إسرائيل لن تستسلم لتجميد عضويتها الشرفية في الاتحاد الأفريقي

حبس الملايين في العالم العربي وأفريقيا أنفاسهم انتظارا لقرار قمة الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا بشأن عضوية إسرائيل الشرفية ، عضوية المراقب ، في الاتحاد . واتخذت القمة قرارا إجماعيا بتجميد تلك العضوية لا إلغائها ، وتشكيل لجنة سباعية من رؤساء الجزائر والسنغال والكاميرون والكونغو الديمقراطية وجنوب أفريقيا ونيجيريا ورواندا لإعداد توصيات في القضية ، وتقديمها لقمة الاتحاد في العام القادم . قادت الجزائر وجنوب أفريقيا الجهود التي أدت إلى تجميد عضوية إسرائيل الشرفية في الاتحاد ، ولم تكن مهمتهما سهلة في الزمن الذي تتغلغل فيه إسرائيل سريعا في أفريقيا ، ومن  تجليات تغلغلها تطبيع علاقاتها مع عدد من دول القارة مثل تشاد المسلمة ، والسودان الدولة العربية التي سارع قادة انقلابها العسكري لتطبيع  علاقتها مع إسرائيل دون أي اهتمام بمعارضة الشعب السوداني الشاملة العنيدة  لهذا التطبيع الذي توالت بعده  على السودان الاضطرابات والأزمات المستعصية ، وأيضا دون أي اعتبار لدور إسرائيل الكبير في الحرب بين جنوب السودان وشماله التي انتهت بفصل الجنوب عن الشمال . ومن غرائب ما يكتنف عضوية إسرائيل الشرفية في الاتحاد الذي تأتلف فيه 55 دولة أن موسى محمد فقي رئيس مفوضية الاتحاد  اتخذ قرار منح إسرائيل هذه العضوية منفردا .  كيف يحدث هذا تنظيميا وإداريا ؟! ويسوغ موسى هذا المنح تسويغا يبطله كل سلوك إسرائيل العدواني العنصري حين يعتقد أن هذه العضوية قد  تكون " أداة في خدمة السلام . " . إسرائيل لا تقدم أي شيء ثمنا لأي تنازل تناله من الجهات التي تتقرب منها ، ولو كان هذا سلوكها لقدمته لمنظمة التحرير الفلسطينية التي اعترفت لها بالسيادة على 78% من التراب الوطني الفلسطيني ، ولقدمت شيئا في القضية الفلسطينية للدول العربية التي تطبع علاقاتها معها . كل ما تناله إسرائيل من العرب والمسلمين والدول الأفريقية تعده حقا لها لا منة عليها توجب المثوبة منها لهم . وخلاف ذلك ، هي تشتد عنفا وقسوة وشراسة وعنصرية في معاملة الفلسطينيين في الضفة وفي غزة وفي الداخل المحتل كلما تحسنت علاقاتها مع العرب والمسلمين وإخوانهم الأفارقة الذين تجمعهم محن ومآسٍ تاريخية وحالية واحدة من صنع الغرب الاستعماري الذي تمثل إسرائيل جزءا عضويا وسلوكيا منه . والمؤكد المقطوع به أن إسرائيل لن تستسلم لتجميد عضويتها الشرفية في الاتحاد الأفريقي حتى مؤتمر قمة الاتحاد التالية ، ستستثمره في تحركات نشطة متواصلة لتجديد تلك العضوية ، وستستعمل وسائل اقتصادية ومالية وخدمات أمنية وعسكرية ومؤامرات لتجديدها ، وستستعين بأميركا في كل ذلك ، وستجد من المطبعين العرب الجدد من يساندها فيه . فعلاقتها بأفريقيا علاقة حيوية لها في نواحٍ عديدة ، ونشاطها الأمني في البحر الأحمر من أهدافه تأمين وصولها إلى أفريقيا بتكلفة محدودة . خط الدفاع الأول في مواجهة التغلغل الإسرائيلي الشرير في أفريقيا هو العالم العربي ، وكلما اشتد تحصين هذا الخط في وجهها اشتد تحصين أفريقيا  ، والمروع أن هذا الخط مفكك مهلهل ، وليس من الخلق القويم والعقل السليم أن يطلب العرب من سواهم أن يكونوا أكثر إخلاصا منهم في الدفاع عن قضاياهم القومية في الوقت الذي يخونها فيه بعضهم . وليس من الخلق القويم والعقل السليم ترك الجزائر العظيمة وحدها عربيا في مواجهة التغلغل الإسرائيلي في القارة السمراء . أشفقنا على الجزائر حين أعلنت مبكرا قبل قمة الاتحاد الأخيرة أنها ستحارب عضوية إسرائيل الشرفية في الاتحاد ، وبدأت تحركاتها المدروسة في طريق وعر ، وهاهي تنجح في حربها بمؤازرة جنوب أفريقيا أطهر الدول سموا أخلاقيا ، وشبيهة الجزائر في هذا السمو الأخلاقي النادر الذي يزدحم بالأنذال وخُذال الحق والعدل والإنسانية ، والفاجع الفادح أن نصيب العرب كبير  من هؤلاء .  

وسوم: العدد 967