لأهلنا في الداخل الفلسطيني: لا تضيعوا أصواتكم هدرا

ما تمنيت يوما الفشل لعربي في انتخابات الكنيست.. إذ من المفروض أن يكون وجود النواب العرب في البرلمان الإسرائيلي، دعما وتعزيزا للقضايا العربية، وتثبيتا لحقوق الشعب الفلسطيني في أرضه. ولكن جاءت مشاركة القائمة العربية الموحدة ممثلة الحركة الإسلامية الشق الجنوبي، بقيادة من أطلق عليه شخصيا لقب منصور بن غفير تيمننا بالصهيوني الاستيطاني الكاره للعرب والفلسطينيين ايتمار بن غفير، مخيبة للآمال وبما لا تشتهي سفننا. فما فعله منصور عباس على مدى الأشهر الـ12الماضية ما كان ليفعله سوى بن غفير وأمثاله من عتاولة الصهاينة، الذين يماثلونه المواقف. فمن دون أصوات القائمة العربية الأربعة في الكنيست، ما كان لحكومة ائتلاف نفتالي بينيت ويائير لبيد، الصهيوني المتطرف أن ترى النور.

فخلال السنة الماضية صوت منصور ونوابه، أو لنكن منصفين معظم نوابه، على مشاريع قوانين تضر بالفلسطينيين وقضيتهم وحقوقهم الوطنية. وسنذكر بعضها على سبيل المثال لا الحصر: قانون القومية اليهودية الذي يعرف إسرائيل بدولة قومية للشعب اليهودي. فقد صدم منصور في موقفه ليس النواب العرب فحسب، بل حتى نواب اليمين وغيرهم، إذ قال عباس في «مؤتمر إسرائيل للأعمال»، لصحيفة «غلوبس» الصهيونية، دون أن يرمش له جفن، إن «دولة إسرائيل وُلدت كدولة يهودية وهكذا ستبقى. نحن واقعيون. ولا أريد أن أوهم أي أحد. والسؤال ليس ما هي هوية الدولة وإنما ما هي مكانة المواطن العربي فيها». وأيد منصور مشروع قانون الاستيطان «الأبارتهايد» الذي يسمح بتطبيق القانون المدني الإسرائيلي على المستوطنين دون الفلسطينيين، وسقط مشروع القانون وسقطت معه الحكومة بتصويت أحد نواب كتلته وهو مسعود غنايم، وآخر من حزب ميرتس ضده، وهي النائبة العربية غيداء الريناوي من حزب ميرتس اليساري.

وقانون الأبرتهايد قانون قائم منذ 1967 يصوت عليه مرة كل خمس سنوات، ويسمح بتطبيق القانون المدني الإسرائيلي على اليهود دون الفلسطينيين في الضفة الغربية.

منصور عباس بن غفير عارض عودة القنصلية الأمريكية إلى القدس الشرقية، وزايد حتى على وزير الأمن الاسرائيلي الصهيوني بوصف المستوطنين بالإرهابيين وإدانة اعتداءاتهم. ومنصور عباس توسل بذلٍ للحاخام دروكمان ونتنياهو لقبوله في حكومة وحدة صهيونية جديدة بقيادة نتنياهو، في حال فوزه في الانتخابات المقبلة، التي اتفق على إجرائها في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، إلا أن أحد نواب اليمين وهو بتسائيل سيموترتش من حزب اليهودية الصهيونية، رفض بالمطلق انضمام منصور لأي حكومة مستقبلية يشكلها اليمين. وبطريقة مذلة أفرط عباس في مديح نتنياهو وهو يحاول التملق له بقبوله في ائتلاف حكومي مستقبلي، حتى إنه وصفه بـ «رجل سلام».

وقال منصور عباس في مقابلة صحافية إنه يفضل الانضمام إلى حكومة نتنياهو واليمين بالكامل 100%. بل أكثر من ذلك، قال لصحيفة «يديعوت أحرونوت» وغيرها بأنه مستعد للدخول في حكومة نتنياهو والجلوس حتى مع النائب العنصري بن غفير.

اندثرت ونأمل إلى غير رجعة، أكثر الحكومات الإسرائيلية يمينية وصهيونية وعنصرية وكرها للفلسطينيين، ورفضا لحقوقهم الوطنية، لاسيما حق تقرير المصير. وقد يكون هذا الاندثار لأمد قصير، إذ من المحتمل أن تأتي تركيبة حكومية جديدة تكون أكثر سوءا من هذه الحكومة، أو الحكومة الانتقالية التي سيقودها يائير لبيد وزير الخارجية، حتى الانتخابات المقبلة في الأول من نوفمبر المقبل. لكن كل هذا يعتمد على إخواننا في الداخل واختيارهم لمرشحيهم ولمن سيمثلونهم في الكنيست المقبل.

بينيت يتمنى لو يغمض عينيه ويفتحها ليرى الفلسطينيين وقد تلاشوا. وعبّر عن هذا الشعور من قبله متان كاهانا نائب وزير الأديان وهو من حزب بينيت «يمينا» قبل أسبوعين، إذ قال إنه يتمنى لو كان يستطيع الضغط «على زر» فيتلاشى الفلسطينيون. ومن قبلهما عبّر عن هذا الإحساس والمشاعر الكريهة إسحق رابين، الذي وقع على اتفاق أوسلو في سبتمبر/أيلول 1993 وقال قوله المشهور، أتمنى لو أنام وأصحى وارى البحر قد ابتلع غزة. وحتى هذا التصريح لم يغير من موقف منصور عباس، الذي حاول تبريره بالقول، إن تعليقات كاهانا تعكس الحاجة للتعايش اليهودي العربي. وفوق ذلك كله نتمنى أن يندثر من الحياة السياسية إلى غير رجعة عباس بن غفير.. عباس المستعد للدوس على الحقوق القومية للفلسطينيين، على الرغم من الزعم بأنه يسعى لتحقيق الشراكة العربية اليهودية، والحصول على بعض المكاسب للعرب. ولكن وعلى طول العام، وهو عام الحكومة المندثرة، لا يمكنه الادعاء بأنه حقق أيا من المطالب التي زعم أنه سيحققها، رغم تصويته على المشاريع التي تضر بمصالح الفلسطينيين وحقوقهم الوطنية. منصور عباس تاريخه أسود.. فقد بدأ نشاطه البرلماني كقائمة موحدة، بشق القائمة المشتركة ما خفض عدد نوابها من15 نائبا إلى عشرة نواب، 6 منهم للقائمة المشتركة، التي تضم إضافة إلى الحزب الشيوعي، والتجمع من أجل الديمقراطية والمساواة، والتجمع الوطني الديمقراطية، والقائمة العربية للتغيير، ومن الأعضاء العشرة، أربعة للقائمة العربية الموحدة. نتمنى على إخواننا في الداخل الفلسطيني أن يوحدوا الصفوف، ويعملوا من أجل زيادة وتعزيز وجودهم في الكنيست، ليكون لهم النفوذ المطلوب داخله.. لا نحاول أن نملي شيئا على أحد، ولكن نأمل ألا يضيعوا أصواتهم بمنحها لقائمة منصور عباس وأمثاله، ونتمنى عليهم أيضا أن يمنحوا هذه الأصوات المهمة لمن يستحقها ومن يدافع عن حقوقهم وقضاياها الوطنية، وهم أعرف منا بمن يكونون.

وأختتم بمفاجأة جديدة اتحفتنا بها دولة محمد بن زايد من ضمن مفاجآتها شبه اليومية التي تجاوزت حدود التطبيع مع دولة الاحتلال.. تلك المفاجآت التي تضع الإمارات على طريق الدمج والتكامل مع دولة الاحتلال، وليس فقط التعاون. والمفاجأة الجديدة هي التحاق ضابط إماراتي بكلية الأمن الإسرائيلية. وفي خطوة هي الأولى من نوعها، فتحت كلية الأمن القومي في إسرائيل، أبوابها للطالب الإماراتي وهو برتبة عقيد طيار أف 16، ليتلقى التعليم فيها بدء من العام الدراسي المقبل. وذكرت قناة « i24news» الإسرائيلية أنه لأول مرة في تاريخ الجيش الإسرائيلي، سيدرس ضابط كبير من جيش عربي في كلية الأمن القومي في إسرائيل. ونقلت القناة عن مصدر أمني قوله إنه بالإضافة إلى الأهمية الرمزية للالتحاق فعليا بالكلية في إسرائيل، تعكس مستوى من التعاون الأمني والإقليمي. الضابط خريج كلية الأمن الوطني في الإمارات، التي تدار وفق المنهج الأمريكي، يعني كما يقال إنه «مأًصّل ومفصًّل». لقد أصبحت إسرائيل وأجهزتها الأمنية هي التي تعد قادة عرب، وصناع السياسات. والمفاجأة الثانية، ما كشف عنه رائد الفضاء هزاع المنصوري، أول إماراتي يصل إلى محطة الفضاء الدولية، فقد اعتقد أنه فجر قنبلة حينما أعلن أنه حمل معه العلم الإسرائيلي في أول مهمة له في الفضاء، قبل عام من توقيع اتفاق السلام بين الإمارات وإسرائيل. وجاء إعلان المنصوري خلال زيارته معرض «إكسبو2020 دبي»، حيث تجول في بعض الأجنحة، وقدم العديد من الأعلام الوطنية التي رافقته خلال مغامرته إلى الفضاء. وقال المنصوري: «فكرت في الكثير من الأشياء التي يمكنني القيام بها لتمثيل الدول المختلفة، لكن لا شيء يضاهي اصطحاب أعلامها. فالعلم يمثل تقاليد البلاد وأفكارها… عندما أعيد الأعلام لمختلف الدول والأجنحة، أرى سعادة شعوبها وفخرهم».

وسوم: العدد 987