ستتداعى عليكم الأمم

د. أديب عبد العزيز الضحيان

ستتداعى عليكم الأمم .. من هنا كان يجب أن نقف أمام تلك التطورات التي تحدث على الساحة الدولية وتلك المتغيرات التي تحويها فخارطة المنطقة تكاد ترتسم خطوطها العريضة في غفلة منا عما يجري .

إن احتمال التقارب الذي باتت فصول نهايته تخط سطورها الأخيرة بين الولايات المتحدة الأمريكية وجمهورية إيران يجعلنا نمعن التفكير بأن اللعبة السياسية لا قواعد لها وإنها مرهونة بمصالح الدول نفسها مع اهمال أي تقارب أو تنافر تاريخي فإيران "المطلة على الخليج العربي بساحل كامل " هي الخصم المزعوم الأعتى وهو ذاته الخصم الهزلي على مدى عقود طويلة في المنطقة وصور العداء الذي وصلت إلى التهديد بالحرب مرات ومرات بين الطرفين نراه اليوم يتحول إلى غزل وتقارب وتوادد يذكرنا بأيام قيس وليلى أو روميو وجولييت مع تناسي عبارات التهديد التي شملت " الشيطان الأكبر و عدوة السلام ... الخ .

إيران المرهقة بالعقوبات الاقتصادية وأمريكا المرتبكة بحالها الداخلي الاقتصادي أيضاً فرض على الطرفين إيجاد سبيل يغلب عليه طابع الشراكة الموجودة أصلاً منذ فترة طويلة فلا يخفى على أحد التعاون الاستراتيجي الأمريكي الايراني في المنطقة أبان حرب الولايات المتحدة على القاعدة والعراق وكيف أن الطائرات الأمريكية استخدمت الأجواء الإيرانية بل والمطارات والمعلومات الاستخباراتية الإيرانية والتي استفادت منها أمريكا في حربها على نظام صدام حسين .

إيران المتغلغلة بشبكاتها التجسسية في معظم دول الخليج العربي واليمن وسوريا والعراق أصبحت وبحسب التوقعات الأمريكية صفقة رابحة لها والتنبؤ هنا بعهدٍ جديد من العلاقات المميزة بين الطرفين والذي بانت ملامحه بشكل واضح في الفترة الأخيرة ما يجعلنا نحن كشعب خليجي نشعر بالريبة من تقارب الحليف مع عدوه "المزعوم" الشيء الذي قد يُهدد استقرار المنطقة إذا مانظرنا إلى سلوكيات العدو المزعوم عبر التاريخ فمن زرع لشبكات التجسس إلى إبطال كل أشكال التجانس والتعايش بين أبناء الدين الواحد وصبغ الأعمال بشعارات طائفية مقيتة إلى بعض التصرفات المتغاضى عنها أمريكياً فمن دعم للحوثيين في اليمن إلى دعم النظام الصفوي في سورية إلى دعم لحزب الله الشيعي وتغيير طابع الدولة اللبنانية ولونها وانتشار العمائم السوداء حتى تحت سقف البرلمان اللبناني تحت مسمى تعايش الأديان والطوائف والشيء الأهم من هذا كله السؤال الذي لم أجد له إجابة منذ سنين وهو : كيف سلمت أمريكا العراق لإيران ودعمت حكومة عراقية شيعية تتبناها إيران بنفس الوقت الذي كانوا يجاهرون العداء لبعض ؟

يقف الخليج العربي اليوم في منحنى طرق يُعد الأخطر في مراحله التي عاصرها والتي لم يكن بها يوماً صاحب قرار أو صاحب مبادرة حسم أو تبني لقضايا عربية كثيرة كان من السهل جداً حلها قبل أن تتفاقم وتصل إلى حالها اليوم , أعتقد أن الطريق شائك جداً في ظل هذه المتغيرات التي بانت ملامحها فعلينا أن نصحى وعلينا أن نمسك زمام الأمور لأنه الوقت النسب لذلك , فإيران التي تُرسل مقاتليها الذين يشبهونها بلون المعتقد إلى "قم" للتدرب على القتال ومن ثم ترسلهم إلى سوريا واليمن لاكتساب الخبرة قبل أن يعودوا إلى أوطانهم التي ربما تكون من دول الخليج العربي ,سيشكلون نواة الإرهاب الذي  حاربناه كثيراً ودفعنا أبناءنا واستقرارنا وأمنا ثمناً له في فترة من الزمن .

كاتب وأكاديمي سعودي .