الأردن وسوريا: المخدرات كحرب سياسية!

حسب قناة «المملكة» فإن القوات المسلحة الأردنية أحبطت على حدودها الشمالية مع سوريا خلال الأعوام الثلاثة الماضية عمليات تهريب كميات هائلة من المخدرات تضمنت الحشيش والحبوب المخدرة (مثل الكبتاغون والترامادول) ومسحوق المخدرات (الكريستال ميث)، وأنواعا أخرى، فيما تؤكد مصادر سورية أن المهربين نجحوا، مع ذلك، في تهريب كميات أكبر من الكميات المصادرة.

توضّح أنماط التخطيط الاستراتيجي، والعلامات الزمنية الفارقة للعمليات، والاستثمارات الضخمة فيها، إلى أن ما يحصل على حدود سوريا ـ الأردن من تهريب أحادي الاتجاه للمخدرات، إلى رعاية رسمية للنظام السوري له.

بعد نجاح الأردن في إحباط مئات العمليات في العامين 2020، واقتصارها في العام 2021 على مناوشات محدودة أدت لمقتل 7 مهربين، أخذ التهريب، مع بداية عام 2022 يتحوّل إلى عمل مسلح منظم من الجانب السوري، واندلعت في شهر كانون الثاني/يناير اشتباكات بين قوات أمن الحدود الأردنية وخمس مجموعات يتألف كل منها من عشرة مهربي مخدرات، وقد أعلن الجيش الأردني حينها عن قتل 27 مهربا، فيما تحدثت مصادر محلية سورية عن قرابة الأربعين قتيلا.

تؤكد معلومات متقاطعة لمراكز أبحاث ووسائل إعلام ومنظمات مختصة أن «الفرقة الرابعة»، التي يقودها ماهر الأسد، شقيق رئيس النظام السوري، و«حزب الله» اللبناني، يسيطران على سلاسل الإمداد، ويعتمدان على المتعاونين المحليين من سكان محافظتي درعا (مثل بعض المسلحين المعارضين الذين أصبحوا متعاونين مع النظام) والسويداء (بعض العشائر البدوية)، وهو ما يمنح النظام السوري إمكانية إنكار مسؤوليته عن تلك العمليات، وادعاء مكافحة المهربين بل وإعلان القبض على بعضهم ومعاقبتهم!

آخر المستجدات في هذا الموضوع كان لقاء لوزير خارجية الأردن، أيمن الصفدي، مع ألكساندر لافرينتيف، مبعوث الرئيس الروسي الخاص لـ«شؤون التسوية السورية»، في عمان أمس الأربعاء، ويوضح بيان الوزارة أن الأردن ينظر إلى موضوع المخدرات كشأن سياسي وليس أمنيا فحسب، حيث تحدث الصفدي عن كون «تهريب المخدرات والإرهاب ووجود الميليشيات خطرا يواجهه الأردن»، كما أن الجيش الأردني أشار إلى أن تلك العمليات صارت أشبه بحرب تستخدم فيها المجموعات المسلحة والطائرات المسيّرة.

حسب تقرير تنشره «القدس العربي» اليوم فإن «الفرقة الرابعة» أرسلت مجموعات منها للسيطرة على منطقة نصيب / جابر الحدودية، حيث المعبر الرئيسي بين الأردن وسوريا، وهو أمر حصل مثله عام 2020، حين طردت فرقة ماهر الأسد عناصر «الأمن العسكري»، وقامت الشرطة العسكرية الروسية حينها بـ«فض النزاع»، وكان الخلاف حينها على الإيرادات المالية للمعبر، وتم بعدها تشكيل حاجز أمني من أجهزة الأمن المختلفة بمشاركة «الفرقة الرابعة».

يضع عمار القضاة، وهو خبير أمني ولواء متقاعد أردني إصبعه على نقطة خطيرة حين يقول إن الغرض لم يعد ماديا وأن رعاية المخدرات تطورت إلى «أهداف سياسية بحتة» وصارت بمثابة «إعلان حرب خفية» على الأردن.

بالنظر إلى الظروف الاقتصادية الصعبة في الأردن، والتي تتطور أحيانا إلى مخاطر سياسية – أمنية، فإن النظرة إلى ما يجري على الحدود باعتباره حربا «منظمة»، يتطلّب استراتيجية متناسبة مع هذه الحرب بحيث لا تقتصر على الأمنيّ فحسب بل ترى إلى ما هو أبعد منه.

وسوم: العدد 1015