ثلاث كلمات في ثلاثة موضوعات

الركون للظلمة، وتَبَرُّؤ المتبوعين من الأتباع، ودور الأحرار الشرفاء من العلماء والصوفية في الثورة السورية

1- حكم الركون إلى الظلمة

*قال العلماء: الركون إلى الذين ظلموا: هو الميل اليسير بالقلب إليهم، والرضا بأعمالهم، وموافقتهم عليها.

قال ابن عباس رضي الله عنهما: (ولا تركنوا): ولا تميلوا إلى الذين ظلموا. قال البغوي: هو المحبة والميل بالقلب. وقال أبو العالية: لا ترضوا بأعمالهم. وقال قتادة: لا تودوهم، ولا تطيعوهم. فتمسكم: أي فتحرقكم نار جهنم.

وهي عامة في أهل الشرك وكل عاص وظالم على الصحيح كما قال الإمام القرطبي؛ فقد قال رحمه الله تعالى في تفسيره: " (الذين ظلموا) قيل: أهل الشرك، وقيل: عامة فيهم وفي العصاة ... ، وهذا هو الصحيح في معنى الآية، وأنها دالة على على هجران أهل الكفر والمعاصي من أهل البدع وغيرهم؛ فإن صحبتهم كفر أو معصية ... ".

1

clip_image002.jpg

clip_image004.jpg

*قال سيدنا عبد الله بن المبارك رحمه الله:

و هل أفسدَ الدينَ إلَّا المُلوكُ               و أحْبَارُ سُوءٍ ،   و رُهْبَانُها

*وقال سيدنا الحسن البصري رحمه الله: "جعل اللهُ الدِّينَ بين لَاءَينِ: (ولا تطغوا)، و(ولا تركنوا).

يقصد الآيتين من سورة هود: (112): وهي قوله تعالى: ﴿ فَٱسۡتَقِمۡ كَمَا أُمِرۡتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطۡغَوۡا۟ إِنَّهُۥ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِیرࣱ.ۤ

و(113): وهي قوله سبحانه: ﴿ولا تَرْكَنُوا إلى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النّارُ وما لَكَمَ مَن دُونِ اللَّهِ مِن أوْلِياءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ.

2

2- تبرُّؤ المتبوعين من الأتباع يوم القيامة: قال الله تعالى:

clip_image006.jpg

*(الذين اتُّبِعُوا ...): في معنى هذه الآية الكريمة ثلاثة أقوال للمفسرين:

1- هم السادة والرؤساء تبرؤوا ممن اتبعهم على الكفر.

2- هم الشياطين المُضِلُّون تبرؤوا من الإنس.

3- هم كل متبوع.                                     "تفسير القرطبي"

*وقد عدَّ العلماء من الكبائر الوقوف مع الظلمة، والدفاع عن الباطل وأهله؛ كما في كتاب: "الزواجر في التحذير من الكبائر" للشيخ علي الشربجي.

 

 

 

3

3- دور الأحرار الشرفاء من العلماء والصوفية

في الثورة السورية المباركة

*في 4 مقالات مهمة جدا:

أ- دور أهل التصوف في ثورة الكرامة


أبو النور العلمي

لقد أثبت أهل التصوف والتزكية وجودهم عبر التاريخ وخصوصاً في ميدان الجهاد أمثال: عبد الله بن المبارك، السلطان ابراهيم بن الأدهم، ألب أرسلان، سلطان العلماء العز بن عبد السلام، المظفر سيف الدين قطز، نور الدين زنكي، أسد الدين شيركوه، الناصر صلاح الدين الأيوبي، السلطان محمد الفاتح، السلطان سليمان القانوني، عبد القادر الجزائري، السلطان عبد الحميد الثاني، شيخ المجاهدين عمر المختار، الشيخ عز الدين القسام، الشيخ محمد الحامد، وغيرهم.

كما أنهم أورثوا أحفادهم هذه السجايا فها هم صوفية الشام قد برز دورهم العظيم في ثورة الكرامة، وظهر هذا الدور في حمص وحماة أكثر منها في دمشق وحلب.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتيهم أمر الله وهم على ذلك قال عمير: فقال مالك بن يخامر: قال معاذ: وهم بالشام. فقال معاوية: هذا مالك يزعم أنه سمع معاذاً يقول: وهم بالشام). متفق عليه. وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:

(الأبدال بالشام وهم أربعون رجلاً كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجلًا يُسقى بهم الغيث وينتصر بهم على الأعداء ويصرف عن أهل الشام بهم العذاب) رواه أحمد بإسناد حسن.

وهذه قائمة ببعض الأسماء عرفناها عن طريق تنسيقيات الثورة والنشطاء:

*أولًا- في حمص: 1- الشيخ سعيد الكحيل: قائد اعتصام ساحة الساعة في حمص وصاحب الدعاء المشهور عند الساعة.
2- الشيخ محمد سائر الشبعان: (إمام مسجد سيدي خالد والفرقان في حي الإنشاءات).

4

3- الشيخ أنس أحمد سويد (خطيب جامع المريجة في باب السباع)،
قرأ حزب النصر للإمام الشاذلي في باب السباع، تم اعتقاله والإفراج عنه خرج على قناة وصال وقام بتسريب معلومات مهمة عن ممارسات النظام.

4- الشيخ اسماعيل المجذوب (إمام جامع المريجة في باب السباع).

5- الشيخ سهل محمود جنيد: جاءه اتصال من قصر الطاغية من أجل فك الاعتصام في حمص لكنه رفض.

6- الشيخ محمود نبيه دالاتي (خطيب الجامع الكبير) أحد الداعين للاعتصام في ساحة الحرية بحمص.

7- الشيخ محمد عدنان السقا: كان أحد الموقعين على عريضة تأييد الثورة السورية.

*وسائر علماء حمص الذين وقعوا على بيانات نصرة الثورة منهم:
8- الشيخ محمد فيصل بن عبد الغفار الدروبي. 9- الشيخ د. عبد الكريم بكار. 10- الشيخ عبد المهيمن الطحان.       11- الشيخ ياسر المسدي.

12- الشيخ محمد ممدوح جنيد.           13- الشيخ عبد النافع الرفاعي.   14- الشيخ أسامة محمد علي مشعل.     15- الشيخ ماجد النشيواتي.   16- الشيخ محمد تميم الزعبي.         17- الشيخ عبد الغفار محمد فيصل الدروبي.   18- الشيخ جمال النشيواتي.     19- الشيخ أبو النصر مشعل. 20- الشيخ مصطفى العبسي.       21- الشيخ عبد المؤمن النشيواتي.   22- الشيخ محمد مبشر بن ممدوح جنيد. 23- الشيخ عبد العظيم عرنوس. 24- الشيخ عبد الناصر القاسمي.         25- الشيخ محمد خالد سمحة.   26- د.هيثم محمود رحمة.     27- الشيخ عمار مشعل.   28- الشيخ عبد الواسع شمسي باشا.   29- الشيخ عز الدين يون.   30- مفتي حمص فتح الله القاضي. 31- حسن الحكيم.   32- ياسر الصالح.   33- عبد القادر السقا. 34- محسن الخضر. 35- محمد حوري العثمان. 36- علي دوم. 37- صفوان مشارقة.   38- عبد النافع الرفاعي.   39- مبشر جنيد. 40- عبيدة شنيواتي. 41- عمار مشعل. 42- عز الدين يونس، وغيرهم.

*ثانيًا: في الرستن:

1- عبد الله منصور (امام وخطيب المسجد الكبير).

2- عبد الناصر الخطيب (امام وخطيب جامع علي ابن ابي طالب).

3- سامي جرن (امام وخطيب جامع المحمود).

5

4- أنس شمسي (امام وخطيب الجامع العمري). وهم الذين انشقوا عن المؤسسة الدينية للنظام، وغيرهم.

*ثالثا- في دمشق:

1- شيخ قراء الشام الشيخ بكري الطرابيشي رحمه الله.
2- شيخ الحنفية في الشام الشيخ عبد الرزاق الحلبي رحمه الله.

3- شيخ قراء الشام الشيخ محي الدين الكردي رحمه الله: الذي قال في حسن نصر الشيطان: (وكانت صوره تملأ الشوارع) يقول عليه الصلاة والسلام: "بين يدي الساعة سبعون دجالًا"؛ فإنه شارك في الثورة قبل بدايتها.

4- شيخ قراء الشام الشيخ كريم راجح.

5- الشيخ أسامة بن عبد الكريم الرفاعي (نقشبندي الطريقة).
6- الشيخ سارية بن عبد الكريم الرفاعي (نقشبندي الطريقة).
هذا إضافة إلى طلاب الشيخ الذين تم اعتقالهم.

7- الشيخ محمد أبو الهدى اليعقوبي (شاذلي الطريقة): خرج في مظاهرة أبو رمانة قريباً من قصر المجرم الطاغية وله تسجيلات مشهورة ضد النظام، ومنها فتوى إعلان الجهاد في الشام، والاستجابة لدعوات العصيان والانشقاق عن النظام. 8- الشيخ محمد هشام البرهاني (شاذلي الطريقة) رحمه الله.

9- العلامة د. محمد راتب النابلسي.

10- شكري اللحفي (شيخ الطريقة الشاذلية بالشام): إضافة إلى مريديه الذين قادوا مظاهرة عارمة في جامعة دمشق.

11- الشيخ عبد الهادي الخرسة: في بداية الثورة أجبر على الإفتاء بمنع المظاهرات ورغب بالإصلاح لكنه عاد فوقف مع الثورة. وكان له موقف مع بعض شيوخ الطرق لإعادة الشيخ كريم راجح إلى الخطابة.

12- الشيخ جمال الدين سيروان: له "سلسلة إشراقات فكرية" عن الثورة السورية دعا فيها إلى الجهاد ونصرة الشعب السوري.

13- الدكتور إحسان بعدراني.       14- أحمد معاذ الخطيب الحسني.

15- محمد هاني الشبقجي (خطيب مسجد أبي بكر الصديق بكفر سوسة).

16- محمد الشيخ عبد الله.

6

*رابعا- في بانياس: الشيخ أنس عبد الرحمن عيروط (شاذلي الطريقة):
قائد اعتصام بانياس وهو أشهر من أن يُعرّف.

*خامسا- في اللاذقية:


1- علماء اللاذقية الذين تظاهروا في ساحة الشيخ ظاهر.
2- ملا عبد الجبار (نقشبندي الطريقة): دعا لاعتصام الصليبة.
3- الشيخ عبد الناصر ديبو.

*سادسا- في جبلة:

1- الشيخ زياد زيتون: نادى لانتفاضة جبلة في مسجد أبي بكر الصديق ودعا لطرد المُخبرين من البلدة.

2- الشيخ بشار طه: أصدرت بحقه ثلاث مذكرات اعتقال فاضطر لمغادرة البلاد إلى تركيا.

3- الشيخ أيمن قسام (خطيب مسجد أبي بكر الصديق): من أصل فلسطيني وهو حفيد الشيخ محمد أديب القسام وعز الدين القسام أصدرت بحقه مذكرة اعتقال فاضطر للجوء إلى الامارات.

4- الشيخ عبد الغفار مسيلماني (خطيب مسجد المنصوري): استدعي إلى فروع الأمن أكثر من مرة إبان خطبه المحرضة للتظاهر.

5- الشيخ مصطفى حنوف (إمام مسجد أبي بكر الصديق): تم اعتقاله والإفراج عنه سابقاً للضغط على أهالي المدينة.

6- الشيخ ماهر الزيات (خطيب مسجد الرحمن): تم اعتقاله والإفراج عنه.
7- الشيخ عبد الصمد نجيب (خطيب مسجد الخلفاء): كان يردد كل جمعة هذا الدعاء: (اللهم اقتل من قتل المسلمين، اللهم أهلك الظالمين بالظالمين).
8- الشيخ حسن بصيص: (خطيب مسجد أبي بكر الصديق بعد الشيخ أيمن).

       9- الشيخ سمير صافيا: (خطيب مسجد الفيض).

7

   *سابعا- في حماة وإدلب:

1- الشيخ محمود بن محمد الحامد: أعلن الجهاد ضد النظام في سورية.
2- الشيخ سمير الابراهيم: مؤسس هيئة تجمع العلماء والخطباء والدعاة

الأحرار.     3- يوسف خطار محمد.

4- الشيخ أديب الكيلاني: وجه رسالة إلى صوفية سورية للانتفاضة على النظام، وتوفي شهيدا في مجزرة حماة الشهيرة مع ابنيه سنة 1982م.

5- الشيخ محمد العمر: انشق عن وزارة الأوقاف.
6- مصطفى الاسماعيل: انشق عن وزارة الأوقاف.
7- أحمد صادق الشيخ ياسين (مريد): ذبح على أيدي قوات النظام الفاجر.
8- تحريض شيوخ الطرق في مناطق الحاضر، وكفر زيتا؛ للتظاهر ضد النظام المجرم.     9- انشقاق العلماء عن هيئة علماء إدلب.

*ثامنا- في حلب:

1- الشيخ العلامة المفسر محمد علي الصابوني (إضافة إلى مريديه): دعا أهالي حلب، بل كل المحافظات، لانتفاضة شعبية ضد النظام.
2- العلامة الطبيب محمود أبو الهدى الحسيني: الذي دعا أيضا لانتفاضة

أهالي حلب ضد النظام.
3- الشيخ عبد الهادي بدلة.           4- الشيخ سعيد بادنجكي.        
5- الشيخ ابراهيم هباش.             6- الشيخ عبد الله الدركزلي.    
7- الشيخ بكري حياني.           8- الشيخ محمد أبو الفتح بيانوني.
9- الشيخ الفاضل بسام حجازي: إمام وخطيب مسجد حذيفة بن اليمان بحلب.

10- الشيخ محمد أحمد جمعة: انشق عن وزارة الأوقاف. وغيرهم؛ من الموقعين على بيان تأييد الثورة السورية.

ا.هـ . بتصرف يسير.

8

ب- أول من مسح عبارة "لاحكم إلا للبعث" في حماة: صفحة "فيس بوك" توثق لدور الصوفية في الثورة السورية

 

فارس الرفاعي - زمان الوصل

اتُّهِمَ متصوفو سوريا (أتباع الطرق الصوفية) من قبل الكثير من الناشطين بالتخلي عن الثورة السورية منذ بدايتها لأنهم "اختاروا موقفًا محايدًا مما يجري وتنكروا للجهاد واكتفوا بجهاد الكلمة والنفس" جملة هذه الاتهامات فنّدتها صفحة على "فيسبوك" أخذت اسم (الثورة الصوفية في سورية) وعرّفت عن نفسها بأنها منظمة غير حكومية شعارها "من كانت بدايته محرقة جاءت نهايته مشرقة... الثورة مشرقة ولو كره المجرمون".

والصوفية كما يرى القيّمون على هذه الصفحة "هم أول من أشعل الثورة منذ بداياتها" وكانت صفحة الثورة الصوفية موجودة منذ بداية الثورة ولكن تم اختراقها مرتين من قبل الجيش الأسدي الإلكتروني، و"تخاذل كثير من الإخوة في دعمها فاخترقت وتمت سرقتها من قبل الروافض وهذا دليل واضح على كذب وافتراء من يدعي أن الصوفية يوالون الشيعة فالصوفية هم من أخزى الروافض على مدى التاريخ. "

وترد صفحة (الثورة الصوفية في سورية) على من يتهم الصوفية بأنهم لا يجاهدون في سوريا ويكتفون بجهاد مايسمى الكلمة وجهاد النفس بالقول"إن تاريخ الصوفية في العالم وفي بلاد الشام يشهد أن قادة المجاهدين الفاتحين والمحررين هم صوفية بل تكاد تخلو واقعة انتصر فيها المسلمون على مدى قرون من ريادة وقيادة أهل التصوف، حيث كان الصوفية دائما يقاتلون تحت راية الإسلام راية لا إله إلا الله محمد رسول الله"، وهذا ما يفسر ظهور العديد من أسماء الكتائب والألوية التي اتخذت تسميات صوفية في الثورة كرد على تجاهلهم المتعمد من قبل الإعلام مثل لواء أبو العلمين بقيادة البطل سامي الرحمون وهو من من أول ألوية الرفاعية في الجهاد وتبعته عدة كتائب وألوية رفاعية ككتائب الإمام الرفاعي في ريف دمشق، ولواء الإمام الرفاعي في ريف حماة، وكتيبة الشيخ مهدي الصيادي الرفاعي في حلفايا،

9

وكتيبة الرفاعي في جبل شحشبو، وكتائب القادرية منها كتيبة الباز في حلب، وتجمع كتائب الباز الإسلامية في حلب، وكتيبة الباز الأشهب في معرة النعمان، وكتيبة الباز العمري في البويضة بريف دمشق، وكتيبة عبد القادر الكيلاني في درعا التابعة لمجلس العسكري في حوران وكتائب النقشبندي في الشام التابعة للواء درع العاصمة، وكتيبة الشيخ النقشبندي محمد الحامد في حماة، وكتيبة الشيخ الحافظ الصوفي في حماة، وكتيبة الشيخ محمود الشقفة الرفاعي في حماة، ولواء أبدال الشام. والقائمة تطول حيث تم إحصاء أكثر من 50 كتيبة لها اسم صوفي واضح: ككتائب العز بن عبد السلام في الساحل ودمشق وحلب.

أول من قادوا ثورة على نظام البعث!

وعن اتهام الصوفية بموالاتها للنظام في سوريا وأن هذا النظام يرعاهم ويحضنهم؟ يؤكد القيّمون على صفحة الثورة الصوفية أن هذا الكلام مجرد "افتراء وبهتان عظيم فسوريا معقل للصوفية منذ أيام سلطان العلماء العز بن عبد السلام أي قبل النظام السوري بمئات السنين، ومن يسوّق هذه الدعاية الباطلة لم يعرف مشايخ حماة الذين قادوا أول ثورة على نظام البعث في سورية حيث مسح الحموية عبارة "لاحكم إلا للبعث" في الستينات وكتبوا " لاحكم إلا لله"، وخرجت أول قيادة مسلحة على يد الشيخ مروان حديد المتبع للنقشبندية والشاذلية ملهم الجهاد على أرض الشام حتى اليوم، وإذا تتبعنا تسلسل الأحداث نرى أن الخزنوي النقشبندي قد قتل عندما وقف ضد النظام في عام 2004، وفي حمص عاصمة الثورة كان أول من قاد اعتصاماتها ومظاهراتها عام 2011 هم مشايخ الصوفية كالشيخ "أسعد كحيل"، وله تسجيلات على قناة الصوفية وباقي مشايخ حمص لايزالون يجاهدون كالشيخ الدالاتي وكالشيخ السقا الشاذلي الذي أصدر وترأس بيان علماء حمص المرسل لبشار وكان من أقوى وأول بيانات للعلماء منذ فجر الثورة؟ كما خرجت أقوى مظاهرات دمشق من مسجد الرفاعي بإمامة السادة النقشبندية أولاد الشيخ عبد الكريم الرفاعي النقشبندي وكيف ضربهم النظام.

10

ثم كيف لجاهل نسيان مشايخ الحجر الأسود الرفاعية أمثال الشيخ المجاهد بلال القابع في سجن النظام اليوم وأحد مؤسسي ومجاهدي كتائب الرفاعية

في ريف دمشق؟ وصدح الشيخ العلامة اليعقوبي شيخ الشاذلية بالحق يوم

كان يخاف الناس من منبر مسجده في أبو رمانة الذي يبعد 200 متر عن قصر بشار مخاطراً بحياته وبأسرته في سبيل كلمة الحق والجهاد؟

وتشير صفحة الثورة الصوفية إلى أن أبناء الصوفية وكثير من مريديها في حماة كانوا أول من قاد الاعتصامات في ساحة العاصي؟ وكذلك في بانياس تلك المنطقة المحاطة بشبيحة الموالين التي أبهرت الجميع من كل مكان كان من قادة المظاهرات فيها الشيخ أنس عيروط الشاذلي وهو نجل شيخ طريقة وعلم من أعلام التصوف في بلاد الشام؟

وفي حلب تصدى الشيخ أبو الهدى الحسيني مدير أوقاف حلب السابق لفضح سرقات النظام لأوقاف حلب وكان من أوائل الذين حرضوا مشايخ حلب على الثورة منذ بدايتها وكذلك مشايخ حلفايا الصوفية وكفرزيتة الرفاعية ومشايخ إدلب ودير الزور والبوكمال؟

ا.هـ . بتصرف يسير.

11

ج- علماء حلب: هل فضلوا البعد عن السياسة

والصمت في زمن الفتنة؟!

 

منذ أن اندلعت الثورة السورية وما انفك الكثير من أقطاب الصوفية يحاولون صرف الناس عن القتال والجهاد في سبيل الله، كما أن الصوفية في حلب اتسمت بالبعد الكلي عن السياسة، لذلك التزم أغلب العلماء والمشايخ الصمت، ومثل هذا الموقف كان السبب الرئيس في تأخر حلب عن الالتحاق بركب الثورة أسوة ببقية المدن السورية، وعلى الرغم من أن أغلب المشايخ وعلماء الدين الصوفيين قد غادروا حلب إلا أن هذه الحالة قد استمرت.

الصوفية التي تنشط في حلب كان لها دور سلبي في بداية الثورة، حيث تم وصف الثورة السورية بالفتنة ومشايخها قالوا انهم اعتزلوا الفتنة، بينما من وجهة النظر الأخرى فقد تم اتهام أغلب العلماء بالوقوف مع النظام.

صحيح أنه من الظلم وضع علماء المسلمين في أي مكان وليس سورية فقط في كفة واحدة، إلا أن ما يتبناه الشيخ من منهج وفكر في أي أزمة يعرف بمصطلح أهل السياسة، والفتنة بمصطلح أهل الدين ما سيتبناه من مواقف تجاه تلك الأزمة أو الفتنة، وبقراءة للمشهد في حلب اثار انتباهي نقطتان هما: 1- البعد عن السياسة. 2 - الصمت في زمن الفتنة.

*الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب شرعي:

يؤكد الشيخ سارية الرفاعي أن موقف بعض علماء ومشايخ حلب خلال مسار الثورة السورية كان سلبياً والصوفي سواء أكان عالماً أو غير عالم يعرف أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب شرعي وينبغي أن لا يتخلى عنه، الموضوع ليس سياسة، والإسلام لا يحول بيننا وبين السياسية، ويتعين على العالم أن يقول للظالم أنت ظالم وللمظلوم طالب بحقك بالحرية والكرامة وهذا ماكنا عليه في دمشق مع بداية الثورة وحتى ما قبل بدء الثورة.

وقال الشيخ الرفاعي: إن الصوفية ليس لها علاقة بالسياسة لكن الموضوع هنا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهناك تخلي عن هذا الواجب وهذه رسالة كل عالم وحتى لو كان هذا العالم خارج البلاد.

12

وأضاف الرفاعي: إن رسالة ومهمة العلماء ورثة الانبياء هي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وموقف رجال الدين في حلب لو كان واضحاً لأثر في تغيير مسار الثورة وكان ساعد إلى حد كبير، لكن التقاعس هو الذي ساهم في عملية التأخير قال تعالى: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ).

وأوضح الشيخ الرفاعي أن الموضوع ليس إثارة فتنة وإنما هناك ظلم وفساد ولا أحد يستطيع إنكار ذلك فلماذا لا نتكلم نحن العلماء؟. فلا يمكن الصمت والسكوت عن الحقيقة وعن الشر الموجود والقانون الغائب.

ولفت الشيخ الرفاعي إلى أن صمت البعض ليس من أجل درء الفتنة، وإنما خوفاً على أنفسهم، وما هو ذنب الشعب السوري حتى يكون مضغوط عليه طوال هذه العقود من الزمن، ولماذا يجب على الشعب السوري فقط أن يبقى تحت وطأة الظلم ؟.. ويكون كل العالم ضده في حين أن الثورات في مصر وتونس واليمن نجحت وبتأييد دول العالم، لافتاً إلى أن العلماء والمشايخ وشرائح المجتمع يجب أن يكونوا متعاونون على إنكار المنكر.

*أنا اكتفي بالصمت:

وحول محاكمة بعض علماء الدين بعد انتصار الثورة بيّن الشيخ سارية الرفاعي أن الشريحة المؤيدة للنظام من العلماء كبيرة وهم يخشون على أنفسهم وهناك من العلماء من كان يستطيع عدم تحميل أحد من الناس ما لم يطيق وليس الجميع يمتلكون الشجاعة والجرأة على الكلام وقال أنا اكتفي بالصمت، ومن يؤيد النظام على القتل والقصف وسفك الدماء ومن أيد ذلك فهو مجرم وشريك.

وعن حقيقة الصراع بين الصوفية والسلفية قال الرفاعي: سمعنا عن جبهة النصرة وتطرفها وتشددها إلا أنني وبعد لقائي بعدد لابأس منهم فولله لم أجد سوى الاعتدال وهناك بعض المتشددين لكن عددهم صغير ولا يذكر.

وأضاف أنه وبالنسبة لموضوع التشدد حول المزارات فإن بعض السلفيين يريدون هدم بعض المقابر والمزارات، فهذا الأمر بحاجة إلى تفسير وتأويل وهو رأي عدد صغير جداً ولذلك لا يوجد داع للتهويل بهذا الأمر.

13

وبيّن الشيخ الرفاعي أنه ومن خلال الاجتماع مع الطرفين وخصوصًا جبهة النصرة تبين أنهم معتدلون أي الصوفيين والسلفيين، والعلم موجود عند المتصوف وعند السلفي والاعتدال مطلوب من الجميع.

*إنها فتنة!

كان أغلب العلماء والمشايخ في حلب وخصوصاً الصوفيين منذ بداية الثورة متفقون على أمر واحد وهو النأي بالنفس عن كل ما يجري واتخاذ موقف الاعتزال، فتراهم لا يؤيدون ولا يعارضون، مكررين عبارات: اللهم انصر الحق وأهله، اللهم ارزقنا الأمن والأمان، اللهم احقن دماء المسلمين، اللهم من أراد بالإسلام والمسلمين سوءاً فخذه أخذ عزيز مقتدر، إنها فتنة وقد أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم باجتناب الفتن. وإذا استثنينا بعض الشخصيات الصوفية التي وقفت مع الثورة وجاهرت بقولها فإننا في المقابل لم نسمع كلمة من كبار المتصوفة في حلب الذين يعد مريدوهم بالآلاف المؤلفة ويأتي على رأسهم وفي مقدمتهم متصوفة الطريقة النقشبندية.

*مشروع تحكيم بين الحكومة والمعارضة:

وهنا نسأل لماذا أصبح الناس أو أغلبهم لا يكترثون لما يقوله العلماء؟ من فتاوى أو آراء هل هذا بسبب ما في الناس أم لسبب في العلماء؟ وفي التاريخ رأينا كم من أزمة صنعت علماء وهل يوجد العلماء إلا في الفتن ولكن في مدينتنا الحبيبة حلب رأيت ما أرق خاطري رأيت علماءها في الفتنة غادروها فرأيت أن هذا الموقف منهم يحتاج إلى تسليط الضوء عليه لمعرفة الحقيقة وللحقيقة فقط، وأردت أن أستعرض مواقف بعض علماء حلب من الثورة: فهذا الشيخ محمود الحوت وبيانه مع بداية العام 2012 الذي دعى به علماء سورية إلى إقامة مشروع تحكيم بين الحكومة السورية والمعارضة، وقال أدعو علماء سوريا إلى الاجتماع والقيام بمشروع تحكيم بين الأطراف المتنازعة لحل هذه الأزمة على أن يُختار من كل مدينة ومحافظة علماء لا ينتمون لأيّ حزب سياسي ولا إلى أيّ طرف من الأطراف محكَّمين أدلاء ناصحين والهدف هو إيقاف القتل وحقن الدماء ".

والتحكيم ذلك المصطلح سيئ السمعة فلطالما سمعناه حين يكون هناك إرادة لتفكيك جبهة أحد طرفي النزاع ورضى الله عن الإمام علي حين قال: ( كلمة حق يراد بها باطل ) ونعلم أن من يطلب التحكيم أحد طرفي النزاع أو من ينوب عنه.

14

إضافة إلى بيان محمود الحوت كان هناك بيان علماء حلب وقع عليه 11 من كبار علماء حلب، بينهم مفتي حلب المرحوم الدكتور إبراهيم سلقيني والدكتور محمود عكام، وجاء في البيان التأكيد على حرمة القتل أو التمثيل من كل الأطراف، إضافة إلى تحريم كل أعمال التخريب والإرهاب ورفض أيِّ تدخلٍ خارجي في شؤوننا، وهذا ما سبقَ وبيَّناه في مناسبات عديدة، كما حمّل البيان السلطات المسؤولية الأكبر تجاه هذه الأحداث، مطالبين في الوقت ذاته بـ "بتعظيم حُرُمات المساجد وعدم المساس بقدسيتها"، وكان من الموقعين على البيان: الدكتور إبراهيم سلقيني الذي يؤكد ناشطون سوريون أنّ وفاته لم تكن وفاة طبيعية، وأن للنظام السوري يدًا فيها، والدكتور محمد أبو الفتح البيانوني، والدكتور نور الدين عتر، والشيخ محمد زكريا المسعود، والشيخ محمد نديم الشهابي، والشيخ علاء الدين قصير، والشيخ عبد الله المسعود، والشيخ يوسف هنداوي.

كما ورد بيان الشرعي صادر من مشايخ من حلب - دون ذكر أي اسم - يصف الوضع في سورية من الناحية الشرعية: إنه لا سمع ولا طاعة ولا شرعية لمن لم يُقِمْ فينا الصلاة، بل حاربها وحارب من يقيمها، وتساءل البيان فهل أقاموا الصلاة في الجيش؟! هل يسمحون بإقامة الصلاة جماعةً في الجيش؟! هل يسمحون بصلاة الجمعة في الجيش؟! لا سمع ولا طاعة ولا شرعية لمن يستحل حرمات بيوت الله فيقصف المساجد بالمدافع ويمنع الصلاة فيها ويعتدي على عُمَّارها ويدنس مصاحفها، لا سمع ولا طاعة ولا شرعية لمن صدَّ عن سبيل الله وحارب شعائره، ورأى المنكرات ولم يغيرها.

*صراع صوفي - سلفي في حلب:

 

أغلب علماء الدين والمشايخ غادروا سورية لأنهم لم يُرضوا الطرفين -النظام والمعارضة- وخصوصًا بعد الصراع الخفي بين الصوفيين وبعض السلفيين الذي يريدون هدم بعض المقابر والمزارات، واتهام أغلب العلماء بالوقوف مع النظام كما أنهم لم يرضوا الطرفين وحتى الناس العاديين لم يكترثوا لفتاوى المشايخ، وعلى حد قول بعض الناس: إن المشايخ لم يقفوا مع الثورة. بينما قال المشايخ: إنهم اعتزلوا الفتنة.

"أورينت نت" سمير طويل، بتصرف يسير

15

clip_image008.jpg

د- النظام يخسر أصدقاءه:

د. عبد العزيز الخطيب الحسني: مِثلُه لا يُبايَعُ، لا يُبايع

   مختارات من الثورة السورية، موقف العلماء

من الثورة السورية، في 1/9/2011م

"بتصرف يسير"

الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله وما توفيقي وما اعتمادي إلا على الله، واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.

*أما بعد: أيها السوريون الأحرار:

هل يحث الإسلام على الصمت؟ هل يدعو إليه ويشجعه ؟ هل الصمت أمر محمود في نفسه؟

هذه الأسئلة أطرحها وأنا أرى العالم العربي إلا قليلا يصمت صمت أهل الكهف عما يجري في الدول العربية الثائرة كاليمن وليبيا والبحرين، والجامعة العربية على شخيرها فوق المدافع والرشاشات. صمتًا يقتل الشعوب الثائرة.

16

*أيها السوريون الأحرار:

الصمت لا يشرع التعبد لا في صلاة ولا صيام ولا في حج، ولا في قراءة الفاتحة، ولا في ذكر ولا قراءة قرآن، لا يسمح لأحد أن يصمت يومه، إلى الليل لحديث الترمذي: "لا صمات يومًا إلى الليل". فالإسلام ليس فيه تعبد بالصمت قط، وإنما يمدح الصمت بالنسبة إلى الكلام السيئ، ولنا في رسول الله أسوة حسنة إذا يقول: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت". الصمت إن كان عن شر فإنه خير، وهو واجب، وإن كان عن أمر واجب لله فإنه لا يجوز الصمت .. رأى االنبي رجلا يقف في الشمس ساكتا فقال: "مروه فليجلس وليتكلم".

هناك شر ومعركته معروفة منذ القديم مع الخير، وهناك الطغيان في الشر فهذا الذي لا يدوم طويلا في عمر الأمم حتى يقصمه الله عز وجل و لذا لا يجوز الخضوع ولا يجوز الصمت عن المطالبة بالحكم.

*أيها السوريون الأحرار:

مطلوب منكم أن تدعو إلى الحق، إذ لا سيطرة لك على الناس بشكل من الأشكال اللهم إلا أزواجنا وأولادنا، وعلى هذا لا يضركم وجود جاركم الكافر أو زميلكم العاصي ما دمتم قد دعوتموها إلى الحق فلم يستجيبوا.

لابد من تغيير المنكر، وسيدنا النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا رأى الناس منكرا فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقابه".

وفي رواية (ن): "إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقابه".

فالقائد الأعلى للأمة صلى الله عليه وسلم حمل مسؤولية التغيير والأخذ على يدي الظالم على الناس أو القوم أو بلغتنا الراهنة: الشعب.

فهل كان رسول الله يدعو أن الحكم للشعب أو لجموع المسلمين؟ نعم وألف نعم يقول رسول الله: "والذي نفسي بيده لتؤمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عذابا منه ثم تدعونه فلا يستجيب لكم". أحمد، ن.

17

وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود: "ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان من أمته  حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون مالا يفعلون، ويفعلون مالا يؤمرون فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل".

الحقيقة تقال: ماذا سيقع من الفرق إن قام بالتغيير مسلم واحد فقط أو قام به ملايين المسلمين الذين يئنون تحت وطأة الظلم والفساد الذي عم البلاد والعباد، وماذا سيقع مع إعلانهم أن مظاهراتهم سلمية بالمقام الأول، فلم يرفعوا سلاحا، ولم ينادوا بجهاد وقتال، ولم يجيشوا جيشا.

الصمت عند المنكر تخاذل وإذلال للحق، الصمت ليس الأفضل في كل حال.

أحد الشعراء تهكم على الصامتين فقال :

يا قوم !   لا تتكلموا                          إنَّ الكَلَامَ   مُحَرَّمُ

ناموا ، ولا تستيقظوا                         ما   فازَ إلَّا النُّوَّمُ

سيدنا علي رضي الله عنه يقول: "إن الصمت عند الفتن غي، وإن الصمت على الجهل خطأ". إن الدول القمعية الاستبدادية يسود فيها ثقافة الصمت فهي تخيف الانسان من الحديث أو الكلام.

لقد مُنيت الآمة بحُكَّام لا يعطون الفرصة للكلام بالقمع والإجرام.

التعذيب يا شباب! يشل اللسان، حتى إن صدَّامًا أمر بعقوبة قطع الأطراف لمن يتكلم ضد الدولة , حكام آخرون قطعوا ألسنة الشعراء وذبحوهم من حناجرهم، أذكر أنَّ شاعر صدام يعرف بـ "أبي يَعْرُب" مدحَ صدَّاما بقصائد عديدة منها قوله:

لَولاكَ ما   بَزَغَ   القَمَرْ              لولاك  ما   طلع   الشَّجَرْ؟!

لولاكَ ما   نزلَ المَطَرْ             لولاك يا صدامُ ما خُلق البشرْ؟!

قطع الله لسانه ما أكذبه، وهذا ما حدث ففي إحدى المرات اختلف مع صدام فأمر صدام بقطع لسانه ثم مات.

18

*أيها السوريون الأحرار:

الصمت يمنع التطور ويمنع حرية الرأي في المجتمعات التي تقدس الرأي، المجتمعات المتقدمة تشجع الإبداع والرأي العلمي والفكري الجديد، أما في المجتمعات المتخلفة - مثل مجتمعنا- فهذه الحالة مفقودة.

هل تسمعون بالإمام ابن جرير الطبري صاحب التفسير والتاريخ المعروف بتاريخ الأمم والملوك محدث مؤرخ مفسر مقرئ نحوي لغوي، إمام كاد أن يكون له مذهب، هذا الإمام وقف في يوم على المنبر يخطب على مجموعة من الطلاب تكتب ما يقول، وكانت لديهم محابرهم وكانوا حنابلة، فسئل الإمام الطبري عن حديث يردده الحنابلة - والإمام احمد منه بريء- يسمى بحديث الجلوس على العرش أن النبي صلى الله عليه وسلم سيجلسه الله على عرشه، وهذا فيه نوع من التحديد والتجسيم فسئل الطبري عن رأيه في الحديث فقال: هذا محال. ثم قال: "سبحان من ليس له أنيس، وليس له في عرشه جليس". فغضب الطلاب ورموه بمحابرهم، فنزل هاربا من على المنبر، فلحقوه الى بيته، وصاروا يرمون داره بالحجارة، حتى اجتمع من الحجارة على باب داره كالتل، وما أنقذه إلا رئيس الشرطة ورجاله.

لا يجوز السكوت عن المنكر والضلال والظلم والقتل. سئل الإمام زين العابدين بن سيدنا الحسين: أيهما خير الكلام أم السكوت؟ فقال: "إن لكل منهما آفاتٍ، فإذا سلما من الآفات فالكلام خير من السكوت، وإن الله ما بعث الأنبياء إلا بالكلام، إن الجنة لا تستحق إلا الكلام وليس السكوت".

إذا ديست المقدسات، وانتهكت المساجد، وقصفت المآذن، وقتلت أئمتها، كان السكوت جريمة لا تغتفر.

*أيها السوريون الأحرار:

الصمت لا يكون حميدا دائما، بل ربما كان الصمت آفة من الآفات، وسببه القمع الأسري في التربية، الطفل عندما ينشا مقموعًا ليس لديه الجرأة في الحديث عن رأيه تواجهه المشكلات فلا يستطيع أن يبوح بها يخجل ويخاف، البنت لا تسطيع ان تحدث أمها بصراحة ووضوح.

*يا شباب! ينبغي أن تتاح الفرصة للأطفال للتعبير عن رأيهم، التعبير عن الرأي لا ينافي الاحترام، الصمت وعدم التعبير الرأي مذموم.

19

التربية القمعية هي التي تجعل الإنسان يكبر وهو لا يتجرأ أن يعبر عن رأيه، فاذا أضفنا المدرسة والمجتمع والدولة أصبح الولد مقموع الشخصية حتى مماته.

علينا أن نعلم ولدنا ثقافة الصمت وثقافة الكلام؛ متى يتكلم ومتى يصمت.

علينا أن نقوي شخصية الولد، الرجل الذي لا يبدي رأيه ضعيف الشخصية، والذي يبادر لطرح رأيه يكون قوي الشخصية يطرح رأيه بكل جرأة.

خرج عبد الملك بن مروان مع جنوده في غزوة الى الصحراء فانقطع عن جنوده وابتعد عنهم فرأى أعرابيا اقترب منه وسلم عليه وقال له: اتعرف عبد الملك بن مروان؟ قال الاعرابي: نعم ذاك والله الذائر والبائر، قال أنا عبد الملك بن مروان، قال الأعرابي: لاحيَّاك الله ولا بيَّاك ولا قرَّبك، أضعتَ حُرمة الله، وبَدَّدت اموال الناس. قال له: ألا تعلم أني أضُرُّ وأنفع؟! قال الأعرابي: لا رزقني الله نفعك، وكفاني الله ضرك. ومشى معه حتى بانت العساكر فلما اقتربوا من العسكر التفت الاعرابي الى الخليفة عبد الملك وقال: يا أمير المؤمنين اكتم ما قلت لك فإن المجالس بالأمانات. فأعجب عبد الملك بجراته وشجاعته.

*ايها السوريون الاحرار:

كلكم يعرف الحجاج: التقى مع شيخ فسأله ما رأيك في الولاة في منطقتك؟ فقال: إنهم ظلمة لصوص ينهبون أموال الناس ويجورون على حقوقهم. قال فما رأيك بالحجاج؟ قال: قبَّحه الله إنه شر والٍ ولي في هذه الأمة، قبحه الله وقبح من نصبه على الناس. فقال الحجاج: أتعرف من أنا؟ قال: لا. قال: انا الحجاج. فقال الشيخ: أيها الأمير أتعرف من أنا. قال: لا. قال: أنا مجنون هذه القرية! فأعجب به الحجاج.

*أيها السوريون الاحرار:

لقد كان الصحابة الكرام يتكلمون بحضرة النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم، وكان يشجعهم على إبداء آرائهم، وقد صور لنا القرآن امرأة كانت تجادل سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتشتكي إليه زوجها، بل إن رجلا تجرَّأ على سيدنا رسول الله مرة وقال: يا محمد أعطني: فإن المال ليس من مالك، ولا من مال ابيك؟!

20

طبعا الصحابة ثاروا عليه، لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم: "دعوه فان لصاحب الحَقِّ مقالا".

*أيها السوريون  الاحرار:

تكلموا واطرحوا آرائكم ولا تخافوا في الله لومة لائم، واقتدوا بسيدنا الحسين بن علي فهو يعلمنا الكلام وترك الصمت، وتذكروا أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول : "حُسين مني وأنا من حسين، أحبَّ الله من أحبَّ حُسينا".

عندما استدعاه والي المدينة الوليد بن عُتبة وعرض عليه أن يبايع ليزيد بن معاوية الفاسق على ولاية العهد ليكون خليفة بعد سيدنا معاوية قال له: نصبح وتصبحون وننظر وتنظرون، ولا أرى أن يكتفى ببيعة مثلي سِرًّا. قال له الوليد: انصرف راشدا يا أباعبد الله. لكن مروان بن الحكم كان جالسا فقال: لا تتركه يخرج، فإن فاتك الثعلب لا ترى إلا غبارا. فغضب جدي سيدنا الحسين رضي الله عنه وقال له: أأنت يا بن الزرقاء تأمر بقتلي، من يأمر بقتلي أأنت أم هو؟ ثم قال قولته المشهورة:

"إنَّا من أهل بيت النبوة وموضع الرسالة ومختلف الملائكة ويزيد رجل فاسق معلن بالفسق شارب للخمور قاتل للنفس المحرمة ومثلي لا يبايع مثله". وخرج مُصمما على موقفه البطولي رضي الله عنه.

*أيها السوريون الأحرار:

*كانت هذه هي الأنباء بالتفصيل وإليكم موجزها:

إن أخا يزيد رجل فاسق، مُعلن للفسق، شارب للخمور، قاتل للنفس المحرمة، ومِثلُه لا يُبايَع لا يُبايع لا يُبايع.

*يقصد السفَّاحَ المُجرم هُولاكو وتيمورلنك وهِتلر وفرعون سورية؛ الوحشَ ابنَ الوحش، طبيبَ العُيون العُورِ، الهِوَكَّ بشَّارون الأسد.

21

المراجع

 

*أولا: الكتب:

 

1- الجامع لأحكام القرآن؛ تفسير القرطبي. للشيخ محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي ت 671هـ.

2- معالم التنزيل؛ تفسير البغوي. للشيخ الحسين بن مسعود الفراء البغوي الشافعي ت 510هـ.

3- تفسير القرآن العظيم. للعلامة الشيخ إسماعيل بن عمر، ابن كثير البصروي الدمشقي ت 774هـ.

4- تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان. للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي ت 1956م.

5- تفسير: تحرير المعنى السديد، وتنوير العقل الجديد، في تفسير الكتاب المجيد؛ "التحرير والتنوير". للشيخ محمد الطاهر بن عاشور ت 1393هـ.

6- الزواجر في التحذير من الكبائر. للشيخ علي الشربجي.

7- لمحات في المكتبة والبحث والمصادر. للشيخ د. محمد عجاج الخطيب.

8- الأعلام. للأستاذ خير الدين بن محمود الزركلي ت 1396هـ.

9- الواضح في الإملاء العربي. لمحمد زرقان الفرخ.

10- معلوماتي الشخصية.

22

*ثانيا- المقالات:

أ- مقالة: "دور أهل التصوف في ثورة الكرامة" لأبي النور العلمي، على موقع "فيس بوك" في 17/9/2012م.

ب- مقالة: (أول من مسح عبارة "لاحكم إلا للبعث" في حماة): صفحة "فيس بوك" توثق لدور الصوفية في الثورة السورية". لفارس الرفاعي، على موقع زمان الوصل في 19/10/2013م.

ج- مقالة: "علماء حلب: هل فضلوا البعد عن السياسة والصمت في زمن الفتنة؟!" لسمير طويل، في موقع "أورينت"، نشرت في 30/6/2013م، على الشابكة.

د- موقع: "الإسلام سؤال وجواب". للشيخ محمد صالح المنجد.

هـ- خطبة ومقالة للشيخ الشاذلي د. عبد العزيز الخطيب الحسني، بعنوان: "النظام يخسر أصدقاءه .. د. عبد العزيز الخطيب الحسني: مِثلُه لا يُبايَع، لا يُبايع"، مختارات من الثورة السورية، نشرت بتاريخ 1/9/2011م، على الشابكة.

وسوم: العدد 996