حول تصرفات تنظيم (الدولة الإسلامية في العراق والشام)

روابط علمية وهيئات إسلامية

بيان الروابط العلمية والهيئات الإسلامية السورية

حول تصرفات تنظيم (الدولة الإسلامية في العراق والشام)

بسم الله الرحمن الرحيم {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا} [النساء:148]  الحمد لله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان، ليقوم الناس بالقسط، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، البشير النذير، معلم الناس الخير، والداعي إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة، أما بعد: فقد امتنَّ الله - تعالى- على عباده في بلاد الشام بالجهاد في سبيله ضد النظام الطاغوتي المجرم، وعلى الرغم مما فيه من آلامٍ وتضحيات، ومن شراسة العدو، وخذلان القريب والبعيد، إلا أنّ الله ثبتهم، وأيدهم بنصره، و كتب من الفتوح على عباده مالم يكن في حسبانهم. وأعظم ما تميَّز به الجهاد الشامي منذ أيامه الأولى: صفاؤه وخلوصه لله تعالى، دون انحرافٍ في الأهداف، أو الوسائل، رغم تواضع الإمكانات العسكرية والموارد المالية. ثم ما لبثت الفتنة أن أطلَّت برأسها بظهور جماعات تعطي الولاء والبيعة العامة لتنظيماتها، وترهن جهاد المسلمين في الشام بمشروعها، فأخرجنا حينها بيانًا (حول الدولة الإسلامية في العراق والشام وبيعة جبهة النصرة) آملين فيه أن نئد الفتنة قبل أن تستفحل، وذكرنا فيه أخطار هذه الأعمال على الصف الداخلي وعلى الجهاد، وأعظم ذلك: الفتنة بين صفوف المجاهدين، واستعداء أطراف خارجية ضد المجاهدين خاصة، والشعب السوري عامة.

لكن الأمر ازداد شرًا وفتنة، وبدأت بعض الفصائل بأخذ البيعات لنفسها على أنها (الدولة)، وبالبغي والتّحرُّش بالمجاهدين من الكتائب الأخرى. فأصدرنا البيان الثاني (بيان الروابط العلمية والهيئات الإسلامية إلى الفصائل والكتائب المجاهدة في سوريا)، وكنّا إلى حينها نقول: "ما بال أقوام"، رفقاً بالجهاد في سوريا وخوفاً على المجاهدين من التشتت والتنازع.  وتنادى المشفقون على الأمة إلى الدعوة للتركيز على العدو المشترك ونبذ الغلو، وإلى تعظيم حرمة الدم المسلم، وتداعى الناصحون والشافعون إلى إصلاح ذات البين، لكن ذلك لم يزد فصائل الغلو إلا بغيًا وعدوانًا. فما عاد يحل لنا بما أخذه الله علينا من ميثاق {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ} [آل عمران: 187] إلا أن نسمي الأمور بأسمائها، صوناً للجهاد، وقيامًا بواجب النصيحة للأمة، ومحبة للخير للمخالف، وإشفاقا عليه {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ} [الأنفال: 42] إن تنظيم (الدولة الإسلامية في العراق والشام) قد أدخل على المجتمع السوري عددًا من الفتن والشرور، أهمها:

1- الافتئات على الشعب السوري بإعلان (الدولة) من غير وجود حقيقي لأي من مكوناتها الشرعية أو الواقعية، أو مشورة لأهل الحل والعقد في البلاد. 2- ادعاء احتكار صحة المنهج، وتسفيه رأي المخالفين لهم والحط من شأنهم. 3- الغلو في إطلاق أحكام التكفير، وامتحان الناس عليها، حتى أصبحت ألفاظ التكفير والتخوين مع التهديد والتوعد بالقتل شائعة لدى منسوبيهم دون إنكار. 4- رمي من يخالفهم بالعمالة وخيانة الجهاد، حتى وإن كان من أهل الفضل وسابقة العلم أو الجهاد. 5- رفض التحاكم للمحاكم الشرعية عند التنازع أو الخلاف، إلا ما كان خاضعًا لها وتابعًا لقراراتها. 6- إشغال الكتائب المجاهدة بمواجهات تهدف إلى توسيع رقعة "دولتهم" وأخذ البيعة لها، والانشغال عن مجاهدة العدو المشترك، ومحاولة السيطرة على المفاصل الاقتصادية والعسكرية في المناطق المحررة بعد سلبها من المجاهدين. 7- تعمُّد التحرش والاصطدام بمختلف الفصائل، والتورط في سفك الدماء المعصومة، والاستهانة بذلك. 8- اعتقال المجاهدين والدعاة والإعلاميين والناشطين، والتحقيق معهم، وإعاقة الأعمال الإغاثية والدعوية، بزعم الشك في المنهج، أو الاتهام بالعمالة والخيانة. 9- افتعال الخلافات ونقلها إلى جبهات القتال، مما يتسبب في بث الفتنة وشق الصف.   لذا فإننا امتثالاً لأمر ربنا بالبيان، ومحافظة على الجهاد في بلاد الشام أن يحل به ما حل في بلاد أخرى، فإننا: ‌أ- ندعو قيادات تنظيم الدولة إلى أن تفيء إلى الحق، وتستمع إلى الناصحين المخلصين، وتصحح هذه المخالفات والأخطاء. ولا يحل لأتباعها وجنودها البقاء في هذا التنظيم طالما بقيت هذه الأخطاء.   ب- نُحمِّل تنظيم (الدولة) مسؤولية الانتهاكات والجرائم نتيجة استمرارها في بغيها وعدوانها، كما نحملها تبعات ما تُلجئ إليه الفصائل الأخرى من أعمال دفعاً للصائل ودفاعاً عن الأنفس والأرواح والممتلكات { وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَ?ئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} [الشورى: 41،42] ‌ج- نهيب بأهل العلم ممن لم تزل لهم كلمة مسموعة عند تنظيم (الدولة) أن يقولوا كلمة الحق دون مواربة، وبعد الذي كانَ؛ لا ينبغي لهم السكوت خشية الفتنة، فإن الفتنة صارت في السكوت. ‌د- ندعو داعمي الجهاد في سوريا أن يتقوا الله ويتحرّوا في توجيه أموالهم وأموال المسلمين؛ لئلا تكون سبباً في سفك دماء المسلمين، والفتِّ في عضد المجاهدين. ‌هـ- نُشيد بحرص الكتائب التي وقع البغي عليها على ضبط النفس، والبحث عن كل وسائل التسوية والإصلاح، ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً. ‌و- نحث الكتائب الصادقة المنفردة والتجمعات الصغيرة على مزيد من الاتحاد والتلاحم مع الكيانات الأكبر، فإن هذا أرهب للنظام وأحفظ لريحكم وجهادكم. 

أيها المجاهدون الصادقون: إن المحَن في طياتها منح، وفي الفتنة تتمحص القلوب وتتمايز الصفوف {مَا كانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} [آل عمران: 179] فاصبروا وصابروا ورابطوا، وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين، والله معكم ولن يتركم أعمالكم. والله غالب على أمره، والحمد لله رب العالمين.