أشكالها.

ورغم العنوان النضالي العريض، إلا أن الدعم الإيراني للقوى الموجودة في الساحة الفلسطينية حمل محددات، أبرزها: الانتشار والحضور، والمشروعية السنِّية؛ ولذلك حظيت حركة حماس بدعم أكبر ماليًّا وعسكريًّا من الدعم الذي قدمته إيران لحركة الجهاد الإسلامي، التي طالما وُصفت بأنها الأقرب لإيران.

الجهاد الإسلامي: هوية الحركة

لفترة طويلة كانت حركة الجهاد الإسلامي تُصنَّف على أنها الحليف التقليدي الأقرب إلى طهران، على الرغم من أن المساعدة التي كانت تتلقاها تقلُّ كثيرًا مقارنة بما كانت حماس تتلقاه من إيران، ويعود ذلك للطريقة التي تقرأ بها إيران الساحة الفلسطينية والمحددات التي تحكم سياستها في هذا المجال. وبقيت الصورة التي رُسمت للعلاقة بين الحركة وإيران لفترة قريبة، محكومة بالصورة التي تكونت مع بداية ونشأة هذه الحركة.

والحقيقة أن فكر حركة الجهاد الإسلامي أجرى عملية مزاوجة بين فكر حسن البنا الإصلاحي وفكر الخميني الثوري ولذلك لا يمكن إغفال وجود مرجعية تعود بجذورها إلى حركة الإخوان المسلمين إلى جانب مرجعية ثورية خمينية، وهنا نركز على أن "البُعد الثوري" تحديدًا هو الذي شكَّل مرجعية من مرجعيات الحركة دون الأبعاد الأخرى، وربما يعود ذلك إلى القراءة المختلفة التي قدمها الشقاقي مؤسس الحركة للفكر الشيعي، لكن الشقاقي نفسه كان حاسمًا فيما يتعلق بـ"الهوية السنِّيَّة للحركة" وخاض بشأنها نقاشات صريحة مع الإيرانيين سبَّبت توترًا معهم قبل استشهاده. وكان لنجاح ثورة الخميني بأبعادها الإسلامية أكبر الأثر على حركة الجهاد التي كانت تبحث عن بديل إسلامي ثوري لتحرير فلسطين، ولعل هذا التأثر وهذه الخصوصيات هو ما أوجد علاقة عميقة واستراتيجية بين إيران والجهاد الإسلامي. تجد داخل صفوف حركة الجهاد الإسلامي من يجادل سياسيًّا بأن نظام الحكم في إيران من الناحية الواقعية هو الأقرب للنظرية السنِّية المبنية على الشورى في اختيار الحاكم منها إلى النظرية الشيعية المبنية على التعيين الإلهي. وفي إطار الواقع فالجانبان متفقان على أن "فلسطين أرض مباركة هي أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وأن اليهود مغتصبون لأرض إسلامية، وواجب الدفاع عن شعبها وتحرير أرضها واجب إسلامي قبل أن يكون أمرًا سياسيًّا يخضع لحساب هنا أو مصلحة هناك".

وفي أكثر من مناسبة، رفضت حركة الجهاد الإسلامي، اتهام صانع القرار في إيران بـ"توظيف القضية الفلسطينية" لخدمة دور إيران وحضورها في المنطقة "فلو كان الإيرانيون -كما يتصور البعض- يسعون من أجل النفوذ في المنطقة لتخلوا عن هذا الأمر أو على الأقل لوقفوا محايدين أو مساندين للقيادة الرسمية للشعب الفلسطيني ولحصلوا على امتيازات كبيرة في المنطقة"، لكن هذا الدفاع الصلب، قد لا نجده اليوم في تصريحات قادة الجهاد ومواقفهم من العلاقة مع إيران، وإن كانت ما زالت حذرة وتُصاغ بعناية مؤكدة الحرص على العلاقة وأهميتها بالنسبة لحركة النضال في فلسطين.

والتشديد على"هويتها السنِّية"، جعلها تتخذ موقفًا حاسمًا من قيادات تشيَّعت من صفوفها، ومن أبرزهم: الشهيد محمد شحادة الذي لُفَّت جنازته بعلم حزب اللات اللبناني، وهشام سالم الذي انشقَّ عن الحركة وصار من أبرز قادة حركة "الصابرين" التي نشأت حديثًا على الأرض الفلسطينية وسط اتهامات بكونها "حركة شيعية مرتبطة بإيران".

توتر العلاقة

رغم تبادل التصريحات بالتأكيد على متانة العلاقة بين حركة الجهاد الإسلامي وإيران، يوجد مؤشرات عدة، تقول: إن حركة الجهاد الإسلامي قد دخلت أزمة مالية حقيقية، وفي الوقت ذاته أزمة في علاقاتها مع طهران، رغم نفي الحركة تأكيد ما إذا كانت إيران قد أوقفت تمويلها لحركة الجهاد الإسلامي، بسبب عدم دعمها للحوثيين في اليمن أو الرفض العلني للحرب السعودية ضدهم في اليمن، وإن كان هناك اعتراف بأن "الاستقطاب السياسي في اليمن أدى إلى تأخر وصول التمويل".

أهم المؤشرات على وجود أزمة مالية وأزمة في العلاقة مع إيران:

قامت الحركة بتسريح موظفين وتقليص عدد العاملين في عدد من مؤسساتها.

أغلقت وسائل إعلام تابعة لها، وأوقفت بثَّ قناة "فلسطين اليوم".

لم يستلم موظفوها رواتبهم منذ شهور.

أُصيب القطاع الخيري في الحركة بالشلل التام.

وهذا كله جاء نتيجة توقف الدعم المالي الإيراني للحركة التي كانت توصف بأنها الأقرب لإيران فلسطينيًّا، ويمكن القول، استنادًا إلى هذه المعطيات: إن توقف الدعم يعكس أزمة حادة بين الحركة وإيران بعد عقود من العلاقات القوية، لم تفلح وساطة حزب الله في تلافيها أو تأجيلها، وأرجعت مصادر فلسطينية الأزمة إلى "رفض الحركة لطلب إيراني بإصدار بيان واضح في شأن الأزمة باليمن يدعم من خلاله الحوثيين ويرفض الهجوم السعودي-الخليجي، وهو ما رفضته حركة الجهاد وأكدت مواقفها بالتزام الحياد".

أسباب توقف الدعم

يسوق بعض المحللين ثقل الحمل المالي الذي باتت تتحمله إيران نتيجة حضورها بصورة غير مسبوقة في ساحات إقليمية تستنزفها بصورة كبيرة، كسبب رئيسي لتوقف الدعم الاقتصادي للحركة، وقد يكون ذلك الطرح وجيهًا خاصة مع اتساع رقعة الاستنزاف الإيراني، لكنه ليس السبب الأساسي في ذلك، فالساحة الفلسطينية تبقى من الساحات المهمة سياسيًّا وعقائديًّا بالنسبة لإيران، ولا يمكن أن تكون الضائقة المالية الإيرانية هي السبب الأول لتُلحق طهران حركة الجهاد بحركة حماس في قطع الدعم المالي. كما يمكننا إسقاط التفسير الذي قدمته الحركة إعلاميًّا بالعجز عن إيجاد طريقة لإدخال الأموال إلى غزة؛ حيث إن الوضع القائم في غزة قديم ولم تحدث تطورات جديدة يمكن أن تكون مسؤولة عن ذلك. وتبعًا لذلك فالسبب الأساسي يتمحور في عدة اتجاهات، هي:

الأول: موقف حركة الجهاد الإسلامي من مجمل النزاع الدائر في المنطقة، واستمرار الحركة في محاولة النأي بنفسها عن الدخول كطرف في النزاع، ورغم نفي الحركة إلا أن مصادر عديدة تقول بأن الخلاف جاء عقب طلب إيراني من الجهاد إصدار بيان واضح بشأن الأزمة في اليمن تدعم من خلاله الحوثيين وترفض الهجوم السعودي-الخليجي وهو ما رفضته حركة الجهاد وأكدت على مواقفها بالتزام الحياد، ورغم حرص الحركة على تقديم أجوبة دبلوماسية حذرة بشأن الأزمة إلا أن الأقلام المؤيدة للمحور الإيراني بدأت بمهاجمتها، واتهامها بأنها "تحذو حذو حماس في نقض مرجعيتها"، فموقف الحركة من "العدوان على اليمن مثلًا، موقف مرفوض ولا يمكن تبريره من الناحية الدينية بالمطلق، والقول: إن "التزام الصمت" من باب التقيَّة، يجنِّب الحركة التدخل في أي شأن عربي.. لأن من يُذبح في اليمن هو شعب عربي مسلم ومسالم لم يعتدِ على "السعودية" ولم يهدِّد نظامها أو يضرب أمنها ويزعزع استقرارها....". ويعزز من وجود الخلاف بشأن اليمن النفي الذي صدر عن الحركة لتصريحات نسبتها إذاعة إيرانية لقيادة في الجهاد تدعم "الحوثيين"، وأكَّدت بشدة عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد عربي، كما أن قادة الحركة سجَّلوا أكثر من مرة موقفًا ناقدًا للسياسة الإيرانية في العراق وسورية أثناء اجتماعات مغلقة مع قيادات أمنية إيرانية.

الثاني: يتعلق بذات العلاقة بين الحركة وإيران؛ فقد أغضب قياداتِ الجهاد الإسلامي محاولاتٌ إيرانية لبناء مجموعات ضغط داخل الحركة، واستقطاب مجموعات لبناء كيانات موازية في صفوف الجهاد؛ فقد اعترضت حركة الجهاد الإسلامي بشدة على ما أسمته: تشكيل جيب تنظيمي موازٍ للحركة ومنفصل عنها هو "حركة الصابرين"، وقالت: إن هناك دعمًا إيرانيًّا خفيًّا لمجموعات مفصولة منها.

الثالث: ويتعلق بتغير ترتيب سُلَّم الأولويات الإيراني، وهذا واضح في سياسة روحاني الخارجية، فقد تراجعت القضية الفلسطينية في سلم الاهتمامات وإن لم تسقط منها، وتقدم على ذلك العلاقة مع الغرب وحل مشكلة الملف النووي وإنهاء العقوبات.

بينت حركة الجهاد موقفها من الأنباء والتحليلات التي تناولت قطع الدعم، في بيان أصدرته في 28 أيار/ مايو 2015، وقالت أنها تناولتها بكثير من "الخلط والإثارة"، وحصرت ردها بالنقاط التالية:

إن الشعب الفلسطيني كله في فلسطين، وخاصة في قطاع غزة المحاصر، يعاني من ضائقة مالية واقتصادية قاتلة جراء الحصار الظالم والاحتلال، والحركة جزء من هذا الشعب تعاني ونكابد ما يعانيه. وإن هذه المعاناة ليست جديدة، وهي نتاج الظروف المعقدة التي تمر به القضية والأمة.

حركة الجهاد حركة مقاومة، لها خطها النضالي المعروف، وقرارها السياسي المستقل، ولا أحد يملي عليها خياراتها ومواقفها، وأن علاقاتنا مع الجميع تقوم على الاحترام المتبادل.

التأكيد على عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد عربي أو إسلامي أو أجنبي، وعدم الزج بفلسطين وقضيتها ومقاومتها في أي صراع أو نزاع بين أبناء الأمة.

رفض جعل إيران، البلد المسلم، عدواً للعرب والمسلمين، لأن العدو الأول والتاريخي للأمة هو الكيان الصهيوني. و"يجب أن لا ننسى أو نغفل عما قدمته إيران من دعم لفلسطين وحركات المقاومة".

أفق العلاقة

لا تملك حركة الجهاد الإسلامي ماليًّا وسياسيًّا هامشًا للتحرك ومواجهة الأزمة كالذي تملكه حركة حماس، رغم أنها سبق ومرت بأزمة مالية عام 2009 استمرت لخمسة أشهر؛ ولذلك فإن توقف الدعم الإيراني سيترك تأثيرات عميقة على أداء الحركة وربما توجهاتها وعلاقاتها الإقليمية. قد تنجح الوساطة في رأب شُقَّة الخلاف وإعادة الدعم المالي، الذي وإن عاد لن يكون بالشكل السابق، كما أن الحركة قد تنجح في إيجاد دعم بديل ضمان طرح "مشروع المقاومة" الذي بدأ الأمين العام للحركة د. رمضان شلح "التنظير" له. وفي المحصلة، فإن هذه الأزمة لن تنتهي بدون تأثيرات على مستقبل العلاقة بين حركة الجهاد الإسلامي وإيران.

حماس وإيران

رغم أن العلاقة بين حركة حماس وإيران تعد أكثر حداثة من حركة الجهاد الإسلامي وتعود في تاريخها إلى عقد التسعينات من القرن العشرين، وازدادت أهمية حماس ومركزيتها في نظر إيران عقب فوزها في الانتخابات التشريعية عام 2006، إذ انتقلت من كونها حركة مقاومة وفصيلا سياسيا معارضا إلى حكومة الفلسطينيين، ما دعا طهران إلى مضاعفة دعمها لها، فتعهَّدت بتقديم 50 مليون دولار شهريا لهذه الحكومة، وفي المقابل كان للمقاطعة الدولية والإقليمية لحكومة حماس دور أساسي في دفع الحركة باتجاه توثيق علاقتها مع إيران.

واستمر ربيع العلاقة بين الطرفين حتى جاء الربيع العربي ووصلت رياحه إلى سورية، مقر إقامة قيادة حماس، وعاصمة الحليف الإقليمي الأهم للقيادة الإيرانية، فمع تقدُّم مسار الثورة السورية، وشروع نظام الأسد في قصف معارضيه بالبراميل المتفجرة بدعم من طهران، وجدت حماس نفسها أمام الاختبار الأخلاقي الأهم في تاريخها، اختبار وضع علاقتها الاستراتيجية مع طهران أمام تحدٍّ غير مسبوق.

حينما بدأ الربيع العربي في تونس ثم مصر، كانت إيران مسرورة بما وصفته أنه "ثورة إسلامية" في تلك الدول، لكن بمجرد وصول هذا الربيع إلى سورية، سرعان ما اعتبرته طهران "مؤامرة دولية على المقاومة". لكن حركة حماس، بموروثها السنيّ والشعبيّ، لم تقبل الرواية الإيرانية أو السورية الرسمية، بل إنها استبقت رياح الربيع العربي بنصح النظام السوري بإجراء إصلاحات استباقية، غير أن تلك النصيحة لم تجد آذانا مُصغية لها.

في بداية الثورة حاولت حماس الالتزام بسياستها التقليدية بعدم التدخُّل في السياسة الداخلية للدول، لكن هذا الموقف لم يكن مقبولا من كلا الطرفين؛ الشعب والنظام، فانتقلت إلى حالة الحياد الإيجابي بمحاولة الوساطة بين الطرفين إبان أحداث درعا، مستفيدة من علاقاتها الجيدة مع كلٍّ منهما، لكن النظام طلب من الحركة التوقُّف عن مساعيها، وأعقب ذلك بطلب بيان يوضِّح موقفها من الأحداث، وبالفعل أصدرت الحركة بيانا لم يُرضِ النظام، الذي كان يرغب في توظيف قضية المقاومة ودعمه لفصائلها في صراعه مع الثورة.

في إطار هذه الجهود النظامية، سعت "الجبهة الشعبية – القيادة العامة"، وهي فصيل فلسطيني مقرب من النظام السوري، إلى تشكيل قوة فصائلية لحفظ الأمن في المخيمات، وهو ما رفضته حماس ورأت فيه محاولة لتوريط الفصائل في المعركة السورية، لكن النظام لم يكل؛ فدعا إلى لقاء علني بين الفصائل والرئيس السوري، ليصدر بعده بيان دعم له، لقاء تملَّصت منه الحركة التي قرَّرت مغادرة دمشق، بعد أن تأكَّدت أن الحفاظ على مجرد الحياد أصبح أمرا غير ممكن ما دامت قيادتها مقيمة على الأراضي السورية.

لكن الحركة لم تكتفِ بصون سياسة عدم التدخُّل بعد مغادرتها دمشق، بل ظهر انحيازها إلى الشعب السوري، إذ أفصح رئيس الحركة في قطاع غزة آنذاك "إسماعيل هنية" عن دعمه للثورة السورية في خطاب من منبر الأزهر، كما حمل رئيس المكتب السياسي للحركة آنذاك خالد مشعل علم الثورة السورية، وصرَّح في كلمة له في مؤتمر القدس من طهران عام 2012 بأن حركته "مع الشعوب جميعا في سعيها الدؤوب والمشروع للحرية والإصلاح والعدالة والديمقراطية ومحاربة الفساد والاستبداد"، كما قاتل بعض أبناء الحركة ضمن فصائل الثورة السورية، في الشمال السوري وفي مخيم اليرموك الذي شكَّلوا فيه فصيل "أكناف بيت المقدس".

مَثَّل خروج حماس من سورية ومواقفها المؤيدة للثورة لاحقا صدمة لإيران، التي خفضت دعمها للحركة، وشنَّ إعلامها وإعلام حلفائها هجوما على حماس وصل إلى اتهامها بالخيانة، وبدا أن العلاقة بين الطرفين ذاهبة باتجاه القطيعة، لكن صمود الحركة في وجه العدوان الصهيوني على القطاع عام 2012 دفع إيران إلى استئناف الدعم العسكري للحركة، مع محاولة التمييز في التعامل بين الجناح العسكري في قطاع غزة وبين قيادة الحركة السياسية، وبالفعل فقد ظهر بعض التباين في الخطاب والمواقف بين الطرفين، إذ كان تقدير العسكريين لأهمية الدعم العسكري الإيراني يدفعهم إلى التعبير عن التقارب مع إيران، في حين كانت حساسية القيادة السياسية المقيمة في الخارج أكبر تجاه أي تعبيرات من هذا النوع؛ بفعل كثرة اختلاطها مع القوى الشعبية الإسلامية التي تعاني من السياسات الإيرانية الإقليمية.

وفي المقابل تم توثيق العلاقة بين حماس وإيران، وانعكس ذلك على دعم مالي ولوجستي كبير قدَّمته إيران للحركة التي عانت من التضييق والمحاصرة عربيًّا. ومن المعروف أن حركة حماس تعود في جذورها وأطرها المرجعية إلى حركة الإخوان المسلمين، لكن الحركة تمتلك قواسم مشتركة في علاقتها مع إيران؛ ففلسطين في فكر الحركة هي المرجعية التي تحكم علاقاتها مع الخارج ومن ضمن ذلك إيران.

لا تنكر الحركة وجود مصالح مشتركة مع إيران، ولم تُخفِ تلقيها الدعم المادي والمعنوي من الإيرانيين، وشكرت إيران على دعمها في أكثر من مناسبة. ومما لا شك فيه أن إيران استطاعت من خلال علاقتها مع حماس التأثيرَ والمشاركة في المعادلات السياسية في المنطقة. تشترك حماس مع إيران في النظر إلى الكيان الصهيوني ككيان غاصب وغير قانوني قائم على الاحتلال، ورغم كل الطروحات المتعلقة بدخول حماس في عملية تفاوضية مع الكيان الصهيوني إلا أن الموقف الرسمي للحركة إلى اليوم لا يزال يدور في إطار أن أية عملية تفاوض لن تعود بنتيجة سوى بإعطاء شرعية لهذا الكيان ومنح الأمن له. وسعت إيران لدعم حركة حماس كمرجعية بديلة وممثلة للشعب الفلسطيني يحل محل حركة فتح.

وتُصنَّف العلاقة بين حركة حماس وإيران بأنها أكثر تعقيدًا من العلاقة بين حزب اللات وإيران، خاصة وأن حركة مثل حماس تُعتبر أحد أبرز فروع الإسلام السياسي السُّنِّي في المنطقة، وامتدادًا لجماعة الإخوان المسلمين السنِّية الكبرى، لكن ذلك التعقيد لم يجعل حماس تسْلَم من الاتهام بـ"العمالة لإيران".

ولعل هذه الاتهامات هي ما يدفع رئيس المكتب السياسي للحركة، خالد مشغل، لأن يؤكِّد أن العلاقة التي تربط بين الجانبين هي علاقة "مصالح سياسية" وأن الحركة "مستقلة القرار، وأن توطيد علاقتها بإيران هو نتيجة طبيعية للخصومة التي تُبديها الحكومات العربية ضدها. وترفض الحركة الاتهام بأن "إيران تستخدمها كأداة" و"عارضت الرغبة الإيرانية في أكثر من محطة سياسية"، ومن أبرز الأمثلة على ذلك: المشاركة في انتخابات 2006؛ فقد خاضت حماس الانتخابات على الرغم من أن إيران طلبت منها عدم المشاركة فيها وجرى هذا الطلب في اجتماع لقادة الحركة مع مجلس الأمن القومي والخارجية الإيرانية، وحدث الأمر ذاته عقب محادثات واي ريفر 1996، إذ حاول المسؤولون الإيرانيون خلق منبر ضد مشاركة سورية من خلال حركة حماس وهو ما رفضته الحركة.

الحالة السورية وتبعاتها

أخذت العلاقة بين إيران وحركة حماس منحى مختلفًا عقب شهور قليلة من اندلاع الثورة السورية عندما قررت الحركة دعم "تطلعات وآمال الشعب السوري"، دون أن تهاجم النظام السوري؛ فهذا الدعم وفق البيان يأتي بما "يحفظ استقرار سورية وتماسكها الداخلي".

بدت الحركة حذرة في التعامل مع الحالة السورية، وتجنَّبت منح النظام السوري أية شرعية لاستخدامه العنف والقوة المسلحة ضد الحراك السلمي الذي اشتُهرت به الثورة السورية في أشهرها الأولى؛ حيث تجنَّب خالد مشعل الظهور مع الرئيس بشار الأسد في لقاءات ثنائية إعلامية "دعائية" في دمشق، محاولًا وقيادة الحركة السعي للتوسط بين النظام والقوى الثورية خاصة في درعا ومنطقة حوران، إلا أن رفض النظام وإصراره على معالجة الأمر أمنيًّا وبالقوة المسلحة دفع الحركة إلى الخروج من سورية رغبة منها في عدم التدخل أو الانزلاق في الشأن السوري الداخلي.

ورغم التباين في المواقف في سورية، ورفض حماس مطالب إيرانية بدعم الأسد، بقيت حماس تؤكد على أهمية العلاقة مع إيران، وبقيت إيران تواظب على وصف الحركة بـ"المقاومة"، واستمرت اللقاءات بمستويات منخفضة، واستمر تمثيل الحركة من خلال مكتبها في طهران. لكن الإحجام عن مهاجمة حماس وقادتها لم يستمر، وجرى قطع مساعدات إيران للحركة والتي قالت بعض المصادر: إنها وصلت إلى 24 مليون دولار شهريًّا، وبدأت بمهاجمة خالد مشعل عبر وسائل إعلام محسوبة على أشخاص مقرَّبين من الحرس الثوري، وصفته بأنه "خائن يتظاهر بالمقاومة"، ودخلت وسائل الإعلام الإيرانية لعبة الشماتة بسقوط الرئيس محمد مرسي، وتبعًا لذلك الشماتة من حماس لعلاقتها القوية مع حركة الإخوان المسلمين في مصر. وبدأت الاتهامات تُكال للحركة بواسطة وسائل إعلام مقربة من إيران، قالت بأن حماس "ألقت السلاح"، وهو الاتهام الذي ما لبث أن تهاوي أمام العدوان الإسرائيلي على غزة (البنيان المرصوص) والذي استمرَّ أكثر من 50 يومًا، واستطاعت الحركة أن تصمد دون الدعم الإيراني.

وعقب العدوان بدأت إيران بالتحرك نحو حماس ومحاولة إعادة العلاقة، وجرت لقاءات عالية المستوى بين الطرفين، وبدأ حديث عن زيارة مرتقبة لخالد مشعل إلى طهران، لم تَجْرِ إلى اليوم، بسبب خلافات حول برنامج الزيارة والشخصيات التي سيقابلها مشعل، وهو ما ظهر واضحًا في تصريحات مستشار رئيس مجلس الشورى الإيراني للشؤون الدولية، حسين شيخ الإسلام: "ترتيبات زيارة مشعل هي مسؤولية أصحاب البلد، متعهِّدًا أنه في اللحظة التي يقرر مشعل المجيء فيها ستقدِّم طهران أفضل استقبال له"، غير أنه أكَّد أن بلاده لا تقبل بأي شرط لقدومه "مشعل بنفسه يحدد إذا كان هذا الوقت مناسبًا لزيارته أم لا، أي ضيوف يريدون أن يأتوا، فإن استقبالهم وظيفتنا وليس مهمتهم أن يضعوا قواعد الاستقبال ويقولوا لنا كيف نستقبلهم"، مكمِّلًا: "نحن في ثقافتنا من العيب أن يشترط الضيف أين سيجلس أو يذهب"

ويبدو أن إيران تركِّز هجومها على خالد مشعل، وتحاول تصوير الأمر على أنه انشقاق في حماس، وتُلمِّح إلى تيار مخالف لموقف مشعل فيما يتعلق بالعلاقة مع إيران داخل غزة، ولعل ذلك يفسر بعض الشائعات غير المؤكدة بدعم إيران لمشاريع يقوم عليها القيادي في الحركة محمود الزهار.

وقرأت حركة حماس تغير الأولويات الإيرانية، فلم تُسقط خيار ترميم العلاقة مع إيران، لكنها جعلت ذلك مقرونًا بعلاقات إقليمية أخرى، كالعلاقة مع قطر وتركيا، ويأتي تحرك حماس نحو السعودية في هذا الاتجاه.

وعبر بيان موجز أعلنت "حماس" موقفها من حرب اليمن، وحسمت موقفها بدعم "الشرعية السياسية في اليمن وخيار الشعب اليمني الذي تَوَافَقَ عليه ديمقراطيًّا"، وأنّها "تقف مع وحدة اليمن وأمنه، وتريد الحوار والتوافق بين أبنائه، مع أمن المنطقة العربية واستقرارها دولًا وشعوبًا، وترفض كل ما يمس بأمنها واستقرارها".

وقرأ بعض التحليلات موقف "حماس" من حرب اليمن بأنه "يعيد رسم خارطة تحالفاتها السياسية في المنطقة باتجاه إعادة التموضع نحو ما يسمَّى "المحور السنِّي"، الذي تترأسه السعودية، ويضم معظم دول الخليج العربي ومصر وتركيا، رغم أن بيان "حماس" أبقى الباب مفتوحًا أمام التقارب مع إيران وعدم قطع الخيوط معها، لأن "حماس" لم تذكر عملية "عاصفة الحزم" بالاسم في بيانها". وعَزَت "الاصطفاف الجديد" لـ"حماس" بجانب السعودية، إلى أن خطوات الحركة الإيجابية تجاه إيران منذ أشهر عدَّة، لم تتمَّ ترجمتها إلى تطبيع كامل للعلاقات بينهما، يضمن عودة الدعمين المالي والعسكري للحركة، فإيران ما زالت تضع شروطًا تعجيزية على "حماس"، ولم تنجح في التقاط رسائل الغزل منها.

وفي سياق "الاصطفاف السياسي" الجديد للحركة، قام رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل بزيارة للمملكة العربية السعودية في منتصف شهر يوليو/تموز الماضي والتقى بالعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز وقيادات سعودية، في تحرك بدا لافتًا بعد سنوات من التباعد. ورغم أن "الانفتاح" السعودي على حماس ما زال محدودًا، لم تستطع إيران أن تُخفي استياءها، وهاجمت وسائل إعلام مقربة من الحرس الثوري الإيراني، حماس ورئيس مكتبها السياسي خالد مشعل، وردَّت حماس بحرص على هذا الاتهامات وأعادت التأكيد على ثبات سياستها الخارجية.

ولعل هذا التقارب هو ما دفع مؤيدين لعلاقة الحركة مع إيران إلى انتقادها، ورأوا أن التقارب الحالي بين حركة حماس والمحور السنِّي، وعلى رأسه السعودية وتركيا وقطر، وابتعادها عن إيران هو "سوء تقدير سياسي" من قبل حركة حماس، و"انحياز" للمصلحة الحزبية على حساب المصلحة الفلسطينية العليا، و"تنكُّر" لدعم إيراني غير محدود للحركة الإسلامية على مدى عقود من الزمن.

التحديات التي تخوض معاركها المقاومة الفلسطينية قبل معاركها مع الاحتلال يأتي على رأسها الاستمرارية في المقاومة، فبقاء المقاومة الفلسطينية ومصطلح "القضية الفلسطينية" ونزاعات القدس والتهجير مرهون ببقاء آخر أمل للفلسطينيين، وهو المقاومة المسلحة تجاه العدوان الإسرائيلي. فصراع البقاء هنا ليس فيه نزاهة اختيار، بل حتمية بقاء واستمرار، رغم انعدام الإمكانيات.

الصراع الأصعب بعد الاستمرارية هو صراع "الاستقلال" وعدم الانصياع لسياسات الداعمين - إن وجدوا - فقواعد اللعبة السياسية تشير إلى أن الدعم ولو بكلمة أو تأييد يكون بمقابل، وما تتطلع له إيران من توسع في المنطقة العربية وفرض سيطرتها العسكرية والمذهبية على أراضي الشرق الأوسط، يجعل من دعم إيران لحماس هدفا مذهبيا بحتا، وهو الصراع الأكبر لحماس والأصعب لقياداتها، وكأن العدل بين الأمرين كالعبور من ثقب مَخيط، وفرضية الواقع أجبرت حماس على العبور من هذا الثقب.

بناء الكيانات الموازية: بحث إيران عن البديل

ترفض حركات المقاومة الإسلامية في فلسطين، الاتهامات بأن تكون خضعت لإملاءات سياسية من طرف إيران مقابل ما تقدمه من دعم، ويحسم أصحاب القرار الجدل بشأن ذلك، بصورة يعبِّر عنها ما قاله خالد مشعل: "وقد طرقنا باب الجميع‏،‏ فمن استجاب لنا قلنا له: شكرًا‏،‏ وهذا هو الذي يحكم علاقتنا مع كل البلاد العربية والإسلامية‏،‏ بما فيها إيران‏،‏ بل مع أي بلد آخر في العالم شرقًا أو غربًا، ‏لكننا لا يمكن أن نقبل دعمًا مشروطًا من أي دولة أو طرف‏،‏ ولا يمكن أن نقبل ثمنًا لأي دعم من أي دولة أو طرف كان"‏. ومع ذلك هناك قضايا اختلاف، لا تفسد الموقف الموحد من القضية الفلسطينية، وحركات المقاومة تدرك أن "إيران تتصرف في كثير من الأحيان كدولة لها مصالحها ولها أمنها القومي".

ورغم الاستبشار بها، بوصفها احتجاجًا ضد الظلم والاستبداد، إلا أن الثورات العربية شكَّلت في واحد من جوانبها معضلة بالنسبة للقضية الفلسطينية، ودفع موقف إيران من بعض هذه الثورات وما لحقها إلى تأزيم العلاقة بين حركة حماس وإيران، ولاحقًا بين حركة الجهاد الإسلامي وإيران.

ومع كل خلاف في الموقف تجاه قضية أو أخرى بين إيران وقادة المقاومة في فلسطين، كانت التوصيات تُقدَّم إلى صانع القرار الإيراني من جهات وشخصيات على دراية بالوضع الفلسطيني، بتوسيع رقعة الحماية الإيرانية لتتجاوز حماس والجهاد إلى غيرهما من التيارات الفلسطينية، رغم القول بأن "حماس" و"الجهاد الإسلامي" هما أكثر الحركات الفلسطينية "حماية لأصل القضية". ومن الواضح أن إيران تسعى لبناء كيانات تابعة لإيران في الساحة الفلسطينية بدل أن تكون حليفة؛ فعلى الرغم من الدعم الكبير الذي كانت تتلقاه كل من حركة حماس والجهاد الإسلامي من إيران، إلا أنهما سجَّلا في منعطفات حساسة موقفًا مستقلًا عن السياسة الإيرانية؛ ولذلك خرجت توصيات لمن يديرون ملف فلسطين في إيران بضرورة الاستثمار في هذا الملف من خلال بناء جماعات تابعة لإيران في الداخل الفلسطيني، تلعب إيران الدور المحوري في تأسيسها وترسيم هويتها واتجاهاتها. ويؤكد هذا الرأي الإعلان عن تأسيس "حركة الصابرين"، بزعامة القيادي السابق في الجناح العسكري للجهاد هشام سالم، وهناك تأكيدات بأن "حركة الصابرين" التي اتخذت شعارًا فيه بعض ملامح شعار حزب اللات اللبناني، بدأت بالفعل بتلقي الأموال من إيران وشرعت في بناء مؤسسات تابعة لها وتوظيف عاملين برواتب مجزية.

ولا تأتي حركة "الصابرين" بعيدة عن سعي إيران لبناء كيان موازٍ يكون قادرًا على تنفيذ الخطوط العامة الإيرانية في الساحة الفلسطينية بشكل لم تقبل به حركتا حماس والجهاد الإسلامي اللتين رفضتا أن يكون الدعم المالي والسياسي مدخلًا للضغط الإيراني، وفضلًا عن الحساسية نحو هذا الكيان الجديد لأسباب سياسية واضحة، يظهر العامل المذهبي واضحًا في الرفض أيضًا، وتتعامل حركات المقاومة السنِّية بحساسية مع موضوع التشيع وتقف بحزم ضده، وترى أنه لا يخدم أي طرف؛ فالساحة الفلسطينية سنِّية المذهب، وإدخالها في هذا الجدل يضر بالقضية الفلسطينية ولا يخدمها، كما لا يجب استغلال حاجات الناس والجوع والحصار في غزة للدعوة إلى مذهب معين.

ويصر هشام سالم، أحد أبرز قاد حركة "الصابرين"، والمنشق عن حركة الجهاد الإسلامي، على نفي البُعد المذهبي في حركته: "نحن لسنا حركة مذهبية، نحن حركة إسلامية فلسطينية مقاومة، ونرفض الزجَّ باسمنا في الصراعات المذهبية التكفيرية الرخيصة والدنيئة".

ويؤكد مطلعون عن قرب على هذه الحركة وظروف نشأتها، أن "الصابرين تأسست على يد هشام سالم المطرود من حركة الجهاد الإسلامي على خلفية تشيُّعه ودعوته للتشيع". ويبدو أن حركة الجهاد الإسلامي تستشعر خطورة الحركة الجديدة على لحمة حركات المقاومة في فلسطين، خاصة أن "حركة الصابرين انبثقت عن حركة الجهاد الإسلامي وتجتذب الكثير من أعضائها وأنصارها، وخصوصًا في أعقاب حجب المساعدات الإيرانية عن حركة الجهاد الإسلامي وتحويل قسم كبير منها لجماعة الصابرين".

وقد يكون من المبكر الحكم على التوجه المذهبي لـ"الصابرين"، لكنَّ البيان وثيقة "الرؤية الفكرية" للحركة يعطي مؤشرات قوية على التأثير الإيراني؛ فالمصطلحات المستخدمة تكاد تكون منسوخة من خطاب حزب اللات اللبناني، ومشابهة بصورة كبيرة لرسالته المفتوحة الأولى. كما أن الحركة بدأت بعقد أنشطة ذات طابع إيراني، وتكلَّمت عن الوصية والدعوة إلى التشيع. ويحضر الخطاب الإيراني في وثيقة الحركة جليًّا عند الحديث عن "الاستكبار والاستضعاف"؛ فـ"النهضة الإسلامية الجديدة على الأيدي الطاهرة والنفوس المؤمنة للمجاهدين الذين خاضوا غمار المواجهة البطولية بتجلياتها العقائدية والإيمانية والثقافية والسياسية ضد الكيان الصهيوني الغاصب الذي كان ولا يزال خنجرًا مغروسًا في قلب الأمة والقوى المستكبرة الداعمة له وعلى رأسها الشيطان الأكبر أمريكا؛ حيث نهض هؤلاء المجاهدون جميعًا ليلبُّوا نداء الحق الممتد عبر التاريخ، فثاروا في وجه أمريكا وإسرائيل والأنظمة القمعية المستبدة، فشكَّلت نهضتهم وثورتهم نقطة تحول كبرى في تاريخ الإسلام، ومثَّلت انطلاقة جديدة لنهضة المسلمين وظهيرًا لكل الحركات الإسلامية الواعية، وها هم اليوم يحملون على أكتافهم بكل إخلاص وتفانٍ واقتدار عبء رسالة الإسلام بمضامينها الثورية والحضارية وأمل المسلمين والمستضعفين في كل العالم، ونحن على يقين تام بأن قيام هؤلاء المؤمنين والمجاهدين الذين انتصروا بإرادة الله العزيز الحكيم إنما هو بداية لانتصار المسلمين وتحرير فلسطين ومقدمة لعبور الإسلام إلى دولة الخلافة العادلة التي ستملأ الأرض قسطًا وعدلًا كما مُلئت ظلمًا وجورًا".

وفي مكان آخر من هذه الوثيقة نجد ما يشبه الاستنساخ لخطاب الخميني، ومرشد الثورة الإيرانية، فيما يتعلق بمصطلح "الإسلام المحمدي": "لقد بدا من خلال هذه القرون أن المسلمين يتذوقون تلك الثمرة المرَّة لانحرافهم وتخلِّيهم عن الخط المحمدي الأصيل، والذي يمثِّل الصراط المستقيم والطريق القويم بمضامينه الإيمانية والروحية والثقافية والأخلاقية والذي يشكِّل الامتداد الحقيقي للنبوة بعصمتها وطهارتها وتأييدها الإلهي".

ويمكن فهم دخول السلطة الفلسطينية على الخط وإعلانها عن بدء خطوات تقاربية مع الحكومة الإيرانية بعد سنوات من الجفاء في السياق ذاته، ونشرت وكالات أنباء أن السلطة الفلسطينية وحركة فتح تسعيان إلى تطوير العلاقة مع إيران بعد التوصل إلى اتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني، وسيزور وفد رفيع من حركة فتح إيران لترتيب زيارة قريبة للرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى هناك.

إيران الجديدة عقب النووي

مرَّت التوجهات الإيرانية تجاه القضية الفلسطينية بمراحل؛ اتخذت أولاها بُعدًا أيديولوجيًّا شعاراتيًّا حمل مفاهيم التضامن والوحدة الإسلامية في انسجام مع الخطوط الأيديولوجية العريضة للثورة الإيرانية؛ لكن هذه التوجهات بدأت تأخذ -بفعل التحولات الاجتماعية والتحديات السياسية- منحى واقعيًّا براغماتيًّا في العلاقات الدولية، سعيًا إلى تحقيق ما تسعى إليه الجمهورية الإيرانية من تعزيز مكانتها الإقليمية، والاعتراف بدورها كلاعب دولي مهم؛ وذلك تماشيًا مع وثيقة "الرؤية المستقبلية" التي أطلقتها إيران قبل سنوات؛ وحدَّدت فيها عام 2025 عامًا لتكون إيران القوة الإقليمية الأولى. إن هذا البُعد البراغماتي النفعي بدأ مع فترة رئاسة رفسنجاني الأولى، واستمر خلال فترة حكم خاتمي، ثم عاد البعد الشعاراتي ليطغى في فترة رئاسة أحمدي نجاد الأولى؛ لكنه في فترته الرئاسية الثانية وجد نفسه مدفوعًا إلى العودة إلى المسار الذي خطَّه رفسنجاني في فترته الرئاسية الثانية.

ومع وصول حسن روحاني، الشخصية الوفية لخط رفسنجاني، إلى سُدَّة الرئاسة طغت الأولويات الداخلية الإيرانية على سياستها الخارجية، ونجحت إيران في إنجاز اتفاق تاريخي مع الغرب بشأن برنامجها إيراني النووي، لكن هذا الاتفاق لن يبقى حكرًا على الملف النووي؛ إذ لا يمكن إسقاط جوانبه الجيوسياسة التي من الممكن أن نشهد آثارها في المنطقة قريبًا، خاصة مع وجود بنود سرية في الاتفاق كشفت عنها جلسات الاستجواب التي عقدها الكونجرس الأميركي. ومع تراجع الرواية الداعمة للقضية الفلسطينية التي تأخذ صبغة أيديولوجية وشعاراتية واضحة، يتبناها ويعيد إنتاجها تيار سياسي بعينه، يتراجع تأثيره في السياسة الإيرانية اليوم، لصالح تيار الرئيس روحاني واتساع مسار التقارب الإيراني-الأميركي، يبدو أن السياسة الخارجية الإيرانية تجاه القضية الفلسطينية ستشهد تحولًا يأتي في إطار "القبول بما يقبل به الفلسطينيون".

لكن هذا التراجع لا يعني أن تنسحب إيران من "ساحة القضية الفلسطينية"؛ إذ إنها تدرك ما يضيفه دعم هذه القضية العادلة إلى رصيد قوتها الناعمة وغير الناعمة في المنطقة؛ فعلى مدى سنوات أحسنت إيران استثمار الموضوع الفلسطيني وقامت بسدِّ الفراغ الذي حدث بفعل انحياز الأنظمة العربية للخيار التفاوضي مع إسرائيل، لكن هذا الدور لا يمكن له أن يستمر بالشكل السابق؛ إذ إن تقاربًا ناجحًا مع واشنطن لن يؤتي ثماره المرجوة في الداخل الإيراني دون تحول حقيقي في السياسة الخارجية الإيرانية. وكما جرت عملية إعادة تأويل لطروحات الخميني وخطابه المتعلق بالعلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية، يبدو المجال مفتوحًا لإعادة تقييم لمجمل السياسة الخارجية الإيرانية تجاه القضية الفلسطينية في ضوء المستجدات السياسية. قبل روحاني بمدةٍ زمنيةٍ لا يستهان بها، بدأ يتكون فريق في إيران يحمل نظرة سياسية واقعية نحو الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل، وعلى الرغم من أنهم يرون في إسرائيل دولة معتدية؛ فإنهم يؤمنون بخيار التسوية؛ ولذلك لا يعتبرون حماس هي الخيار الأفضل، إلا إذا قبلت بعملية التسوية، بدأت هذه الدعوة بالظهور مع ظهور الإصلاحيين في إيران، ونضجت في عقد التسعينات، وكتبت صحف تلك الفترة بكل صراحة أنه لا يجب على الإيرانيين أن يكونوا أكثر فلسطينية من الفلسطينيين؛ لأن الفلسطينيين بدأوا بقبول الكيان الصهيوني والاعتراف به؛ ودلَّلوا على ذلك بتوقيع منظمة التحرير اتفاقية أوسلو عام 1993، وأن السلطة الفلسطينية ما زالت مشغولة بالتفاوض. يدعو هذا الفريق إلى "تخفيف الحساسية تجاه فلسطين"، وخفض مستوى الخصومة مع الكيان الصهيوني كطريق لخفض المعارضة الدولية للجمهورية الإيرانية. وخفض الحساسية لا يعني بالضرورة الاعتراف رسميًّا بالكيان الصهيوني؛ لكن أصحاب هذا الرأي يدعون إلى التحاق إيران بالركب الدولي فيما يتعلق بالتعامل مع الصراع العربي-الفلسطيني. ومن الناحية العملية فقد أقدمت إيران على ما يمكن تسميته بنزع فتيل التوتر وخفض الحساسية، ومن ذلك ما أعلنته وزارة الخارجية الإيرانية من أن إيران لن تُقدِم عمليًّا على أي عمل من شأنه تدمير الكيان الصهيوني، وجاء الاقتراح الإيراني بعمل استفتاء عام في كل الأراضي المحتلة.

وستسعى إيران عقب الاتفاق النووي التي تعمل عليه الآن بعد عودة الولايات المتحدة إليه، لفرض معادلة جديدة، تحافظ على الجمهورية الإيرانية كلاعب أساسي في القضية الفلسطينية، وتحفظ لها في الوقت ذاته مصالحها الخاصة المرتبطة بملفات داخلية وإقليمية.

شكل جديد في العلاقة

إن الشكل الجديد الذي تفرضه عملية إعادة توصيف العلاقة بين إيران وحركات المقاومة الفلسطينية ذات التوجه الإسلامي، هو خروج المقاومة الفلسطينية من أطر المحاور السياسية في المنطقة؛ فعلاقة حركة الجهاد الإسلامي وفق تأكيد أمينها العام الدكتور رمضان عبد الله مع الدوحة وطهران "جيدة" مع إشادة بدور قطر لدورها في إعادة إعمار غزة، لكن هذا التقييم لا يمكن فهمه إلا بوضع الحركة خارج حالة الاستقطاب والاصطفاف التي تشهدها المنطقة وبدأت تأخذ ملامح جديدة بعد عاصفة الحزم في اليمن. ويبدو ذلك مرتبطًا بتقديم تعريف جديد لمصطلح "محور الممانعة والمقاومة"، ويقوم هذا التعريف على تفكيك المصطلح/المحور بسبب خروج حركة حماس منه، فلا "يمكن الحديث عن محور ممانعة ومقاومة دون حماس، موقف في تقديم للشراكة مع حماس من قِبل حركة الجهاد على أي تحالفات أخرى". ويربط محلِّلون هذا التفكيك بـ"تغييرات قادمة ومحاور جديدة في الساحة الفلسطينية تُؤسَّس على إفرازات إعادة ترتيب المنطقة بعد عاصفة الربيع العربي".

وفي عملية التفكيك التي يجريها شلح، أو إعادة التركيب التي يقوم بها مشعل، يمكن القول: إن كليهما يسعى، لتحويل مصطلح محور المقاومة إلى مشروع المقاومة، ومن شروط هذا المشروع أن لا يكون رهنًا بالمحاور وحالات الاصطفاف السياسي، وينسحب ذلك على "المحور السنِّي" والعلاقة معه والمحاور الأخرى والعلاقة معها، ويُحكم على كل طرف بما يقدمه من مساهمة لخدمة المشروع دون شروط "علينا أن نجعل من المقاومة مشروعًا؛ حيث إن المقاومة الفلسطينية مشروع وليست محورًا".

وأيًّا يكن من تباينات في موقف كل من حركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي، من الثورة السورية والعلاقة مع نظام المجرم بشار الأسد، إلا أن تطورات الساحة في سورية وما رافقها من حضور إيراني في أكثر من ساحة عربية، جعل مخططي العلاقة داخل الحركتين يسعون إلى تأطيرها بصورة مختلفة عن السابق، وهم وإن كانوا لا يحبذون قطع العلاقة مع إيران، ويرون بضرورة حل الخلافات القائمة، إلا أنهم باتوا غير راضين عن سياستها تجاه عدد من الملفات، في سوريا واليمن والعراق، كما أنهم ينظرون بحساسية إلى نشوء تنظيمات جديدة تحمل بصورة واضحة ملامح التجربة الإيرانية وتجربة حزب اللات اللبناني في الشكل والبناء الفكري والعقائدي.

كل ما سبق يجعل وجيهًا القول بأن علاقة المقاومة مع الجمهورية الإيرانية، وكذلك الحال بالنسبة للدور الإيراني فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية دخل مرحلة جديدة، وبدأ يأخذ شكلًا جديدًا.

المصدر

 

*الجزيرة-الباحثة فاطمة الصمادي-7/9/2015

*الجزيرة-30/5/2021

*وكالة الأناضول-27/7/2019

*البيان-12/6/2021

*عربي 21-6/6/2021  

وسوم: العدد 933