الرسالة الأمريكية المفخخة التي فرح بها بعض السوريين، احذروا ... احذروا ..

"ووالله لو كذبت الناس جميعا ما كذبتكم، ولو غششت الناس جميعا ما غششتكم." نتناقلها عن سيدنا رسول الله يوم قال لقريش: إن الرائد لا يكذب أهله ..

وتناقلت الوكالات ومصادر الأخبار نصوصا مجتزأة من الرسالة التي تبدو صارمة وحاسمة وقوية، والتي توجهت بها اللجنة الخارجية في كل من مجلس الشيوخ ومجلس النواب الأمريكي، إلى الرئيس بايدن؛ بشأن استعادة الدور الأمريكي في سورية. وبشأن رفض السماح بإعادة دمج بشار الأسد في المجتمع الدولي. ثم ثالثا بشأن حض حلفاء الولايات المتحدة الإقليميين من الدول العربية إلى الكف عن التدافع على باب الأسد. وقول الشيوخ والنواب تعليقا على الموقف الرسمي الأمريكي: إن الصمت عن ذلك، أو الاعتراض الخجول يشكل نوعا من الموافقة الضمنية عليه وهذا ما لا ينبغي أن يكون !!

 وتؤكد الرسالة في أحد سياقتها أن الإقدام على عملية إعادة تأهيل الأسد سوف تشكل سابقة دولية في إعادة تأهيل كل مجرمي الحرب حول العالم ...!!

كل العناوين المنتزعة من الرسالة، والتي ركزت عليها وسائل الإعلام المعنية، ولاسيما السورية منها تنزل بردا وسلاما على صدور السوريين، أو تنساب سمنا وعسلا في حلوقهم .

لدينا سؤال صغير حول مطالبة أعضاء الكونغرس الموقرين الرئيسَ الأمريكي أن تستعيد بلدهم دورها في ألأزمة السورية لنتساءل، ومتى كان للأمريكيين دور حقيقي في الأزمة السورية؟؟؟!!! ما خلا تحريم وسائل الدفاع الجوي عن المقاومة السورية، لتمكين طيران البراميل والسارين الأسدي والروسي من إبادة الشعب السوري؟؟؟ ماذا رأى السوريون من خطوط الأمريكيين الحمراء التي ما أسرعت ما اخضرت؟؟ أي دور أمريكي حقيقي كان في دعم الديمقراطية أو الدفاع عن حقوق الإنسان، في غير السياقات الفئوية التي تستكمل سياسات بشار الأسد العنصرية والطائفية؟؟ وربما لو طالب السادة الممثلون رئيسَهم أن يكون لبلدهم دور ابتداء في الحالة السورية لكان أولى بهم وبواقع حال بلدهم ..

وأعود إلى السر الصغير في رسالة اللجنتين في مجلس الشيوخ والنواب، فإنهم بعد أن تشددووا، وأعلوا السقف، وطالبوا أن لا يكون إعادة تأهيل بشار الأسد سابقة لتأهيل المجرمين .. قالوا وبصوت خفيض شفيف: روفض كل ذلك -إعادة إدماج بشار الأسد في المجتمع الدولي- ما لم تكن في سورية إصلاحات واضحة...

وهذه الجملة الصغيرة المثيرة للسخرية صادرت كل شيء، وعبثت بكل شيء. وربما تكون الإصلاحات في نظر هؤلاء مثلا إعادة الصحفي الأمريكي المخطوف، وربما تكون الالتنازل عن الجولان السوري للمحتل الصهيوني الحاضر الناظر، وربما تكون فمن يدري؛ قتل مليون سوري آخر من غير المتجانسين...!!

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 964