الجريمة المخزية في مخيم قطمة انكسار حاد في بنيتنا المجتمعية !!

وهي ناقوس شر، لا يدعو إلى صلاة، وإنما ينذر بخطر، ويدعو إلى وقفة، ومذاكرة ومراجعة وإعادة حسابات.. ولقد خرج أحرار هذه الثورة، ثورة على مثل هذا، ورفضا، وتحذيرا من التمادي فيه!! وبغض النظر عن البعد الفردي في شخصية "المجرِمين" فإنهم يبقون سوريين، يساكوننا ويخالطوننا ويزعمون أنهم وأنهم...

ولقد تابعنا أخبارا عديدة من قبل في جرائم الطائفيين أنهم كانوا يبقرون البطون، ويمثلون بالأجسام، وتابعنا أن أحد ضباط الأمن التابعين لبشار الأسد هصر رضيعا بين يديه حتى الموت، وأن آخر داس ببسطاره العسكري جمجمة طفل رضيع حتى تبعثرت تحت قسوة حذائه... ولكن لجريمة مخيم أطمة ظلماتها الإضافية فوق كل ما رفضنا وأبينا...

في أطمة الحرة لا يوجد أسديون ولا روس ولا إيرانيون، ومع أننا لا نملك أي تصور عن طبيعة الجريمة، ولا عن أسبابها ودوافعها، وهوية القائمين بها؛ إلا أن لا شيء فيما نتصور يسوّغ مثل هذا الجريمة أو يخفف من وقعها، بل كل شيء فيها يدعونا كسوريين ننتمي إلى المجتمع نفسه، إلى مراجعات كلية لكل المدخلات التي يمكن أن تكون قد شاركت في تكوين مثل هؤلاء المجرمين، وصناعة مثل هذه الجريمة!!

قتل الطفلين، وبالطريقة التي حصل فيها، ومع التهديد الذي صدر عن المجرمين، في الورقة التي كتبت على الجثمانين الطاهرين "هدية حلوة والقادم أصعب" كل ذلك يقتضي من أهل الأحلام والنهى، ومن حزمة العقلاء السوريين، مهما تكن توجهاتهم أن يتوقفوا، وأن يتساءلوا إلى أين يقود هذا؟؟ من أين خرج هؤلاء المجرمون؟؟ هل لهم حاضنة مجتمعية أسرة أو عشيرة ، تعليم أو ثقافة، أو ولاء أو انتماء ؛ يغطيهم ويحتويهم، ويسوغ لهم، وينتصر لجريمتهم...

منذ أول الثورة المباركة كان يقلقنا حال: كل شيء يصح. وكل قول أو شعار له غطاء .

ولقد تلقيت هذا الصباح رسالة شخصية من أخ مبارك يحدثني فيها عن "التعليم الرديء" وتفاعلت مع العنوان المعبر وقلت وأحيانا لا يكون العلم في ذاته رديئا، ولكن يحدث التوظيف الرديء من المعلم أو المتعلم، أو من كليهما على السواء ...

إن مجتمع الثورة، وتجمع الثوار؛ يجب أن يكون أكثر رقيا سلوكيا وأخلاقيا وفكريا وثقافيا ومعرفيا من مجتمع الآخرين ..!!

ومرّت الواقعة كما تمر سحب الصيف العابرة. وهي تستحق أن يستنفر لها من ذوائب هذه الثورة رجال ونساء، جديرون وجديرات؛ بنقض كل سلة التفاح لتنقيتها مما تسلل إليها من أفاعي وعقارب..

اللهم إنا نبرأ منهم، وممن علمهم العلم الأعوج، وممن آواهم بعد جريمتهم، وممن سكت عليهم وهو قادر على أن يأخذ على أيديهم ..

(لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ)

"حتى تأطروهم على الحق أطرا"

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 969