قاتل جديد يفتك بالسوريين

كاظم فنجان الحمامي

كاظم فنجان الحمامي

[email protected]

متى ننتزع سكاكين الجليد المشتولة بين أضلاع أشقائنا السوريين في الوقت الذي ننعم فيه بدفء الأوطان ؟. متى نتصدى لموجات الصقيع وهي تجمدهم في ثلاجات العراء والخواء بينما يتشمس قادتنا في المنتجعات الساخنة ؟.

حتى الفضائيات التي كانت سباقة في نقل ما حل بهم من خراب ودمار, سكتت ولم تفصح عن حصيلة الوفيات الكارثية بين صفوف الأطفال والشيوخ الملتحفين بخيام الملاجئ الممزقة, ولم تنقل لنا مأساتهم وهم يواجهون 

">العواصف الثلجية بصدورهم العارية.

برد قارس يتسلل ليلا إلى المهود المتجمدة, والمضاجع الرطبة ليقتل الأطفال الرضع في المخيمات البدائية المكشوفة. برد مميت وثلج قاتل, وعواصف لا ترحم, وحناجر مبحوحة تستغيث وتطلب النجدة, من دون أن يسمعها أحد, ومن دون تتلقى المساعدة من أحد, فالقوافل مشغولة هذه الأيام بنقل العتاد والحراب والمتفجرات للمتقاتلين الدخلاء على الأرض السورية.

ساءت أوضاعهم الإنسانية, وتدهورت أحوالهم المعيشية في ظل قلة الغذاء وانعدام الدواء وقسوة التقلبات الجوية. قالت المفوضية الدولية لشؤون اللاجئين أن الكارثة في طريقها لتجميد النازحين السوريين في مخيماتهم, وزعمت أنها سترسل المزيد من مواد التدفئة والمساعدات الأخرى عن طريق العراق والمناطق الكردية, لكن مساعداتها لم تصل إليهم حتى الآن.

">

وهكذا وقف المجتمع الدولي كله موقف المتفرج, ولم يبادر لإسعاف الجموع  السورية المنكوبة, فأشاح بوجهه عنهم في تجاهل مخجل وغير مسبوق, سكتت تركيا, وسكتت معها إيران, ولاذت الأقطار العربية بالصمت المطبق, فلم تحرك ساكناً.

لم يعلموننا حتى الآن عن أعداد الذين لقوا مصرعهم في مقابر الجليد, فقد انقطعت الاتصالات, وتعطلت بيننا وبينهم المواصلات, لكننا قرأنا في عناوين الأخبار أن الأوربيين المتحصنين في مدنهم الدافئة فقدوا أكثر من أربعين شخصاً في أوكرانيا وبولندا ورمانيا, وبلغت حصيلة الوفيات في روسيا (88) شخصاً, بينما نقلوا (538) شخصاً إلى المستشفيات القريبة, في الوقت الذي أعلنت فيه المراصد الجوية عن توقعاتها بانخفاض درجات الحرارة إلى (30) درجة مئوية تحت الصفر, فما بالك بما وقع في صفوف الذين لا حول لهم ولا قوة, وليس لهم من يسأل عنهم, أو يمد لهم يد العون والمساعدة.

حتى الجامعة التي لا تجمع ولا تنفع تعطلت عندها لغة الرثاء والمواساة, فهي لا تخرج عن صمتها إلا بوخزات الرموتكونترول, الذي تحملها الآن البلدان العربية صاحبة القرار.

يرزح السوريون اليوم بين مطرقة التخاذل الدولي وسندان الصقيع العربي, في مخيمات بائسة لا تقي من برد, ولا تصون كرامة, فيموتون كل يوم بالمئات من الجوع والخوف والمرض ومن موجات البرد القارس, بينما يهددهم شيخ شيوخ العار والغرور ويتوعدهم بالويل والثبور.

ربنا مسنا الضر وأنت أرحم الراحمين