مواطنون عرب وأفارقة فارون من جحيم الحرب الروسية الأوكرانية يتجرعون مرارة ميز عنصري أوروبي مقيت

فضيحة مدوية هزت الضمير العالمي بعدما تناقلت وسائل الإعلام ، ووسائل التواصل الاجتماعي على أوسع نطاق تصريحات عنصرية مقيتة صادرة عن بعض المسؤولين وبعض الإعلاميين الأوروبيين استهدفت تحديدا مواطنين عرب وأفارقة منعوا لأسباب عرقية وعقدية من أن يعاملوا على قدم المساواة مع مواطنين أوكرانيين خلال مغادرتهم أوكرانيا فرارا من جحيم الحرب إلى بلدان مجاورة حيث أعطيت الأسبقية للمواطنين الأوكرانيين لعبور الحدود بينما منع المواطنون العرب والأفارقة من ذلك .

والمحزن جدا هو تزامن تلك التصريحات العنصرية مع الإجراءات المترجمة لها . ومن تلك التصريحات الزعم بأن المواطنين الأوكرانيين ليسوا كغيرهم من عرب وأفارقة لأنه يتميزون عنهم بعيونهم الزرقاء ، وشعوره الشقراء ، وعقيدتهم المسيحية ، وأنهم متحضرون ، ومتعلمون ، وعلى هذا الأساس العرقي والعقدي أعطوا الأولوية لعبور الحدود قبل غيرهم ممن ليسوا مثلهم عيونا وشعورا وعقيدة دينية .

ولقد كشفت هذه التصريحات العنصرية المقيتة عن الوجه البشع للميز العنصري الاستعلائي المتجذر في العقلية الأوروبية، وهي التي تظهر عكس ما تضمر ، وتصرح بما يخالف ما هي عليه في الواقع من سلوكات عنصرية غير إنسانية تعود إلى عصور بائدة قد طواها الزمن ،لكنها لا زالت مع الأسف حية في لاشعور بعض الأوروبيين المرضى نفسيا والذين هم في حاجة ماسة إلى علاج لتحريرهم من عقد عنصرية مقيتة راسخة في وجدانهم وهي موروثة عن أسلافهم.

وإذا كانت تلك التصريحات الصريحة بالميز العنصري على أساس عرقي وعقدي لا تعنينا في شيء لتفاهة المتفوهين بها دون خجل أمام عدسات وسائل الإعلام ، فإننا نتوجه إلى المنبهرين من بني جلدتنا بالعقلية الأوروبية والمستلبين بحضارة وثقافة وهوية الغرب، والذين يزايدون بها على هويتنا وحضارتنا وثقافتنا العربية الإسلامية مستنقصين من شأنها مزدرين لها من خلال مقارنات سخيفة ومثيرة للسخرية رافعة من شأن للسلوك الغربي الأوروبي والخافضة من شان السلوك العربي الإسلامي مسوقين لفكرة مفتقرة للمنطق مفادها أن التطور التكنولوجي يوازيه بالضرورة تطور على مستوى القيم ، وهو ما يدحضه الواقع من خلال أمثلة كثيرة آخرها هذه الحرب العبثية الدائرة في أوكرانيا التي كشفت عن مدى التناقض بين تطور تكنولوجي يقابله انحطاط فاضح على مستوى القيم .

وكم أشاد المستلبون المنبهرون بقيم غربية يعتبرونها في مستوى عال من الرقي إلا أن الواقع كشف عن زيف هذا الرقي المزعوم ، وآخر ما سقط القناع عنه هو حرمان اللاجئين السوريين الفارين من بطش النظام الدموي في وطنهم من أبنائهم بعد تلفيق تهم لهم مفادها أنهم يسيئون معاملتهم، وذلك دون مراعاة خصوصيتهم الثقافية ، وطرق تربية أبنائهم المختلفة عن خصوصية الثقافة الغربية السويدية . ولقد تبيّن أخيرا أن ما تقوم به دولة السويد هو سلوك عنصري مقيت الهدف من ورائه هو الضغط على اللاجئين الفارين من جحيم النظام السوري الشمولي للحد من تدفقهم عليها علما بأن النظام السوري المارق يرعاه ويدعمه النظام الروسي الشمولي مثله ، مع غض الأنظمة الغربية المتبجحة بالدفاع عن حقوق الإنسان الطرف عن جرائمه الفظيعة . وعوض أن يجتث ويستأصل هذا النظام الفاسد والإجرامي ليعود اللاجئون إلى وطنهم يضطر هؤلاء للعيش في دول غربية تتظاهر أنظمتها باستقبالهم وإيوائهم لكن ذلك على حساب هويتهم وثقافتهم ، وهو ما يعني فرارهم من جحيم وطنهم إلى جحيم آخر في أرض اللجوء وفرارهم من الحرمان من الحق في الحياة إلى حرمانهم من فلذات أكبادهم .

وعلى المستلبين والمنبهرين بالحضارة الغربية المتوحشة أن يكفوا عن امتداحها ، ويخجلوا من الدعاية الرخيصة لها .

وأخيرا نقول لن يتخلى الغرب عن عنصريته المقيتة حتى تتخلى الأفاعي عن سمومها ، ولقد بدت العنصرية من أفواه أبنائه ، وما تخفي صدورهم أكبر.

وسوم: العدد 971